Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السعي للبقاء في أوروبا فشل... هل نمنح جونسون فرصة لإنجاح بريكست

برلمانيون يذكرون رئيس الوزراء بأن نتيجة الاستفتاء لم تكن 80% مقابل 20%

حبور على وجه أورسولا فان دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، بعد الموافقة على خروج بريطانيا. ولم تتردد أيضاً في اعتبار بريكست مكسباً لأوروبا (أ.ف.ب.)

مع اقتراب يوم الخروج من الاتحاد الأوروبي، بات الهواء في ويستمنستر [مقر الحكومة البريطانية]، مملوء بفرضيات تعتمد على أداة الشرط "لو" و"لو فقط" ودردشة حول إمكانية أن تنضم المملكة المتحدة ثانية ذات يوم إلى الاتحاد الأوروبي.

في الجلسات الخاصة، بدا بعض النواب مقتنعين بأن إعادة الدخول إلى الاتحاد الأوروبي تظل إمكانية موجودة إذا خاض حزب العمال الانتخابات ما بعد القادمة على أساس الانضمام ثانية [إلى الاتحاد الأوروبي]. مع ذلك، سيقوض [حزب العمال] حظوظه في تحقيق هذا الهدف إذا أعلن عنه أبكر مما ينبغي.

لقد استطاع بوريس جونسون أن يتغلب على خصومه، وينفذ بريكست، ويوحد حزباً منشقاً بعمق على نفسه في ما يخص أوروبا، منذ تغطيتي لاجتماعات قمة الاتحاد الأوروبي خلال عهد مارغريت تاتشر.

واستناداً إلى ذلك، يتوجّب الآن على مناصري البقاء في الاتحاد الأوروبي أن يقبلوا بريكست بدلاً من خوض حرب خاسرة. وكذلك يتوجّب عليهم أن يعطوا جونسون الفرصة لإنجاحه. إذ تشكّل مهاجمته من الخطوط الجانبية، وإظهار كل معلومة إحصائية عن الاقتصاد باعتبارها إما "لأنها بسبب" أو "رغماً عن" بريكست ستفشل في تعلم درس واحد من كل هذه التجربة الطويلة مفاده أنّ مناصري البقاء في الاتحاد الأوروبي سمحوا لمناصري الخروج منه باحتكار التفاؤل، وكانوا سلبيين أكثر مما يجب.

إذ سيعتمد الموقع النهائي للمملكة المتحدة في العالم ليس على حملات إعادة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي بل على وضعها الاقتصادي ومدى تحول الاتحاد الأوروبي نواة داخلية معتمدة على اليورو، إضافة إلى كونه حلقة خارجية يمكن لبريطانيا أن تقرر يوماً ما إعادة الانضمام إليها.

أنا أشك بإمكانية تحقق ذلك خلال العشرين سنة القادمة. وقد يكون الحكم الاقتصادي على بريكست غير حاسم، ذلك أن مناصري البقاء في الاتحاد ومناصري الخروج منه، سينظرون إلى الأرقام ويؤولونها بحسب أهدافهم.

وفي نفسٍ مُشابِه، يتوجّب على مناصري البقاء تذكّر أن الميل الغريزي لكثيرين من البريطانيين بغض النظر عن الطرف الذي صوّتوا لصالحه في استفتاء 2016 عن بريكست، يتمثّل في الاستفادة أقصى ما يمكن من موقفهم. واستطراداً، يتوجّب عليهم أن يسمحوا بانطفاء نار العداء بين الطرفين قبل الشروع في الدعوة إلى إعادة الانضمام للاتحاد الأوروبي حتى كعضو من الدرجة الثانية فيه.

كانت هناك خيارات كثيرة بديلة مطروحة أمام أولئك النادمين على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، لو أن السياسيين المؤيدين للبقاء فيه جعلوا العضوية في الاتحاد الأوروبي قضيتهم، بدلاً من لعب ورقة "نحن مقابل البقية" الهادفة إلى خدمة المصلحة الضيقة لأحزابهم.

ليت أنه لم يحدث سوى أن ديفيد كاميرون واجه نايجل فاراج بدلاً من المقامرة في استفتاء غير ضروري، ولو وافق زعماء الاتحاد الأوروبي الواثقين بأنفسهم أكثر مما ينبغي، على منح كاميرون بعض التنازلات حين أعاد التفاوض معهم بخصوص شروط عضوية المملكة المتحدة فيه، بدلاً من افتراض عدم وجود عضو [في الاتحاد] يبلغ الغباء به درجة تجعله يقرر الخروج منه.

لو أن الحكومات البريطانية خدمت أكثر أولئك "الذين تُركوا وراء الركب" بسبب أزمة 2008 المالية والعولمة. لو أن الديمقراطيين الأحرار حرموا جونسون من الانتخابات التي تظاهر بأنه لم يكن يريدها، لكنه في حقيقة الأمر كان تواقاً لها. لو أن حزب العمال كان تحت زعامة شخص آخر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يشعر كثيرون من النواب العماليين بالندم لعدم تصويتهم لمصلحة الاتفاق الذي توصلت إليه تيريزا ماي مع الاتحاد الأوروبي، لأننا الآن أمام بريكست أشد [قسوة من ذلك الاتفاق]. لقد حالت النرجسية المستندة إلى اختلافات صغيرة بين النواب المتعاطفين مع أوروبا، دون إيجاد تسوية بين أولئك الذين أرادوا إيقاف بريكست وأولئك الذين أرادوا تخفيف حدته وجعله أكثر نعومة.

في ذلك الصدد أيضاً، كان في الإمكان الفوز باستفتاء "القول الفصل" لو أن النواب أيدوا اتفاق ماي وربطوا معه شرط الاستفتاء. وفي الأسبوع الماضي، ذكر اللورد ماندلسون المدير السابق لـ"بريطانيا مفتوحة" الذي أطلق حملة "تصويت الشعب" خلال لقاء معه في برنامج محطة "بي بي سي" عنوانه "عرض أندرو نيل"، "يمكن القول إننا لو عملنا أكثر لدعم اتفاق تيريزا ماي، لكُنّا أكثر نجاحاً في جعل البرلمان يوافق على إرفاق استفتاء ثانٍ بذلك الاتفاق. تتمثّل المشكلة في أننا لدى تصويت الشعب لم يكن كثيرون من الناس متأكدين تماماً عمّا يصوّتون. كنا بحاجة إلى اتفاق لعبور حاجز البرلمان".

كمتابع قديم للاتحاد الأوروبي، كان يوم بريكست محزناً بالنسبة لي، ليس لما رافقه من مشاعر عاطفية عميقة، بل لأني تخوفت من تحوّل بريكست إيذاءً متعمداً للذات على الصعيد الاقتصادي.

خلال الساعات الكثيرة التي انتظرت فيها نتيجة اجتماعات قمة دول الاتحاد الأوروبي، وتمتد غالباً حتى وقت مبكر (من اليوم اللاحق)، لم تنتابني مشاعر عدائية أو متخابثة بشأن المشروع الأوروبي مثل حالة بعض الزملاء الصحافيين (في بعض الحالات، تعود مشاعرهم السلبية لمجرد أنهم يعملون في صحف متشككة بشأن أوروبا). بالنسبة لي، إنّ التعاون الوثيق مع جيراننا وأكبر شركائنا التجاريين أمرٌ مسلمٌ به من الناحيتين المنطقية والاقتصادية.

لقد شاهدتُ خلال تلك الحقبة المملكة المتحدة متمتعة بنفوذ حقيقي، سواء في عهد تاتشر عند خلق السوق الموحدة أو في عهد توني بلير الذي دفع بقوة باتجاه توسيع الاتحاد الأوروبي كي يشمل دول أوروبا الشرقية. وعلى عكس ما يشاع بشأن اتّخاذ القرارات من قِبَل بيروقراطيي بروكسل غير المنتخبين، كان زعماء البلدان الثمانية وعشرون هم من يتخذونها.

تجدر الإشارة إلى أن لغة بوريس جونسون التوافقية "يوم بريكست"، حين قال إن مهمته "لم شمل البلاد"،  ضربت النوتة الصحيحة. لكن بريكست المتشدد الذي يريده لا يعكس نتيجة تصويت استفتاء عام 2016 التي  كانت 52 في المائة لمناصري الخروج من الاتحاد الأوروبي مقابل 48 في المائة لمناصري البقاء فيه، والتي تشير إلى أن الجمهور يريد الخروج من مؤسسات الاتحاد الأوروبي لكنه يريد الحفاظ على أواصر اقتصادية قوية به.

واستطراداً، تنذر بالشؤم تلك التصريحات الصادرة من الوزراء قبل البدء بإجراء المداولات التجارية مع الاتحاد الأوروبي. إذ تشير إلى أنهم مستعدون لتعريض شركات التصنيع إلى الخطر عبر إنهاء الاتفاق التجاري الخالي من الاحتكاك، مقابل الخروج من سلطة نظم الاتحاد الأوروبي. ويفتقد الموقف إلى المنطق على الصعيدين السياسي والاقتصادي. إذ يتسبّب اعتبار صناعة السيارات وغيرها قطاعات [اقتصادية] محتضرة، في نفور كثير من ناخبي حزب المحافظين في وسط إنجلترا وشمالها.

دعونا نأمل بأن الكلام المتشدّد ليس سوى طلقة الإعلان عن انطلاق المداولات.

على جونسون ألا يتصرف وكأن نتيجة التصويت لمصلحة الخروج من الاتحاد الأوروبي 2016، جاءت 80 في المائة [أيّدوا الخروج] في مقابل 20 في المائة لمن ناصروا البقاء فيه، إذا كان يريد فعلاً لمّ شمل الوطن بأجمعه.

© The Independent

المزيد من آراء