Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

مصارف لبنان: الإخفاق السياسي سبب نقص السيولة

يوجد 9 مليار دولار للمصارف في الخارج ولكنها مقيدة باعتمادات فتحت سابقاً

المتظاهرون جلبوا كراسي الحلاقة أمام المصرف المركزي احتجاجاً على ما يدعى haircut اي اقتطاع من اموال المودعين (غيتي)

لا تخفي المصارف واقع ان نقص السيولة يحتم ادارة صعبة للنقد بانتظار الانفراج السياسي، الذي يعيد الثقة وانتظام العمل المؤسساتي. فالهلع والسحوبات النقدية والتي بلغت 4 مليار دولار بين نقد بالليرة والدولار، حتّما تطبيق اجراءات احترازية مرحلية، كما سبّب استنزاف النقد الاجنبي عبر عجز الميزان التجاري عن وضع ضوابط للتحاويل.

وفي خضم الازمة المالية النقدية السياسية تكثفت الاجتماعات لوضع اطر قانونية لإجراءات أفضل الممكن، كما البدء بحلول تخفف من عبء الدين وتعيد الى الاقتصاد بعضاً من حيويته.

هذا التدهور فرض على القطاعات الإنتاجية في لبنان دق ناقوس الخطر، فالأعمال تراجعت بحدة وبنسب لامست 90 في المئة في بعض المجالات، كما بدأ التفكير بالصرف الجماعي وتخفيض الرواتب، ما ينذر بمرحلة مقبلة سيئة.

المصارف مقيدة وغير مفلسة

يبين د. تنال الصباح عضو مجلس ادارة جمعية مصارف لبنان ومدير عام البنك اللبناني السويسري لـ"اندبندنت عربية" أن في لبنان نوعين من الدولار: الدولار اللبناني وهو عبارة عن الودائع الموجودة لدى المصارف اللبنانية، والتي يجب المحافظة عليها في الداخل لخدمة الاقتصاد الوطني، والدولار الخارجي وهو ما يصل الى لبنان من تحاويل، وبالتالي بالامكان التصرف به وإعادة تحويله. وفي "الدولارين" مصلحة وطنية تؤمن الاحتياجات الداخلية كما الخارجية. فالمصارف تعمل في ظروف صعبة لإدارة سيولة بدأت تتضاءل حتى قبل الثورة.

اما واقع ودائع وتوظيفات المصارف فهي على الشكل التالي:

- 15 في المئة من الودائع يتم وضعها لدى مصرف لبنان كاحتياطي الزامي بفوائد متدنية عند 1في المئة.

- 10 في المئة الى 12في المئة من قيمة الودائع تبقى لدى المصارف المراسلة لتلبية الاحتياجات وفتح الاعتمادات وتغطية بطاقات الائتمان والالتزامات الدولية الأخرى.

- 30 في المئة يُستثمر داخليا في السوق اي كقروض، ونسبة مماثلة تستثمر في شهادات ايداع مصرف لبنان وسندات الخزينة.

استثمارات تبرر نقص السيولة لدى ارتفاع الطلب على التحويلات والنقد وتبين أن المصارف غير متعثرة.

رفع رأس المال حتمي  

مع نقص السيولة والتقنين في عمليات الدفع النقدي والتحويل الى الخارج برزت مطالبة المصارف باستقدام أموالها من الخارج وتحديداً لدى المصارف المراسلة، وفي هذا الإطار يبين د. تنال الصباح ان ما يحكى عن 9 مليار دولار للمصارف في الخارج صحيح، وإنما هو مقيد باعتمادات فتحت سابقاً او مديونيات والتزامات كما بدأت المصارف، وحتى في فترة ما قبل الثورة، باستقدام اموالها من الخارج لتلبية الطلب الداخلي، وبحسب جمعية مصارف لبنان صافي الحساب للمصارف اللبنانية في الخارج سلبي بواقع 685 مليون دولار.

فيما يسجل استهلاك النقد داخلياً حدود 120 مليون دولار شهرياً.

وعن رفع رأس المال الذي يُدخل الى المصارف ملياري دولار مع نهاية هذا العام، وملياري دولار خلال عام 2020 والذي اتى بتعميم من مصرف لبنان وكنتيجة طبيعية لخفض تصنيف دين لبنان السيادي، وبالتالي خفض تصنيف المصارف، يرى د. الصباح انه حتمي، والتحدي يكمن في طلب حاكم مصرف لبنان ان يكون رفع رأس المال عبر تقديمات نقدية بالدولار او ما يعرف بمصطلح Fresh money.

لا خلاف بين المصارف والمركزي

لا خلاف او اختلاف بين المصارف والمركزي، بل شد حبال في بيئة تشغيلية صعبة للحفاظ على النقد الاجنبي في اقتصاد مدولر يعاني من تراجع التحويلات والاستثمارات، والشلل السياسي الذي دفع الاقتصاد الى الركود.

ولمواجهة الازمة وبعد التفويض السياسي لحاكم مصرف لبنان د. رياض سلامة افضى اجتماع الحاكم مع جمعية المصارف الى سلسلة اجراءات تحمي القطاع المصرفي والودائع كما تخفف الضغوط عن الاقتصاد والدولة.

ولعل أول المواقف التأكيد على ضمان حق المودع بامواله ورفض اي اجراء يطاول الودائع، بما فيه تحويل نسبة مئوية (10% او 15%) من ودائع العملات الاجنبية الى ودائع بالليرة اللبنانية.

كما تم التأكيد على تعاون مصرف لبنان والمصارف على تخفيض بنية الفوائد الدائنة، وتالياً طبيعياً المدِينة، وذلك لاطلاق عجلة الاقتصاد من جهة، والحد من ارتفاع الديون المشكوك بتحصيلها والتي تتزايد مع ارتفاع كلفة الاقتراض. وعُلم أن الحاكم بصدد إصدار تعميم بهذا الخصوص في القريب العاجل.

إجراءات المركزي

كما أعلن الحاكم انه بصدد دراسة قوننة الإجراءات، التي اتخذتها المصارف عبر مراسيم او تعاميم تغطي الحدود التي وضعتها على تحويلات الزبائن للخارج، وعلى السحوبات نقداً انطلاقاً من مسؤولية البنك المركزي بالحفاظ على حسن سير نظام المدفوعات وعلى سلامة النظام المصرفي.

كما أكد الحاكم رياض سلامة أن لا نية لمصرف لبنان بوضع اي قيود على التعامل بالليرة اللبنانية سحباً او إيداعاً، وان الضجة التي سرت حول هذا الموضوع تعود الى السحوبات على مصرف لبنان خلال الشهرين الماضيين بمعدل قارب 165 مليار ليرة لبنانية، ما حدا بمصرف لبنان لطلب طبعة جديدة من النقد تصل في 20 الشهر الحالي. ما يعني ان المشكلة التي نشأت ظرفية وتعود لاعتبارات محض لوجستية.

هذه الإجراءات المشددة من جهة المصارف، عزّزت مخاوف المودعين، ولكن أيضاً المصارف لديها المخاوف ذاتها من استمرار المراوحة السياسية، واستنزاف سيولتها من دون استثمارها بإطلاق الاعمال وعجلة النمو، ليبقى الحل السياسي وضخ اموال دولية من الخارج خشبة الخلاص للخروج من الازمة الحالية.

المزيد من اقتصاد