Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

توم هانكس يغامر 5 أيام داخل المحيط في فيلمه الجديد"غرايهاوند"

تحدث عن تعافيه وزوجته من كورونا وقلبه منفطر لبلوغ "الجندي المندفع" ال64 عاما

توم هانكس بطل فيلم "غرايهاوند" الجديد (موقع الفيلم)

حدثان مهمان في حياة النجم العالمي توم هانكس عقب تعافيه وزوجته من الإصابة بالكورونا وظهوره المُتقطع في بعض الفيديوهات يحكي عن تجربته مع المرض وتابعها محبوه من كل مكان.

علق هانكس على أحد الحدثين بأن قلبه "منفطر"، جراء عرض فيلمه الأخير"Greyhound - غرايهاوند" من خلال الشبكة الرقمية  Apple Tvوكان من المقرر تقديمه رسمياً منتصف الشهر الماضي في صالات العرض لولا تفشي الجائحة. ولا يخفى على محبي السينما أن فيلماً حربياً كهذا لن تناسبه بيئة العرض المصغر من خلال الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر، فهو يعتمد في المقام الأول على عنصر الإبهار البصري المرتبط بشاشة العرض الكبيرة.

أما الحدث الثاني فهو وصول هانكس إلى عامه الرابع بعد الستين، وقد يكون في ذلك أيضاً ما ينفطر لأجله قلب المحارب القديم، الذي قدم منذ عقدين دوراً في غاية الرهافة في الفيلم الحربي "إنقاذ الجندي ريان" 1998 لستيفن سبليبرغ وحصد جوائز أوسكار عدة.

يعود هانكس إلى تجسيد دور "كراوس" قائد السفينة الحربية "غرايهاوند" التابعة للقوات الأميركية والمكلفة بمرافقة مجموعة من السفن لتأمين فوج تجاري أثناء عبوره شمال المحيط الأطلسي خلال الحرب العالمية الثانية وذلك في مواجهة مجموعة من الغواصات الألمانية. على مدار خمسة أيام يستدعي هانكس رواية "الراعي الصالح" للبريطاني "سي. سي. فورستر" من خلال السيناريو الذي قام بكتابته وشارك في إنتاجه، إخراج الأميركي آرون شنايدر.

السيناريو والتصوير

ربما لا يحظى المخرج الأميركي آرون شنايدر بجماهيرية كبيرة – بخاصة على المستوى العربي- وربما لم يسمع عنه أحد من قبل، إلا أن حصيلته السينمائية القليلة التي لا تتعدى خمسة أفلام، كان من بينها فيلم قصير حصد الأوسكار في 2004 بعنوان "Two Soldiers جنديان".

نجح المخرج في "غرايهاوند" في ضبط إيقاع الفيلم الممتد على مدار ساعة ونصف الساعة تقريباً، لاسيما أن مسرح الأحداث فقير للغاية لا يتعدى المحيط والسماء وطرق السفينة الضيقة والمتشعبة، وقد برعت الكاميرا في التحرك داخلها بانسيابية شديدة تلائم المكان من ناحية وتتماشى من ناحية أخرى مع حالات التوتر المتلاحقة كلما دخلت السفينة في مواجهة مع غواصة أو تفادت صواريخ موجهة.

على جانب آخر، غيّب المخرج اللقطات الأرشيفية تماماً، وهي تيمة كثيراً ما نراها في الأفلام الحربية تحديداً أو التاريخية، لصنع حالة من الدمج والتعشيق بين التاريخي والمصور "الحقيقي والخيالي" تضفي جواً من الواقعية، ولكنها مثلت عائقاً أحياناً في تحقيق حالة من التعايش الكامل مع الفيلم، وكانت بمثابة تنبيه مستمر لكسر الإيهام على مستوى نظرية التلقي.

تناغم الديكور المأخوذ عن سفينة حربية حقيقية تعتبر الوحيدة المتبقية من الحرب العالمية، مع الموسيقى التصويرية الشحيحة كخلفية متواترة للمؤثرات الصوتية التي لعبت دور البطولة في شريط الصوت. واستخدم السيناريو الشخصيات الضبابية في رهافة شديدة تحسب له؛ فكل الشخصيات ليس لها امتداد درامي ولا البطل نفسه قائد السفينة، لا نعرف أياً من خلفياتهم الاجتماعية أو الفكرية – بعكس القائد الذي يميل إلى فكرة الإنسانية- ولا يتم تقديمهم سوى بصفاتهم العسكرية كجنود أو مساعدين أو بقية طاقم السفينة، ليس هناك سوى إضاءات شفافة وشحيحة جداً تظهر من آن إلى آخر على شكل معلومة أو فلاش باك، أو كرد فعل عفوي في موقف صعب.

الجميع في هذه اللحظة وعلى متن هذا الحيز، يبدون كأنهم بُتروا عن العالم وعن الحياة، ومن ثم، تم تسطيح سجلهم.  وبرعت مشاهد  عديدة في الغوص في "فنيات" متخصصة جداً في عالم السُفن الحربية على مستوى التواصل بين طاقم السفينة وتتابع ذلك في التسلسل للقيادات والمساعدين، ثم الاتصال بالسفن الأخرى عن طريق اللاسلكي والوسائل الضوئية التي تُستعمل في البحر إلى جانب صواريخ الإنقاذ.

إنقاذ الجندي العجوز

ظهر توم هانكس لأول مرة في فيلم "يعرف أنك وحيد" عام 1980 من إخراج أرماند ماستروياني، لم يحقق الفيلم أي نجاح يذكر، وخاض بعده هانكس تجارب عدة إلى أن لمع نجمه مع فيلم "Big" وترشح للأوسكار، وهو ما سيتكرر أكثر من مرة لاحقاً، ليفوز بها مرتين عن فيلمي "فورست غامب، وفلاديلفيا" كأفضل ممثل رئيسي.

 

خلال رحلته الفنية التي تمتد لأربعة عقود؛ كان هانكس بمثابة الجندي المجتهد في أرض المعركة، حتى وإن اختلفنا معه في بعض الأدوار أو الأداء؛ لكن التجربة المكتملة جعلت هانكس يتربع على عرش نجوم الصف الأول عالمياً على مدى سنوات.

وخلال تلك الرحلة، مارس هانكس الكتابة علي مستويين: القصصية والسينمائية، ومن الممكن رؤية الأيديولوجيا التي تجمع بين الطريقين وهي "الاتباعية" أو الكلاسيكية كما يقول الكتاب، فإذا ذكرت بندقية في بداية القصة لابد أن يُسمع صوت الرصاص عند النهاية. يتبع هانكس الطرق المعتادة المجربة الآمنة في الوقت ذاته في خلق عالمه على الورق ومن خلال الشاشة.

في مجموعته القصصية الأولى الصادرة أخيراً "نمط غير شائع " يسرد حكايات عن وصول مهاجر من أوروبا الشرقية إلى مدينة نيويورك هرباً من حرب أهلية، ثم محارب قديم شارك في الحرب العالمية الثانية، أرملة تقع في الحب وتعاني من أهالي القرية...، كلها عوالم سينمائية أو مشهدية، وجماهيرية أيضاً، فعلى الرغم من تكرارها الآن المتوقع أحياناً كثيرة، إلا أن ثمة خلطات عالمية أثبتت قدرتها على التواجد والاكتساح على مدار عقود من الزمن.

أما في سيناريو الفيلم الذي شارك في كتابته، يستدعي هانكس قائد سفينة الكاتب والصحافي والسيناريست البريطاني "سي. سي. فورستر" في روايه "الراعي الصالح"، إلا أن راعي هانكس يختلف عن راعي فورستر على مستويات عدة: الصراع في الرواية بين البطل المهزوم مجتمعياً ورؤسائه وتخوفاته من الفشل حين يمارس القيادة لأول مرة وهو في منتصف العمر، أما راعي هانكس فيميل إلى الجانب الروحي والخلاص المسيحي، حيث يجد في مفاجأة قيادة السفينة اختباراً سماوياً، ربما هو المخلص الجديد المتبع لآلام المسيح، في لحظات نصره يتذكر عدد الأرواح التي أزهقت في صفوف العدو، فيما يبدأ الفيلم بصلاة وتأهب للمواجهة "يا إلهي، ليرافقني ملاكك الحارس" ويختتمه بصلاة شكر "بين يديك أستودع نفسي وجسدي وروحي" ثم يخلد للنوم مرتاحاً، بعد أن قام بواجبه.

المزيد من سينما