Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أتوقع خروج بوريس جونسون من السلطة بحلول عيد الميلاد

نكثه بالوعود يظهر أننا أوكلنا إلى مهرّج لم يتجاوز النضج العاطفي لطفل مسؤولية التعامل مع الوباء الأسوأ في 100 عام

يحمّل كثيرون في بريطانيا بوريس جونسون مسؤولية تخبط السياسة الحكومية في تعاملها مع كورونا (أ.ف.ب) 

في كل مرّة أرى بوريس جونسون، أتساءل كيف حصل على وظيفته، ثم أتذكر أنه كان محظوظاً وماكراً. وأتذكر أيضاً الحافلة الحمراء الكبيرة التي استخدمها في حملة البريكست، وما راج بشأن حصول هيئة "الخدمات الصحية الوطنية" على 350 مليون جنيه إسترليني إضافية أسبوعيّاً بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، وذلك وعد لم يتحقق أبداً.

لذا، يجيب هذا السؤال عن نفسه إلى حد كبير. لكن أعتقد أن ما أعنيه حقاً أنني بدأت للتو ألاحظ أنه في الحقيقة ليس جيداً جداً في وظيفته. تخفي لهجته المتصنعة الفخامة وإيحاءاته الكلاسيكية، هذه الحقيقة قليلاً، لكنها بدأت تظهر. إنه لا يرقى إلى مستوى الوظيفة.

وفي هذا الصدد، تجدر الإشارة إلى ما قاله عنه زميله المقرب و"الصديق" مايكل غوف خلال انهيار قيادة حزب المحافظين عام 2016. آنذاك، قال غوف "لقد توصلت على مضض إلى استنتاج مفاده بأن بوريس لا يمكنه توفير القيادة أو بناء الفريق للمهمة المقبلة". لقد أصاب غوف للمرّة الأولى، إذ لا يخدم كل أداء متلعثم في جلسة أسئلة رئيس الوزراء، وكل ظهور متعثر في مؤتمر إعلامي حول فيروس كورونا، وكل قسط من الدعاية الخاطئة التي تنبعث من "داونينغ ستريت" (مقر رئاسة الوزراء)، وجميع الوعود غير الصادقة "المبالغ فيها" والتراجعات المتسرعة، لا يخدم سوى تعزيز الأدلة على أننا قد تعمدنا بطريقة ما وضع مهرّج لا يتمتع بالنضج العاطفي لطفل صغير في منصب المسؤولية عن التعامل مع أسوأ جائحة رأيناها في 100 عام.

فمتى سينتهي هذا الجنون؟ أعتقد أنه سينتهي بحلول عيد الميلاد. لا أستطيع أن أشرح كيفية أو ماهية الطريقة التي سيغادر بها بوريس جونسون، لكنني أعتقد أنه بإمكاننا جميعاً أن نستنتج تزايد الضغوط عليه بحدة. وتمثل كل وفاة "زائدة" يمكن تجنبها حجة مأساوية وقوية وفي نهاية المطاف جارفة، لمصلحة رحيله. ستكون هناك وفيات أخرى بالآلاف، فهل ستصل إلى 100 ألف؟ وهل سيكون لدينا أسوأ سجل في أوروبا؟ هذا ممكن بالتأكيد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الوقت المناسب، سيصبح جونسون عبئاً سياسياً على حزبه لا يمكن تحمله، فضلاً إلى كونه عبئاً مخجلاً من الناحية الأخلاقية. لكن حالياً، لا توجد فرصة للتغيير لأننا في غمرة حالة الطوارئ. وستكون العطلة الصيفية الطويلة هذا العام مشحونة سياسياً أكثر من العادة. ومع ذلك، سيقلل غياب جلسات البرلمان فُرَصْ التآمر عن بُعد، وحينها لن يكون التغيير ملائماً. لكن مع حلول الخريف، تشير الترجيحات جميعها إلى استمرار حالة الكساد الاقتصادي وتعثر "خطة الإجازة" (لدعم العمالة المتضررة من كورونا)، وارتفاع عدد الوفيات بشكل لا يمكن تصوره، مع وجود احتمال حقيقي لموجة ثانية من الإصابات ترهق "الخدمات الصحية الوطنية"، وتتأتى من تخفيف الحظر في وقت مبكر جداً.
يمكن لتلك التطورات المعقولة جداً أن تطيح رئيس وزراء من منصبه بغالبية برلمانية كبيرة. وستكون تلك التطورات واضحة عند نهاية العام، وكذلك سيكون غضب الجمهور. وسوف تتغيّر ثقة الكثيرين وإيمانهم بجونسون، ما سيجعل الشعور بالخيانة أكثر إيلاماً. وبحلول عيد الميلاد، وهو وقت للتأمل، سيكون جونسون ساماً من الناحية السياسية. لكن في تلك الظروف، لن يكون أكثر حصانة ضد الإطاحة به مما كان عليه توني بلير في 2007 أو مارغريت ثاتشر في 1990. وعلى غرارهما، قد يحل محله وزير المالية، الذي سيقدم وعوداً ببداية جديدة.

إن التواجد في القمة يعني إصدار التوجيهات الصحيحة واتخاذ القرارات الصائبة، وذلك ما فشل فيه جونسون في كل منعطف. لا شك في أنه ربما تلقى بعض النصائح السيئة، لكنه كان سيئاً أيضاً ومتهاوناً ومتردداً في العمل بجد حتى عندما كان في صحة جيدة. لقد ترك فراغاً مربكاً في السلطة عندما كان مريضاً للغاية. وكذلك ارتكب خطأً بخصوص الحظر والفحوصات وأجهزة التنفس الاصطناعي ودور الرعاية ومعدات الوقاية. وقد عقد العزم تماماً على تجاهل التوصل إلى تسوية بشأن مسار العودة إلى الوضع السابق، حينما أطلق إستراتيجيته للخروج من الحظر، ما تسبب في إضعاف الاتحاد مع أسكتلندا وإيرلندا الشمالية. علاوة على ذلك، فإن صفقة التجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي لن تحدث، كما لن تحدث الصفقة الأخرى مع الولايات المتحدة، من دون المساس بالمنتوجات الزراعية البريطانية. وما يزيد الأمر سوءاً تعيينه مجموعة باهتة للغاية من الوزراء في حكومته، ما جعله يبدو مُفرطاً في الاعتماد على مستشاره المنوّم المغناطيسي دومينيك كامينغز.

وقد انكشفت عيوب جونسون بعد طول انتظار وبشكل محرج منذ مجيء كير ستارمر بديلاً عن جيريمي كوربين على رأس المعارضة الرسمية التي استعادت نشاطها وأصبحت قوية للغاية.

في غضون ذلك، بدأ جونسون يخسر ببطء حلفاءَه والدعم في حزبه وبين حلفائه الإعلاميين المألوفين. كذلك تعود للظهور وبشكل متكرر، شكوك حول شخصيته وتقديره للأمور. وتبدو إستراتيجيته للخروج من الحظر متسرعّة وفوضوية، في حين يراها حلفاؤه الطبيعيون في اليمين بطيئة للغاية. ولكن الأهم يتمثّل في أن الناس شرعوا في إدراك التكلفة البشرية لإخفاقات جونسون. لقد خذلنا، وذلك شيء لا يغتفر.

قد يبدو أنه زمن أطول، لكن لم يمض سوى عام على إزاحة تيريزا ماي وخلافة جونسون لها (سيكون احتفال صامت بذكرى مرور سنة في 24 يوليو (تموز). ومنذ ذلك الحين "أنجز البريكست" (في تعريفه المضلل)، وأكسب حزب المحافظين أغلبية ساحقة، وبدا على أعتاب فترة كاملة من الحكم القوي والمستقر. وبطبيعة الحال، كان لابد لجائحة عالمية أن تغير كل شيء، كما حدث في كل بلد. وكذلك على غرار حكومات سابقة أخرى اتخذت خيارات خاطئة وأخفقت في الاستعداد. في المقابل، لم يكن محتّماً حدوث خسائر في الأرواح على المستوى الذي سُجّل في بريطانيا، وينطبق الوصف نفسه بوضوح على بعض البلدان الأخرى. لقد أخبرنا جونسون في أوائل مارس (آذار) أننا سنكون بخير لأننا "لدينا بالفعل "الخدمات الصحية الوطنية" الرائعة، وأنظمة فحص رائعة، ومراقبة رائعة لانتشار المرض". غير أن الاستجابة كانت ضعيفة، وغابت القيادة. لذا سيكون هناك حساب.

© The Independent

المزيد من آراء