Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

نقص السلع بسبب "كورونا" قد يكون تمرينا على بريكست من دون اتفاق

يقول جيمس مور إننا لا نعلم إلى أي مدى سيتفشى الوباء لكن الجهود المبذولة من أجل احتواء الفيروس بدأت بالتأثير في التصنيع وإمدادات السلع

بلغت مرافئ عن تراجع العمل فيها جراء فيروس كوفيد - 19 (غيتي) 

قلّة من الناس تعير أي انتباه لسلسلة التوريد العالمية ما لم يرتبط عملها مباشرة بها، إلّا إن اضطرّتها الظروف أو إلى أن تجبرها على ذلك. على ما يحصل اليوم. ما زلنا نجهل إلى أيّ مدى سيسوء موضوع تفشّي فيروس كوفيد 19 وإن كانت أسوأ التوقعات المحيطة به – أن يمرض واحد من كل خمسة عمّال بريطانيين إلخ- ستتحقّق.

لكن سلسلة التوريد المذكورة آنفاً هي إحدى القطاعات التي يؤثّر بها المرض في الوقت الحالي بشكل حقيقي جداً وقابل للقياس، ويعود ذلك إجمالاً إلى الجهود التي تُبذل لمنع أو لجم انتشار الفيروس. فالصين ورشة عمل العالم، وتزيد حصّتها من إجمالي الناتج المحلي العالمي قليلاً عن 16 في المئة. وجدير بالذكر أن حصّتها من الناتج العالمي خلال تفشّي متلازمة الالتهاب التنفسي الحاد (السارس) كانت 4.3 في المئة. كما تضاعفت أكثر من مرتين حصتها من التجارة العالمية مذاك.

وسوف يخلّف إغلاق المصانع المؤقت أو تباطؤ وتيرة عملها في هذا البلد أثراً في الشركات التي تعتمد عليها للحصول على القطع والسلع. وهي كثيرة جدّاً. وقد أعلنت شركة آبل بالفعل عن تأثّر عائداتها. وستجبر غيرها من الشركات على إصدار بيانات مشابهة إن لم تصدرها بالفعل. ولا بدّ أنها ستكون كثيرة. يا لعظمة العولمة.

والهند كذلك زادت أهميّتها منذ تفشّي السارس. وموقعها يُعتد به بسبب الدور الذي تضطلع به في توريد العديد من الأدوية الشائعة الاستخدام التي ينتجها أكبر مصنّع للأدوية البديلة (الجنريك) في العالم بدءاً بالباراسيتامول وصولاً إلى أعلى هرم الأدوية. رأينا كيف بدأت أمازون بالمعاناة من أجل التصدي للمستغلين الذين يستخدمون سوقها ووجود بعض النقص في السّلع- وهذا ما لم يفتكم حين محاولة شراء معقم للأيدي مؤخراً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لكن المشكلة الأخيرة أسبابها محليّة. سوف يمرّ بعض الوقت قبل أن تصل مشاكل سلسلة التوريد التي سبّبتها أحداث الصين إلى نظامنا. إنّما لكم أن تتأكّدوا أنّها ستؤثّر في مجموعة من السّلع أكبر بكثير من تلك التي تحاول حشود من الناس أن تشتريها لإبعاد شبح الجراثيم عنهم. لا شكّ في أنكم تستطيعون تقبّل التأخير في اقتناء هاتفكم الجديد من نوع آيفون. فالموديلات القديمة تؤدي كلّ ما يريده منها معظم الناس. لكن الأمر لا يقتصر على الآيفون.

أعيدكم هنا إلى مسألة الأدوية. منعت الهند تصدير 26 مادّة والأدوية التي تُصنع منها. وفي مسألة السلّع المصنّعة، يعتقد بيار هارين، المدير التنفيذي في فنتيك، وديفيد سيمشي-ليفي، الأستاذ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا ومؤسس شركة إلكترونية لسلاسل التوريد باتت جزءاً من شركة آي بي أم، أنّ الموضوع سيخلّف أثراً عظيماً يتردد صداه في أنحاء العالم الذي سيشعر به فعلياً بعد أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع (نظراً لمواعيد الشحن والأمور المماثلة).

بدأت بعض الموانئ بالإعلان عن تراجع نشاطها. وحذّر الرجلان في مقالهما الصادر في "هارفارد بيزنيس ريفيو" من احتمال تواصل أثر هذه المشاكل أشهراً طويلة. وسوف تضطرّ المعامل في أرجاء العالم كافة إلى أن تبطئ وتيرة إنتاجها، فتلزم موظفيها بالعمل بدوامٍ جزئي في الأثناء. وسيخلّف الأمر وقعاً هائلاً على الاقتصاد. لذا، ثمة ارتفاع حادّ في عبارات البحث على غوغل التي تتضمن كلمتيّ "الركود الاقتصادي".

بالنسبة إلينا هنا في بريطانيا، علينا التمعّن في كل ما سبق فيما يقترب موعد 31 ديسمبر (كانون الثاني) الذي فرضه بوريس جونسون لإتمام اتفاق تجاريّ مع الاتّحاد الأوروبي. قد يكون كل هذا تدريباً على اختلال توريد السلع والأدوية والمواد المستوردة التي يحتاجها المصنّعون البريطانيون، بسبب خطوة بريكست من دون اتّفاق، التي يحبّذها المحافظون.

والفرق بالطبّع هو أنّ فيروس كورونا حدثٌ لا يمكن تفاديه، على غرار ما تسمّيه شركات التأمين "قضاء وقدر" (ليس لأسباب دينية طبعاً). فبريكست من دون اتّفاق، والعرقلة التي ستنتج منه في الموانئ البريطانية، ضربٌ من الحماقة السياسية يمكن تفاديه كلياً. فكوفيد 19 ليس الفيروس الوحيد الذي ينشط على هذه السّواحل.

© The Independent

المزيد من اقتصاد