Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

البطل الكرتوني يسكن في الذاكرة ويوقظ تفاصيل الطفولة

بات تعلّق الأطفال بألعاب الفيديو أكبر من تعلقهم بأفلام الكرتون وهي أخطر

باباي رجل البحار وبطل السبانخ (بيكسابي)

رُغم أنّها مجرد شخصيات من كرتون فإنها سكنت الذاكرة، وعاشت فيها متربعة على عرش الذكريات الجميلة للطفولة. فما إن تذكر أمام أصدقائك اسم شخصية منها حتى تكاد تلمح شفاههم تنشد أغنية البداية.

ترسّخت هذه الشخصيات، وأخذت حيزاً من وقت الأطفال المشاهدين، الذين كانوا ينتظرونها بشغف، ويتابعون أحداث الحلقات، ويقلّدون بعض الشخصيات، ويحذون حذوها.

ولا بدّ من التذكير بأن مرحلة طفولة معظم الأطفال العرب، حفلت بمتابعة شخصيات كرتونية معظمها من إنتاج ياباني، حتى في القصص ذات الجنسيات الأخرى، فإنّ معظمها نُفّذ باليابان التي كانت رائدة في هذا المجال، ولا تزال.

الكرتون بين الماضي والحاضر

يشتكي كثيرون من الأهل من أنّ أفلام ومسلسلات الكرتون اليوم أكثر عنفاً من الماضي، وأنّ بعض الشخصيات أشكالها مخيفة أو غريبة، وأنّ بعض الموضوعات لا تليق بالأطفال لا في طريقة طرحها أو معالجتها.

تقول متخصصة علم النفس لانا قصقص، "لا نستطيع التقييم بين الماضي والحاضر في موضوع الكرتون، ففي كل الأوقات توجد قصص كرتون غير صحية، بخاصة تلك التي تضيء على الحروب والمشكلات والشخصيات الشريرة، وتقدّم مفاهيم خاطئة".

وتضيف، "الكرتون الجديد فيه تقنيات أعلى، ما يجذب الطفل إليه بطريقة أكبر".

وترى قصقص أنّ "المسؤولية المُلقاة على منتجي أفلام الكرتون للأطفال كبيرة"، معطيةً مثالاً على ذلك، "شركة (والت ديزني) التي تنفّذ (كرتون) لتمكين المرأة ومناهضة العنف ضدها، مثل فيلم Mulan (مولان) الذي يركّز على وجوب عدم تأثير المجتمع سلباً في الأنثى، فلا تكسرها القيود والضغوط الاجتماعية والنفسية، بل عليها أن تثبت نفسها وتقوم بما تحبه. كما أنّ هناك اتجاهاً إلى سحب الفتاة من شخصية الأميرات التقليدية، وإدخالها في شخصيات المحارِبة والمفكِرة، وتكريس مفاهيم مثل الشجاعة والإنقاذ اعتُبرت سابقاً حكراً على الذكور".

وتشير متخصصة علم النفس إلى "وجود محاولات لصناعة أفلام كرتونية جديدة تحتوي على معانٍ جيدة، مع التذكير أيضاً بأنّ كثيراً منها ينقل العنف والدماء، ويعزز السلوكيات العدوانية لدى الأطفال".

لماذا ترسخ الرسوم في خيالنا؟

يتعلق الأطفال بالأفلام الكرتونية التي تُسمّى أيضاً "الرسوم المتحركة" عندما تكون الصورة والألوان والأشكال المختلفة تحاكي خيالهم، حسب قصقص، وقد تؤثر الشخصيات في سلوكياتهم، إذ إنّ بعض الأطفال يتماهى مع شخصيات عدوانية وشريرة، لذلك يجب على الأهل مراقبة ماذا يشاهد أطفالهم، إذ ليس كل الكرتون جيداً، ويوصل رسائل اجتماعية إيجابية، وعلى الأهل تذكير أولادهم بضرورة التمييز بين ما هو خيالي وما هو واقعي، وفي حال مرّ أي مشهد سلبي يجب عليهم تصحيح المفهوم فوراً، وتنبيه الطفل من محاولة تقليده.

وتحذّر لانا قصقص من "تمضية الأطفال وقتاً طويلاً جداً أمام شاشة التلفزيون، لأنّ هذا خطير على دماغهم وتفكيرهم. وكثرة الجلوس إذا ما ترافقت مع الأكل ربما تؤدي إلى اضطرابات غذائية في المستقبل ووزن زائد، كما أنّ الجلوس طويلاً أمام التلفزيون يأخذ من وقت اللعب الجسدي والعقلي الذي ينمّي مهارات الطفل الحسية والحركية والقدرات الإبداعية"، وتعتبر أن الوقت الذي يمضيه الأطفال أمام التلفزيون "يجب أن لا يتعدّى الساعة كأقصى حدّ".

إلى الطفولة در

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

رجالٌ ونساءٌ تذكّروا الشخصيات التي أسرت طفولتهم، وعاشت في مخيلتهم، وتماهوا مع تصرفاتها، وسمّوا أنفسهم بأسمائها في أثناء لعبهم، والبعض تقمّصها إلى درجة بعيدة. أمّا الانفعال الأساسي عندما سُئلوا عن الشخصيات الكرتونية التي تعلّقوا بها فكان بريق العيون بطريقة طفولية، وحماسة في الحديث، وتذكّر الأحداث والموسيقى والألوان والأشكال.

وتقول قصقص، "عيون الناس تبرق عندما تسألهم عن الشخصيات الكرتونية التي أسرت طفولتهم، إذ حاولوا الاقتداء بها أو أضافت بهجةً على الطفولة، لأنها موجودة في مخيلتهم، وتعيدهم إلى الطفولة، والشخصية الكرتونية بحدّ ذاتها تعنيهم، أو تعلّموا منها أموراً معينة، مثل الشجاعة أو القتال".

وتذكر قصقص أنها تحب من الشخصيات الكرتونية المحقق كونان، لأنه ذكي، ويكشف الجرائم ويساعد العالم. مثلها ريان السقلاوي، تتحدث بحماسة عن المحقق الذي شغل رأسها منذ الصغر وما زال، فتخبر أنّها ما زالت تشاهده من وقت إلى آخر، وتحب تحليله، وتغرق بتحقيقاته في كل حلقة، فهو شخصية ذكية، ويكشف الجرائم ويساعد الناس.

نانا مارلا إسطفان تقول، إنّ الكرتون الأقرب إلى قلبها منذ الطفولة هو The Lion King، لأنها تحب الكرتون المتخصص بالحيوانات، وهو برأيها الأقرب إلى حياتنا الطبيعية كبشر، ويعزز فكرة البقاء للأصلح.

وتأثرت بهذا الفيلم وما زالت تشاهده، لأنه يعلّمها كيف تقف مجدداً، ويكون لديها إرادة رغم الخسارات، وتقول إن محيطها يشبهها بشخصية الشبل "سيمبا" في الفيلم.

من جهة أخرى، تقول سلاف كركي، إنها تحب مسلسلات كرتونية عدة، وأبرزها توم وجيري ومكائدهما اللطيفة، إضافة إلى "جونغر" البطل الخارق الذي يساعد الناس، وتحضر موسيقى أغنيته بقوة في رأسها وتحب سماعها.

وتحب سلاف أيضاً "السنافر"، لأن لكل منها شخصيته الخاصة، وتقول "أحبّ شخصية غضبان الذي يقول دوماً (أنا أكره كل شيء). زوجي كان يناديني شرشربيل (الشخصية الشريرة التي تزعج السنافر)، إذ يقول هو والأولاد إنني الشريرة في البيت، لأنني أفرض القوانين والممنوعات".

وتودّ سلاف أن يشاهد أطفالها الكرتون الذي تعوّدت على مشاهدته، لتعطيهم فكرة عن طفولتها، وتقول إنّ أفلام الكرتون اليوم تعلّم اللغة، وتهمل الدروس الاجتماعية.

أمّا فهد عجاج فيحب برنامج "توم وجيري"، إذ يعتبر أنه "كان مضحكاً، نأخذ منه أفكاراً ونطبّق بعض مقالبه"، وما زال فهد يشاهد "توم وجيري" مع أطفاله، ويضحكون كثيراً، إضافة إلى مطاردات ومقالب الديك "بيب بيب"، والثعلب في الصحراء.

في المقابل، صرّحت جوانا حطب بأنها أُغرمت بمسلسل "هايدي"، فتاة جبال الألب الطيبة، المأخوذ من رواية سويسرية، كتبتها جوهانا سبيري، وأُنتجت الرسوم في اليابان. تقول جوانا "عندما كانت حاملاً منذ 23 سنةً، قررت أن أسمي ابنتي (هايدي)، لكثرة ما سحرتها هذه الشخصية الجميلة والهادئة والخيّرة، لكنها عادت وسمّت ابنتها هدى".

علي ناصر يحب الشخصية الفضائية "غريندايزر"، الذي أخذ ضجة كبيرة في السبعينيات والثمانينيات، وأُنتج في منتصف السبعينيات في اليابان، لكنه لم يحقق نجاحاً كبيراً في حين انتشر في العالم العربي بنجاح كبير، وغنّى أغنية البداية الفنان اللبناني سامي كلارك. وعادت الأغنية إلى الواجهة أخيراً عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وبعض البرامج التلفزيونية التي استضافت كلارك. أحبّه علي لأنه من نوع الـ"أكشن" (أي أفلام الحركة)، ويدور حول القوة والمعارك والحروب والغزو من الفضاء.

وأضاف، "أنا أحب الفضاء، وأنوي زيارته يوماً ما. وغريندايزر هو البطل المدافع عن الأرض. وكنت أتمنّى أن ينتصر في حلقة ما أهل الفضاء لنرى ماذا سيحدث".

تختصر ساشا صافي، أنها طالما أحبّت كرتون توم وجيري أيضاً، ويعجبها كيف أن هذه الشخصيات لا تموت، ومهما حدث فإن الحياة تكمل، وتقول إنّ لأطفال اليوم شخصيات مختلفة عن شخصيات طفولتنا.

ماري كردي تحب الأرنب باغز باني، لأنه ذكي وطريف، ويستطيع تخليص نفسه دائماً، لكنها تجده غير مناسب بالنسبة إلى طفلها اليوم، لأنه يسوّق شخصيّة المحتال، حتى إنه لم يعد يُعرض، وتضيف "لأطفال اليوم كرتون خاص بهم، لكنه يحتاج إلى الرقابة"، وهي لا تجده "جذّاباً أبداً".

شخصيات لا تُمحى

في أذهان الراشدين موسيقى ومشاهد لشخصيات حُفرت في الذاكرة، مثل زينة (النحلة النشيطة) ونحّول، "باباي" البطل الذي يأكل السبانخ، واستخدمته الأمهات غير مرة لإقناع الأطفال بأكلها، "سندباد والبساط الطائر"، الكابتن ماجد وهدفه الذي ربما يمتد على عدّة حلقات ليدخل الشباك، والنمر الوردي "بينك باتر" وموسيقاه الشهيرة، و"ودي وود بيكر" بضحكته الغريبة التي حاول معظم الأطفال تقليدها، "لولو وطبوش" و"ميكي ماوس" وغيرها، إضافة إلى الأبطال الذين كُرِسوا أكثر في أفلام سينمائية مثل "سوبرمان" الرجل الخارق، و"سبايدرمان" الرجل العنكبوت، و"باتمان" الرجل الوطواط.

وكان لبعض هذه الشخصيات مجلات خاصة بها، لطالما ضبط المعلمون والأهالي أولادهم يخفونها بين كتبهم، ويوفرون المال لشرائها وقراءتها.

بين الكرتون وألعاب الفيديو

كثيرٌ من أطفال اليوم متعلقون بأبطال مختلفين مثل "أفنجرز" Avengers، بعضهم أبطال تقليديون جُددوا بطريقة تناسب عصر الديجيتال مثل "سوبرمان"، والبعض الآخر جديد مثل "هالك" و"أيرون مان" و"ثور".

لكن الأطفال يفضّلون ألعاب الفيديو، التي تحتل حيّزاً كبيراً من وقتهم وتفكيرهم، وأصبحت الهدية الأحب إلى قلوبهم هي الـ"بلاي ستايشن" و"التابليت" و"الموبايل"، كي يكونوا على تماس مع ألعابهم المفضّلة التي تتوفر تطبيقاتها بكل بساطة.

تقول متخصصة علم النفس لانا قصقص، إنّ "تعلّق الأطفال بات أكبر بألعاب الفيديو من تعلقهم بالكرتون، وهي أخطر، فهم في الكرتون يتابعون وربما يتماهون مع الشخصية، أمّا في ألعاب الفيديو فهم يتفاعلون، ويسيطرون على الأحداث بخاصة في الألعاب التي تحتوي ضرباً وحروباً وعدوانية ودماء، ما يجعل الطفل متسامحاً مع العنف، وهذا شأن خطير، وإدمان ألعاب الفيديو أكبر بكثير من الكرتون، لأن التفاعل معها أكبر".

اقرأ المزيد

المزيد من منوعات