ارتفع سعر صرف الجنيه الإسترليني ليل الخميس- الجمعة لأعلى مستوى في أكثر من 19 شهرا، ليصل إلى 1.35 دولار للجنيه، كما تجاوز حاجز 1.2 يورو، وذلك بمجرد نهاية التصويت وظهور أرقام تقدير اتجاه التصويت، مضيفا 3 في المئة إلى قيمة العملة الوطنية البريطانية.
ومع فرز أغلب الدوائر وتأكد فوز حزب المحافظين الحاكم بقيادة رئيس الوزراء بوريس جونسون بأغلبية مطلقة، يبدأ الجنيه الإسترليني تعاملات آخر أيام الأسبوع مرتفعا أكثر. ويقدّر كثير من المحللين في السوق أن يزيد إقبال المستثمرين في سوق العملات على شراء الإسترليني، ما يرفع قيمته إلى 1.38 دولار، وربما يلامس حاجز 1.4 دولار للجنيه.
هذا الارتفاع في سعر صرف العملة الوطنية قد يلقي بظلاله على مؤشر الأسهم الرئيس في بورصة لندن "فوتسي 100"، في تعاملات نهاية الأسبوع، حيث إن العملة القوية تحدّ من قدرة الشركات التنافسية، إلا أن محللين ومتعاملين يتوقعون ارتفاع المؤشر بنسبة 10 في المئة قبل نهاية الشهر ليصل إلى حاجز 8 آلاف نقطة.
وبما أن سعر صرف العملة ارتفع تدريجيا في الأسابيع السابقة على الانتخابات مع استطلاعات الرأي التي أشارت إلى فوز المحافظين، فمن غير المتوقع أن يرتفع أكثر في الفترة المقبلة، لكنه سيظل قويا حتى منتصف العام المقبل على أقل تقدير.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومع فوز حزب المحافظين بأغلبية مريحة، يتوقع أن تبدأ حكومة بوريس جونسون على الفور في إنجاز خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، ومن شأن ذلك أن يعيد الثقة إلى الأسواق، ويعكس إلى حد ما التباطؤ الاقتصادي الذي عانت منه بريطانيا في الشهور الماضية نتيجة فوضى "بريكست".
ويتوقع الاقتصاديون أن تدخل المليارات، التي كانت مترددة بسبب عدم اليقين، إلى شرايين الاستثمار، وبالتالي عودة النشاط الاقتصادي للبلاد. ومن شأن ذلك أن يعيد الاستقرار أيضا لسعر العملة وسوق الأسهم.
مع ذلك، لن يكون التغير كبيرا خلال 2020، حيث إن بوريس جونسون يصرّ على أنه لن يمدد فترة التفاوض على ترتيبات الخروج مع أوروبا بعد ديسمبر (كانون الأول) 2020. وتلك فترة قصيرة للتفاوض والاتفاق على شكل العلاقة بين بريطانيا وشريكها التجاري والاقتصادي الرئيس، وبالتالي فإن الاتفاق الذي توصل إليه جونسون مبدئيا قبل حلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة قد لا يصمد حتى مع إقراره برلمانيا في لندن وبروكسل.
وفي حال لم يتم التوصل لترتيبات نهائية لعلاقة بريطانيا بأوروبا بعد عام، يظل احتمال "بريكست" من دون اتفاق في يناير (كانون الثاني) 2021 قائما. لذا سيكون العادم المقبل فترة أيضا لبعض الاضطراب وقليل من "عدم اليقين" بشأن "بريكست". لكن سيخفف من تأثير هذا سلبيا على الاقتصاد أن حكومة المحافظين لن تجد مقاومة كبيرة في البرلمان لإنفاذ سياساتها بشأن الاتفاق وغيرها من الوعود المتعلقة بالاقتصاد خلال الحملة الانتخابية.
وبما أن سياسة المحافظين التقليدية تعتبر "صديقة للأعمال والاستثمار"، فمن المتوقع أن يشهد الاقتصاد البريطاني خروجا من التباطؤ ويتجه منحنى الناتج المحلي الإجمالي نحو الصعود مع النصف الثاني من العام المقبل.
كما أن سعي حكومة بوريس جونسون لاتفاق تجاري واسع النطاق مع الولايات المتحدة سيعطي دفعة قوية لنشاط القطاع الخاص في الاقتصاد البريطاني، ما ينعكس على نمو الناتج المحلي الإجمالي. وسيعوض ذلك، مع بداية مفاوضات مع شركاء تجاريين آخرين مثل الصين والهند ودول الخليج، قدرا كبيرا من أي تأثير سلبي لتذبذب المفاوضات مع أوروبا خلال العام المقبل.