Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارضو ترمب في واشنطن ومواقفهم بالشرق الأوسط

لا تزال هناك أكثرية وسطية ديمقراطية تدعم العلاقات المميزة بين إسرائيل وأميركا... ولكنها ستضغط لتقديم تنازلات تحت ضغط الجناح اليساري الراديكالي

الرئيس الأميركي دونالد ترمب يواجه معارضة شديدة حتى على مستوى قواعد حزبه (أ.ف.ب.)

نُسأل كثيرا من أطراف متعددة في الشرق الأوسط والعالم العربي حول مواقف فئات المعارضة السياسية لإدارة ترمب في واشنطن، أكانت في مجلس النواب أو مجلس الشيوخ ومراكز الأبحاث والرأي العام. والأسئلة تأتي في معرض التعرف إلى طبيعة ما يمكن أن يكون عليه موقف الإدارة الجديدة في حال عدم نجاح ترمب بالفوز بولاية ثانية.

وما يجعل الإجابة صعبة على هذا السؤال هو تعدد المحاور إزاء معارضة ترمب في الملفات الشرق أوسطية بين الحزبين، إذ إن بعض الملفات تواجه معارضة من حزب واحد، وأخرى من شخصيات في الحزبين، وربما هناك ضغوط معارضة في ملفات أخرى ضمن بيروقراطية إدارة ترمب.

هذا ملخص سريع لهذه المعارضات لسياسة ترمب في المنطقة.

محاور الانقسام أساسا تبدأ في المحور التقليدي بين الديمقراطيين والجمهوريين، ولكن هناك محاور أخرى تقسم المؤسسة السياسية في واشنطن حسب المكلفات المختلفة، ومن أهم العوامل التي تؤثر على هذه المعارضة مجموعات اللوبي التي تتحرك بنشاط عالٍ فيما يتعلق بأهداف السياسة الأميركية في المنطقة، ومن أقوى اللوبيات هناك اللوبي الإسرائيلي، ثم القطري، والإيراني، وعلى مسافة هناك لوبيات التحالف العربي والجماعات الأخرى.

في موضوع إسرائيل والدعم الأميركي لها، يتوحّد معظم السياسيين من الجمهوريين والديمقراطيين بشأن استمرار الدعم الرسمي الأميركي لدولة إسرائيل وملفاتها الأساسية، إلا أن هنالك بعض التباين في صفوف المعارضة الحالية التي تتجسد في الأكثرية الديمقراطية في مجلس النواب والإدارة، فالجناح الأكثر يسارا في هذه الأكثرية يعارض بشدة سياسة ترمب، لا سيما تلك المتعلقة بالاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل وسيادتها على الجولان، وعلى الرغم من أن الإدارة تتمتع بأكثرية من الحزبين تدعمها في المسألتين، فإنه وبحال وصل الديمقراطيون إلى الحكم ستنتقل المعارضة السياسية إلى داخل الحزب الديمقراطي، حيث لا تزال هناك أكثرية وسطية ديمقراطية تدعم العلاقات المميزة بين إسرائيل وأميركا، ولكنها ستضغط على إسرائيل لتقديم تنازلات تحت ضغط الجناح اليساري الراديكالي المتمثل في إلهان عمر، وأوكاسيو كورتيز، ورشيدة طليب، وغيرهم.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إدارة ترمب هي الأكثر دعما لإسرائيل ولا سيما التحالف اليميني فيها برئاسة الليكود، ولكن إدارة ديمقراطية، بحسب من يكون على رأسها، ستعمل على تراجع أميركي فيما يخص هذا الدعم، ولكن لن يتخطى ما هو معروف تقليديا.

الموضوع الأكبر والأهم سيكون على مستوى العلاقة الأميركية مع طهران، فالاتجاه الذي انتهجه الرئيس أوباما وتوقيعه الاتفاق النووي وتراجعه أمام النفوذ الخميني في سوريا والعراق واليمن ولبنان، غيّره الرئيس ترمب في السنوات الماضية بدءا من الانسحاب من الاتفاق النووي، ووضع الحرس الثوري على لائحة الإرهاب، وصولا إلى التحركات الميدانية والصدامات الأمنية في سوريا والعراق. المعارضة داخل المجلس النيابي تخوض مواجهة شرسة ضد موقف ترمب من إيران، وتجلى هذا الموقف في تشريعين، أولا عبر وقوف الأكثرية في مجلس النواب أمام توسيع صلاحيات الرئيس في مواجهة إيران، وطرح تشريع لمنع ترمب من التصعيد ضد طهران قبل الحصول على موافقة المجلس، كما رفضت الأكثرية تشريعا تقدم به الجمهوريون للتضامن مع المتظاهرين في إيران، وهذه سابقة حيث إن كثيرا من القادة الديمقراطيين عبّروا عن دعمهم للمتظاهرين في السابق، غير أن التغيير الذي حصل في الانتخابات الأخيرة، وصعود التكتل الراديكالي دفع بالمجموعة التي تقودها نانسي بيلوسي للتراجع عن دعم المعارضة الإيرانية، ورأينا موقفا غريبا لهذا التكتل بعد قتل قاسم سليماني، إذ اعتبر العملية خطيرة وأراد تقليص صلاحيات الرئيس في اتخاذ قرارات مشابهة مستقبليا.

