Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الطلاب العراقيون والتيار الصدري... وجهاً لوجه

"المطالبة بالعودة إلى الدوام محاولة لإنهاء الحراك وتفتيته"

اتحاد طلبة بغداد يدعو لتظاهرة مليونية الخميس بعنوان "مسيرة القلم والكرامة" (أ. ف. ب)

ما زال الطلاب العراقيون خط الدفاع في صد محاولات التيار الصدري فرض سيطرته على ساحات الاحتجاج، لا سيما ساحة التحرير وسط بغداد.

وتوافد آلاف الطلاب، الثلاثاء 4 فبراير (شباط) الحالي، إلى ساحات الاحتجاج تلبية لدعوة اتحادات الجامعات العراقية، في ما أطلقوا عليه بـ"مليونية طارئة" رفضاً لتكليف محمد توفيق علاوي رئاسة الوزراء.

في غضون ذلك، نشر ناشطون في الحراك الاحتجاجي مقاطع مصورة لاعتداءات أنصار التيار الصدري، الذين يُطلق عليهم اسم "القبعات الزرق"، على المسيرات الطالبية. وجاءت تلك الاعتداءات بعد هتافات من بعض الطلاب تندد بقبول مقتدى الصدر بعلاوي رئيساً للوزراء ومحاولة فرضه على المحتجين. إذ يعتبر أولئك الطلاب ذلك تجاوزاً لإرادتهم وبحثاً عن مكاسب سياسية من خلال استغلال الانتفاضة العراقية.

ويمثل الطلاب أحد أكبر التيارات الاحتجاجية وأكثرها تنظيماً وعدداً، وبدأ إضرابهم مع بداية الموجة الثانية للاحتجاجات، تحت شعار "ماكو وطن... ماكو دوام".

والجدير بالذكر أن إعادة انتشار "القبعات الزرق" جاء قبل ليلة من إعلان تكليف علاوي بمنصب رئيس الوزراء.

وكانت مصادر مطلّعة أفادت لـ"اندبندنت عربية" بأن نزول "القبعات الزرق" مرة أخرى إلى ساحات الاحتجاج جاء لحماية هذا التكليف بعد اتفاق مسبق بين الصدر وتحالف الفتح على علاوي.

ويؤكد ناشطون أن عناصر تابعة للقبعات الزرق اعتدوا على عدد من المتظاهرين الرافضين تكليف علاوي، فيما احتلوا منصة "المطعم التركي" في ساحة التحرير بالقوة. ووثقت مقاطع مصورة اعتداءات قام بها أتباع التيار الصدري على عدد من محتجي المحافظات مستخدمين الهراوات، فضلاً عن إطلاق رصاص حي.

ويعتبر المحتجون تأييد زعيم التيار الصدري علاوي خذلاناً لهم ولانتفاضتهم، ما أدى الى حصول انشقاق بدا واضحاً بين مؤيدي التيار الصدري وداخل القوى الاحتجاجية.

"مسيرة القلم والكرامة"

وأصدر اتحاد طلبة بغداد بياناً دعا فيه إلى الخروج في مسيرات مليونية حاشدة الخميس 6 فبراير، تحت شعار "مسيرة الكرامة والقلم".

وجاء في البيان أنه "لن تكمم أفواهنا حتى تحقيق المطالب"، مطالباً الطلبة بحمل الأقلام في مسيرتهم المرتقبة، في إشارة إلى أنه سلاحهم الوحيد.

واستنكر الاتحاد الاعتداءات التي شملت الطلبة، وفيما طالب التيار الصدري بالاعتذار، دعا العراقيين بجميع طوائفهم للوقوف مع الطلبة في المسيرة المقبلة، ما وجد تعاطياً إيجابياً من ناشطي الحراك الاحتجاجي.

وتصدر وسم "طلابنا درع الثورة" موقع "تويتر" بآلاف التغريدات.

وكتب زعيم ائتلاف الوطنية إياد علاوي على "تويتر"، "تحية لطلبة العراق أبطال اليوم وقادة المستقبل، قلب الحراك النابض الذين أكدوا بوعيهم وإدراكهم أنهم رأس الرمح في النحول الذي تشهده الساحة العراقية، وهم يواجهون ببسالة نادرة حملات القمع والترهيب في ساحات التظاهر السلمي"، مذيلاً تغريدته بوسوم "طلابنا درع الثورة" و"سقطت مروءتكم" و"جيل لن يخضع للقمع".

الصدر وتأمين المدارس

وغرد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، أن "القبعات الزرق واجبها تأمين المدارس والدوائر الخدمية سلمياً، وليس من واجبها الدفاع عني وقمع الأصوات التي تهتف ضدي".

فيما شكر "القبعات الزرق" ودعاهم لـ"تمكين القوات الأمنية من بسط الأمن وحماية الثوار"، مردفاً "حينئذ ينتهي دوركم".

وكتب في تغريدة ثانية، "تحية إجلال وإكبار لمتظاهري تشرين ولكل محبي الإصلاح ممن تعاونوا على إرجاع الدراسة والتعليم ليستتب الأمن والأمان".

وأثارت هذه التغريدة امتعاض الناشطين الذين وصفوها بأنها محاولة للتغطية على اعتداءات اتباعه على المحتجين، فيما يرى مراقبون أن مطالباته بعودة الدوام تبيّن مخاوفه من قوة الحراك الطلابي الرافض لتكليف علاوي وتوافقات الصدر مع بقية القوى السياسية.

حراك طلابي واسع

في السياق ذاته، يقول عضو في الاتحادات الطلابية (يرفض الإفصاح عن هويته) إن "الإضراب الطلابي كان يهدف إلى الضغط على قوى السلطة لتحقيق المطالب، فضلاً عن أنه جاء وفاءً لدماء شهداء ثورة تشرين".

ويكشف لـ"اندبندنت عربية" أن "اتفاقاً أولياً حصل بين الطلبة على تحويل الإضراب إلى جزئي، حيث يكون يوم الأحد من كل أسبوع موعداً لمسيرات طلابية حتى تحقيق المطالب".

في المقابل، يقول هاشم محمد، وهو أحد الطلبة المشتركين في المسيرات، إن "استمرارهم في الاحتجاج هو للتأكيد على أن هناك جسماً تنظيمياً كبيراً لا يخضع لإرادة التيارات السياسية، ولن يتوقف حتى تحقيق آخر مطلب".

يضيف  لـ"اندبندنت عربية"، "الاعتداءات التي قامت بها القبعات الزرق لن تزيدنا إلا عزماً وإصراراً على المضي بإضرابنا واشتراكنا في الانتفاضة"، مبيناً أن "مستقبل البلاد بالنسبة لنا أهم من الدوام وبالإمكان أن نؤجل الدوام فترة وفي النهاية سنعود لمقاعد الدراسة".

مصدّ لمحاولات الصدر

يعتقد أستاذ العلوم السياسية قحطان الخفاجي أن "الحراك الطلابي يمثل مصداً رئيسياً أمام محاولات الصدر احتواء التظاهرات وتسييرها لمصلحته، لأنه حراك ملتزمٌ وواعٍ"، مبيناً أن "عموم الطلبة تجاوزوا تأثير التيارات السياسية الإسلامية ولم تعد تلك القوى ذات الطابع الديني تأخذ مجالاً في أوساط الجامعات العراقية".

يضيف لـ"اندبندنت عربية"، "الحراك الطلابي كان سر قوة التظاهرات واستمرارها، وهو الأداة التي نجحت في صد محاولات إجهاض الانتفاضة".

ويلفت إلى أن "مطالبة الصدر بالعودة للدوام هي محاولة لإنهاء الحراك الطالبي وتفتيته وبيَّن بصورة لا تقبل الشك أن الصدر عاد كجزءٍ من التركيبة السياسية لقوى السلطة، ودليل ذلك أن مطالبه باتت تتسق مع مطالبات بقية القوى لإجهاض التظاهرات".

ضد نوعي للأحزاب

فيما يرى الكاتب والباحث هشام الموزاني أن "للطلبة قيمة عملية في الانتفاضة العراقية لأنهم يتحركون كوحدة وأعدادهم تمثل ضداً نوعياً للأحزاب الراسخة والمنظمة القادرة على التحشيد".

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوضح لـ"اندبندنت عربية"، أن "الطلاب في الفعل الاحتجاجي منظمون على أسس وطنية على اختلاف مشاربهم، وأصبحوا مادة الثورة الجديدة"، مشيراً إلى أن "المميز في الحراك الطالبي أنه غير قابل للاحتواء، لأنهم يتحركون ضمن إطار وطني بتنظيمات خيطية".

ويبيَّن أن "اللافت في الحراك الطلّابي أنه لا يتحرك على أرضية مطالب متعلقة بالفقر والخدمات بل من خلال وعي سياسي برجوازي يسهم في صقل الانتفاضة وتوجيهها في إطار مطالب سياسية وطنية".

ويتابع أن "ما يخيف التيارات السياسية هو أن هؤلاء ناخبون مفترضون باتوا يتحركون بإطار تنظيمي، وإذا نجحوا بتنظيم أنفسهم سيشكلون خطراً على القوى السياسية الفاعلة، وقد يسهمون بتشكيل جبهات سياسية منافسة".

قاعدة مضادة للتيار الصدري

من جهة أخرى، يقول الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي أن "كل الثورات في التاريخ مصدرها الجامعات والطلبة، فالرهان على الطلبة بوصفهم شريحة واعية تمثل الطاقات الشبابية هو رهان في محله".

وعن مخاوف التيار الصدري من الحراك الطلابي، يبيّن الشريفي أن "وعي الطلبة وامتلاكهم قاعدة جماهيرية عريضة مضادة لقاعدة التيار الصدري هو الذي أدى إلى تخوفات التيار الصدري".

يتابع أن "افتقار ساحات التظاهر للبرنامج السياسي وإلى وحدة الخطاب يجعل القوى السياسية تراهن على تشتيتها".

"صوت انتفاضة تشرين الرافض"

ويقول الناشط محمود حميد إن "مشاركة الطلبة في الاحتجاجات أسهمت إلى حد كبير في زخم الاحتجاجات، وتجسيد سلميتها، الأهم من ذلك وجود الطلبة أحرج النظام، الذي يحاول الحد من تلك المشاركة معوّلاً على مؤسساته التعليمية وإجراءاتها".

يضيف "الطلبة تخيلوا أنفسهم من دون النظام، وتعاملوا كفئة اجتماعية لا يحدها موقعها من الدولة وارتباطها بها".

ويلفت إلى أن "احتجاج الطلبة لم يعد مطلبياً يتعلق بأزمات التعليم ومشاكله، فهم وفي أكثر من مناسبة تصدّوا كصوت شعبي محتج للقرارات السياسية المرفوضة شعبياً، آخرها رفض تكليف علاوي".

ويشير إلى أن "المسيرات الطلابية هي صوت انتفاضة تشرين الرافض لتكليف علاوي وتمثيل لأقوى رد يمثل حالة الرفض الشعبي"، مبيناً أن "القوى السياسية المناهضة للاحتجاج التفتت لهذا التأثير لذلك صارت تتحدث عن عودة الدوام، وتمارس القمع والاعتداءات على المسيرات الطلابية".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات