Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النقص في تشريح رفات متوفين بكورونا يعيق مكافحته في بريطانيا

الاكتفاء بعشرات الفحوص الطبية فقط لجثث أشخاص قضوا بالعدوى أدى إلى نقص في الأنسجة التي يحتاجها العلماء الذين يبحثون عن الطرق الكفيلة بمواجهة الوباء

تشريح رفات الضحايا من شأنه "حتماً" أن يساعد في علاج المصابين المحتملين في المستقبل (غيتي)

علمت "اندبندنت" أن النقص في إجراء عددٍ كاف من عمليات التشريح على رفات أشخاص توفوا نتيجة إصابتهم بعدوى "كوفيد - 19"، أدى إلى عرقلة أبحاث العلماء الذين يحاولون كشف الأسرار المحيطة بالوباء، والتوصل إلى علاجاتٍ جديدة أو لقاح، من أجل إنقاذ أرواح أخرى.

ومنذ بداية تفشي مرض كورونا، لم يتم إجراء سوى بضع عشراتٍ من التشريحات الطبية، ما أدى إلى نقص في عينات الأنسجة التي يحتاجها العلماء الذين يأملون في الكشف عن طرق تأثير الفيروس على الجسم أو لدرس الوبائيات المسؤولة عن انتشاره بين مختلف فئات المجتمع.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأت "الكلية الملكية لعلماء الأمراض" أن من "الضروري للغاية" إجراء مزيدٍ من أعمال التشريح بموافقة أسر المتوفين، في وقتٍ تواجه المملكة المتحدة أسوأ أنواع الأوبئة في التاريخ.

وعلى عكس التشريح التقليدي الذي يقوم به الطبيب الشرعي بهدف تحديد سبب الوفاة، فإن إجراء تشريح ما بعد الوفاة بإذنٍ من عائلة المتوفى، يتيح للمتخصصين في علوم الأمراض أخذ عينات صغيرة من أعضاء الجسم الرئيسية التي يمكن تحليلها في المختبر، إضافةً إلى التعرف إلى البيانات والسجلات الطبية الخاصة بالمرضى.

وفي تصريح لـ"اندبندنت" أكد الدكتور مايك أوزبورن، الاستشاري في أمراض الأنسجة في "مركز إمبريال كوليدج الطبي التابع لخدمات الرعاية الصحية الوطنية" ورئيس لجنة التحقيقات في الوفيات في "الكلية الملكية لعلماء الأمراض"، أن تشريح رفات الضحايا من شأنه "حتماً" أن يساعد في علاج المصابين المحتملين في المستقبل وفي إنقاذ أرواح.

ويضيف الدكتور أوزبورن "نتعاون مع مجموعاتٍ عدة في جميع أنحاء البلاد وحول العالم، على درس جوانب متعددة، كما نعمل مع الجهات التي تسعى إلى تطوير لقاح ضد الوباء. ونبحث إضافةً إلى ذلك، في طرق انتشار الفيروس لمعرفة أيٍ من الأعضاء في الجسم يصيبها".

ويشير الاستشاري في أمراض الأنسجة إلى أنه "كلما استطعنا فهم مزيدٍ من التفاصيل، زادت لدينا بشكل أكبر احتمالات قدرتنا على استخدام العلاجات المتاحة التي نعلم أن بإمكانها قطع مسار المرض، بالتالي يمكننا تطوير علاجاتٍ جديدة. هذا يعتمد كثيراً على إمكان الحصول على الأنسجة ذات الصلة واستخدامها في المختبر".

وأوضح أن المسألة تستلزم ما يصل إلى ألف رفات لضحايا فيروس "كوفيد - 19" على مستوى البلاد، للقيام بمثل تلك الدراسات الطبية، لكن لم تُجرَ حتى الآن سوى 30 عملية تشريح فقط، ما أدى إلى نقصٍ في عدد عينات الأنسجة في المختبرات.

ويتابع الدكتور أوزبورن قائلاً، إن "اللجوء إلى التشريح المقترن بموافقة أسرة الفقيد، يتيح لنا أخذ عينات من الأنسجة لإجراء أبحاثٍ معمقة في الوباء، وتطوير العلاجات وربما اللقاحات اللازمة لمكافحته. هذه الوسيلة هي في مقام أداةٍ قوية جداً لنا، لا بل تشكل إحدى أقوى الأدوات التي تتيح لنا التعرف إلى الأمراض الجديدة. لكن لسوء الحظ، كانت القدرة على القيام بذلك خلال تفشي فيروس "كوفيد - 19" محدودةً بعض الشيء".

ويرجح الطبيب الخبير في أمراض الأنسجة أن هذا الأمر أدى إلى نقصٍ في المعلومات كان يمكن أن يكون مفيداً جداً، مؤكداً أن المعيار الذهبي المعتمد في التحقيق في سبب وفاة أي شخص، يتمثل في إجراء تشريح للجثة ما بعد الوفاة، وأخذ عيناتٍ كافية من الأنسجة بعد موافقة أهل أسرة الفقيد، حتى نتمكن من إجراء المزيد من التحقيقات ودراسة المرض. وهذا ما ترغب الكلية فعلاً في تحقيقه في المستقبل".

وأشار الدكتور أوزبورن إلى أن عملية التشريح لا تعني الاحتفاظ بالأعضاء البشرية، لأنه لن يتم أخذ سوى عيناتٍ صغيرة ودقيقة للغاية. وقال إن الطريقة الإيجابية للنظر إلى هذه المقاربة تشبه التبرع بالأعضاء بحيث "لا يتمً أخذ أي من أعضاء المتوفين أو القيام بأي شيء من دون موافقة الأسرة. وبشكل عام، تبدي العائلات عادةً رغبةً في المساعدة وإعطاء الموافقة، وتصل نسبة التجاوب إلى نحو خمسين في المئة".

وقد شهدت المرافق التابعة لهيئة "خدمات الرعاية الصحية" NHS خلال ذروة تفشي الوباء، ضغطاً هائلاً في توفير خدمات التشريح لرفات الضحايا، فيما كانت قدرة الموظفين على أخذ موافقاتٍ من أسر المصابين المتوفين محدودة.

وأشار الدكتور أوزبورن إلى أن النقص انسحب أيضاً على الاختبارات في مختلف أنحاء البلاد أثناء فحوصات ما بعد الوفاة، الأمر الذي أسهم في المزيد من تقليص الأعداد.

وأكد أن "الكلية الملكية لعلماء الأمراض" تحض الأطباء الآن على طلب موافقة العائلات على إجراء فحوص من قبل اختصاصيين، للمساعدة في زيادة كمية الأنسجة المتاحة للعلماء. ولفت إلى أن "المسألة ليست مرتبطةً بذوي الاختصاص، أو بأننا نريد أن نعرف لمجرد المعرفة. فكل ما يتم التوصل إليه يصب في نهاية المطاف ضمن البروتوكولات العلاجية الفاعلة، وهذا أمرٌ حيوي للغاية".

وأوضح أن في "مركز إمبريال كوليدج للرعاية الصحية" عمد الموظفون فعلاً إلى تغيير بروتوكول العلاجات، بناءً على معلومات تم استخلاصها من خلال عمليات تشريح رفات المتوفين في إيطاليا، التي كشفت عن مخاطر في تخثر الدم لدى المرضى المصابين بفيروس "كوفيد - 19".

وفي المقابل، تقوم "الكلية الملكية لعلماء الأمراض" أيضاً بتطوير قاعدة بياناتٍ خاصة بالمعلومات التي يتم التوصل إليها من خلال عمليات التشريح ذات الصلة، وتعمل على توفيرها مجاناً للأطباء، بهدف دعم مسيرة تعلمهم وطرق علاجهم للمرضى. وتخطط أيضاً لإجراء مراجعةٍ دورية للنتائج التي تتوصل إليها أبحاث العلماء في هذا المجال، في الأشهر المقبلة.

© The Independent

المزيد من صحة