Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اتهامات أردنية لحماس بالانتهازية السياسية بسبب سليماني

"الجنرال الإيراني قدم للحركة ما لم يقدمه آخرون ونجح في تحويلها إلى حزب الله الفلسطيني"

رئيس المكتب السياسي لحركة حماس اسماعيل هنية مشاركاً في تشييع قاسم سليماني في إيران (رويترز)

"سليماني شهيد القدس"... عبارة كررها رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية ثلاث مرات خلال تقديمه العزاء في الجنرال الإيراني قاسم سليماني في طهران، كانت كفيلة بإشعال غضب ونقد شديدين على مواقع التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى سجال وتراشق بين الإسلاميين في الأردن على اختلاف انتماءاتهم.

فقد عبر العديد من الأردنيين خصوصاً بعض المنتمين أو المحسوبين على جماعة الإخوان المسلمين، عن امتعاضهم من كلمات هنيّة "المبالغ" بها على حد تعبيرهم. وبينما حاول طرف ثان تبرير موقف الحركة تجاه إيران، توقع طرف ثالث خسارة "حماس" لجزءٍ وازنٍ من شعبيتها في الشارع الأردني جراء هذا الموقف.

تناقض ومبالغة

وانتقد ناشطون موقف "حماس" عموماً، ورأوا فيه انتهازيةً سياسيةً وتناقضاً كبيراً ومبالغة لم تقف عند حد وصف سليماني بـ "الشهيد"، وإنما القيام بزيارة منزله ولقاء ذويه.

وتساءل البعض كيف يمكن أن يكون سليماني "شهيد القدس" وفي معتقده لا قدسية للقدس ولا وجود للمسجد الأقصى؟

وذكّر آخرون هنيّة بآلاف الضحايا من الشعب السوري والفلسطيني، الذين يتحمل سليماني مسؤولية قتلهم على يد المليشيات الإيرانية، وتساءل منتقدون بتهكّم واضح، "كيف وصل هنيّة إلى طهران للمشاركة في جنازة سليماني بهذه السرعة؟"، في وقت قدم آخرون تبريراً لموقف الحركة بالنظر إلى الحصار الذي يفرض على قطاع غزة منذ سنوات، مع انعدام مصادر التمويل، معتبرين أن من ينتقد الحركة يزايد على المقاومة.

انتقاد لاذع    

ومن بين هؤلاء برز موقف الدكتور رحيل غرايبة أحد رموز الإخوان المسلمين سابقاً، قبل أن ينشق عن الجماعة ويرأس اليوم "المجلس الوطني لحقوق الإنسان"، والذي ذكّر الجمهور الأردني أن كلاً من واشنطن وإيران لديه مصالحه التي يعمل لأجلها، وأنها لا تعمل لصالح العرب بحال من الأحوال.

وقال الإعلامي عمر عياصرة المقرب من جماعة الإخوان، "على حماس تفهم غضب أنصارها حيال موقفها من مقتل سليماني، وعلى الأنصار تفهم سلوك الحركة والتماس العذر لها".

في حين كتب الناشط الحراكي محمد كساسبة على صفحته في موقع "فيسبوك"، رداً على "حماس"، "لعنة الله على سليماني ومن ترحّم عليه بعلم ومن ترحّم عليه بجهل عليه أن يستغفر الله، فرق كبير بين مدرسة الرنتيسي وانبطاح هنيّة ومن والاه".

"المبالغة بالتمجيد"

في حين اعتبر الإعلامي الإسلامي ينال فريحات، أن "المبالغة بتمجيد سليماني مرفوض"، مضيفاً "لا والله ما هو بشهيد القدس، بيان التعزية ممكن فهمه سياسياً وتبريره شرعياً، لكن تزكية قاتل أوغل في دماء المسلمين بشكل مبالغ فيه غير مقبول".

كذلك، علق الباحث علي باكير بالقول "موقف حماس لا يمكن الدفاع عنه ولا بشكل من الأشكال، وإذا جرى دفعهنّ عنوة لهذا الكلام فتلك مصيبة، وإذا لم يكن كذلك فالمصيبة أكبر".

أما الباحث في الجماعات الإسلامية محمد خير موسى، فكتب قائلاً "(فشر) قاسم سليماني أن يكون شهيد القدس، فشهيدُ القدس لا يحاصرُ ويدمّر مخيّم اليرموك ويقتل المئات من أبناء فلسطين ‏جوعاً ويحقّقُ أمنية شارون التي قال فيها (لك يوم يا مخيّم اليرموك)".

