Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"رئيس الأغنياء" يساوي نفسه بباقي الفرنسيين

ماكرون يلغي المخصصات التي يحق له تقاضيها مدى الحياة في نهاية عهده

هل يستحق قرار الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، العدول عن المخصصات التي يحق له تقاضيها مدى الحياة في نهاية عهده، الصخب في فرنسا والخارج؟

قد تكون الإجابة نعم من حيث الظاهر، إذ إن قراره استثنائي وغير مسبوق ويجعل منه أول رئيس فرنسي يعدل عن هذه المخصصات التي تعود إلى كافة رؤساء الجمهورية السابقين بموجب قانون أُقر في أبريل (نيسان) 1955.

وتهدف هذه المخصصات، وقيمتها 6220 يورو شهرياً (6891 دولاراً)، إلى تأمين مستوى معيشة لائق لهؤلاء الرؤساء الذين يكونون عادة في سن تتراوح بين 64 و67 سنة عند انتهاء ولايتهم.

عدم الاستفادة

وينطوي قرار ماكرون على عدم الاستفادة من هذا الامتياز وإلغائه، بحيث لا يستفيد منه الرؤساء الذين سيحكمون من بعده، ولذلك أهمية بالغة الرمزية في إطار تنقية الحياة العامة، وخطوة نحو بناء الجمهورية النموذجية التي مثلت بنداً مهماً في سياق حملته الانتخابية.

وذهب ماكرون أبعد من ذلك في القرار الذي أعلنه قصر الإليزيه الرئاسي، وأكد في إطاره أن الرئيس الحالي لن ينضم وفقاً للتقليد المتبع إلى عضوية المجلس الدستوري، وهي بدورها عضوية مدى الحياة وتقترن بمخصص شهري يبلغ نحو 13 ألف يورو (14400 دولار)، وبالتالي تخلى ماكرون عما يبلغ نحو 19 ألف يورو شهرياً (21000 دولار).

أجور التقاعد

في المقابل، تساوي أجور التقاعد التي يتقاضاها كبار المصرفيين وكبار الموظفين في المجموعات الإنتاجية الخاصة، ما يمثل قدوة بارزة برسم رؤساء ومسؤولين كبار في دول عدة تعد مخصصاتهم ومكاسبهم حقاً مشروعاً وغير خاضع لأي تساؤل أو إعادة نظر.

لكن التدقيق في فحوى القرار والتوقف عند توقيت الإعلان عنه يحمل على القول بأنه ينطوي على مناورة لا تخلو من "الديماغوجية"، في ظل الوضع الاقتصادي المضطرب الذي تعيشه فرنسا، والإضرابات المستمرة منذ 5 ديسمبر (كانون الأول) الحالي في قطاعات عامة عدة، احتجاجاً على خطة حكومية لتوحيد نظم التقاعد في القطاعات المختلفة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

لا للدعاية

ولدى الإعلان عن القرار عبر صحيفة "لو باريزيان"، حرص قصر الإليزيه على نفي وجود أي هدف دعائي وراء القرار الذي يأتي وسط حالة من الاستياء الشعبي القصوى والعجز الرسمي عن زعزعة صفوف الاتحادات النقابية المتجمعة على مناهضة خطة توحيد نظم التقاعد.

ولدى التدقيق في القرار، يتضح أن إلغاءه لن يترك الرؤساء السابقين من دون أي مداخيل، بل إن المعنيين سيعرضون دراسة حول كيفية استبدال قانون عام 1955 بقانون جديد لم يكشف عن أي من تفاصيله، وعلم أنه سيكون مشابهاً لنظام التقاعد المطبق على الفرنسيين كافة.

أما بالنسبة إلى عدول ماكرون عن الانضمام إلى عضوية المجلس الدستوري، فينبغي التساؤل عن التوقيت، إذ إن الرئيس الفرنسي سبق وأكد أن هذا المجلس سيكون عرضة إلى الزوال في إطار خطة إصلاح المؤسسات الدستورية التي يعتزم تطبيقها.

والمرجح أن ماكرون يراهن على القرار في إطار مساعدته على استعادة شعبيته التي انحسرت منذ بدء ولايته الرئاسية إلى مستوى يقارب 24%، وكسب التأييد لصالح خطة توحيد نظم التقاعد التي يعترض عليها نحو 66% من المواطنين.

المقصود إذاً، القول للفرنسيين الذين يطلقون على ماكرون صفة "رئيس الأغنياء"، ويعتبرون إصلاحه نظم التقاعد بأنه جائر كونه يفرض تمديد سن التقاعد، إنه يعامل نفسه أسوة بهم ويطبق عليهم ما يطبقه على نفسه من منطلق "التجانس"، وفقاً للإليزيه.

والرغبة بالتجانس أكيدة وواضحة، لكنها غير مقنعة من وجهة نظر الفرنسيين، الذين يرون أنه لا مجال لمقارنة ومساواة أوضاعه بأوضاعهم، فهو اليوم، في سن 42، وإذا غادر الحكم عام 2022 أو 2027 سيكون في الخمسينيات، ما يترك له المجال متاحاً لجني مبالغ كبرى، كونه سبق وتقاضى 2.4 مليون يورو في عام واحد لدى عمله في مصرف "روتشيلد".

في حين أشاد رئيس مرصد الأخلاقيات العامة، النائب رنييه دوزيير، بخطوة ماكرون، معتبراً أنه من البديهي أن يخضع رئيس الجمهورية وسواه من مسؤولين لنفس نظام التقاعد المطبق على الفرنسيين، فيما رأت فيها المعارضة اليسارية مناسبة لتصعيد حملتها على الرئيس بطريقة لا تخلو بدورها من الدماغوجية، وقال رئيس حزب "فرنسا غير المنصاعة"، النائب جان لوك ميلانشون، إنه "أمر لا يطاق لأن الأسياد وكبار الأغنياء بإمكانهم الاستغناء عن المبلغ الذي قرر ماكرون الاستغناء عنه".

أما زعيم الحزب الاشتراكي الفرنسي، أوليفييه فور، فقال "قرر الرئيس الاستغناء عن امتياز، لكنّ أجر التقاعد ليس امتيازاً بالنسبة إلى الفرنسيين، بل حق راكموه طوال سنوات عملهم".

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات