Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"رفيق درب" ولد عبد العزيز يعلن ترشحه لرئاسة موريتانيا

يبدو الخلاف سيد الموقف ضمن صفوف المعارضة التي ما زالت عاجزة عن تسمية مرشحها الموحّد

على وقع الاحتجاجات الشعبية المستمرة في دولتين إقليميتين مشابهتين لموريتانيا، رفضاً لبقاء كل من الرئيس السوداني عمر البشير والرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة في سدة الحكم، أعلن وزير الدفاع الموريتاني محمد ولد الشيخ محمد أحمد المكنّى "ولد الغزواني" مساء الجمعة، أمام الآلاف من أنصاره، الترشح رسمياً للانتخابات الرئاسية المفترض تنظيمها في شهر يونيو (حزيران) المقبل. وتعهّد الرجل الخارج من عباءة الجيش في أول ظهور له على الساحة الانتخابية، للشعب الموريتاني بالعمل على تحقيق طموحه وتطلعاته. وأضاف ولد الغزواني الذي لم يلقِ خطاباً شعبياً من قبل، إنه يترشح لنيل ثقة الشعب الموريتاني، ويقدّر جسامة المسؤولية التي يتقدم اليها. وتعهد "حماية أمن وسيادة البلاد ووحدتها الوطنية، وتعزيز مكاسبها الديموقراطية، والنهوض بها اقتصادياً واجتماعياً".

 

غياب الرئيس

وقال ولد الغزواني "سيكون في مقدم اهتماماتي تكثيف حظوظ أي مكوِّن اجتماعي عرف الغبن والظلم عبر التاريخ"، في إشارة إلى طبقة الحراطين (أي الأرقاء السابقين)، الذين يشتكون دوماً من الظلم وعدم الإنصاف.

وغاب عن حفل ترشح ولد الغزوانى، صديقه ورفيق دربه الرئيس محمد ولد عبد العزيز وعدد من قادة ورموز حزبه "الاتحاد من أجل الجمهورية" الحاكم، بينما حضرت عقيلة الرئيس ورئيس الوزراء محمد سالم ولد البشير.

أشاد ولد الغزواني أمام أنصاره المتحمسين بـ "إنجازات هذه العشرية الأخيرة" أي ولايتَي ولد عبد العزيز. ويتحدّر ولد الغزواني، المولود في العام 1956 من منطقة بومديد (وسط جنوب). دخل الجيش في العام 1978 وكان رفيقاً لولد عبد العزيز. تولى منصب قائد الأركان منذ العام 2008 وحتى دخوله إلى الحكومة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2018.

 

ردود الفعل

في المقابل، تراوحت ردود الفعل، حيال إعلان تشرح وزير الدفاع، بين مرحب ورافض ومتحفظ، فاعتبر رفيقه في السلاح، الضابط السابق محمد سعيد الشيباني أنه "رجل المرحلة بامتياز ... ويتمتع بكل مواصفات القائد، قوةً وصبراً وحكمةً". وأضاف "عرفت الرجل في السراء والضراء، درست معه وعملت معه وسافرت معه، إنه رجل جدي ووطني وسيعمل على تطوير وإنماء هذا البلد".

في المقابل، اعتبر الكاتب المعارض سيدي على بلعمش أن ولد الغزوانى، مجرد واجهة لحكم عسكري ولكن بنمط جديد. وقال "كانت الدكتاتوريات تحكم ضمن الجيش، الذي لم يكن يوماً يحكم موريتانيا قبل فترة حكم (الرئيس الحالي) ولد عبد العزيز. نعم سيكون ولد الغزوانى مختلفاً عن ولد عبد العزيز باختلاف ثقافتهما

الاجتماعية، واختلاف زمنهما أيضاً، ستكون قبضته أضعف وقبضة الجيش أقوى عكس ولد عبد العزيز".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ورأى الكاتب الصحافي، المختار محمد فال، أن "ثمة اختلالاً في المعايير تجلى في هبّة الناس، دعماً ومناصرةً للمرشح ولد الغزواني، لا لشيء إلا لكونه مرشح السلطة، وهم يدعمونه على هذا الأساس، لأنهم واثقون من فوزه، بعيداً عن أي تطلع نحو البرامج والأفكار".

