Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

دستور جزائري جديد يلحظ تعديلا في "عقيدة" الجيش

تحدد المسودة المقترحة الولايات الرئاسية والبرلمانية باثنتين وتستحدث منصب نائب الرئيس

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يعقد مؤتمراً صحايفاً في العاصمة (رويترز)

تتجه الجزائر إلى إقرار تغيير عميق يطال إحدى ثوابت الجيش المقننة دستورياً تحت مسمى "العقيدة التاريخية"، بإعطاء رئيس الجمهورية صلاحية جديدة في الدستور المقترح، تتيح له بعد موافقة البرلمان، إرسال وحدات من الجيش إلى الخارج. كذلك تطرقت الوثيقة إلى إنشاء منصب نائب رئيس الجمهورية وإحداث توازن بسيط بين السلطات من دون أن يغير ذلك من طبيعة النظام شبه الرئاسي.

وأفرجت الرئاسة الجزائرية، الخميس 7 مايو (أيار)، عن المسودة الأولية للدستور المقترح، وسلمت نسخاً منها إلى أحزاب وجمعيات وشخصيات وطنية ووسائل الإعلام، تمهيداً لمرحلة "نقاش" تنتهي بنسخة نهائية تعرض على البرلمان ثم على استفتاء شعبي.

تغيير في "عقيدة" الجيش

واللافت في المسودة إقرار تعديل جذري في "عقيدة" الجيش الجزائري منذ استقلال البلاد، بما يتيح إرسال قوات إلى خارج حدود الدولة، ففي التعديل الخاص بصلاحيات رئيس الجمهورية أضيفت مادة سادسة "تقضي بإعطاء رئيس الجمهورية حق القرار بإرسال وحدات من الجيش إلى الخارج بعد مصادقة البرلمان بغالبية الثلثين من أعضائه".

ولم يسبق للجيش الجزائري أن تدخل خارج حدود بلده منذ الحرب العربية - الإسرائيلية عام 1973، ويتشدد مسؤولون جزائريون وقادة عسكريون في رفض أي طلب يتعلق بالتدخل في دول الجوار.

النسخة تشير إلى حق دستوري بمشاركة الجزائر في عمليات حفظ السلام تحت رعاية الأمم المتحدة ومشاركة البلاد في استعادة السلم، على أن تكون المشاركة في إطار الاتفاقيات الثنائية مع الدول المعنية، وكان واضحاً في "ديباجة" المسودة ذكر كلمة "المنطقة"، ربما في إشارة إلى منطقة شمال أفريقيا والساحل الأفريقي.

كما تذكر مادة إضافية (المادة 31) في الفقرة الثالثة، "يمكن للجزائر في إطار الأمم المتحدة، الاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية وفي ظل الامتثال التام لمبادئها وأهدافها، أن تشارك في عمليات حفظ واستعادة السلام".

رئيس الحكومة كان ألغاه بوتفليقة

من جهة أخرى، يقر التعديل العودة إلى نظام رئيس الحكومة بدل الوزير الأول والذي ألغي في دستور 2008 بقرار من الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ورئيس الحكومة يُعين من قبل رئيس الجمهورية بعد استشارة الغالبية البرلمانية، وهو من يقترح أسماء وزراء الجهاز التنفيذي، كما يعين في الوظائف المدنية للدولة شرط ألا تندرج ضمن سلطة التعيين لرئيس الجمهورية، ويرأس اجتماع مجلس الحكومة الذي كان لاغياً بدوره.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويذكر الدستور الجديد أنه "بإمكان رئيس الحكومة تطبيق برنامج الغالبية البرلمانية" من دون أن يلزم رئيس الجمهورية تعيين رئيس الحكومة من هذه الغالبية، ما يعني منح السلطة التشريعية "نصف صلاحية" جديدة، من دون أن يمس هذا بطبيعة النظام القائم "شبه الرئاسي".

وتسحب المسودة الجديدة للدستور صلاحية التشريع بأوامر رئاسية في فترة العطلة البرلمانية من رئيس الجمهورية، "العطلة من شهر يونيو (حزيران) إلى ثاني يوم من شهر سبتمبر (أيلول)"، في حين يمكن للرئيس التشريع بأوامر في الحالات الاستثنائية التي تتعلق بحالة الطوارئ أو الحصار (30 يوماً بعد موافقة البرلمان) أو الحالة الاستثنائية (60 يوماً بعد موافقة البرلمان).

"تمازيغت" لا تعدل

وأعطت المسودة الجديدة الحراك الشعبي حقاً دستورياً، كما تم إقرار اللغة الأمازيغية ضمن الأحكام التي لا تخضع لتعديل دستوري مهما تغير الرؤساء والدساتير، مع تأسيس مبدأ حظر خطاب الكراهية والتمييز بنص الدستور، وأيضاً "دسترة السلطة العليا للوقاية من الفساد" ومكافحته وإدراج السلطة العليا ضمن الهيئات الرقابية.

بالتالي تضم "تمازيغت" إلى المواد الصماء غير قابلة للتعديل، مع إحداث مجمع جزائري للغة "تمازيغت" ويوضع لدى رئيس الجمهورية.

وتغلق هذه المادة باباً من السجالات الطويلة منذ الإطاحة بنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، الذي رسم الأمازيغية لغة وطنية في تعديل دستوري جزئي عام 2002 ثم رسمها دستورياً في تعديل موسع عام 2016.

ويصبح عدد المواد الصماء تسعاً، بتعديل مادة اللغة الأمازيغية وبإضافة أخرى جديدة نصها "عدم جواز تولي أكثر من عهدتين رئاسيتين متتاليتين أو منفصلتين ومدة خمس سنوات لكل منهما"، في إشارة إلى التعديل الشهير الذي أقره بوتفليقة عام 2008 حين فتح عدد الولايات الرئاسية إلى مدى الحياة شرط انتخابه مرة كل خمس سنوات. وعلى الرغم من إلغاء فتح العهدات في تعديل قبل أربع سنوات، إلا أن الجديد أن أياً من الرؤساء المقبلين بإمكانه تغيير عدد الولايات الرئاسية بما يفوق ولايتين اثنتين.

 نائب لرئيس الجمهورية

ويُقر الدستور الجديد إمكان رئيس الجمهورية تعيين نائب له وإنهاء مهامه، ومصطلح "الإمكان" في روح الدستور الجزائري عادة يعني عدم الإلزام وفقاً لرغبة الرئيس وحده، إذ يمكن تفويض بعض صلاحيات الرئيس لنائبه عدا المذكورة في المادة 97. ويبرز دور نائب الرئيس في التعديلات الجديدة في حالات شغور منصب الرئيس، ففي حال أُثبت العجز الصحي على رئيس الجمهورية يتولى نائبه رئاسة الدولة لمدة أقصاها 45 يوماً.

أما في حال استقالة الرئيس فيتولى نائبه قيادة الدولة بالنيابة على أن تتواصل مهامه إلى نهاية ولاية الرئيس.

كما ضمنت مسودة تعديل الدستور التي كشفت عنها رئاسة الجمهورية، مقترحاً يقضي بحذف المادة التي تستوجب إلزامية التمتع بالجنسية الجزائرية وحدها لتولي المناصب السامية في الدولة.

محكمة دستورية بدل مجلس

تعوض محكمة دستورية هيئة المجلس الدستوري في التعديل الجديد، ويبدو اختصاصها واسعاً، لا سيما في مجال الإخطار حول عدم دستورية قرارات أو قوانين. كما أن المحكمة الدستورية هي من تجتمع وجوباً في حالات شغور منصب الرئيس، بيد أن المسودة الجديدة أبقت على "الفراغ" نفسه الموجود في الدستور الساري، بحيث لا يحدد من هي الجهة التي تُقر بأن رئيس الجمهورية عاجز صحياً لكي تجتمع بموجب رأيها، المحكمة الدستورية وجوباً لإقرار العجز رسمياً.

واستجابت الرئاسة في المسودة لمطلب قضائي قديم، بإلغاء عضوية وزير العدل في المجلس الأعلى للقضاء والأمر ذاته بالنسبة للنائب العام لدى المحكمة العليا.

ولايتان فقط

يقنن الدستور المقترح ولاية رئيس الجمهورية باثنتين فقط سواء متصلتين أو منفصلتين، لكن التقنين يتوسع أيضاً لولاية نواب البرلمان (مفتوحة حالياً مدى الحياة) بتمكين النائب الترشح وشغل ولايتين فقط سواء متصلتين أو منفصلتين، مع تعديل مسألة "الحصانة البرلمانية" لتختص بفترة الولاية البرلمانية وبمهام النائب داخل المجلس.

وفي شأن متصل، قرر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، إلغاء الثلث الرئاسي المعين من قبله في مجلس الأمة، ويسمى هذا الثلث عُرفاً بـ"الثلث المعطل" والذي يلجأ إليه رئيس الجمهورية لإعاقة أي تشريع يناقض إرادته.

التصريح بدل الترخيص

ولم يغب التعديل عن مسائل الحريات الجماعية والفردية والتي تتعلق بالحق في التظاهر خصوصاً، وأقر تغييراً مهماً يلغي الترخيص المسبق من السلطات الإدارية ويستبدله بالتصريح "الاجتماع والتظاهر"، والأمر نفسه بالنسبة للحق في إنشاء جمعيات وتأسيس الصحف ودور النشر.

المزيد من العالم العربي