Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الإيرانيون سيدفعون ثمن المواجهة مع الولايات المتحدة

تعزّز الأحداث التي بدأت بمقتل قاسم سليماني حملة لدونالد ترمب الانتخابية، لكن بالنسبة للإيرانيين العاديين، فإنها تُنذر بسنوات من القمع الشديد

إيرانيون يتظاهرون في طهران احتجاجا على اسقاط طائرة الركاب الأوكرانية (أ.ف.ب) 

لم يُسفر الهجوم الإيراني على قاعدتين أميركيتين في العراق، الذي جاء رداً على القتل الأميركي للقيادي البارز قاسم سليماني، عن وقوع إصابات. وبدا الرئيس الأميركي هادئاً يوم الأربعاء الماضي عندما قال في مؤتمر صحافي إن الهجوم لم يخلّف ضحايا في الأرواح بين الأميركيين ولم يُلحق سوى أضرار طفيفة بالقواعد التي هوجمت في العراق.

اعتُبر خطاب ترمب نهاية للتوترات الكبرى بين إيران والولايات المتحدة. بالمقابل، أعلن  وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف في تغريدة وقفاً لإطلاق النار، إذ قال إن "إيران قد اتخذت واستكملت إجراءات متناسبة."

في غضون ذلك، لم يسعَ ترمب لإشعال حرب يمكن أن تقلل من فرص إعادة انتخابه. فهو أمر باغتيال قائد عسكري قوي للغاية كان اسمع يبعث على الخوف في المنطقة وبين حلفاء الولايات المتحدة. ومع أن أياً  منهم ربما لا يستطيع الترحيب علانيةً بزوال سليماني، من البديهي أنهم كانوا سعداء بما فعله ترمب.

ولأسباب عدة، ليس أقلها ضعفها العسكري، لا تستطيع الجمهورية الإسلامية أبداً مواجهة أميركا على نحو مباشر. ونتيجة لذلك، قررت حصر هجماتها على القواعد الأميركية التي أُخليت بالفعل في البلد الأجنبي الذي اغتيل فيه القائد الإيراني.  وأفادت الأنباء أن إيران أبلغت المسؤولين الأميركيين عن الهجوم مسبقاً لضمان عدم سقوط ضحايا أميركيين.

غير أن هناك سُبلاً أخرى لدى إيران للانتقام من الولايات المتحدة ومضايقتها من خلال أفعال الميليشيات التابعة لها في المنطقة، وتهديد حركة الشحن عبر باب المندب إلى مياه الخليج وبحر عمان، ناهيك عن الهجمات الإلكترونية التي يمكن بطريقة أو بأخرى  أن تسبب ضرراً للولايات المتحدة في المستقبل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحتى لو لم يكن انتقام إيران متناسباً مع الغضب والحزن اللذين تشعر بهما، فإن تداعياته يمكن أن تزيد التوتر في المنطقة وتعزّز مجموعات المحافظين والمتطرفين في الإدارة الإيرانية، إلى حدّ ربما يكفي لإيصال شخصية عسكرية إلى السلطة في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

بالنسبة لدونالد ترمب، يعتبر اغتيال سليماني، مثل اغتيال زعيم داعش أبو بكر البغدادي قبل ذلك، نقطة مهمة في سجله وهو يتابع حملة إعادة انتخابه.

يستطيع ترامب الآن أن يقول لزملائه الجمهوريين والناخبين إنه لم يدفع بأميركا إلى حرب جديدة، وأنه حافظ على وعده رغم التوتر الكبير مع إيران. ومع رحيل سليماني وإضعاف إيران، يمكن استئناف محادثات السلام مع طالبان والانتهاء منها بسرعة قبل الانتخابات الأميركية.

في نهاية المطاف، يستطيع ترمب الادعاء بأنه خلال أربع سنوات من حكمه عزّز الأمن الأميركي وقاد البلاد إلى الازدهار الاقتصادي، وهذا هو ما يهم الناخب الأميركي.

لكن بالنسبة للشعب الإيراني، ستكون المحصلة من كل هذا حياةً أكثر صعوبة ومزيدًا من القمع في دولة بوليسية متسلطة على نحو متزايد.

تواجه إدارة آية الله خامنئي خيارات محدودة. من الواضح أنه في ظل الظروف الحالية، لن تدخل الجمهورية الإسلامية أبدًا في مفاوضات مع الولايات المتحدة. وبالتالي ستستمر معاناتها في ظل العقوبات الاقتصادية، التي ستزيد الضغط غلى الإيرانيين، ونتيجة لذلك سيبدأ فصل جديد من القمع.

قالت كيلي كرافت، وهي مبعوثة ترمب إلى الأمم المتحدة، إن الولايات المتحدة مستعدة للتحدث مع طهران "بدون شروط مسبقة،" وقد تكرر هذا الموقف في خطاب ترمب يوم الأربعاء. لكن من الواضح أن طهران لن تتعامل مباشرة أو عن طريق وسطاء مع الولايات المتحدة برئاسة دونالد ترمب.

لقد دفع الشعب الإيراني حتى الآن ثمن التوتر والاختلافات بين الجانبين في ظل المصاعب الاقتصادية والإذلال وضعف المعنويات. ويبدو الآن أنهم سيدفعون أيضاً ثمن دم سليماني.

منذ اغتيال الجنرال يوم الخميس الماضي، لقي أكثر من 200 شخص مصرعهم في حوادث ذات صلة.  فقد قُتل ما يزيد على 50 شخصا يوم الثلاثاء  الماضي في تدافع خلال جنازة سليماني في مسقط رأسه كرمان. وفي الساعات الأولى من يوم الأربعاء، بُعيد بدء الهجوم الإيراني على القواعد الأميركية في العراق، سقطت طائرة مدنية تابعة لشركة الخطوط الجوية الأوكرانية في ضواحي طهران، ما أسفر عن مقتل 176 شخصاً على الأقل، 147 منهم مواطنون إيرانيون، وفقاً للسلطات الإيرانية.

وبعد مضي وقت قصير على تحطم الطائرة، أشار المسؤولون الأميركيون والأوكرانيون والكنديون  إلى أدلة على إصابتها بصاروخ إيراني أرض جو.  لكنّ إيران أصرّت في البداية على أن الكارثة ناتجة عن عطل في المحرك، قبل أن تعترف في النهاية بأنها بالفعل وقعت جرّاء ضربة صاروخية.

لا يمكن لهذه الأخبار المحزنة إلا أن تزيد من مأساة ومعاناة الإيرانيين. ولذا فشلت محاولات المسؤولين لاستغلال جنائز سليماني التي نُظمت في مدنٍ إيرانية مختلفة بهدف تحقيق مكسب سياسي وإثارة الغضب الجماعي ضد الولايات المتحدة وتعزيز الوحدة الوطنية.

والنتيجة هي دخول إيران في مواجهة مع المجتمع الدولي الذي يسعى لتحقيق شفاف في حادث الطائرة، الذي أدخل الإدارة الإيرانية في أزمة لم يكن لترمب فيها أي دور.

( كاميليا انتخابي فرد هي رئيسة تحرير "اندبندنت فارسي") 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من تحلیل