Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تبون يجري تعديلا حكوميا يغضب الجزائريين

بسبب ارتفاع عدد الوزراء وبدلاً من تقليص عدد المناصب تضاعفت

استنجد تبون بـ 9 وزراء جدد واستغنى عن 6 آخرين (مواقع التواصل الاجتماعي)

 فاجأ الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون الأوساط السياسية بإعلانه تعديلاً حكومياً بعدما دافع في وقت سابق عن الطاقم الوزاري الذي تعرّض لانتقادات. وبينما انتظر الشعب تخفيضاً في عدد الوزراء ومغادرة آخرين، تواصلت "عقيدة" توسيع دائرة "الاستوزار" على الرغم من سجن مدير الأمن الداخلي الجنرال واسيني بوعزة "المتهم" بفرض وزراء في الحكومة السابقة.

9 وزراء جدد والاستغناء عن 6 أخرين

وفي حين استنجد تبون بـ9 وزراء جدد واستغنى عن 6 آخرين، يتساءل الشارع عن توقيت التعديل الذي تزامن مع إدانة مجلس الاستئناف العسكري في البليدة، وسط الجزائر، المتهم العميد واسيني بوعزة، المدير العام للأمن الداخلي سابقاً، بعقوبة 8 سنوات سجن بتهم إهانة هيئة نظامية والتزوير وإهانة مرؤوس وحيازة سلاح ناري وذخيرة حربية من الصنف الرابع، علماً أنه أحد أهم العسكريين الذين منحهم قائد الأركان السابق قايد صالح بطاقة بيضاء في متابعة "العصابة" ورؤوس الفساد والتآمر.

كما فتح التعديل نقاشات حول خلفياته وأسبابه، بخاصة أن تبون دافع في مناسبات عدّة عن الطاقم الوزاري، قائلاً إن "الحكومة لا يمكن تقييمها أو انتقادها ولم يمرّ على مباشرة عملها سوى فترة قصيرة. يجب منحها مزيداً من الوقت". فهل 6 أشهر كافية لتقييم عملها، أم أن المعطيات الاقتصادية الدولية التي ألقت بظلالها على الواقع العام في البلاد والضغط الاجتماعي سرّعا التعديل الحكومي؟

"رقصة" لا تخدم تطلّعات الجزائريين

يعتقد المحامي والخبير في القانون الدولي اسماعيل خلف الله أن ما حدث ليس تعديلاً حكومياً، إنّما "رقصة" لا تخدم تطلّعات الجزائريين.

ويقول في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إنه "بدل تقليص عدد المناصب تمت مضاعفتها بخلق لكل وزارة وزارات، ما يرهق الخزينة العامة، عكس تصريحات الرسميين بأن الأزمة تستدعي ترشيد النفقات"، واصفاً ما يجري "بتبذير يُدفع ثمنه من جيوب المواطنين بفرض الزيادات والضرائب".

ويضيف أن تزامنه مع صدور الحكم ضد الجنرال بوعزة بـ 8 سنوات، دليل على "أننا ما زلنا نعيش صراع الأجنحة، إذ إنّ الوزراء المعنيّين بالتغيير الحكومي محسوبون على الجنرال بوعزة وفق القراءات".

ويردف خلف الله أنه "بدل الذهاب بالجزائر إلى الأمام، ها هي تراوح مكانها وربما تراجعت في ظلّ استمرار الصراعات"، مؤكداً أننا "نعيش عبثاً حقيقياً، فالصورة لم تتغير وكأنّنا تحت سلطة سعيد بوتفليقة".

ويشير إلى أن صنّاع القرار في الجزائر باتوا يستفزّون الشعب بتصرفاتهم، فمثلاً الذي عُيّن على رأس وزارة التعليم العالي كان نائب رئيس المنظمة العالمية للفرنكوفونية، موضحاً أن انتخاب تبون بثّ بعض الأمل  في الشارع الذي راهن على خطوة نحو التغيير، لكن يبدو أن الأمور عادت إلى نقطة الصفر بعدما رجع الإحباط ليسكن النفوس.

تدوير وتقسيم للريع

 ويعتبر البرلماني حسن عريبي في منشور له أن التغيير الأخير هو "تدوير وتقسيم للريع على بعض الوزراء غير الأكفّاء وغير المعروفين من ناحية العمل والنضج والتجربة والخبرة، فوزارة النقل قُسّمت إلى اثنتين واستُحدثت منها وزارة الأشغال العامة، وكذلك وزارة المناجم".

 ويقول إنه "كان من الواجب اختيار كفاءات لتسيير قطاعات الدولة منذ البداية. أما هذه العادة، فقد كانت تمارسها العصابة ورئيسها، وهي دليل على التخبّط الذي تعيشه البلاد والفساد المغرق، فضلاً عن التسيّب في تبذير أموال الأمة يميناً ويساراً من دون حسيب ولا رقيب"، مشيراً إلى عدد من الوزراء شغلوا منصبهم لشهر وشهرين وخرجوا براتب تقاعد بالملايين.

ويسأل عريبي "هل هناك دولة في العالم بهذه المهزلة التي جعلت منصب الوزارة من دون هيبة وكأنّه منصب بواب عند قصر صنّاع القرار؟"، موضحاً أن الشعب اليوم "يريد ويطلب أن تنهض البلاد، أفضل من سياسة البريكولاج التي تزيد الوضع تعفّناً وتعقيداً".

"40 وزيراً + 1" ودعوة إلى التقشف

يمكن اعتبار أن الرئيس تبون أخضع الحكومة لـ"عملية جراحية" بهدف بعث ديناميكية متجدّدة ودماً جديداً في عروق الجهاز التنفيذي، بخاصة أنه أكد في آخر اجتماع لمجلس الوزراء، أن النوايا الصادقة لا تكفي للحفاظ على ثقة المواطن، إذا لم تكن متبوعة بإنجازات ملموسة في الميدان، لكن كيف يمكن إقناع المواطن بالصبر على المشكلات الاجتماعية والزيادات والضرائب وهو يرى فريقاً حكومياً من 40 وزيراً ورئيس حكومة؟

لا حدث

في السياق ذاته، يستبعد مدير معهد جنيف لمنظمة "صوت حر محمد خذير" في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، أن يكون التعديل الحكومي له علاقة بالجنرال بوعزة، مشيراً إلى أنه لم يستجِب لتطلّعات الشعب الذي ينتظر التغيير، كما أنه لم يحدث في توقيت مناسب على اعتبار أن التغييرات الحكومية تجري مع الدخول الاجتماعي.

 ويوضح أن الأمر لا يتعلّق بشخص أو وزير، "فالأزمة النفطية العالمية التي مسّت الجزائر كباقي الدول، تستدعي التعاون، إذ لا يمكن للوزير الجديد على الرغم من خبرته معالجة الأمر لوحده، كما أن هناك قطاعات عدّة لم تتحرك وبقيت تراوح مكانها لناحية المشكلات مثل وزارة الصناعة، مشدّداً على أن الوضع يتطلّب تغييراً جذرياً وليس بهذا المستوى.

في المقابل، يعتبر الإعلامي المهتم بالشأن السياسي باسعيد عيسى في حديث لـ"اندبندنت عربية"، أن "النظام الحالي برجالاته يواصل تصفية القطب الذي كان يحكم سابقاً، وبذلك يؤسس لدولة الولاء والطاعة"، موضحاً أن السياسة المنتَجَة حالياً أخطر بكثير من سابقتها في عهد بوتفليقة وهي تأخذ منحىً خطيراً، وقد تؤدي إلى صدامات مستقبلاً مع المناضلين الذين تتكاثر أعدادهم يوماً بعد يوم في غياهب السجون".

ويقول "نرفض استئناف التظاهرات إلى حين تجاوز الأزمة الصحية، لكن لا أرى مخرجاً أو مستقبلاً سياسياً في الجزائر يحترم الحريات، كما لا أعتقد أن حكومة تضمّ شعابنة (وزيراً مكلفاً بالجالية) وسواكري (وزيراً مكلفاً برياضة النخبة)، وأيت علي وزيراً للصناعة بإمكانها تدارك ما فات".

المزيد من العالم العربي