Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

سد البطالة في بريطانيا قد ينفجر مع تنفيذ بريكست من دون اتفاق

"بريتيش غاز" لتسريح خمسة آلاف موظف، والبرنامج الحكومي لإجازات كورونا موشك على الانتهاء

 هل يشكّل بريكست من دون اتفاق، القطرة الأخيرة في كأس لمرارة الاقتصادية لبريطانيا؟  (أ ف ب)  

 

كانت نشرات الأخبار التلفزيونية عموماً تمر بكم مرور الكرام حين كنتم أطفالاً. لكن، ثمة شيء أذكره تماماً من نشرات الأخبار التي كانت تمر بي خلال ثمانينيات القرن العشرين، يتمثّل في التحديثات المنتظمة لأعداد الموظفين المُسَرَّحين التي كانت تبثها.

وآنذاك، نُشِرَتْ تلك التحديثات في رسوم بيانية ملونة تتضمن أرقاماً يسهل استيعابها، ما يعطي القصة الوصفية شكل مناسبة رياضية، أو ربما برنامج ألعاب، لكنه برنامج أكثر جدية من برنامج "بلانكتي بلانك" لمقدمه تيري ووغان.

 في تلك الآونة نفسها، تناوُل الخبر الأول دائماً، بالوظائف الملغاة. وأذكر أن هذه الوظائف كانت تُعلَن عبر أسهم صفراء تظهر على خريطة لبريطانيا وتتضمن أرقاماً بالأحمر. ثم تجيء الوظائف الجديدة. وحظيت هذه الوظائف بلون أكثر ألفة. هل كان الأزرق السماوي؟

كنا أخي، وأنا نأمل دائماً بأن يتفوق اللون الأزرق السماوي. لكن ذلك لم يحصل أبداً. فقد بدت الأسهم الصفراء، والأرقام الحمراء في داخلها أكثر دائماً.

وإذ أفكر في الأمر اليوم، أستطيع أن أعرف السبب. فالبطالة كانت تقفز باتجاه ثلاثة ملايين عاطل عن العمل، وبدا الشعار الناجح جداً الذي أطلقته شركة الإعلان "ساتشي أند ساتشي" وساعد المحافظين على الوصول إلى السلطة ("العمال لا يعملون")، نكتة مقززة.

 قد يكون التاريخ على وشك إعادة نفسه. فهل يود أحد إشعار إدارة الرسوم البيانية؟

تستعد الحكومة لإنهاء برنامجها بشأن الاحتفاظ بالوظائف، وأخشى ألا يتمكن كثيرون من الموضوعِين الآن في إجازات، من الاحتفاظ بوظائفهم لمدة طويلة بعدما يعودون رسمياً إلى العمل. وكشفت "سنتريكا" المالكة لـ"بريتيش غاز" للتو سهماً أصفر فاقعاً يخصها وفيه الرقم "5000" بالأحمر.

إن قسماً كبيراً ممن سيجدون أنفسهم من دون عمل، هم مديرون، على الرغم من أن ذلك لا يصح عليهم جميعاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ثمة حوالي ثلاثة آلاف مهندس موضوعِين في إجازات، لم يتمكنوا من دخول منازل العملاء لأسباب مفهومة، سيكونون بخير. في المقابل، سيُشكّل القرار ضربة مريرة لزملائهم الذين ظلوا يعملون في هذه الأثناء.

وتخسر "سنتريكا" عملاء، لكن ذلك ليس مسؤولية من يواجهون الصرف من العمل. إنها مسؤولية كبار المسؤولين. ولا تزال الطريقة التي ستساعد بها الخطة "بريتيش بتروليوم" في حل مشاكلها، موضع تساؤل.

وقد يكون إعلام الشركة هذا شرخاً بسيطاً، لكنه مهم وينذر بانفجار السد.

إذ تملك بريطانيا أكبر عدد للوفيات بسبب "كوفيد 19" في أوروبا. وتعتقد "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية" الآن بأن البلاد ستعاني أيضاً من أسوأ ضربة اقتصادية بسبب الجائحة. ويعاني اقتصاد الخدمات فيها، كي يتأقلم مع واقع مفاده بأن الناس لا يتصلون كثيراً طلباً للخدمات حين يكونون عالقين في منازلهم.

وفي وقت سابق، برزت آمال بأن الخروج من الإغلاق سيؤدي إلى انتعاش سريع نسبياً. وأخيراً، عبّر اقتصاديون عن شكوك في ذلك. وقد تكون حلبة السباق أمام حظوظ الاقتصاد البريطاني للتعافي من فيروس كورونا، أكثر وعورة مما يخشاه الناس.

والأسوأ أن الحكومة تريد تحويل الحلبة إلى مستنقع كامل لن تتمكن فيه سوى الأحصنة القوية من التعامل مع ما تسميه الحكومة بريكست على "الطريقة الأسترالية"، وتسميه كل الأطراف الأخرى "بريكست من دون اتفاق" لأنه كذلك.

كم هي مسكينة كارولين فيربيرن. إنّ تلك المديرة العامة لـ "الاتحاد البريطاني للصناعات" التي وُضِعت في موضع صوت العقل غير المسموع في البلاد لسنوات، قد حذرت من أن قطاع الأعمال البريطاني لا يستطيع ببساطة أن يتأقلم مع بريكست من دون اتفاق يُضَاف إلى المعاناة التي قاساها بسبب "كوفيد 19".

وهي على حق تماماً، لكن حكومة مؤلفة من مديرين عاديين ومتوسطي الرتب، ومتملقين ضعيفي الشخصية، واستغلاليين رخيصين؛ تجد أن تحوير كلامها أكثر ملاءمة من الإصغاء إليها (على غرار ما فعل وزير شؤون مجلس الوزراء مايكل غوف).

ولم يكن على بريطانيا أن تتعامل مع بطالة واسعة لسنوات. وسيغير فيروس كورونا الوضع، ويمكن أن يصبح الوضع شائكاً. وسيشبه الهاجس العقائدي للحكومة ببريكست من دون اتفاق، وضع غراء في تروس، وعجلات اقتصاد يحتاج إلى تشحيم.

ولا يزال ثمة وقت لتجنب ذلك، بمعنى منع الأرقام الحمراء، والأسهم الصفراء من الفوز في حال امتلكت "هيئة الإذاعة البريطانية" ("بي بي سي") الجرأة على تكرار العرض.هنالك بعض الوقت، لكن ليس كثيراً منه.

فلو اختارت الحكومة، بحكمتها، قيادة الأمة إلى جدار بريكست من دون اتفاق، أعتقد بأن العزاء الوحيد يتمثل في أنها ستحرق أخيراً سمعة حزب المحافظين في مجال البراعة الاقتصادية، وتلك سمعة لا يستحقها أصلاً، لكن وزير المالية ريتشي سوناك ما انفك يبذل جهوده كلها كي يعززها.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد