شهدت عشر مناطق في العاصمة السودانية الخرطوم، الخميس، تظاهرات شارك فيها مئات، دعا إليها تجمع المهنيين السودانيين وقوى تحالف الحرية والتغيير تحت شعار "موكب المرأة السودانية"، وذلك "لإحياء نضالات المرأة السودانية"، بالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة.
أفاد شهود عيان بخروج مئات المواطنين في حي بري، شرق الخرطوم، وهم يهتفون "حرية سلام وعدالة... والثورة خيار الشعب" و"سلمية سلمية ضد الحرامية"، قبل أن تستخدم قوات الأمن الغاز المسيل للدموع والهراوات لتفريقهم واعتقال بعضهم.
وأشار تجمع المهنيين السودانيين إلى خروج تظاهرات في أحياء السلمة وجبرة والكلاكلة وبري، في الخرطوم، وحي بيت المال وشارع العرضة، وسط مدينة أم درمان، غرب العاصمة.
ونشر التجمع عبر صفحته الرسمية في "فيسبوك" صوراً ومقاطع فيديو لمئات المتظاهرين في هذه الأحياء. وتداول ناشطون على موقع التواصل الاجتماعي صوراً وفيديوات لمحتجين في أحياء أركويت والجريف، في الخرطوم، والبوستة وود نوباوي وأبوروف وأمبدة، في أم درمان، وشمبات والدروشاب، في بحري شمال الخرطوم.
وتراجعت أعداد المشاركين في التظاهرات منذ دخول حالة الطوارئ حيّز التنفيذ، فيما خرجت تظاهرات متفرقة في الخرطوم وأم درمان، كان أحدثها تظاهرات الخميس، قبل يومين من إضراب عمال وموظفين عن العمل يوماً واحداً.
المعارضة تتبنى وسائل جديدة للمقاومة
قالت عضو تجمع المهنيين حاجة فضل إن الاحتجاجات لن تتوقف حتى إسقاط النظام الحاكم، موضحةً أن المعارضة السودانية تملك أشكالاً مختلفة من الاحتجاجات ستفصح عنها في الوقت المناسب، مشيرةً إلى أن المعارضة ستتبنى وسائل جديدة لمقاومة النظام وتحدي حالة الطوارئ، من دون أن تحددها.
في المقابل، قال إبراهيم صديق، المتحدث باسم حزب المؤتمر الوطني الحاكم، إن التظاهرات التي خرجت محدودة ولن تسقط الحكومة، متهماً المعارضة وتجمع المهنيين باستخدام خدع بصرية لتضخيم الاحتجاجات.
يذكر أن أوامر الطوارئ الرئاسية، التي صدرت في 26 فبراير (شباط) الماضي، منعت التجمهر والتظاهرات والمواكب، وهددت بعقوبات بحق المخالفين قد تصل إلى السجن نحو 10 سنوات.
قوى الحوار تطالب بالإفراج عن المعتقلين
أعلنت اللجنة الطارئة لمعالجة الأزمة، عقب اجتماعها بالرئيس السوداني عمر البشير، الخميس، تشكيل لجان لإطلاق حوار "عميق" مع المعارضين في داخل البلاد وخارجها، من "حركات مسلحة وأحزاب معارضة". وشددت اللجنة على ضرورة إطلاق جميع المعتقلين من دون استثناء، لتهيئة المناخ العام وحصر حالة الطوارئ في محاربة الفساد من دون المس بالحريات العامة والعمل السياسي.
وجدد البشير تأكيده أن حالة الطوارئ تهدف إلى معالجة الخلل الاقتصادي ومحاربة الفساد والتهريب.
وقال بحر إدريس أبو قردة، رئيس اللجنة ورئيس حزب التحرير والعدالة، إن اللجنة ناقشت مع البشير قضايا السلام والحوار مع الأحزاب والحركات المسلحة، مشيراً إلى أن البشير وعد ببذل جهد مضاعف لتحقيق السلام في البلاد، بجعله ضمن أولويات الحكومة.
وكشف أبو قردة أن اللجنة قدمت مقترحات لترتيب الحوار خلال المرحلة المقبلة، قبل انعقاد الجمعية العامة للحوار، التي قال إنه يجري الترتيب لعقدها قبل شهر رمضان المقبل.
ورأى أن تمترس بعض الأحزاب في مواقف معينة غير مقبول ولا يخدم البلاد. أضاف أن "قرارات الرئيس الأخيرة وإعلانه الوقوف على مسافة واحدة من الجميع لم تكن متوفرة خلال المرحلة السابقة". وأشار أبو قردة إلى أن اللجنة ناقشت مع عدد من الأحزاب عملية الإصلاح السياسي عبر الاندماج طوعاً في أحزاب أخرى لتشكيل كتل كبيرة، مبيّناً أن بعضها أكد موافقته على ذلك، خدمةً لمصلحة العمل السياسي.
تصاعد مناهضة الطوارئ
أعلن حزب المؤتمر الشعبي، أكبر الأحزاب الحليفة لحزب المؤتمر الوطني الحاكم، رفضه القاطع فرض حالة الطوارئ، لأنها تحد من الحريات، وهي تتناقض مع مبادرة الرئيس البشير الداعية إلى الحوار مع المعارضين.
وقال آدم رحمة، القيادي في الحزب ورئيس لجنة الزراعة في البرلمان السوداني، الخميس، إن موقف الحزب المبدئي يرفض الطوارئ.
واعتبر رحمة أن القانون لم يُفرض لأسباب اقتصادية، على الرغم من أن الاحتجاجات الحالية بدأت لأسباب اقتصادية. وسأل "كيف للحكومة أن تحاور شخصاً وهي ترفع سيف الطوارئ في وجهه؟".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
في السياق نفسه، أعلنت كتلة الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل)، بزعامة محمد عثمان الميرغني، وقوفها إلى جانب الشعب ورفضها إعلان حالة الطوارئ. واعتبرت أن الأوضاع الأمنية لا ترتقي إلى مستوى فرض حالة الطوارئ.
ورأت الكتلة أن مبررات وزير العدل السوداني لإعلان حالة الطوارئ، المتعلقة بالحصار الاقتصادي "قديمة"، "وقد تعايش معها الشعب والحكومة طوال الفترات السابقة".
وأعلنت الكتلة رفضها المرسوم الثاني المتعلق بحظر التجمهر والتظاهر والتجمع وحظر المواكب، وأشارت إلى أن كل التصريحات الرسمية نوهت بأن التعبير السلمي مكفول في الدستور.
منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018، تشهد مدن سودانية احتجاجات منددة بالغلاء، وتطالب بتنحي الرئيس البشير، وقد صاحبتها أعمال عنف أسفرت عن سقوط 32 قتيلاً، وفق آخر إحصاء حكومي، فيما قالت منظمة العفو الدولية، في 11 فبراير الماضي، إن العدد بلغ 51.