Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تتدخل الأمم المتحدة مباشرة لحل الأزمة العراقية؟

"التظاهرات يقودها شبّان بعيدون عن أي مصالح حزبية أو تدخلات أجنبية، ويرغبون بإسماع أصواتهم"

قدّمت المسؤولة الأممية، جنين هينيس بلاسخارت، إحاطتها إلى مجلس الأمن بخصوص الاحتجاجات العراقية. وفي حين يرى مراقبون أن خطاب مبعوثة الأمم المتحدة واقعي وموضوعي وينطلق من صميم معاناة العراقيين، أشاروا إلى أن إصرار القوى السياسية على التمسك بالسلطة يعطي الفرصة للإرادة الدولية في إحداث تغيير جذري وشامل.

وقالت بلاسخارت في إحاطتها إن "التظاهرات يقودها شبّان بعيدون عن أي مصالح حزبية أو تدخلات أجنبية، ويرغبون بإسماع أصواتهم والإدلاء بآرائهم بشأن حالة الإحباط التي يعيشون بها في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية وغياب أفق سياسي واجتماعي".  ووصفت الاحتجاجات بالسلمية بشكل عام، شارك فيها مئات الآلاف من العراقيين يدفعهم حبهم لوطنهم وهويتهم العراقية، وأضافت "لكنّ هؤلاء المتظاهرين يدفعون أثماناً يصعب تخيلها، فمنذ بداية أكتوبر (تشرين الأول)، قُتل أكثر من 400 شخص وأصيب 19 ألف آخرين بجروح."

واعتبر ناشطون كلمة رئيسة البعثة الأممية مغايرة لتصريحاتها السابقة التي أثارت موجة غضب في أوساط المحتجين.

بلاسخارت وبحر العلوم

وعبّر ناشطون في الاحتجاجات العراقية عن استيائهم ورفضهم لما صدر على لسان مبعوث العراق لدى الأمم المتحدة، محمد حسين بحر العلوم، من اتهامات للاحتجاجات بعدم السلمية، وأشاروا إلى أن المحتجين ينظرون لكل فريق السلطة بوصفه "جذراً فاسداً واحداً". وقال الناشط والصحافي علي رياض إن "التعاطي مع بحر العلوم لا يختلف عن التعاطي مع نائب في البرلمان أو وزير في الحكومة. المحتجون ينظرون لهذا الفريق بوصفه جذراً فاسداً واحداً، وكل واحد منهم من موقعه يمارس عملية السوء والخراب والفساد بالقدر الذي يقدر عليه".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن الموقف من المبعوثة الأممية، أضاف لـ"اندبندنت عربية" أن "موقف بلاخارست كان عظيماً ومسؤولاً، هذه السيدة وإن كانت متهمة بنقطة هنا وفساد هناك، تمتلك على عكس السلطة القدر الكافي من الإحساس والإنسانية الذي يدفعها لقول الحقيقة بقسوتها، وإظهار جزء من مظلومية الشعب العراقي".

اتهامات بحر العلوم

وفي كلمته أمام مجلس الأمن، اتهم المندوب العراقي الدائم لدى الأمم المتحدة، محمد حسين بحر العلوم "جماعات من الخارجين عن القانون بالتعرّض للمتظاهرين"، وقال "إنها جماعات تتستر بالتظاهرات وتستخدمها كدروع بشرية للقيام بأعمال قطع الطرق والحرق والنهب والاشتباك مع القوات الأمنية مستخدمة غاز المولوتوف والقنابل اليدوية والأسلحة النارية والسكاكين"، وأشار إلى أن "حجب الإنترنت كان دفاعاً عن حق المجموع، والسلطات مرغمة على تقييده عندما يُستخدم للترويج للعنف والكراهية وتعطيل الحياة العامة".

ووصف التظاهرات بأنها طريقة رائعة لتعبير الشعب عن رأيه بوضوح في نظامه السياسي والانتخابي، وفي أداء الحكومة والإصلاحات المطلوبة، وأضاف "لكن لا يعكر ذلك سوى وقوع ضحايا في صفوف المتظاهرين والقوى الأمنية".

مقدمة التدخل الدولي

ويرى قانونيون أن ما دار في مجلس الأمن مقدمة للتدخل الدولي في العراق، وبوابة لبداية العقوبات عليه، وأشاروا إلى أن لمجلس الأمن الحق في إحالة ملفات المسؤولين العراقيين إلى المحاكم الجنائية الدولية، وقال الخبير القانوني علي التميمي "ما دار في مجلس الأمن والتقارير الأميركية المتعلقة بالأزمة العراقية، هي بوابة لبداية عقوبات على العراق، وسيواجه المواد القانونية في ميثاق الأمم المتحدة المتعلقة بالفصل السابع والوصاية الدولية".

وأضاف "ستقوم الأمم المتحدة بالتنبيه والإنذار في البداية، ومن ثم تتجه إلى العقوبات الاقتصادية، وربما العودة إلى الفصل السابع إذا استمر الحال على ما هو عليه"، وأشار إلى أنه "يجب التفريق بين حالتين، العقوبات التي تطال البلاد، والعقوبات التي تطال الأشخاص. بالنسبة إلى البلاد قد تتحول إلى الفصل السابع. وبالنسبة إلى المسؤولين، فإننا قد نشهد إحالة ملفاتهم إلى المحكمة الجنائية الدولية، باعتبار أن ما جرى هو جرائم ضد الإنسانية"، مفترضاً أن "مجلس الأمن قد ينسق مع أميركا فيما يتعلق بإحالة ملفات المسؤولين العراقيين إلى المحكمة"، ولفت إلى أن "لمجلس الأمن الحق في إحالة الملفات إلى المحكمة الجنائية الدولية حتى وإن كان العراق غير منضم للاتفاقية".

تغيير النموذج السياسي

ويشير خبراء إلى أن وضع العراق ضمن إطار التوازنات الدولية والإقليمية في هذه المرحلة لم يعد شأناً داخلياً ولا يمكن للأمم المتحدة النأي بنفسها عنه، مؤكدين أن تغيير النموذج السياسي في العراق سيحدث بطريقة أو بأخرى.

في المقابل، قال المحلل السياسي أحمد الشريفي إن "خطاب المبعوثة الأممية كان واقعياً وموضوعياً، انطلق من صميم معاناة العراقيين"، وأضاف أن "المفارقة الغريبة أننا وجدنا تحسساً لهموم ومعاناة العراقيين من قبل ممثلة الأمم المتحدة أكثر من ممثل العراق لدى الأمم المتحدة"، وأشار إلى أن "الطروحات التي تبنتها الممثلة الدولية، لم تجد اعتراضاً في مجلس الأمن، وهذا يعني أن ما تحدثت عنه حظي بمقبولية، وبالتالي قد يقوم مجلس الأمن بإعداد برنامج كامل للعراق".

وأوضح أن "تغيير النموذج السياسي في العراق، الذي لم يوفق من وجهة نظر الأمم المتحدة في إدارة الأزمة، سيحدث بطريقة أو بأخرى في الأيام المقبلة"، ورجح الشريفي أن "يكون هناك تنسيق مواقف بين أميركا والأمم المتحدة على المستوى الدولي، أما على المستوى المحلي، فهناك توافق في الرؤى والتوجهات بينهما مع الرأي العام العراقي والمرجعية في ضرورة إحداث تغيير جذري وشامل في الوضع السياسي العراقي"، ولفت إلى أن "المعطيات تشير إلى أن التغييرات المقبلة في العراق تعتمد على سلوك القوى السياسية العراقية، ومدى إصرارها على التمسك بالسلطة، ما يعطي الفرصة للإرادة الدولية في إحداث تغيير قد يرتقي إلى مستوى تغيير جذري وشامل وفرض واقع حال جديد".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي