Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسبانيا ترى الحجر البريطاني "مجحفاً وفوضويا" وغير قابل للتطبيق

 نعلم جميعاً أنّ علم المملكة المتحدة الخفّاق فوق رؤوسنا يمثل أفضل حماية ممكنة لنا من فيروس كورونا، أليس كذلك؟

الشواطئ الإسبانية قبلة المصطافين البريطانيين قد تصبح زيارتها محفوفة بخطر الحجر (رويترز)

يشعر بيدرو سانشيز، رئيس وزراء إسبانيا، أنّ مقاربة الحكومة البريطانية لأزمة فيروس كورونا والسياحة "مجحفة". حسناً، عليه أن يحاول العيش في بريطانيا، (أو الأفضل من ذلك أن يديرها). فمعظم تصرفات الحكومة في كل الأمور مجحفة. وهذا أحد أسباب الفوضى التي نعيشها من كل النواحي.

على أيّ حال، سانشيز محق بالفعل. صحيح أن بعض المناطق الإسبانية، كاتالونيا وأراغون تحديداً، تسجّل معدلات إصابات مرتفعة وآخذة بالازدياد، وهذا أمر يثير القلق؛ لكن في البلاد مناطق كثيرة أخرى مثل جزرها البعيدة في البحر المتوسّط، والمحيط الأطلسي، أو أستورياس مثلاً، حيث معدلات الإصابة أقل بكثير من المملكة المتحدة. أليست شرطة الحدود لدينا، أو قطاع التأمين قادران على التمييز بين وجهات السفر؟ أين هو حسّ المنطق البريطاني العظيم حين نحتاجه؟

في الحقيقة، ليس نظام الحجر الصحي البريطاني موجوداً سوى في أذهان الوزراء. قد تذكرون أن بريتي باتيل، فرضت أخيراً لأسابيع عدة، الحجر الصحي لمدة 14 يوماً على جميع القادمين إلى بريطانيا من الخارج، وذلك فقط كي تبدو كمن "تفعل شيئاً ما".

عبّأ القادمون بطاقات الوصول وتلقوا تحذيرات شديدة اللهجة من أنهم سيضطرون إلى دفع غرامات بقيمة ألف جنيه إن هم وطئوا أي مكان خارج محلات إقامتهم المذكورة في تلك الاستمارات. غير أن هذه التحذيرات لقيت التجاهل التام فيما مرّ الناس بيسر عبر نقاط مراقبة الجوازات وذهبوا حيثما أرادوا. لا شكّ أنّ بعضهم مارسوا ضبط النفس أكثر من بعضهم الآخر، إلا أن أحداً لم يتأكد من التزامهم كما لم تُفرض أي غرامات.

هذا هو شكل "استعادة السيطرة على حدودنا" أليس كذلك؟ نحن لا نعيش في بلد يمكن وضع آلاف الأشخاص فيه قيد الإقامة الجبرية حتّى لو كانت تلك فكرة جيّدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إن كنت عائداً إلى بلدك إذاً من  تينيريفي في جزر الكناري، ما هي الاحتمالات بأنك ستحترم الإغلاق الصارم، فلا تخرج سوى لقضاء حاجاتك الضرورية؟ ما هو الحافز الذي سيدفعك لهذا؟ هل فعل ما هو صحيح؟ نعم، ولكن ليس حينما يكون من المتعارف عليه أنّ الخطر متدنٍّ جداً، وبموجب عرف دومينيك كامينغز، كبير مستشاري رئيس الوزراء، من المسموح لنا أن نفعل "ما هو صحيح". 

ماذا لو طلب منك ربّ عملك القدوم إلى العمل؟ لا يُدفع للناس أي أجر أثناء المرض ولا تُقدم لهم أي ضمانة كي "يفعلوا ما هو صحيح"، وإن خُيّروا بين فقدان الراتب والوظيفة من جهة، وتعريض أنفسهم للخطر من جهة أخرى، فلا شكّ أنهم سيختارون المخاطرة بأنفسهم. وأشكّ في أنّ الذين ما زالوا يميلون إلى البقاء داخل المنازل، وإنقاذ الأرواح بيننا لن يستقلّوا أي طائرة باتجاه إسبانيا هذه السنة على أي حال، لكن من قرروا أن يخاطروا بالقيام بهذه الرحلة سيكونون أكثر ميلاً لتجاهل القيود عند عودتهم إلى بريطانيا. 

لذلك ستصبح قاعدة الحجر لمدة 14 يوماً غير فعالة نهائياً، فيما عدا تأثيرها كرادعٍ للأشخاص الذين يعتزمون التوجه إلى إسبانيا، أو غيرها من أجل قضاء عطلتهم. أطلّ الوزير سايمون كلارك مؤخرا عبر الإذاعة كي يقضي على نشاط قطاع السياحة والسفر كله، حين قال لكلّ من يريد أن يجني بعض الفائدة من فصل الصيف البائس هذا "اذهبوا لقضاء عطلاتكم طبعاً، لكن اعلموا أنه قد يُطلب إليكم أن تعزلوا أنفسكم فور عودتكم".

أطلق هذا التصريح كما لو كان أكثر الأمور طبيعية في العالم، أو أنه مجرّد إزعاج بسيط مثل اضطراب أمعاء لا يدوم أكثر من يوم واحد، أو شيء لا يجب أن يردع أي شخص عن قضاء عطلة طالما حلم بها. لم يكن كلارك مقنعاً. ولعله لن يكون مرشداً سياحياً جيداً. 

 الأمر أشبه بأن تحكم كل دولة في العالم على معدّلات الإصابة في بريطانيا من خلال تلك التي تسجّلها ليسترLeicester أو بلاكبيرن Blackburn مثلاً، فتعمد إلى فرض حجر صحي على القادمين من أوركني Orkney الاسكتلندية أو آرماغ Armagh الإيرلندية الشمالية. سيعتبر البريطانيون هذا التصرف مجحفاً كذلك.

أعتقد أن الجميع يستطيعون اختيار جبل طارق وجهةً بديلة ببساطة، لأن هذه المنطقة ما زالت على لائحة وجهات السفر "المعفاة" من إجراءات العزل. ربما يصبح المكان مكتظاً بعض الشيء. ومنطقة جبل طارق ملاصقة لإسبانيا طبعاً، وهي تشكل جزءاً من شبه جزيرة إيبيريا من الناحية الجغرافية، إنّما خلافاً للبرتغال وإسبانيا، تقول وزارة الخارجية إن السفر إليها آمن تماماً، نعلم جميعاً أنّ علم المملكة المتحدة الخفّاق فوق رؤوسنا يمثل أفضل حماية ممكنة لنا من فيروس كورونا، أليس كذلك؟

© The Independent

المزيد من تقارير