ويعتبر مراقبون أنه من السابق لأوانه، الحكم على الرجل "الذي يحظى باحترام كبير في المؤسسة العسكرية وداخل الأوساط السياسية، معارضةً ومولاة".

بداية التناوب؟

من جهة أخرى، رأى متابعون للشأن الموريتاني في إعلان ترشح رفيق ولد عبد العزيز وشريكه في الانقلابات العسكرية التي أطاحت نظام الرئيس السابق العقيد معاوية ولد الطايع والرئيس المدني سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، "خطوةً مهمة نحو تداول سلمي للسلطة في منطقةٍ لا يترك الحاكم فيها كرسيه عادةً إلا نحو القبر أو السجن أو المنفى".

المعارضة وتأخر الحسم

وفي وقت حسمت الأغلبية الحاكمة أمرها على ما يبدو خلف مرشح واحد، يبدو الخلاف سيد الموقف ضمن صفوف المعارضة التي ما زالت عاجزة عن تسمية مرشحها الموحّد. وكان قياديون معارِضون أعلنوا نيتهم الترشح لخوض الانتخابات، أبرزهم، رئيس الوزراء السابق سيدي محمد ولد ببكر، ورجل الأعمال محمد ولد بوعماتو، والناشط الحقوقي ضد العبودية بيرام ولد اعبيد .

جوهر الخلاف

ولا تبدو المعارضة متفقة في ما بينها، ويشكّل المرشح التوافقي المفترض نقطة خلاف جوهرية بين مَن يرى ضرورة الاصطفاف خلف مرشح مستقل من خارج المعارضة، ومَن يعتبر ذلك تصرفاً قاتلاً لهذه المعارضة المشتتة في أحزاب متنافرة تتسم بالضعف المعنوي والمادي.

وأعلن حزب تكتل القوى الديموقراطية برئاسة الزعيم التاريخي للمعارضة احمد ولد دداه، في بيان أنه يفضل مرشحاً توافقياً من داخل المعارضة، فيما لمّح محمد ولد مولود الرئيس الدوري لمنتدى المعارضة، إلى إمكان الالتفاف خلف مرشح توفقي من خارج المعارضة، في إشارة الى رئيس الحكومة السابق سيدي محمد ولد ببكر، الذي تتحدث أوساط إعلامية وسياسية، عن دعمه من قبل التيار الإسلامي، وسط تأكيد على أن اختيار مرشح المعارضة، هو ما سيحدد، موازين القوى في انتخابات يونيو (حزيران) المقبل.

 

وكان ولد عبد العزيز الذي يمنعه الدستور من الترشح لولاية ثالثة متتالية، دعا في يناير (كانون الثاني) الماضي، إلى وقف كل المبادرات لمراجعة المواد الدستورية المتعلقة بالفترات الرئاسية، مؤكداً في بيان رسمي أنه ماضٍ في احترام موقفه الثابت وتصميمه على احترام دستور البلاد وعدم قبول أي تعديل دستوري.

وكان نواب موالون للرئيس قدموا اقتراح قانون إلى البرلمان لتعديل الدستور والسماح لولد عبد العزيز بولاية رئاسية ثالثة، إلا أن هذا المسعى قوبل بمعارضة قوية من نواب الأكثرية ورفض نواب المعارضة لها، بينما تظاهر ناشطون أمام البرلمان الموريتاني احتجاجاً على محاولات تعديل الدستور.

ويعيد المشهد في موريتانيا إلى الأذهان مثَل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي عاد إلى رئاسة بلاده لولاية ثالثة، بعدما أمضى رئيس وزرائه ديميتري ميدفيديف ولايةً رئاسية واحدة فصلت ولايتَيه الأولى والثانية عن الثالثة الحالية، فهل تشهد نواكشوط سيناريو مماثلاً لثنائية بوتين – ميدفيديف في موريتانيا؟

المزيد من العالم العربي