Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ترمب يسلم آسيا للصين بعد الاعتراف بمبادرة "الحزام والطريق"

انتصار صيني وتشيكك في التزام الرئيس الأميركي القيادة الاقتصادية بالقارة

مراسم توقيع المرحلة الأولى من الاتفاق التجاري بين أميركا والصين (أ.ف.ب.)

وقّعت الولايات المتحدة والصين في البيت الأبيض يوم أمس، المرحلة الأولى من الاتفاقية التجارية بينهما. وتضمنت موافقة واشنطن على عدم زيادة الضرائب الجمركية العقابية المفروضة على الصين، وبالمقابل وافقت بكين على استيراد المزيد من المنتجات الأميركية بقيمة 200 مليار دولار على مدى العامين المقبلين. وتشمل الواردات السلع المصنعة وموارد الطاقة والخدمات والمنتجات الزراعية.

ما بدى لافتا في الاتفاقية التجارية الموقعة بين البلدين، تضمنها اعترافا أميركيا بأهمية مبادرة "الحزام والطريق" الصينية، وهي المبادرة التي تعكس رؤية الصين الكبرى لزيادة الترابط الاقتصادي داخل آسيا، عبر تخصيص استثمارات ضخمة في الطرق والسكك الحديدية والشحن لربط الصين وشرق وجنوب شرق آسيا وأوروبا. الرئيس الصيني شي جين بينغ كان قد التزم ضخ ما قيمته 124 مليار دولار في استثمارات البنية التحتية.

ستجد الصين في اعتراف الولايات المتحدة بمبادرة "الحزام والطريق"، انتصارا لطموحاتها في آسيا. ما حصل هو أن الصين استجابت بذكاء لحاجة ترمب الملحة للصفقة ولتحقيق النصر، في وقت يواجه فيه حربا شعواء من الحزب الديمقراطي الذي يسعى لعزله. إدارته كانت بحاجه لأن تُظهر للشعب الأميركي أن خطابها التجاري الحاسم مع الصين قد أجبرها على الجلوس إلى طاولة المفاوضات والقبول بالإملاءات الأميركية التجارية، من خلال توفير بعض سبل الوصول إلى الأسواق من أجل الحصول على تنازلات سياسية واقتصادية أكثر قيمة بكثير.

ناصر السعيدي، المتخصص في الشؤون الاقتصادية الدولية ووزير الاقتصاد والتجارة اللبناني الأسبق، قال في تصريحات لـ"اندبندنت عربية"، إن اعتراف الولايات المتحدة بمبادرة "الحزام والطريق" الصينية، تحول مهم للغاية ينبغي التركيز عليه، وبخاصة أن المبادرة كانت وسيلة مهمة بالنسبة إلى الصين لتوسيع تجارتها في كل آسيا وصولاً إلى أوروبا. وأضاف أن النقطة الرئيسة تكمن في حقيقة الأمر في كوننا سنشهد في السنوات المقبلة انسحابا تدريجيا للصين من العلاقة الوثيقة التي كانت تربطها مع أميركا، بكين لن تظل معتمدة عليها كشريك اقتصادي وتجاري كما  فعلت في الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار السعيدي إلى أن العالم سيشهد تحولاً في العلاقات التجارية والاقتصادية بين الصين ودول آسيا، وهو الأمر الأهم، كما باقي الدول الأخرى بطبيعة الحال بما فيها دول أفريقيا، مضيفًا أنه باعتراف ترمب بمبادرة "الحزام والطريق" الصينية يكون بذلك قد سلّم آسيا للصين. وهو أيضا اعتراف بأن آسيا وأفريقيا سيكونان جزءا من توسع الصين الاقتصادي والتجاري.

زيادة الترابط الاقتصادي بين الصين والمنطقة عبر مبادرة "الحزام والطريق" يمكن أن يخلق حواجز جديدة أمام الصادرات والاستثمارات الأميركية من خلال تصدير المعايير الصينية. على سبيل المثال يعكس تطوير وصلات السكك الحديدية عالية السرعة عبر جنوب شرق آسيا، رغبة في قبول المعايير الصينية، مما يخلق حواجز أمام التقنيات الأميركية المنافسة، وبالتالي يمكن تصدير المعايير الصينية عبر مجموعة كاملة من استثمارات البنية التحتية مثل الاتصالات والطاقة.

