Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بعد عام على توقيعه... أين أصبح "اتفاق ستوكهولم" بشأن الحديدة؟

الحكومة اليمنية تنتقد المماطلة... والحوثيون يتحدثون عن "انهيار"

لم يشفع عام كامل على توقيع اتفاق "ستوكهولم"، بين الحكومة اليمنية والحوثيين في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2018م، لإحداث تقدم جوهري على طريق التنفيذ الكامل لبنود الاتفاق الذي رعته الأمم المتحدة في العاصمة السويدية ستوكهولهم.

إذ ما يزال الاتفاق، بحسب معطيات الواقع في محافظة الحديدة (غربي اليمن) التي تم الاتفاق بشأنها، يراوح التعثر مع تزايد الاتهامات الحكومية للحوثيين بالمراوغة وعدم الالتزام بتنفيذ أياً من بنود الاتفاق.

وكانت الحكومة اليمنية والحوثيين قد توصلا في جولة مشاوراتهما في ديسمبر (كانون الأول) 2018، على إعادة الانتشار المشترك للقوات من مدينة الحديدة وموانئها الحديدة.

وتضمن اتفاق ستوكهولم الذي عززه قرار لمجلس الأمن الدولي صدر عنه في 22 ديسمبر 2018، ثلاثة محاور، يختص الأول منها بمدينة الحديدة وموانئها: (الحديدة والصليف ورأس عيسى)، والثاني آلية تنفيذية لتفعيل اتفاقية تبادل الأسرى، فيما أعلن البند الثالث عن جملة تفاهمات حول مدينة تعز المحاصرة (وسط البلاد)، والإلتزام بالإمتناع عن أي فعل أو تصعيد أو إتخاذ أيّة قرارات من شأنها أن تقوّض فرص التطبيق الكامل لهذا الاتفاق.

اتهامات حكومية مكررة

وما انفكت الحكومة اليمنية الشرعية تنتقد بشكل دائم ما تصفه بـ مماطلة الحوثيون في تنفيذ بنود اتفاق ستوكهولم مطالبة المجتمع الدولي بالضغط على ميليشيا الحوثي لتنفيذه،

وكان آخرها ما جاء على لسان الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، قبيل أيام، واتهامه  للحوثيين "بتحويل اتفاق ستوكهولم إلى وسيلة للضغط والابتزاز".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

مراجعة "صريحة للاتفاق"

وفي تعليق له بعد مرور عام على توقيعه، طالب هادي، الدول الراعية لاتفاق ستوكهولم بمراجعة صريحة له، ومعرفة الأسباب لعدم تنفيذه والوقوف على معرقليه بعد عام كامل من التوقيع عليه.

وخلال لقاء جمعه بسفراء دول مجموعة العشرين المعتمدة لدى اليمن، اعتبر الرئيس اليمني أن "اتفاق ستوكهولم يشكل أرضية جيدة للانطلاق نحو الحل الأشمل، رغم عدم مبالاة جماعة الحوثيين بالوضع الإنساني وتحويلهم لهذا الملف إلى وسيلة للضغط السياسي والابتزاز"، بحسب ما نقلته عنه وكالة الأنباء الرسمية "سبأ".

لا جديد بشأن انسحاب المسلحين

كان مقرراً، بموجب الاتفاق، قيام الحوثي بسحب مسلحيه من موانئ ومدينة الحديدة خلال 14 يوماً من التوقيع، وإزالة أي عوائق أو عقبات تحول دون قيام المؤسسات المحلية بأداء وظائفها، وسريان هدنة أممية لوقف إطلاق النار، غير أن خطوات تنفيذ بنود الاتفاق لم تسجل تقدماً على أرض الواقع يمكن الإشارة إليه.

رد حوثي

وكما هي عادة جماعة الحوثي التي عرفت برفضها المستميت تحمل المسؤولية قبالة كل فشل يعقب أي اتفاق سلام تبرمه مع الحكومات اليمنية المتعاقبة وانتهاجها لسياسة خطاب الرفض تجاه التهم الموجهة إليها، ذهبوا مؤخراً لكيل التهم للحكومة اليمنية والتحالف العربي بافشال اتفاق ستوكهولم.

وفي تغريدة له على حسابه الشخصي بموقع التواصل الإجتماعي "تويتر"، حذر الناطق الرسمي باسم جماعة "أنصار الله" (الحوثيون) محمد عبد السلام، من "انهيار اتفاق السويد".

وقال: "غارات مكثفة على الحديدة في تصعيد خطير من شأنه أن ينسف اتفاق السويد، وعليه فليتحمل التحالف تبعات هذا التصعيد".

وأضاف أن "موقف الأمم المتحدة في هذا الشأن اصبح على المحك"، غير أنه لم يشر بموضوعية إلى التهم الموجهة لجماعته بقصف مواقع الجيش اليمني والمناطق المأهولة بالسكان والاعتداء على الفرق والبعثات الأممية ورفض خطة الانتشار الأمني وغيرها.

ثقة مهزوزة

وبنظرة على واقع الاتفاق بعد عام كامل على توقيعه، نجد أن مستوى عدم الثقة حال دون تنفيذ بنوده إلى المستوى الذي يرقى لحجم الطموح الذي بنت عليه الحكومة اليمنية وقادة دول التحالف العربي والرعاة الدوليون آمالهم في أن يؤسس لقاعدة حقيقية لاتفاقات مماثلة تفضي بالبلاد إلى حل سياسي، إذ حمّل المتحدث باسم القوات المشتركة في الساحل الغربي، العقيد وضاح الدبيش، الأمم المتحدة والمبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفثس مسؤولية تعثر تنفيذ اتفاق ستوكهولم لعام كامل.

وقال "إن الأمم المتحدة ومبعوثها كانوا قادرين ومنذ الشهور الأولى على حسم ملف الحديدة واتخاذ الكثير من الإجراءات وممارسة ضغوط حقيقية على ميليشيا الحوثي وإيران من أجل تنفيذ الاتفاق".

هدنة بالاسم فقط

وبحسب تقرير حديث لمنظمة انقذوا الطفولة فإن هناك 33 طفلاً بين قتيل وجريح كل شهر في الحديدة في الفترة بين يناير وأكتوبر 2019م.

ومن جهتها، قالت القوات الحكومية اليمنية، إن نحو 217 مدنيا قتلوا، وجرح 2152 آخرين بمحافظة الحديدة، نتيجة "خروقات متكررة ارتكبها مسلحو الحوثي منذ توقيع اتفاق الهدنة بموجب اتفاق ستوكهولم قبل نحو عام".

وأوضح بيان لقوات العمالقة (قوات حكومية)، أن "خروقات الحوثيين تمثلت بإستهداف وقصف المدن والأحياء السكنية ومنازل المواطنين في الحديدة بمختلف القذائف المدفعية والأسلحة المتوسطة والثقيلة".

واتهم الحوثيين بزرع الألغام والعبوات الناسفة في الطرق العامة والفرعية ومزارع المواطنين، وسقط على إثرها مئات القتلى وآلاف الجرحى المدنيين في مختلف مديريات محافظة الحديدة، بحسب البيان.

قصف مقر فريق التفاوض

وتأكيداً لهشاشة ما تبقى من الاتفاق، بلوغ الخروقات ذروتها، بقيام الحوثيين الشهر الماضي، باستهداف مقر الفريق الحكومي في لجنة إعادة الانتشار بالحديدة، بصواريخ باليستية وطائرات مسيرة، وهو ما اعتبره رئيس الوزراء اليمني، معين عبد الملك، "مؤشراً واضحاً على رفض الانقلابيين للسلام ونقضهم للعهود والاتفاقيات وتقييد عمل وحركة اللجنة الأممية لتنسيق إعادة الانتشار" بحسب وكالة "سبأ".

ثلاثة رؤساء 

مراقبون يرون أن تعاقب ثلاثة رؤساء على رئاسة لجنة إعادة الانتشار الدولية، خلال أقل من عام، مؤشراً على عدم تحقيق تقدم ملحوظ في مهام اللجنة، بدءاً بالجنرال باتريك كاميرت، مروراً بالدنماركي مايكل لوليسغارد، ووصولاً إلى الجنرال الهندي أباهجيت غوها، الذي نجح، بشق الأنفس، في وضع خمسة نقاط مراقبة لوقف إطلاق النار، (بموجب الاتفاق) والتي شهدت تراجع تأثيرها المطلوب بصورة كبيرة بالتزامن مع استمرار القصف والاشتباكات المسلحة داخل قطاعات المراقبة خلال الأيام الماضية.

يقول المحلل السياسي اليمني، وديع عطا، إن اتفاق ستوكهولم ولد ميتاً أساساً. 

ويرجع السبب لكونه "لم يتعامل مع أسباب المشكلة وجذورها، وجاء لشرعنة بقاء الحوثيون الذين يحتلون الحديدة منذ أكتوبر 2014".

هل سينجح الاتفاق؟

وبالإجابة على هذا السؤال، بعد مرور عام على الاتفاق، يرى عطا أن هذه المدة لم  تحمل إلا جديداً واحداً فقط، تمثل في أن الحديدة أصبحت أخطر مكان للعيش في اليمن وفقاً لمنظمات دولية.

ويضيف "في نوفمبر  2018 وخلال زيارة خاطفة قام بها غريفيث (المبعوث الأممي لليمن) إلى ميناء الحديدة، أعلن أنه سيعمل على تجنيبها ويلات الحرب، إلا أنها تحولت بعد حديثه إلى أكبر سجن في اليمن تغلغل فيها الحوثيون وقسّموها إلى كانتونات وأخضعوا سكانها لرقابة أمنية صارمة، وقطعوا الشوارع ونخروا البيوت بالأنفاق وحفروا الخنادق وزرعوها بالألغام وهو ما دفع نحو 30% من سكانها للنزوح القسري لأسباب معيشية أو أمنية وتفرقت بهم السبل بين صنعاء شمالاً وعدن جنوباً وفي الطريق إليهما وفي مواطن الشتات تعرضوا لويلات النزوح".

سر تمسك الحوثي بالحديدة

وتمثل الحديدة بالنسبة للحوثيين، أكبر مورد اقتصادي إذ تعد أهم منفذ بحري حيوي وإيرادي يدر مليارات الريالات التي شكلت أحد أهم مصادر قوة الحوثيون منذ سيطرتها عليها في سبتمبر (ايلول) 2014، فضلا عن اتهامها باستخدام موانئها للحصول على الأسلحة الإيرانية، ومصدر للجبايات والكسب المالي وتمويل ما تسميه "المجهود الحربي".

وفي محاولة لتجريد الحوثيين من هذا المورد الاقتصادي الضخم، أعلن تحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية، عن عملية عسكرية لتحرير الحديدة، في سبتمبر (ايلول) 2018، وكانت القوات المشتركة قاب قوسين أو أدنى على إحكام سيطرتها على الحديدة، قبل أن يتدخل المجتمع الدولي بحجة الوضع الإنساني، وإثرها، أعلن المبعوث الأممي إلى اليمن، عن موافقة الحكومة اليمنية والحوثيين على عقد مفاوضات سياسية في العاصمة السويدية ستوكهولهم، توجت بتوقيع اتفاق نجح فقط في وقف العملية العسكرية لتحرير الحديدة، غير أن التواجد الحوثي في المدينة وموانئها الثلاثة ضل كما هو.

كما يرفض الحوثيون، بحسب تصريحات حكومية ودولية مكررة، توفير ممرات آمنة للمساعدات الإنسانية، أو إيداع إيرادات موانئ الحديدة في البنك المركزي اليمني للمساهمة في دفع مرتبات موظفي الدولة بمحافظة الحديدة وجميع أنحاء اليمن، بموجب ما نص عليه الاتفاق، إضافة لعجز المجتمع الدولي عن إلزام الحوثيين بالسماح لفريق أممي من تقييم حالة خزان صافر العائم قبالة سواحل الحديدة، والذي يحتوي على مليون و140 ألف برميل من النفط الخام، ولم تجر له أي عملية صيانة منذ العام 2015، وهو ما يهدد بحدوث كارثة بيئية خطيرة في البحر الأحمر.

البعثة الأممية غير مهتمة

وبالنظر إلى ردود فعلها تجاه كل هذا التصعيد الذي يفضي لافشال مهمتها، تبدو البعثة الأممية كما لو كانت غير مكترثة بعواقب التصعيد المسلح على الشريط الجنوبي لسواحل الحديدة واكتفائها فقط حث "جميع الأطراف بالتعاطي الايجابي مع بنود الاتفاق".

ويصف الناطق باسم القوات المشتركة، وضاح الدبيش "صمت الأمم المتحدة بالمريب"، فيما يتهم الحوثيون الحكومة اليمنية بالتباطؤ في تنفيذ مراحل الاتفاق ومنها خطة إعادة الانتشار من موانئ ومدينة الحديدة.

المزيد من العالم العربي