Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خياط يصنع الكمامات ويوزعها مجانا في بلدة سورية

تشهد الصيدليات والمحال التجارية ندرةً وغلاء مواد التعقيم والوقاية الصحية

في دكانة صغيرة من بين عشرات الدكاكين في شارع الخياطين ببلدة الدرباسية (55 كيلومتراً غرب القامشلي شمال شرقي سوريا)، حوّل عاصم شيخ سليمان محله الخاص بخياطة الملابس النسائية إلى ورشة لتصنيع الكمامات وتوزيعها بالمجان بعد دخول مناطق شمال وشرق سوريا حظر التجول في 23 مارس (آذار) الماضي.
وتشهد الصيدليات والمحال ندرةً وغلاء في مواد التعقيم والوقاية الصحية، لا سيما الكمامات التي ارتفع سعرها منذ حظر التجول بأكثر من عشرة أضعاف، إذ كانت تُباع العلبة التي تحتوي على50  كمامة في الأسواق بـ 900 ليرة (حوالى 80 سنتاً)، بينما تُباع العلبة ذاتها اليوم بـ13000 ليرة سورية (10.8 دولار أميركي).
وفي وقت يلتزم السكان منازلهم بسبب حظر التجول ولا يخرجون إلى الأسواق إلاّ للضرورة، يبدأ شيخ سليمان وثلاثة من أصدقائه المتطوعين منذ الصباح الباكر العمل في محل الخياطة لتجهيز الكمامات بعد حصولهم على إذن من السلطات في البلدة، يسمح لهم بمواصلة عملهم في الدكان.


جهد مشترك

يقول شيخ سليمان المتحدّر من قرى بلدة الدرباسية إنّ "فكرة صنع الكمامات كانت بسبب النقص الحاد فيها والمواد الطبية في أسواق المنطقة بعد تفشّي فيروس كورونا في الدول المجاورة، إضافةً إلى توقّف طرق الاستيراد"، مضيفاً "أردنا مساعدة السكان بحسب الإمكانات المتوفرة بعد ظهور استغلال الوضع من قبل البعض".
ويساعد الخياط عاصم شيخ سليمان، خياطَيْن آخرَيْن، إضافةً إلى أحد أقربائه الذي يتبرّع بشراء القماش ومستلزمات صنع الكمامات. ويلتزم الفريق العامل بالدوام من التاسعة صباحاً وحتى ساعات الليل أحياناً، فالخياط عز الدين أحمد شيخموس يقصّ القماش بحسب المقاس المطلوب ويوضّب الكمامات بعد خياطتها، فيما يساعد الخياط ألان في العمل على آلته في محله المقابل لدكان شيخ سليمان.

أما أحمد شيخ ياسين الذي يشارك في هذه الورشة الصغيرة ويشذب الكمامات بالمقص من الخيوط والقماش الزائد، فتبرّع بشراء القماش الخاص لصنعها محلياً والمعروف بالفازلين، وهو قماش يستعمل القطن المصنّع مع مواد أخرى يُستخدم كبطانة أو حشوة للملابس لدى الخياطين، إضافةً إلى المطّاط ومستلزمات أخرى. ويقول شيخ ياسين إنه أراد المساهمة في العمل بعد نقاش مع الخياط عاصم شيخ سليمان الذي تربطه به صلة قرابة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تبرعات شخصية

وأوضح شيخ ياسين أنّه اشترى مواد ومستلزمات تكفي لصنع ثلاثة آلاف كمامة على نفقته الخاصة، وأنّ أخاً له يعيش في إحدى الدول الأوروبية تعهّد بدفع مبلغ مالي للمساهمة في المشروع الخيري.
وبعد خياطة الكمامات وتجهيزها، تُحال رزمها إلى مستشفى يديره "الهلال الأحمر الكردي" في البلدة، حيث تُعقَّم وفق المعايير الطبية لتكون صالحة للاستعمال، ثم توضع في أكياس وتصبح جاهزة للتوزيع.
وبدأ الخياط بتوزيع حوالى ألف كمامة في الحي الشرقي للبلدة بمعدل خمس كمامات للأسرة الواحدة، مشيراً إلى أن أولوية التوزيع لديهم هي لسكان الحارة الشرقية حيث تسكن "عائلات محدودة الدخل وتعاني الفقر". ولا يشمل التوزيع أبناء البلدة فقط، فسكان القرى المجاورة يقصدون محل الخياطة الذي تحوّل إلى ورشة صغيرة لصنع الكمامات بعد سماعهم بتوزيعها مجاناً، فإذا كانت تلك الكمامات جاهزة ومعقّمة يعطيهم الخياط إيّاها، أما في حال لم تكن معقّمة، فينتظر وصولها من المستشفى ويحدّد لهم موعداً للاستلام.


استمرارية العطاء

يأمل الخياط عاصم شيخ ياسين في أن يسهم عملهم في صنع الكمامات وتوزيعها مجاناً في الوقاية من انتشار فيروس كورونا، وأن يواظب السكان على الحفاظ على صحتهم، كما أبدى استعداده لتصنيع مزيد من الكمامات وتوزيعها في حال وجد متبرّعين بالمواد الأساسية مهما كانت كمّيتها. وقال "طالما يوجد قماش، سنواصل تصنيع الكمامات وتوزيعها بالمجان".

المزيد من متابعات