Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا يقصد السيسي من التحذير من "السيناريو السوري" في لبنان؟

مصادر ديبلوماسية مصرية: تشكيل الحكومة اللبنانية سيسهم في تخفيف حدة التوتر في المشهد الراهن

السفير المصري لدى بيروت ياسر علوي يلتقي رئيس الوزراء المستقيل سعد الحريري  (صفحة السفارة المصرية على فيسبوك)

حذر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي من خطورة انزلاق الأوضاع في لبنان إلى "السيناريو السوري"، معتبراً أنه "إذا تطور الأمر في لبنان ستكون هناك مشكلة كبرى"، كما حذر خلال منتدى شباب العالم الذي عقد أخيراً في مدينة شرم الشيخ، من أزمة نازحين إلى أوروبا ودول الجوار، إذا تفاقم الوضع في لبنان وتحول إلى "سوريا أخرى"، وذلك في الوقت الذي أدت فيه الانقسامات بين القوى السياسية إلى إرجاء الرئيس اللبناني ميشال عون، يوم الاثنين، للمرة الثانية، موعد الاستشارات النيابية لتسمية رئيس جديد للحكومة.

ووسط رفض المتظاهرين إعادة تكليف رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري، كشفت مصادر دبلوماسية في القاهرة لـ"اندبندنت عربية" أن مصر تسعى إلى دعم جهود الإسراع بتشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، وتقديم العون العاجل إلى لبنان خلال هذه المرحلة، من خلال مشاورات مكثفة يجريها السفير المصري الجديد لدى بيروت ياسر علوي، الذي التقى فور وصوله إلى البلاد، مختلف القيادات اللبنانية على مدار الأسابيع الماضية.

مصر تقف على مسافة واحدة

وأكدت المصادر الدبلوماسية أن مصر تقف على مسافة واحدة من كافة الأطراف السياسية اللبنانية وتحتفظ بعلاقات وثيقة مع الجميع، وتعتبر أن الإسراع في تشكيل الحكومة اللبنانية التي تلقى دعم وتوافق اللبنانيين سيسهم في تخفيف حدة التوتر في المشهد الراهن، وسيمثل دفعة أساسية نحو التعامل مع التحديات الاقتصادية التي تعاني منها البلاد حالياً، وسيوفر فرصة لحشد دعم المجتمع الدولي لمساعدة لبنان اقتصادياً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأكدت المصادر أن مصر تدعم أيضاً التحركات التي تقوم بها جامعة الدول العربية والمجموعة الدولية من أجل لبنان، من أجل الإسراع بتشكيل حكومة لبنانية قادرة على إجراء الإصلاحات اللازمة لتلبية المطالب الشعبية.

ومن جانبه، قال السفير محمد بدر الدين زايد، مساعد وزير الخارجية وسفير مصر الأسبق في لبنان، إن "مصر الدولة العربية الوحيدة التي تربطها بكافة الطوائف اللبنانية علاقة وثيقة، ولا تقتصر علاقتها على سنة لبنان، ولكن ترتبط بمسيحييه والشيعة والدروز، وتكاد تكون البلد الوحيد التي تجمعها علاقات فريدة بكافة مكونات لبنان، ومن خلال هذه العلاقات الودية واحتضان مصر كل الطوائف اللبنانية، جاءت قدرة مصر على التأثير ودعم استقرار لبنان في مختلف الأزمات، وفي المرحلة الراهنة تحرص مصر على دعم لبنان ومساعدته، وهناك اتصالات كثيفة يقوم بها السفير المصري في المرحلة الحالية مع كافة الطوائف والزعماء والقيادات اللبنانية للخروج من الأزمة الراهنة".

وتابع "الآن مصر تجري اتصالات كثيفة في محاولة للتوصل إلى توافق حول مخرج للوزارة اللبنانية، فهناك تناقض بين حديث الشارع عن حكومة تكنوقراط، وحتى الآن لا يوجد اتفاق على قدرة حكومة التكنوقراط على مواجهة هذه التحديات بمفردها، وهناك حاجة إلى (حكومة تكنوسياسية)، تربط بين البعدين، وبعد استقالة الحريري طرح منذ أسبوع تولى رجل الأعمال اللبناني سمير الخطيب رئاسة الحكومة، ولكن سقط الترشيح عندما أبلغ من جانب أغلب القيادات السُنية بإصرارهم على استمرار الحريري رئيساً للوزراء، وعندما طرح اسم الحريري كان هذا الطرح مقروناً بجهود مصرية خاصة للوصول إلى هذا المخرج للوضع اللبناني"، مضيفاً "أتصور أن الجهود المصرية ستستمر، لأن هناك علاقة خاصة لمصر بكل الطوائف اللبنانية".

مصر تدعو إلى الالتفاف حول الدولة

وأكد السفير المصري الأسبق في لبنان أن الأزمة الراهنة معقدة للغاية وتختلف عن كثير من الأزمات السابقة، معتبراً أن "النظام الطائفي وصل إلى مفترق طرق صعب، وزاد من هذه الصعوبة الدور المُعقد لحزب الله في الساحة اللبنانية، وبخاصة مع ارتباطه بالدور الإيراني الخارجي، فمع فرض عقوبات اقتصادية على أشخاص ومؤسسات لبنانية كان لابد أن يكون له انعكاس على بقية الأوضاع في لبنان".

واعتبر زايد أن الموازنات الطائفية أدت إلى بروز حالات إخفاق وعدم قدرة للحكومة على معالجة الأزمات الاقتصادية وحالات الفساد، وكل هذا أدى إلى اختناق الوضع الاقتصادي، "مع وصول شريحة مهمة من الشارع اللبناني وبخاصة الشباب والأجيال الأصغر سناً إلى رفض شديد للنظام الطائفي، ومشكلة لبنان أنه لا يستطيع الخلاص من الوضع الطائفي ببساطة، لأن لا بد من إحداث هذا التغيير من خلال منظومة المجتمع اللبناني ذاته".

وتعليقاً على تصريحات وزير الدفاع اللبناني، إلياس بوصعب، خلال فعاليات منتدى شباب العالم المنعقد في مدينة شرم الشيخ، حول أنه "يجب أن تتعلم لبنان والدول العربية من مصر، إذ إنها خرجت من أزمتها بحكمة المؤسسة العسكرية وهو ما جعل الدولة مستقرة"، قال زايد "ما تطرحه مصر من نموذج الآن لا يقوم فقط على التنمية، ولكن رفض التطرف والإسلام السياسي الذي يعد تعبيراً عن هذا التطرف، وبالنسبة إلى مصر فإن (حزب الله) يمثل أيضاً تعبيراً عن هذا التطرف، ولكن في اتجاه المكون الشيعي للمجتمع العربي الإسلامي، ومصر تبحث عن مخرج لا يوظف أو يستغل الدين في منظومة الحياة، والالتفاف حول الدولة ورفض وجود أي ميليشيات مسلحة، وأن السلطة في يد الدولة وحدها، وكل هذه الأمور من السمات الخاصة للنموذج المصري تاريخياً، والذي أكدت مصر عليه مجدداً بعد ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013".

وقال إن تصريح السيسي يعكس القلق على حالة العنف التي دخلت فيها المواجهات في الشارع، ومصر تخشى من انزلاق لبنان إلى حالة عنف مشابهة لما حدث في الماضي القريب، في إشارة إلى سيناريو الحرب الأهلية، وهذا التصريح يأتي تعبيراً عن استعداد مصر الآن لاحتواء الأمر ومنع مزيد من المواجهات والتدهور في الوضع اللبناني.

وحول حاجة لبنان إلى مساعدات اقتصادية، قال "لا أظن أن مصر ستتأخر عن تقديم المساعدات العاجلة إلى الشعب اللبناني".

وكان رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري، وجه رسائل إلى قادة عدة دول، على رأسهم مصر والسعودية، طالباً مساعدة لبنان على تأمين اعتمادات للاستيراد من هذه الدول، بما يؤمّن استمرارية الأمن الغذائي والمواد الأولية للإنتاج لمختلف القطاعات.

دور مصري قديم ومتواصل

وقال زايد إن لمصر دوماً دورا مهما ومحوريا في دعم لبنان، و"هذا الدور بدأ منذ إنشاء لبنان من خلال العلاقة الخاصة التي كانت تربط رئيس الوزراء الراحل رياض الصلح بالزعيم المصري مصطفى النحاس، واستمرت هذه العلاقة بدرجات كبيرة خلال مرحلة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولم تتوقف في أي مرحلة من المراحل".

وأضاف مساعد وزير الخارجية المصري سابقاً "نتيجة النظام الطائفي وخصوصية الحالة اللبنانية كانت هناك دوماً حاجة إلى أن تساعد أطراف خارجية لبنان لعبور هذه الصعوبات التي لم تتوقف في أي مرحلة".

ولفت إلى أنه خلال "أزمة النفايات" واحتجاجات عام 2015، أو ما عُرف باسم مظاهرات "طلعت ريحتكم"، نجحت جهود الخارجية المصرية في منع استقالة رئيس الوزراء تمام سلام، خصوصاً أن هذه الاستقالة كانت ستمثل تهديداً شديداً لاستقرار لبنان في ظل فترة الشغور الرئاسي.

وأضاف "خلال الأزمات السابقة الخاصة بالرئيس سعد الحريري، مصر دعمته وساعدته في الخروج من هذه الأزمات، وأيضاً في عام 2006 بعد الضرب الإسرائيلي لبيروت، وغرق بيروت في الظلام، أرسلت مصر فريقاً من الفنيين والخبراء لإصلاح محطة الكهرباء في أسرع وقت قياسي، وغيرها من المساعدات الطبية والإنسانية العاجلة، وهناك نماذج عديدة للدور المصري في الشأن اللبناني وكيفية مساعدة لبنان على تخطي هذه الصعوبات".

اقرأ المزيد

المزيد من الشرق الأوسط