Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مذكرات توقيف دولية ضد جنرالات مع بدء صيد صقور نظام بوتفليقة الفارين

"إلغاء الأمر الدولي الصادر عن المحكمة العسكرية ضد خالد نزار ضروري من أجل جلبه للمحاكمة في الجزائر"

تظاهرة في 4 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 ضد النظام السابق في العاصمة الجزائرية (اندبندنت عربية)

عاد إلى واجهة الأحداث السياسية في الجزائر أخيراً الحديث عن ملاحقة "صقور الفساد والتآمر" الفارين إلى الخارج، بعد بروز معلومات عن وجود استعدادات لإصدار مذكرة توقيف دولية ضد الجنرال غالي بلقصير، القائد السابق لجهاز الدرك، واعتزام نجل وزير الدفاع السابق خالد نزار، تقديم شكوى لدى القضاء الجزائري من أجل ملاحقة والده بتهمة القتل العمد لوالدته خلال التسعينيات، في حين يتنقل الجنرالان المذكورَان بين إسبانيا وفرنسا.

جنرال يطلب اللجوء

وكشفت جهات فرنسية عن جمْع ضباط من القضاء العسكري الجزائري المعلومات اللازمة لإصدار مذكرة توقيف دولية ضد الجنرال غالي بلقصير، مشيرةً إلى أن بلقصير الذي أخفق في الحصول على الإقامة بإمارة دبي بسبب فضائحه بالجزائر، لم يكتفِ بوضعه مقيماً في إسبانيا بجواز السفر الدبلوماسي الجزائري الذي يسمح له بالدخول بانتظام إلى الأراضي الفرنسية، إذ يسعى منذ مايو (أيار) الماضي للحصول على اللجوء السياسي الآمن، خوفاً من ترحيله.

ويلاحق بلقصير بتهمتَي التآمر والخيانة، إضافة إلى قضايا فساد رفقة زوجته القاضية السابقة فتيحة بوخرص، وهو مصنّف ضمن خانة المقربين من سعيد بوتفليقة شقيق الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ومدير الأمن الجزائري السابق الجنرال عبد الغني هامل الموجودين بالسجن ضمن فريق "العصابة" (التسمية المستخدمة في الجزائر للدلالة على مسؤولي النظام السابق).


وزير الدفاع متهم بقتل زوجته

وبينما يعيش خالد نزار "مرتاح البال" في إسبانيا رفقة عائلته، على الرغم من أن القضاء العسكري أصدر إنابة دولية ضده بعد صدور عقوبة 20 سنة سجناً نافذاً بحقه مع حجز كل ممتلكات عائلته، بتهم التآمر على سلطة الجيش والدولة والفساد، طفا على السطح ملف قتل زوجته السابقة، إذ أثار ابنه سفيان القضية عبر وسائل الإعلام المحلية، وباشر بإجراءات متابعته في المحاكم. واتهم سفيان والده بـ"قتل والدته"، وكلّف محامين العمل على جلب والده من الخارج عبر مذكرة توقيف دولية، وتقديمه للمحاكمة أمام القضاء الجزائري.

في السياق ذاته، نشر الضابط السابق في الجيش الجزائري هشام عبود، المقيم في فرنسا، فيديو على حسابه بموقعَي "فيسبوك" و"يوتيوب"، استعرض فيه تدوينات قال إنها لسفيان نزار، وجّه فيها الأخير اتهامات ثقيلة ضد والده، ووصفه بـ"المجرم". كما نشر سفيان نزار صورة لوالده ووالدته، وتوجّه بالكلام إلى والدته في تدوينة قائلاً "أمي. أنت أول ضحية للمجرم الدموي خالد نزار، واغتيالك تمّت التغطية عليه من طرف عصابة مجرمين".


بين تصفية حسابات وغياب الإرادة السياسية

وأوضح هشام عبود، في تصريح إلى "اندبندنت عربية"، أن "وزير الدفاع السابق يواجه قضايا عدة في الجزائر والخارج، منها قضية بالولايات المتحدة بتهمة التزوير، رفعها ضده الباحث الجزائري في وكالة (ناسا) الفضائية مولود مغزي، كما أن الديوان المركزي لمحاربة وقمع الفساد يتابعه بتهمة الرشوة وتهريب الأموال، إضافة إلى مديرية الضرائب التي رفعت قضية ضده بتهمة التهرّب الضريبي، وأخيراً القضاء السويسري أعاد فتح ملفه حول جرائم حرب يقف وراءها خلال فترة الأزمة الأمنية التي عاشتها الجزائر خلال التسعينيات، وأنا شاهد ضده في هذا الملف".

ودعا عبود إلى إلغاء الأمر الدولي الصادر عن المحكمة العسكرية الجزائرية ضد خالد نزار، لأنه ليس في صالحها. وقال إنه "في هذه الحالة يصبح الفار خالد نزار في وضعية (متابعة سياسية) لا تسمح بترحيله أو ملاحقته"، معتبراً أن "ما يحدث بخصوص الشخصيات الفارة على اختلاف مسؤولياتها من وزراء وقيادات عسكرية، مجرد تصفية حسابات بين العصابة، إذ إن جزءاً منها ضحّى بالآخر". وأضاف عبود "حتى الساعة لم تُتخذ إجراءات لملاحقات دولية، ما يؤكد غياب الإرادة السياسية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لا يمكن لمجرم متابع أن يفر إلى الأبد

من جهة أخرى، وفي حين يوجد أكثر من 30 شخصية بارزة في عهد بوتفليقة في سجني "الحراش" المدني و"البليدة" العسكري، حيث يواجهون تهم الفساد والتآمر على سلطتَي الدولة والجيش، تمكّن عددٌ من الوزراء والجنرالات والمسؤولين السابقين من الفرار، وأبرزهم وزير الصناعة السابق عبد السلام بوشوارب الموجود في لبنان، ووزير الطاقة السابق شكيب خليل بالولايات المتحدة، واللواء حبيب شنتوف قائد الناحية العسكرية الأولى في بلجيكا.

وصرّح حسان براهمي، وهو محامٍ معتمد لدى المحكمة العليا، في حديث إلى "اندبندنت عربية"، بأن "قانون الإجراءات الجزائية الجزائري واضح، إذ إنه متى كان المتهم بجريمة ذات وقائع خطيرة، يصدر القاضي المكلف التحقيق أمراً بالقبض عليه أينما وُجِد داخل الوطن، وإذا كان في الخارج تتخذ إجراءات تبليغ الأمر بالقبض الدولي لهيئة الشرطة الدولية (الإنتربول) للتنفيذ في كل دول العالم التي لديها اتفاقيات ثنائية مع الجزائر للتسليم المتبادل للمجرمين المبحوث عنهم"، معتبراً أن "ما يحدث بخصوص الفارين الجزائريين مسألة وقت من أجل تحديد مكان المتهم، ومن ثمّ القبض عليه، وتسليمه إلى الجزائر مثلما حدث مع رجل الأعمال الجزائري عبد المؤمن خليفة، الذي تسلّمته الجزائر بعد سنوات طويلة من الفرار في بريطانيا، وأُعيدت محاكمته حضورياً، وهو الآن يمضي عقوبته في السجن".

وتابع براهمي قائلاً، "لا يمكن لمجرم ملاحَق من العدالة أن يفرّ إلى الأبد، وسيلاقي كل مسؤول جزائري خان الشعب في أثناء توليه المسؤولية جزاءه آجلاً أم عاجلاً".

الحراك ينتقد الاعتقالات والمحاكمات

في المقابل، ينتقد نشطاء وحقوقيون استمرار سياسة الاعتقالات والمحاكمات في حق الناشطين في الحراك الشعبي، إذ أكد سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، في تصريحات إلى وكالة الصحافة الفرنسية، أنه مع تسجيل نحو 200 اعتقال منذ بدء الحجر الصحي منتصف مارس (آذار) الماضي، "استغلت السلطة الهدنة لاعتقال أكبر عدد من الناشطين". وقال صالحي، "إنهم يحاكَمون بتهم جرائم الرأي والتعبير بسبب منشورات على شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصاً (فيسبوك)، فيُجرى تفتيش منازلهم ومصادرة هواتفهم المحمولة".

ويعتبر الناشطون أن موجة "القمع" تسارعت في غضون أيام قليلة، بعدما شهد الخميس الـ18 من يونيو (حزيران) الحالي وحده، استدعاء أكثر من 20 معارضاً للمحاكمة في سبع جلسات استماع منفصلة.

ودعت منظمة مراسلون بلا حدود، غير الحكومية، في بيان، "السلطات إلى وقف توظيف العدالة لتكميم الإعلام". وقال مدير مكتب شمال أفريقيا في المنظمة صهيب خياطي، "تضاعف الملاحقات بحق الصحافيين الجزائريين مقلق للغاية، ويشير إلى التدهور الصارخ لحرية الصحافة بالجزائر".

ولعل ملاحقة ناشطي الحراك سيكون لها أثر عكسي، فبدلاً من أن تؤدي إلى كسر حراك تعددي وبلا قيادة، يمكن أن تغذيه، إذ نبّه صالحي إلى أن هناك شعوراً عاماً بـ"الظلم"، و"للرد على ذلك، يحضّر البعض للعودة إلى الشارع على الرغم من خطر انتشار وباء (كوفيد 19)".

المزيد من العالم العربي