العديد من الروابط الاقتصادية الإقليمية التي يتم تطويرها بموجب مبادرة "الحزام والطريق" لها أهمية استراتيجية أوسع. على سبيل المثال، فإن تطوير ميناء جوادار في باكستان سيمنح الصين الوصول إلى المحيط الهندي لأغراض تجارية، ويمكن أن يكون بمثابة ميناء في المياه العميقة للبحرية الصينية.

اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP)

في جزء من مبادرة "الحزام والطريق" استجابت الصين للولايات المتحدة التي قادت اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (TPP). وتتمثل الأهداف الاقتصادية في توسيع التجارة والاستثمار وتطوير قواعد إقليمية تركز على القيادة الأميركية. بالنسبة إلى الولايات المتحدة، فإن لاتفاقية الشراكة أهدافا جيوستراتيجية مهمة لدعم إعادة التوازن الأوسع لواشنطن وتعزيز حلفاء الولايات المتحدة.

مبادرة "الحزام والطريق" الصينية أوجدت وسيلة بديلة لتوسيع تجارة الصين واستثماراتها مع المنطقة، مع إعطاء دفعة للدبلوماسية الصينية من أجل دور قيادي أكبر.

بعد قرار ترمب سحب الولايات المتحدة من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، لم يعد يوجد لها جدول أعمال للتجارة والاستثمار في آسيا مقارنة بطموحات المبادرة الصينية. علاوة على ذلك، تقود الصين مفاوضات التجارة الإقليمية الشاملة للشراكة الاقتصادية التي تضم 16 دولة آسيوية، والتي بمجرد اكتمالها ستوفر للتجارة والاستثمار التفضيلية بما يضرّ الأعمال التجارية في الولايات المتحدة.

واليوم نشهد تقليص السياسة التجارية الأميركية في آسيا إلى اتفاقية تجارة حرة ثنائية محتملة مع اليابان، والتي - حتى لو بدأت- تستغرق سنوات حتى تنتهي ولن تحتوي على أي من القواعد الإقليمية لوضع القواعد والمعايير.

اعتراف الولايات المتحدة بأهمية مبادرة "الحزام والطريق" سيعزز التصور بأن الولايات المتحدة تمنح الصين مساحة لممارسة قيادة إقليمية أكبر. يبدو أن هذه النتيجة هي مردود لعدم وجود استراتيجية اقتصادية متماسكة لآسيا. كما أن ذلك يزيد من عدم اليقين بشأن التزام إدارة ترمب القيادة الاقتصادية في آسيا نتيجة لقراره.

عبد العظيم الأموي، المتخصص في الاقتصاد الدولي، تابع الشق التجاري للاتفاقية الموقعة، ويقول إنها تعتبر نصرا سياسيا للرئيس ترمب، ويرى أن المعضلة الأساسية في الاتفاقية التجارية المؤلفة من 94 صفحة والمتضمنة ثمانية فصول والتي تتطرق للعديد من القضايا الشائكة بين البلدين، تتمثل في موضوع آلية الرقابة، فلا يوجد ضمانات كافية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه بين أميركا والصين.

وأشار الأموي إلى أن الفصل الثامن من الاتفاقية مختص بعملية التقييم والإلغاء، ولكن المشكلة أن الاجتماع المشترك لتقييم  عملية التنفيذ لما اتفق عليه على الأرض سيكون كل 6 أشهر، مضيفا أنه وعلى الرغم من توقيع المرحلة الأولى من الاتفاقية والتي لاقت ترحيبا في الأسواق العالمية، فإنه ينبغي أن نتوقف عند التفاصيل، فالمشكلة ستكمن في التفاصيل، للوقوف على ضمانات التنفيذ من الجانبين. الجانب الأميركي علّق عقب توقيع الاتفاقية بالقول إن الضمانة الأهم تكمن في مدى التزام الصين تنفيذ الاتفاقية.

ولفت الأموي إلى أن المرحلة الأولى من الاتفاقية لم تناقش موضوع الرسوم الجمركية، ولكنها تطرقت للأسباب التي دعت إلى فرض تلك الرسوم الجمركية، والتي وُلدت بفعل الاختلالات التجارية.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد