Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

اكتتاب أرامكو والحرب التجارية... علامتا 2019

تيسير السياسة النقدية وعملة الـ"فيسبوك" المشفرة أحدثا جدلا اقتصاديا

عمال يركبون لوحة باسم وزارة الاقتصاد في مبنى وزارة العمل والتشغيل القديم في برازيليا (رويترز)

ساعات وينقضي عام 2019، والذي شهد أحداثا كبيرة وقرارات مهمة على المستوى الاقتصادي، شملت السياسات النقدية والاتفاقيات التجارية والاستثمار، وأيضا كانت التوترات الجيوسياسية حاضرة.

تأثرت حركة الأصول داخل المحافظ بهذه الأحداث، وتقلّبت شهية المستثمرين خلال العام، تارة بالإقبال على شراء الأصول ذات العائد المرتفع عالية المخاطر عندما تنخفض حدة التوترات، وتارة أخرى بالاحتماء خلف الملاذات الآمنة مع تصاعد الأحداث.

أيضا شهد هذا العام تراجع نمو الاقتصاد العالمي، وحدث انكماش في بعض الاقتصادات، مثل ألمانيا التي انكمش اقتصادها خلال الربع الثاني من العام، أيضا الصين مستمرة في تسجيل وتيرة نمو هي الأضعف خلال الثلاثة عقود الماضية، وتابعنا أيضا تطورات ملف البريكست حتى الانتخابات العامة وفوز بوريس جونسون. وفي منتصف العام أعلنت شركة الـ"فيسبوك" عن عملتها المشفرة الجديدة، تبع ذلك استجواب مارك زوكربيرغ في الكونغرس الأميركي، وتقلدت كريستين لاغارد مع نهاية العام رئاسة البنك المركزي الأوروبي، وأيضا تابعت الأسواق تمديد خفض إنتاج "أوبك+" وزيادة حجم خفض الإنتاج.

وأخيرا، تابع العالم أكبر عملية اكتتاب لشركة أرامكو في سوق الأسهم السعودية، والتي تأتي على رأس أهم الأحداث الاقتصادية خلال 2019. 

استمرار الحرب التجارية بين واشنطن وبكين

شهد عام 2019 استمرار الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، أميركا والصين، وتطورت وارتفعت حرارتها. فبعد 186 يوما على اندلاعها دخل الطرفان في مفاوضات تجارية لمدة ثلاثة أيام بالعاصمة الصينية بكين في 7-9 يناير (كانون الثاني) 2019، وهي أول مفاوضات مباشرة بينهما، وخرجت بهدنة لمدة 90 يوماً انتهت في 1 مارس (آذار) 2019، واستمر التواصل بينهما.

في 21 فبراير (شباط) 2019 عقدت جلسة مفاوضات في واشنطن، تبعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب بوعد تمديد الهدنة وأن لقاءاً سوف يجمع الرئيسان الأميركي والصيني في مارس (آذار) 2019 بفلوريدا لإتمام اتفاق التجارة (لم يحدث اللقاء). واستمرت المفاوضات دون جدوى، وفي 5 مايو (أيار) 2019، قال ترمب إن بلاده ستزيد التعريفات الجمركية على بضائع صينية قيمتها 200 مليار دولار من %10 إلى %25 (هذه الرسوم فرضت في سبتمبر 2018 وكان يفترض أن ترتفع في بداية عام 2019). وفي 13 مايو (آيار) أعلنت الصين فرض رسوم جمركية على بضائع أميركية تبلغ قيمتها 60 مليار دولار. وفي منتصف نفس الشهر وضعت الإدارة الأميركية شركة "هواوي" الصينية على لائحة الشركات الممنوعة من شراء المنتجات الأميركية.

وفي 1 يونيو (حزيران)، أعلنت الصين عن تعريفات جمركية على ثلاث مجموعات من البضائع الأميركية برسوم تتوزع من %10 إلى %15 ثم %25 على بضائع بقيمة 60 مليار دولار. بعدها هدّد ترمب برفع الرسوم الجمركية على بضائع صينية بقيمة 300 مليار دولار ما لم يتم اتفاق تجارة بين الجانبين.

وفي 1 أغسطس (آب) 2019، أعلن الرئيس الأميركي أن واشنطن ستفرض رسوما جمركية بنسبة %10 على بضائع صينية قيمتها 300 مليار دولار، تبدأ في 1 سبتمبر (أيلول). وفي 6 أغسطس، صنفت الولايات المتحدة الصين كدولة متلاعبة بالعملة، وتراجع سعر صرف اليوان الصيني إلى 7 مقابل كل دولار أميركي واحد.

في المقابل، أوقفت الشركات الصينية مشترياتها من السلع الزراعية الأميركية، وهذه كانت قمة التصعيد بين واشنطن وبكين.

وفي 23 أغسطس 2019 أعلنت الصين فرض رسوم جمركية على بضائع أميركية قيمتها 75 مليار دولار، تبدأ في 1 سبتمبر (أيلول). وفي 13 سبتمبر، وافق الطرفان على بداية الجولة الـ13 من المفاوضات التجارية لحل هذا النزاع التجاري الشائك. وفي 11 أكتوبر (تشرين الأول)، أعلنت واشنطن عن اتفاق تجاري بينها وبين بيكين وصفته باتفاق المرحلة الأولى (Phase 1)، وبموجب هذا الاتفاق ستشتري الصين منتجات زراعية أميركية بقيمة 40-50 مليار دولار، في المقابل ستعلّق واشنطن رسوماً جمركية على بضائع صينية.

وتصاعد الخلاف خلال أكتوبر ونوفمبر (تشرين الثاني). ثم في 13 ديسمبر (كانون الأول) توصل الطرفان لاتفاق حول "Phase 1"، وبموجبه توقف واشنطن رسوماً جمركية كانت تخطط لفرضها بعد يومين من هذا التوقيت على بضائع صينية قيمتها 160 مليار دولار، وأيضا تخفّض رسوما فرضتها في سبتمبر 2019 من %15 إلى %.7.5.

في المقابل، تعهدت الصين ضمن هذا الاتفاق أن تشتري منتجات أميركية قيمتها 200 مليار دولار خلال عامين. وبلغت قيمة البضائع الواقعة تحت الرسوم الجمركية خلال هذه الحرب التجارية المستمرة منذ نحو 18 شهراً 550 مليار دولار بضائع صينية، مقابل 185 مليار بضائع أميركية.

استمرار الحرب التجارية بين واشنطن وبكين كان له التأثير الأكبر على السياسات النقدية والقرارات الاستثمارية. 

تيسير السياسة النقدية في 14 بنكا مركزيا حول العالم

انعكس استمرار وتصاعد الحرب التجارية على أداء الاقتصاد ونمو قطاعاته المختلفة، وتراجعت مؤشرات القطاع الصناعي في مختلف دول العالم وتباطأ نمو الاقتصاد، وارتفعت المخاوف من أن ينزلق العالم نحو ركود اقتصادي، بعد أن ظهرت علاماته في أسواق السندات بانعكاس منحنى العائد واستمرار انكماش القطاع الصناعي.

هذا الوضع دفع البنوك المركزية حول العالم إلى الاتجاه نحو تيسير السياسة النقدية، فقام 14 بنك مركزي حول العالم بالتحوط وتغيير السياسة النقدية لتحفيز الاقتصاد عبر تيسير السياسة النقدية وخفض سعر الفائدة.

في المقابل، لم يغيّر 12 بنكا مركزيا من السياسة النقدية، منها خمسة بنوك مركزية انخفضت فيها أسعار الفائدة سابقاً إلى دون الـ%0.0 (فائدة سلبية)، هي المركزي في كل من أوروبا واليابان والسويد وسويسرا والدنمارك.

ومارس الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضغوطاً هائلة هذا العام على البنك الفيدرالي، ورئيسه جيروم باول، لمزيد من خفض سعر الفائدة. ورضخ الفيدرالي لهذه الضغوط وخفّض سعر الفائدة ثلاث مرات خلال 2019، أيضا تدخل بضخ السيولة، للمرة الأولى منذ 11 عاما. وكانت ضغوط البيت الأبيض أحد أسباب تحرك الفيدرالي، على الرغم من تفسيره بأن التغيير في السياسة النقدية سببه عوامل خارج الولايات المتحدة الأميركية وتخوف من ضعف التضخم. وما تزال مطالبات الرئيس ترمب مستمرة، وبدأ ينادي بالتيسير النقدي ومزيد من تحفيز الاقتصاد، ويرغب بوضوح في "دولار ضعيف" لمساعدة الاقتصاد، مستشهدا بسعر صرف العملة الصينية والعملة الأوروبية الموحدة.

تطورات ملف البريكست وفوز بوريس جونسون في الانتخابات 

شهد ملف البريكست تطورات كبيرة خلال هذا العام، حيث فشلت تريزا ماي في كسب أصوات البرلمان لصالح خطتها للخروج وفك الارتباط مع الاتحاد الأوروبي، ثم استقالت وخلفها بوريس جونسون رئيساً للوزراء في 13 يوليو (تموز) 2019.  وكان من المفترض أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (آذار) 2019، وهي المدة التي حددتها معاهدة لشبونة (24 شهراً بعد تفعيل المادة 50)، وتأجل هذا الموعد مرتين، وذلك بعد رفض مجلس العموم البريطاني اتفاقية تريزا ماي، وتأجّل للمرة الثالثة حتى 31 يناير (كانون الثاني) 2020.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أصبح بوريس جونسون رئيساً للوزراء في 13 يوليو 2019، وفاز في الانتخابات العامة البريطانية في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2019، ونجح في استبدال موضوع شبكة الأمان الخاصة بالحدود الأيرلندية (العقبة التي وقفت في وجه تريزا ماي) باتفاق جمركي جديد، وبموجب هذا الاتفاق تنشأ حدود جمركية بين إقليم أيرلندا الشمالية والمملكة المتحدة (تفاديا للحدود بين بلفاست ودبلن).

ومواكبةً لفوز حزب المحافظين في الانتخابات العامة البريطانية وتحقيقه الأغلبية، ارتفع الجنيه الإسترليني مقابل الدولار الأميركي إلى أعلى مستوى له خلال 18 شهراً. وتخشى الأسواق من عدم اليقين، وترحب بالمسار الواضح للبريكست رغم المخاطر القائمة، ولكن الأسواق على المدى القصير تفضّل حسم هذا الملف بوضوح.

بعد عودة البرلمان البريطاني، سيقدم رئيس الوزراء البريطاني خطته للخروج، ومن المتوقع أن يكسب تصويت البرلمان وستخرج بريطانيا في 31 يناير (كانون الثاني) 2020، وبعدها تدخل فترة انتقالية لتنفيذ فك الارتباط حتى 31 ديسمبر (كانون الأول) 2020. 

الـ"فيسبوك" تعلن عن مشروع العملة المشفرة الجديدة

في منتصف 2019، أعلنت شركة الـ"فيسبوك" رسميا عن مشروع عملتها المشفرة الجديدة "ليبرا" مع 28 شريكا مؤسسا. وفي أكتوبر (تشرين الأول)، طلب الكونغرس الأميركي مارك زوكربيرغ للشهادة لتوضيح المشروع الجديد، وقدّم بالفعل شهادته أمام اللجنة المالية بالكونغرس، وعلى إثره انسحبت كبرى شركات الخدمات المالية من المشروع، مثل فيزا وماستر كارد وباي بال. وأبدت السلطات التشريعية في واشنطن مخاوف بشأن الخصوصية واحتمال الاحتكار وصعوبة التشريع. ومعروف أن لـ"فيسبوك" أكثر من 2.4 مليار مستخدم نشط شهريا، وهذه قاعدة ضخمة من العملاء المحتملين، وهو ما يثير حفيظة صناع القرار والمشرعين.

شهادة زوكربيرغ كانت بعد الخطاب المفتوح الذي أرسله خمسة من أعضاء الكونغرس الأميركي في 2 يوليو (تموز) 2019، الذي تم إرساله إلى المديرين الثلاثة في "فيسبوك"، وحمل كثيرا من الاستفسارات والمخاوف بشأن العملة المشفرة الجديدة "ليبرا". أيضا نشطت حملات في أوروبا لمناهضة مشروع عملة الـ"فيسبوك" المشفرة الجديدة.

وعلى الرغم من انسحاب الشركاء، عقدت جمعية "ليبرا" اجتماعها في أكتوبر 2019 بجنيف، وتعهدت شركة الـ"فيسبوك" عدم طرح عملتها حتى تتحصل على التراخيص القانونية. 

الاكتتاب العام لجزء من أسهم أرامكو

أعلن ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن طرح جزء من شركة  "أرامكو" للاكتتاب في أبريل (نيسان) 2016، وتحقق هذا الطرح خلال 2019 بعد شهرين من الهجوم الإرهابي على منشآت نفطية للشركة. وخلال الفترة بين 17 نوفمبر (تشرين الثاني) - 4 ديسمبر (كانون الأول) 2019 تابع العالم الطرح الأضخم لشركة أرامكو، والذي طرحت للاكتتاب العام أسهم تعادل %1.5. وفي 29 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 نشرت شركة أرامكو تغريدة على حسابها في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، قالت فيها ''نشكر الملايين على ثقتهم بالاكتتاب في طرح أرامكو الأولي للأفراد، معاً نصنع التاريخ ونتطلع لمستقبل واعد''.

وكان الأربعاء 11 ديسمبر (كانون الأول) 2019 يوما تاريخيا لسوق الأسهم السعودية، حيث تم إدراج وتداول سهم شركة أرامكو ضمن قطاع الطاقة، بسعر 32 ريالا للسهم (8.5 دولار)، بقيمة سوقية بلغت 6.4 تريليون ريال ( 1.7 تريليون دولار)، وترّبعت "أرامكو" على قمة الشركات في العالم كأكبر شركة من حيث القيمة السوقية، وأزاحت "أبل" عن عرشها.

ويعد طرح أرامكو حجر الزاوية في برنامج التحول الاقتصادي الكبير الذي تنفذه السعودية ضمن رؤية 2030.

وارتفع سعر السهم إلى فوق مستوى 38 ريالا (10.1 دولار)، وتجاوزت القيمة السوقية مستوى التريليوني دولار، وهي القيمة التي حددها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد