هجوم تكفيري على فناني المغرب

تعرض فنانون مغاربة لهجوم على مواقع التواصل الاجتماعي، عقب مُطالبتهم بالدعم المادي لفئة منهم تضررت جراء أزمة كورونا. ووصف البعض مطالب الفنانين بالانتهازية وبأنها مجرد استغلال للأزمة التي يمر بها المغرب.

واعتقلت السلطات المغربية في أكادير، شخصاً بثّ شريط فيديو هاجم فيه الفنانين وشتمهم، عقب شكوى وجهتها الكونفيدرالية المغربية للمنظمات الفنية والثقافية إلى السلطات في أكادير (جنوب المغرب).

واعتبر المخرج والممثل المغربي عبد المجيد فنيش، أن صاحب الفيديو "راهن بسوء نية على إقناع عقلية مهزوزة بأنّ مُعضلة المغرب تكمن في فنانيه"، معتبراً أن "المناسبة سانحة لدق آخر مسمار في نعش حقل الفن المغربي".

وأضاف فنيش أن "الفنانين المغاربة يُؤدون خدمة عمومية، وإن اشتغلوا فهم يشتغلون وفقاً لطلبات عروض بضوابط معقدة، ويؤدون الرسوم والضرائب، ويسهمون في تشغيل آلاف من المغاربة، ويتعرضون للمحاسبة ويعاقبون إن خالفوا القوانين" .

وانتقد رئيس النقابة المغربية لمهن الفنون الدرامية، مسعود بوحسين، التحريض ضد الفنانين المغاربة وتكفيرهم. وسأل في تدوينة على حسابه "فيسبوك"، "هل أثّر كورونا في ممثلين في أميركا (أقوى صناعة ثقافية في العالم)؟ فرئيسة نقابتهم تتحدث عن القانون الذي قرره الرئيس دونالد ترمب لإنقاذ الاقتصاد الأميركي وكيف خص الفنانين المتضررين للاستفادة منه".

وذكّر بوحسين بأن "ليس جميع الفنانين أغنياء، فهناك فئات منهم توقفت عن العمل بسبب كورونا، ما يمنحهم حق الاستفادة مثل الفئات المتضررة الأخرى".

نظرة المجتمع المغربي إلى الفن

وأرجع الملحن والفنان المغربي عبدالله إمهاه "التحريض ضد الفنانين، واعتبار البعض أن الفن ليس أولوية في هذه المرحلة الراهنة، إلى نظرة المجتمع المغربي للفن"، مشيراً إلى أن "الغالبية تعتبر الفن مجرد وسيلة لتسلية وتلبية الرغبات الآنية".

أضاف إمهاه "الغالبية تعتبر أن الفن يتناقض مع الجد والعمل، وبالنسبة إليهم هذه الأوضاع الاستثنائية التي نعيش لا مكان فيها للفن".

واعتبر أن "الفن أداة للتعبير عن رؤية الإنسان، وعنصر مهم في التربية والتنشئة الاجتماعية، وهو أداة للعلاج واستنهاض الهمم وتحفيز الناس، ويُسهم في تكوين الرأي العام".

وإذ انتقد "النظرة الاقصائية في التعامل مع الفنانين خلال أزمة كورونا"، اعتبر أن "ليس لأننا نعيش أزمة كورنا نغدو بحاجة إلى الأطباء والعلماء فحسب، فهذه النظرة الاقصائية تتغذى من قصور ثقافي وخلل في التربية".

الابداعات الفنية في الحجر الصحي

وفي السياق ذاته، اعتبر العازف ومدرّس الموسيقى خليل ايسولان أن "الفن أكبر من هذه الجائحة وأسمى من السجال، وخير دليل على ذلك، هو أن الناس يستمتعون بالإبداعات الفنية في الحجر الصحي".

ونشرت الممثلة المغربية نورة الصقلي تدوينة على حسابها في "انستغرام"، تعتبر أن الهجوم الذي يتعرض له الفنان المغربي في هذه الظروف، ناتج عن الحقد والكراهية.

أضافت "أنا ممثلة، شأني شأن أبناء هذا الوطن، أؤدي ضرائبي، وساهمت في الصندوق المخصص للمتضررين من جائحة كورونا، فتوقفوا عن الحقد والكراهية".

"ماذا تريدون مني؟"

أما الممثل المغربي سعيد باي فرد على حملة الانتقادات بأسلوب خاص، ناشراً قصيدة زجلية على حسابه في موقع "فيسبوك". وإذ انطلق من أن السبب الذي دفعه إلى دخول المجال الفني هو رغبته في الحرية، توقف عند التحديات التي يواجهها الفنان المغربي كغيره من أبناء الشعب.

وسأل "ماذا تريدون مني؟"، مستغرباً الهجوم على الفن والفنانين وزج الدين في ذلك.

حملات توعية

من جهتها، دعت النقابة المغربية لمهنيي الفنون الدرامية، مع إعلان الحجر الصحي، رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، إلى إجراءات عاجلة في شأن الوضع الاجتماعي الخاص بالقطاع الفني.

وتوقف تصوير الأعمال السينمائية والتلفزيونية في المغرب عقب فرض السلطات المغربية الحجر الصحي.

يذكر أن مجموعة من الفنانين المغاربة، أطلقوا أغنية تحمل عنوان "خليك فالدار"، أي ابق في المنزل، بهدف التوعية واحترام التدابير الوقائية وتفادي انتشار فيروس كورونا.