وعلق بسام العموش الوزير الإخواني السابق والسفير الأردني سابقاً لدى طهران، على كلمات إسماعيل هنيّة، قائلاً "لم تعد القضية مجاملة وضرورة بل قناعة وانتفاخ أوداج".

"حماس" تخسر شعبيتها

ويبدو أن الجدل لم يقف عند الأردنيين فقط، بل تعداه إلى شخصيات عربية وإسلامية من بينهم الكاتب التركي المعروف إسماعيل ياشا الذي انتقد الحركة بشدة، وقال في تغريدة على "تويتر"، "اليوم انتهى ما بقي في قلبي من حب لحماس مع استمرار حبنا للقضية الفلسطينية وقضية القدس والأقصى"، وتابع "ولا يكتب لي أحد من مبررات أصبحت مقرفة لكثرة ما سمعناها، صحيح أن سليماني قدم لحماس ما لم يقدمه آخرون، ولكنه في الوقت ذاته نجح في تحويلها إلى حزب الله الفلسطيني".

حالة الاستقطاب الحاد هذه في الشارع الأردني ليست الأولى حيال "حماس"، فقد دخل الأردنيون في سجال كبير قبل سنوات وتحديداً حول الأزمة السورية، بين أغلبية ترى فيها ثورةً لشعب مظلوم وأقلية تناصر نظام بشار الأسد وتعتقد أنها مؤامرة كونية ضده.

خطأ في التعبير

ومع بدايات الثورة السورية انتقد كثير من الأردنيين موقف "حماس" المتأخر، وما يحدث هناك من مجازر وقتل ضد الشعب السوري، كما خسرت الحركة بعضاً من شعبيتها عندما قررت أخيراً إعادة العلاقات مع النظام السوري.

ويرى الإعلامي والمحلل السياسي أحمد فهيم أن موقف "حماس" من إيران عموماً ومن حادثة مقتل سليماني خصوصاً، يبرره تلقيها دعماً حقيقياً من إيران.

ويستدرك فهيم بالقول "حماس أخطأت في التعبير عن تضامنها مع إيران على هذا الشكل الفج، والذي أفقدها بلا شك جزءاً من شعبيتها في فلسطين والوطن العربي، ذلك إن إيران تلطخت أيديها بدماء مدنيين عزل ضمن صراع مذهبي محموم على مدى سنوات طويلة، وأحبطت الربيع العربي في سوريا وتعمل على إحباطه الآن في العراق".

قطيعة مع النظام الأردني

وكان استطلاع رأي نشره معهد واشنطن أظهر شعبية الحركة داخل الأردن قياساً بالدول العربية الأخرى، لكن الاستطلاع أظهر أيضاً انخفاضاً لافتاً في شعبية الحركة قياساً بالسنوات الماضية.

خلافاً لذلك، ثمة قطيعة اليوم ما بين الحركة والنظام الأردني الذي سمح بوجود رسمي لـ "حماس" في الأردن بعد أزمة الخليج وفي عهد الملك الراحل الحسين بن طلال.

وتعددت أسباب الملك الأردني آنذاك لاحتضان الحركة على الأرض الأردنية، ما بين قطع الطريق على سلطة ياسر عرفات التي ذهبت للتفاوض مع الجانب الإسرائيلي بشكل منفرد، ومحاولة إبعاد "حماس" عن إيران والمحور السوري.

 وفي عام 1999، ومع تسلم العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني سلطاته الدستورية، أنهى وجود المكتب السياسي لـ"حماس" في عمان، وجرى إبعاد خمسة من قادة الحركة من الأردن إلى قطر، لتبدأ بعدها قطيعة طويلة بين الطرفين عززها القبض على خلية حمساوية اتُهمت بأنها تحاول إدخال أسلحة إلى الأردن من إيران عام 2006 .

وفي عام 2012، وبوساطة قطرية، استقبل العاهل الأردني خالد مشعل في عمان، برفقة أمير قطر الشيخ تميم، إلا أن هذه العلاقة سرعان ما عادت للفتور بعدما ألقي القبض على 16 شخصاً، فيما عرف وقتها بـ "خلية حماس" عام 2015.

 

المزيد من الشرق الأوسط