Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أم بريطانية تشن حملة لمنع الإرهابيين من تحويل الصغار إلى متطرفين

فيغن موراي: "أنا لا أستطيع إعادته إلى الحياة لكني أستطيع القيام بهذا للتأكد من أن أمهات أخريات لن يعانين هذا الأسى"

صورة مارتين هيت في مراسم تأبينه (غيتي)

قالت فيغن موراي: "إذا استطعت منع طفل واحد من أن يصبح متطرفا، فإن ذلك سيكون اليوم الذي أعرف فيه أن موت مارتين لم يذهب عبثا."

كان ابنها مارتين هيت، 29 سنة، واحدا من 22 شخصا قتلوا في تفجير قاعة "مانشستر أرينا" عام 2017، وهو واحد من آلاف المعجبين بالمغنية آريانا غراندي الذين كانوا يخرجون من المكان لحظة تفجير سلمان عابدي المناصر لتنظيم داعش نفسه بين الحشد.

وبعد مضى عام على الهجوم الإرهابي الانتحاري، بدأت أمه مهمة إيقاف شباب آخرين من الانجرار إلى نفس الطريق الذي اتبعه الإرهابي.

فحتى الآن، تكلمت مع 6 آلاف من طلاب المدارس الثانوية في شتى أنحاء إنجلترا، حاثةً إياهم على مواجهة التأثير الرهيب لتفجير مانشستر ومساعدتهم على مقاومة التطرف الذي كان وراء ذلك العمل الإرهابي.

وفي هذا الصدد قالت موراي لصحيفة الاندبندنت: "أشعر فعلا بأني أستطيع  فقط منع ذلك الصغير الذي قد يسير في الطريق الذي يجعله متطرفا- إذا سمعوا قصتي فإنها قد توقفهم" .

وقد زارت موراي، 58 سنة، مدارس في أرجاء إنجلترا، من بلاكبول إلى ساوثهامبتون، بما فيها تلك التي درس فيها عابدي نفسه.

وكانت أول مدرسة ذهبت إليها هي أكاديمية برناج للبنين مع مايك هَينز، شقيق عامل الإغاثة، ديفيد هَينز، الذي كان واحدا ممن قطعت رؤوسهم من الرهائن على يد تنظيم داعش عام 2014.

قالت موراي: "أتذكر أني حين كنت أمشي لحظة عبوري بالبوابة الأمامية جاءتني هذه الفكرة:  هذا غريب، أنا أتنفس الهواء نفسه الذي تنفسه، كان ذلك شيئا عجيبا".

لكنها عادت لتتكلم، أولا مع طلاب السنة الأولى ثم مع طلاب صفوف السنة التاسعة.

ومثلما فعلت في مدارس أخرى، أخبرت موراي التلاميذ بموت مارتين والتجربة القاسية التي مرت بها أسرته، قبل أن تدعوهم لطرح الأسئلة.

وقالت إن الكثير من الصغار سألوها لمَ سامحت عابدي وكيف هي تحتمل المصاب: " قالت لي بنت هناك: "فقدت أختي قبل سنوات قليلة هل يمكنك أن تعطيني ملاحظات عن كيف نتحمل الحزن؟"

"أخبرتها بإمكانية كتابة يوميات أو كتابة رسائل للفقيدة، وأنا أخبرتها بأني كنت أتكلم مع مارتين طوال الوقت. أن أتكلم معه كثيرا، وأفكر فيه كثيرا".

سأل الصغار موراي ماذا ستخبر ابنها إن هي استطاعت فعل ذلك، فأجابت: "سأقول له: رجاء لا تذهب إلى الحفلة، ابق معي".

كان مارتين واحدا من أوائل الضحايا الذين تم التعرف عليهم في وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أخبر الصحافي الذي ذهب إلى بيت أسرته بعد مرور ساعات قليلة على الانفجار، اخته بموت أخيها قبل تأكيد حدوثه رسميا.

كان مارتين يعمل كاتبا ومديرا للعلاقات العامة، لكن كان لديه آلاف الأتباع على تويتر، وكان يعمل فيديوهات ويضعها على موقع يوتيوب، وقد أصبح معروفا بسبب الوشم المشابه لما كان ديردر بارلو (الشخصية البارزة في مسلسل كورونيشن ستريت التلفزيوني) يحمله، وفاز بالظهور في برنامج "تعال وتعش معي".

وقد جلب أنظار الكثيرين إليه في نوفمبر(تشرين الثاني) 2016، بعد وضع صورة لقطع فنية حاكتها أمه ولم تُبَع في معرض حِرَفي، على صفحته، ما جلب عددا كبيرا من الزبائن لمحل أمه الانترنتي.

وفي آخر تغريداته على موقع تويتر يوم 22 مايو(أيار) 2017، كتب مارتين عن ذلك اليوم قائلا: "تناول مشروب بروسيكون ومشاهدة آريانا" قبل الحفلة الغنائية ووضع صور له مع شريكته، على صفحته وإرسال طرائف عبر هاتفه الجوال قبل ساعة على وقت الانفجار.

أفادت موراي بأنها بدأت تسامح عابدي بعد مشاهدة صورة له في جريدة بعد ثلاثة أيام فقط على تفجير نفسه في مسرح "مانشستر أرينا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

"بقيت وقتا طويلا أتطلع فيها وأنا أفكر: "يا إلهي، إنه صغير جدا جدا، ما الذي دفعك لفعل ذلك؟"

وبعد مضي أسابيع، كانت تقرأ في صحيفة عقب هجوم فينزبري بارك، حيث قام شخص يميني متطرف بدهس مسلمين بسيارة شحن بالقرب من مسجد في لندن، فشاهدت صورة الإرهابي دارن أوزبورن محاطا بحزام بشري من المصلين ورجل دين لحمايته من الحشد الغاضب.

قالت موراي: "وسط كل تلك الفوضى والتشوش والرعب، هؤلاء الرجال قرروا حماية هذا الرجل... هم قرروا ما يجب فعله في تلك اللحظة، وأنا علي أن أقرر أيضا."

اتصلت آنذاك بمحطة الـبي بي سي، وظهرت على شاشة التلفزيون في اليوم اللاحق لتسامح علنا عابدي.

والآن هدفها هو توفير طريق للصغار، خصوصا في مانشستر الكبرى، لمناقشة التفجير وقضايا أوسع عن الإرهاب وفجيعة فقدان الأحبة.

وتأمل موراي أن تحميهم من التطرف، قائلة إن من بين مجموعة تضم 100 مراهق كان هناك ما بين 60 و80 طالبا رفعوا أيديهم حين سألت ما إذا كانوا شاهدوا مواد إرهابية على الانترنت.

وأكدت قائلة إن "إحدى بناتي ذهبت إلى الفيسبوك وشاهدت فيديو يتم فيه قطع رأس إنسان، قبل عدة سنوات... الانترنت يستهدف تلاميذ المدارس الثانوية، وهذه ظاهرة متفشية."

عادة، ينتهي حديث موراي مع الطلاب بدعوتهم إلى القيام بنشاطات ما، حيث يُطلب منهم كتابة أعمال " الإحسان العشوائي" التي سيقومون بها.

ومع استمرارها في زيارة المدارس، تقوم موراي أيضا بحملة لزيادة الإجراءات الأمنية في الأماكن التي تنظم فيها الحفلات وتدرس بدوام جزئي للحصول على درجة ماجستير في مكافحة الإرهاب بجامعة "سنترال لانكشر".

وقد أيقظ فيديو، يتمرن إرهابيون فيه على كيفية القيام بعمل إرهابي، ذاكرتها لجسد مارتين، لكنها مع ذلك ظلت دؤوبة على الاستمرار في دراستها لـ"فهم جوهر الإرهاب".  

رددت موراي أنه "ليس فقط عما يحدث وكيف تحقق الإرهاب على أرض الواقع فقط بل ما تم فعله لمواجهته... الدراسة تساعد على إعطائي إجابات".

وأكدت موراي أن أبناءها الأربعة يساندون حملتها، التي أصبحت جزءا من عملية تجاوز العائلة لحزنها بفجيعة فقدان مارتين.

علقت مازحة أن ابنها المتوفى "يجلس على كتفي،  معطيا إياي ألما في أذني".

أضافت الأم الثكلى: "لا أعرف ماذا يمكنني أن أفعل مع نفسي... أشعر بأني أعمل مع مارتين في تذكره، وأنا الآن أم مارتين اكثر من أي وقت سابق. أنا لا أستطيع إعادته إلى الحياة لكني أستطيع القيام بهذا للتأكد من أن أمهات أخريات لن يعانين هذا الأسى."

 

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من الأخبار