Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف قضى سكان ووهان 60 يوما في العزل؟

"أريد الخروج" حلم ظل يراودهم طوال فترة الحجر المنزلي... ومخاوف الموت جوعاً سيطرت عليهم

الحياة في ووهان تعود إلى طبيعتها تدريجياً (رويترز)

على مدار الأشهر الثلاثة الماضية، كان ذكر مدينة ووهان الصينية ملازماً لفيروس كورونا، فقد عُرفت بأنها بؤرة الكابوس الوبائي، الذي اكتُشِف داخلها للمرة الأولى في ديسمبر (كانون الأول) 2019، لينطلق من أرجائها إلى العالم أجمع. واليوم، دبّت الحياة مجدداً في المدينة، عقب انحسار كورونا فيها، وإعلان السيطرة على انتشاره.

بداية المأساة

في أواخر شهر يناير (كانون الثاني) الماضي، أشارت التكهنات إلى تفشي كورونا من سوق محلي للمأكولات البحرية، وبعد وفاة الآلاف من السكان، واجهت الصين انتقادات واسعة لتقاعسها، وإغفالها لتحذيرات طبيب تنبأ بوضع صحي خطير.

لاحقاً، أُغلقت المدينة، وفُرض حظر التجوال، ويبدو أن نجاعة السلطات الصينية في التحكم بانتشار كورونا داخل أراضيها حجب نوعاً ما تخاذلها، إذ حدّت الإجراءات اللاحقة من موجة انتشار الفيروس، وأسهمت في تراجع ملحوظ في عدد الإصابات.

وفي الثامن والعشرين من مارس (آذار) الماضي، خرجت ووهان قليلاً من عزلتها التامة، واستأنفت وسائل النقل العام نشاطها، وسُمِح للسكان بالتجول، كما بدأت تتوافد بعض الرحلات على متن القطار للراغبين في العودة، ويُتوقع أن يُعاد فتح مطارات المدينة في الثامن من أبريل (نيسان) الحالي.

 

وحدة... ورغبة في الخروج

تروي الصينية فان يانغ، لـ"اندبندنت عربية"، عبر مكالمة هاتفية، تفاصيل حياتها أثناء تفشي الفيروس في ووهان، واصفة التجربة في بدايتها بالكئيبة والممتلئة بالوحدة. تقول "(أريد الخروج) كانت الجملة العالقة في ذهني، كل مساء وصباح، لمدة تفوق الستين يوماً في الحجر المنزلي".

تتابع "واصل القلق هجماته بشراسة لا تقل عن اندفاع الفيروس في العالم، إلى جانب نقص الكمَّامات والأدوية في الأسابيع الأولى، بيد أن حدة التوتر خفت، عندما صارت الحياة تدريجياً تُطاق بشكل أكبر، ومع ذلك، ظل البقاء في المنزل طوال الوقت يمثل معاناة قاسية".

أيام تعيد نفسها

تعرّف يانغ روتينها الحالي، بأنه أيامٌ تعيد نفسها، ليس هناك يوم "جديد" بما تعنيه الكلمة، فالتكرار يسود على نشاطاتها اليومية العادية التي تبدأ بالاستيقاظ، وتناول الإفطار، ثم الاستلقاء على الأريكة، أو القيام ببعض التمارين، والقراءة.

وأشارت إلى أن قيود السفر الدولي، منعتها من العودة إلى الولايات المتحدة لاستكمال فصلها الدراسي الأخير في جامعتها، لكن هذه الصدمة المؤقتة تلاشت سريعاً عندما تحولت الجامعات الأميركية إلى التعليم عن بُعد، الأمر الذي مكّنها من حضور المحاضرات كبقية زملائها.

سألتها عمّا إذا كان قرار الحكومة الأخير المتضمن فك حظر التجول، مشجعاً لها للخروج، واستنشاق هواء الطبيعة، فأشارت إلى أنه رغم احتواء الفيروس في المقاطعة، فإنها لا تزال تفضّل البقاء في المنزل لعدة أسباب منها أن الوضع الخارجي لا يزال غير آمن، وعدم وجود مكان محدد لزيارته، بالإضافة إلى اعتيادها وارتياحها بالبقاء مع أسرتها.

 

بين الموت جائعاً أو مختنقاً

في البداية، شكّل الحصول على الغذاء معضلة كبرى في ووهان، فقد كان الأهالي بين المطرقة والسندان. إذا خشي الفرد من الفيروس، ولم يذهب لشراء احتياجاته الغذائية فسيموت جوعاً، وإذا خرج فاحتمالية إصابته بالوباء القاتل عالية، لذا حتّمت الضرورة إيجاد حلول جديدة يحافظ عبرها الناس على التزام بيوتهم لضمان سلامة الجميع.

صارت عملية الحصول على المؤن، مهمة سهلة تُجرى من خلال الطلب الإلكتروني من متاجر معينة، تبادر بإرسال متعهد يقوم بإيصال المشتريات إلى البيوت، ما أسهم في توافر المخزون اليومي من الطعام بشكل كافٍ لدى الأهالي من دون تعريض حياتهم للخطر، كما وفرت الحكومة الصينية الخضراوات واللحوم بشكل مجاني لكبار السن، وذوي الدخل المنخفض.

عكس التوقعات

إيفان زهينغ، أحد أبناء مدينة ووهان، الموجودين في أميركا حالياً، يشير إلى أنه بالإضافة إلى عائلته وأصدقائه، لم يأخذوا كورونا على محمل الجد، إذ ظنوا في البداية أن ما يحدث عبارة عن مبالغات إعلامية، لكن عندما حل مهرجان الربيع، وزادت أعداد الإصابات، بدأ القلق يطرق أبواب الجميع، وتحرك حينها الجيش لفرض سيطرته على المدينة بتطبيق حظر التجول.

ويَذكر أنه في محيطه، كان هناك 21 شخصاً ممن أصيبوا بالفيروس، أربعة منهم ماتوا، بينما لم يُصب أحد من عائلته وأصدقائه، عدا قصة مؤلمة حدثت لأحد معارفه ممن يدرسون في بريطانيا، بعدما فقد كامل عائلته.

يمتدح إيفان الطلبة الجامعيين الذين تطوعوا لتأدية بعض المهام المرهقة والخطيرة، بالإضافة إلى عددٍ كبير من الأطباء والممرضين الذين قدِموا من مختلف مقاطعات الصين لبذل المساعدة، واصفاً هؤلاء بالعظماء الذين لن تنسى ووهان نُبل عملهم.

المزيد من متابعات