جدير بالذكر، أنه فضلا عن الديمقراطيين المعارضين، هناك عدد قليل من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين كراند بول، التحقوا أيضا بالموقف الديمقراطي حيال إيران، دون أن يتنازلوا عن حماية الرئيس في محاربة العزل، وهذا يعني أنه إذا وصل رئيس من المعارضة الديمقراطية في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل ستتغير السياسة الأميركية تجاه إيران، وستتجه الأمور إلى العودة للاتفاق النووي، وتخفيف حدة التوتر، وسحب أجزاء كبيرة من الوجود العسكري في العراق وسوريا.

فيما يتعلق بحرب اليمن، رأينا في العامين الماضيين كيف أن الأكثرية الجديدة في مجلس النواب، وبعض أعضاء الحزب الجمهوري المتأثرين بمجموعات الضغط المؤيدين للاتفاق النووي، أو جماعة الإخوان، ضغطوا بشدة على ترمب للكفّ عن دعم السعودية في اليمن، وبالتالي هناك أكثرية بسيطة في الكونغرس تستمر في مواجهة العلاقة المميزة بين الرئيس والرياض، ولكن بحال وصول رئيس ديمقراطي ستتصلب هذه الأكثرية وتحاول إجراء تغيير في العلاقات مع السعودية وفي ملف اليمن، والضغط لحل أزمتها بالوسائل السياسية، ما يعني اعترافا بقوة الحوثيين وحقهم في المشاركة بالسلطة.

في الموضوع السوري، فمواقف الجانبين متشابهة بشكل عام فيما يتعلق بدعم الأكراد، إلا أن المفارقة في أن المعارضة انتقدت الرئيس الأميركي لعقده اتفاق وقف إطلاق نار مع الرئيس أردوغان، وسحب الأكراد جزئيا من شمال سوريا، ولكن هذه المعارضة ستحاول سحب القوات الأميركية من شمال شرق سوريا، وهذا يعني أن مواقفهم ليست مبنية على مشروع جيوسياسي، وإنما على مبدأ معارضة ترمب، ومن المتوقع أن تكون السياسة الخارجية البديلة بحال عدم نجاح ترمب هي العودة إلى سياسات الرئيس السابق أوباما، وعقد اتفاق جديد مع المحور الإيراني لترتيب الأمور مع الأخذ بعين الاعتبار مشكلة وجود الأسد.

ليبيا لن تكون بمنأى عن التغيرات، فإذا جاءت إدارة ديمقراطية فستقف إلى جانب حكومة طرابلس من ناحية، وتحاول إدخال الأمم المتحدة لحل هذه الأزمة، وبالتالي قد تصطدم مع السياسة المصرية- الإمارتية تجاه ليبيا، أما فيما يتعلق بالعلاقة مع تركيا فسيكون هناك تناقض، فمن ناحية تنتقد بعض أطراف الأكثرية النيابية أداء حكومة تركيا في سوريا، ولكن هناك عدة أعضاء من الكتلة الراديكالية لا سيما النائبة إلهان عمر، يشددون على فتح قناة حوار مع أردوغان وحكومته، مما قد يعقّد علاقة واشنطن بأنقرة في العام التالي إذا نجحوا في الانتخابات الرئاسية.

الخلاصة الكبرى تقول إنه يمكن التكهن بأن السياسة الأميركية بحال عدم فوز ترمب ستعيد البلاد إلى ما كانت عليه الأوضاع خلال حكم الرئيس أوباما، إلا أن الوقائع التي تطورت في عدد من هذه الدول، ومنها الثورات الثلاث في لبنان والعراق وإيران، والإصلاحات القائمة في السعودية، ستشكل تحديا لإدارة ديمقراطية لصعوبة تجاوزها على الصعيد الفكري والسياسي، إذ إن الحجج لدى الدوائر التي تعمل على طريقة الرئيس أوباما لناحية عدم التضامن مع هذه الثورات المدنية ستكون ضعيفة أمام معارضة جمهورية، لن تكون أقل شراسة من المعارضة الديمقراطية الحالية. هذه هي دورة الحياة السياسية في واشنطن ويجب الانتظار حتى الصيف المقبل لمعرفة الاتجاهات العامة ومدى إمكانية حصول أي تغيير.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء