Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بري والحريري يدعوان إلى "اليقظة"... والمحتجون يعودون إلى الساحات بعد ليل الفتنة

حثّا على مقاربة الاستحقاق بأجواء "هادئة تتقدّم فيها مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح"

بعد ليلة أشعلت في بيروت جمر الفتنة المذهبية وأيقظت شبح الحرب في نفوس اللبنانيين، توالت الثلاثاء 17 ديسمبر (كانون الأول) دعوات التهدئة، بينما واصل المحتجون تحرّكاتهم الاعتراضية على أداء السلطة الحاكمة، في ظلّ توتّر سياسي بلغ ذروته الاثنين في حرب بيانات بين فريقي رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري.

وقبل أقل من 48 ساعةً على الموعد المحدّد لإجراء الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس حكومة جديد، اتّجه الحريري الثلاثاء إلى عين التينة للقاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعدما أُغلت بوجهه الاثنين أبواب حزب القوات اللبنانية والتيار الوطني الحر، فبات "يتيم الحليف المسيحي القوي" في الترشيح لرئاسة الحكومة. 

وفي بيان مشترك صدر عقب لقاء استمرّ أكثر من ساعة ونصف الساعة، دعا بري والحريري اللبنانيين إلى التحلي "بالوعي واليقظة وعدم الانجرار نحو الفتنة التي يدأب البعض على العمل جاهداً نحو جرّ البلاد للوقوع في أتونها". وفي الشأن الحكومي، شدّد الرئيسان على أن "الحاجة الوطنية باتت أكثر من ملحة للإسراع بتشكيل الحكومة وضرورة مقاربة هذا الاستحقاق بأجواء هادئة بعيداً عن التشنج السياسي، أجواء تتقدّم فيها مصلحة الوطن على ما عداها من مصالح".

رفض الاعتداء على خيم المحتجين

وعلى الرغم من التوترات الأمنية التي شهدتها العاصمة مساء الاثنين والاعتداءات على خيم المحتجين في عدد من المناطق، واصل هؤلاء تحرّكاتهم الثلاثاء. ففي صيدا، انطلقت ظهراً مسيرة طلابية من ساحة تقاطع إيليا، مركز الاحتجاجات، باتجاه شوارع المدينة وسوقها التجاري، احتجاجاً على الاعتداء الذي تعرّضت له خيم المعتصمين، وردّدوا هتافات مناهضة للسلطة.

وفي النبطية، نظّم معتصمون وقفةً احتجاجية على خلفية تحطيم خيمتهم بالقرب من السرايا الحكومية في المنطقة، ورددوا الأغاني والشعارات الوطنية مستنكرين ما حدث. وأكّدوا أن هذه الأحداث لن تردعهم عن مواصلة تحرّكاتهم. وقطعت نسوة الطريق لدقيقة واحدة احتجاجاً، وسط تدابير أمنية للجيش وقوى الأمن الداخلي.

وتعليقاً على أحداث العنف التي شهدها وسط بيروت مساء الاثنين، أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بياناً قالت فيه إن المواجهات أدّت إلى "وقوع 25 إصابة في صفوف عناصر مكافحة الشغب، وتوقيف 3 أشخاص".

الدفاع المدني اللبناني أعلن من جهته في تغريدة أن عناصره عالجوا "43 مواطناً" ونقلوا 23 جريحاً إلى مستشفيات المنطقة، من دون تحديد ما إذا كانوا من الشبان الغاضبين أو العسكريين.

في بعبدا كذلك، أخليَ سبيل 13 شاباً أوقفوا فجر الثلاثاء في منطقة جل الديب ونقلوا إلى مركز استخبارات الجيش في جبل لبنان في الفياضية، على خلفية قطعهم للأتوستراد.

مناصرون لأمل وحزب الله يواجهون الأمن

وكانت العاصمة اللبنانية شهدت لليلة الثالثة على التوالي، عودة أصوات القنابل المسيلة للدموع ودخانها والمفرقعات وألسنة النار. فبعد انتشار فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي (نتحفظ عن نشره) فيه كلمات نابية من أحد الأشخاص الذين يعيشون في اليونان، اسمه سامر الصيداوي، وتناول فيه الطائفة الشيعية، هاجم مناصرون غاضبون لحركة أمل وحزب الله ساحة الشهداء في بيروت والساحات المجاورة، وسط معلومات عن إحراقهم بعض خيم المتظاهرين السلميين الذين لا علاقة لهم بما أقدم عليه المواطن الذي يعيش في اليونان. يذكر أن عائلة هذا الشخص أصدرت بياناً تستنكر ما قام به وتبرأت من أفعاله.

 

 

وفي الأجواء ذاتها، هاجم مناصرون لأمل وحزب الله موقعي الاعتصام في كل من صيدا والنبطية الجنوبيتين، وأحرقوا الخيم. وفي المقابل، أكّد الثوار في بيانات وعلى مواقع التواصل الاجتماعي استمرارهم في تحركاتهم وفي الساحات حتى تحقيق مطالب الانتفاضة.

 

المعالجة الأمنية

وحاولت القوى الأمنية تفريق المهاجمين، فيما عملت قوات مكافحة الشغب على إطلاق الغاز المسيل للدموع. ومع تقدّم الوقت، زادت أعمال الشغب واندلعت النيران في سيارات عدة، وخصوصاً بالقرب من جسر الرينغ، كما عمد بعض الشبّان على الاعتداء على الصحافيين الذين يحاولون وسط ظروف صعبة القيام بأعمالهم.

 

على الفور نفّذت القوى الأمنية انتشاراً واسعاً على كافة المفارق المؤدية إلى "رياض الصلح" و"ساحة الشهداء" و"اللعازارية"، (أمكنة داخل وسط بيروت) في ظل انخفاض ملحوظٍ في أعداد المتظاهرين الذين يتواجدون في المعتاد في هذه الأمكنة. وحتى الساعة، تضرب القوى الأمنية طوقاً على مداخل وسط بيروت، في محاولة لمنع أنصار "أمل" وحزب الله من التوافد بأعداد كبيرة إلى الأمكنة التي يتركز فيها في المعتاد المتظاهرون السلميون. وبلغ من حدة المواجهات أن دخان القنابل المسيلة للدموع غطى الساحات والأبنية والشوارع وكأن موجة ضباب كثيف قد ضربت وسط العاصمة.

وبقي المشهد على هذه الحال حتى ارتفع من مسجد المحلة نداء موجّه إلى الشبان يدعوهم إلى وأد الفتنة والتوقّف عن مواجهة قوى الأمن. في الأثناء، جرت مساع بين حركة أمل وحزب الله من جهة واستخبارات الجيش اللبناني من جهة أخرى. وترافق ذلك مع تقدّم ميداني لقوة من الجيش، وحسمت الموقف.

وبالتزامن مع ابتعاد رائحة القنابل المسيلة للدموع من سماء بيروت، أقفل عدد من المحتجين طريق بيروت الشمال.

 

 

الأصوات المنددة

ولإحتواء التداعيات صدر عن آل الصيداوي في مدينة طرابلس بيانٌ أعلنوا فيه بأن هذا التسجيل لا يعني العائلة بأي شكل من الأشكال.

وقالوا في بيان: "إنهم كانوا وسيبقون مع الوحدة الوطنية واحترام الآخرين وتحت سقف القانون والجيش اللبناني والقوى الأمنية". وعبّر آل الصيداوي عن رفضهم التعرض لأيٍّ كان، "وكل ما صدر عن الشاب لا يمثلهم، ويدعوه للعودة إلى صوابه والاعتذار الفوري ممن تمت الإساءة إليهم، فالعودة إلى الصواب فضيلة". كذلك صدرت تصريحات من رجال دين من الطائفة السنية يشجبون ما صدر عن سامر الصيداوي ويدعون إلى وأد الفتنة وتفويت الفرصة وتهدئة النفوس. كذلك، وفي محاولة لاستيعاب الوضع والحد من التداعيات الخطيرة، دعت قيادتا حزب الله وحركة أمل إلى "عدم الانجرار إلى حالات الغضب من جراء الفيديوهات الفتنوية".

الأزمة الاقتصادية تزداد وطأةً

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي وقت تزداد الأزمة الاقتصادية في البلاد سوءاً، عقد تجمّع الشركات المستوردة للأجهزة والمستلزمات الطبية مؤتمراً بعنوان "الكارثة الصحية"، الثلاثاء في "الفوروم دي بيروت"، عرضوا خلاله فيديو يشرح الأزمة التي يواجهها هذا القطاع. ففي ظل تأخّر الدولة في دفع المستحقات المتوجبة عليها للمستشفيات وتنامي ديون الأخيرة للشركات المستوردة للمستلزمات الطبية، فضلاً عن أزمة شح الدولار وتوقّف الاستيراد، بات لبنان مهدّداً بانقطاع الأدوات الطبية خلال أسابيع قليلة، وفق ما جاء في المؤتمر.

إلى ذلك، وفي محلّة الصنائع في بيروت، اقتحم محتجون مبنى غرفة التجارة والصناعة حيث كان يُعقد اجتماع في حضور وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال محمد شقير. وتوجّه المحتجون إلى شقير والمجتمعين بكلام يعترض على خصخصة قطاع الخليوي، فسادت نقاشات بين الجانبين من دون حصول أي إشكال.

خرق المياه الإقليمية اللبنانية

وفي سياق منفصل، طلب رئيس الجمهورية من قائد القوات الدولية في الجنوب (اليونيفيل) الجنرال ستيفانو دل كول، خلال استقباله قبل ظهر الثلاثاء في قصر بعبدا، "التحقيق في أسباب خرق باخرة استكشاف للنفط يونانية تعمل لصالح الجيش الإسرائيلي للمياه الإقليمية اللبنانية والبقاء فيها لمدة 7 ساعات". وأكّد عون رفض لبنان "أي تعدّ على حقوقه المشروعة ضمن مياهه الإقليمية".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي