Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

حكومة حمدوك تعول على أصدقاء السودان لتمويل موازنة 2020

تواجه الاقتصاد شروط صندوق النقد والبنك الدوليين والمانحين أصحاب الوصفات المعروفة

تشدد مجموعة أصدقاء السودان على الشفافية في أداء حكومة عبد الله حمدوك (أ. ب)

تعول الحكومة الانتقالية السودانية برئاسة عبدالله حمدوك على مجموعة أصدقاء السودان في تمويل موازنة 2020 البالغة 15 مليار دولار، وذلك لتغطية عشرين مشروعاً في مجالات المرافق والخدمات الحيوية، فضلاً عن زيادة احتياطي النقد الأجنبي لدى البنك المركزي. وتتمثل أهم مرتكزات الموازنة في السلام والتنمية وتثبيت الاقتصاد، مع ضرورة مراعاة التمييز الإيجابي للولايات المتأثرة بالنزاعات، إلى جانب إحكام برامج الحماية الاجتماعية لمصلحة المواطن.

وتعكس هذه الموازنة، التي تعد الأولى بعد سقوط نظام عمر البشير بثورة شعبية في أبريل (نيسان) الماضي، وفق وزير المالية إبراهيم البدوي، الأولويات الأساسية المتعلقة بالتعليم والصحة والبنية التحتية والجوانب المتعلقة بأهداف التنمية المستدامة وفق البرنامج النهضوي للحكومة في الفترة 2020- 2030. وقد أعد فريق عمل شكلته الوزارة 38 توصية لمعالجة التخبط الحاصل في منح الإعفاءات ووقف التجنيب ورفع الإيرادات الحكومية من مستواها الحالي البالغ 6 في المئة، وهو الأدنى عالمياً، إلى مستوى مستهدف قد يصل إلى 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.

شروط ميسرة

يرى أستاذ الاقتصاد في جامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا، سليمان المنهل، أن تمويل موازنة 2020 من جانب أصدقاء السودان سيكون بشروط ميسرة جداً، وهي في الغالب منح غير مستردة وليست قروضاً وتستهدف مشاريع بعينها. وينوّه بأنه من الممكن أن يلعب الأصدقاء دوراً أساسياً في تمويل هذه الموازنة، بالإضافة إلى أن الدولة يمكن أن تمول الجانب المحلي. وفيما يعتبر المنهل أن التحديات التي يمكن أن تواجه الاقتصاد السوداني تكمن في شروط صندوق النقد والبنك الدوليين ومجموعة المانحين أصحاب الوصفات المعروفة ومنها إعادة الهيكلة والخصخصة ورفع الدعم عن السلع، يشير إلى أن من شأن هذه الوصفات أن تعقد اقتصاد السودان وتسبب مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية وأمنية.

تركة مثقلة

ويؤكد المحلل محمد إبراهيم الحسن أن موازنة 2020 ورثت تركة مثقلة بالتحديات، لافتاً إلى أن أبرز المشكلات التي كانت تعاني منها الميزانيات الماضية، سوء إدارة الموارد واستغلال الفرص. ويشدد على أن معالجة سوء استغلال الموارد يشكل أكبر تحدٍ للموازنة العتيدة، وأن المرحلة تتطلب أولاً قوانين وتشريعات لإدارة الثروات القومية، وفي مقدمها قطاع المعادن، كما يجب التركيز على القطاع الزراعي وإعادة تشغيل المشاريع المتوقفة، لأنها غير مكلفة وبعضها يحتاج إلى قرارات وإرادة سياسية، إلى جانب اتخاذ سياسات تحفيزية للصادر.

يتابع "هناك مسألة مهمة للموازنة تتمثل في المؤسسات المصرفية وإعادة هيكلتها بدءاً من البنك المركزي، والعمل على تمويل القطاع الإنتاجي والمشاريع التنموية، ودخول النظام المصرفي المحلي في التعاملات المالية العالمية"، موجهاً لضرورة اهتمام الموازنة بالتخطيط في ما يتعلق بالمشروعات الاستثمارية الصغيرة، وقيام مفوضية لهذا الشأن، إضافة إلى إجراء مراجعة شاملة للضرائب وتوسيع المظلة الضريبية لتشمل كل المؤسسات.

ويوضح أن الموازنة أمام تحدي الدعم وهي تحتاج إلى معالجة، من ناحية استمراريته وإدارته وكيفية توجيهه لمن يستحق، خصوصاً في ما يتعلق بالمحروقات والدقيق، لافتاً إلى ضرورة الاهتمام بالموانئ وتأهيلها لمساندة حركتي الصادر والوارد، لأنهما يؤثران في أداء الموازنة والأسعار بالأسواق، والموازنة تحتاج إلى آليات جديدة للرقابة وتقويتها، بدءاً من المواصفات والمقاييس والجمارك وسلطات المكافحة المختلفة، وابتكار وسائل إلكترونية لهذا الغرض.

ويشير إلى أهمية الشفافية وربطها بالوعي الشعبي، لأنها تعد الحامي للموازنة والدولة، فضلاً عن الالتزام بمبدأ الشفافية في كل مراحل الموازنة، مع مراعاة وجود قيادات تنفيذية ذات قدرات عالية، إضافة إلى دور الإعلام في المراقبة والمتابعة لخطط ومشاريع وبرامج الدولة.

صندوق دعم

تشكلت مجموعة أصدقاء السودان في يونيو (حزيران) الماضي بعد أحداث مجزرة القيادة العامة التي راح ضحيتها أكثر من مئة معتصم وآلاف الجرحى والمفقودين، وتمكنت بعد اجتماعها الأول في 21 يونيو في برلين من الضغط على المجلس العسكري الذي تسلم السلطة بعد الإطاحة بنظام البشير لإبرام اتفاق مع المدنيين. وتضم المجموعة الولايات المتحدة الأميركية وألمانيا والنرويج وبريطانيا وفرنسا وإثيوبيا والإمارات والسعودية ومصر وقطر والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي. ومن المقرر أن يعقد الاجتماع الثالث لهذه المجموعة في العاصمة السودانية الخرطوم التي تشهد هذه الأيام لقاءات واجتماعات مكثفة مع الجهات الدولية ذات العلاقة في إطار التحضيرات الأولية لهذا الاجتماع الذي يأتي بعد انعقاد الاجتماع الثاني الذي استضافته واشنطن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وتم خلاله الاتفاق على إنشاء صندوق لدعم برنامج الإصلاحات الاقتصادية، فيما أعلنت أميركا في الاجتماع أنها بدأت مباحثات مع الحكومة السودانية بشأن رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب. وركز الاجتماع على مساعدة السودان اقتصادياً. وقدم وزير المالية إبراهيم البدوي شرحاً للخطة الاقتصادية للحكومة التي تتركز على حشد الموارد الداخلية والخارجية لإظهار تغيير سريع في الخدمات وبطالة الشباب، والسعي في الوقت نفسه إلى إصلاحات اقتصادية لخلق أرضية لتنمية طويلة الأجل.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وشددت المجموعة على ضرورة الشفافية كي يطلع الشعب السوداني على أهداف الحكومة. وطالب الاجتماع بالتنسيق مع الحكومة السودانية وتبادل المعلومات حول أنواع المساعدات التي تريدها الخرطوم في العام المقبل، وأن صندوقاً من مانحين عدة قد يكون آلية مناسبة لتقديم هذا الدعم، خصوصاً مع مراعاة وجود شبكة أمان اجتماعي أقوى لتخفيف أثر الإصلاحات الاقتصادية في الفقراء.

وأثار عدد من المشاركين وضع السودان في قائمة الدول التي ترعى الإرهاب وتأثير ذلك في الاستثمار والديون والتمويل ومتأخرات الصناديق المالية الدولية. في حين أشارت واشنطن إلى أنها بدأت المفاوضات مع السودان في شأن الرفع المحتمل لاسم السودان من قائمة الإرهاب. وفي الوقت نفسه بدا وزير المالية السوداني متفائلاً تجاه هذا الأمر الذي اعتبره "مسألة وقت".

البرنامج الاقتصادي

وكان وزير المالية السوداني عرض خلال الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن أكتوبر الماضي المراحل الثلاث للبرنامج الاقتصادي لبلاده التي تستمر حتى 2030، حيث بدأت المرحلة الأولى في سبتمبر (أيلول) 2029 وتستمر حتى يونيو 2020، وتركز على معالجة الوضع الاقتصادي وعجز الموازنة وهيكلة القطاع المصرفي.

فيما تبدأ المرحلة الثانية يوليو (تموز) من العام المقبل وتستمر حتى نهايته، وتشمل حشد الجهد المالي لتعزيز الموارد والإيرادات لتصل إلى 10 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وتؤكد هذه المرحلة ولاية وزارة المالية على المال العام، وتوحيد سعر صرف العملة المحلية (الجنيه) والانتقال من دعم السلع إلى دعم المواطنين عبر شبكات الضمان الاجتماعي. أما المرحلة الثالثة والأخيرة فتبدأ مطلع 2021 بالتركيز على تقليل الاقتراض من المصارف، وترشيد الإنفاق مع مراجعة بنود الموازنة وإدارة السيولة.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد