Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تعديل المشهد السمعي البصري في تونس: أي مستقبل للهيئة الناظمة؟

طرأت تحولات كبرى على مستوى المضامين والتداخل بين المالي والسياسي والإعلامي

أعضاء مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري بعد أن تعزز بانضمام عضوين جديدين (موقع الهيئة)

تعزّز مجلس الهيئة العليا المستقلة للاتّصال السمعي والبصري في تونس (الهايكا) بعضوين جديدين هما عمر الوسلاتي وسكينة عبد الصمد، وذلك في إطار سدّ الشغور الحاصل في تركيبة المجلس. واقتُرح اسم الوسلاتي من قبل جمعية القضاة التونسيين، أما عبد الصمد فاقتُرح اسمها من قبل النقابة الوطنية للصحافيين التونسيين.
 

تساؤلات حول مرشّح نقابة الصحافيين

 

وأثار اقتراح الصحافية سكينة عبد الصمد عن نقابة الصحافيين تساؤلات عدة في القطاع لأنها عضو في المكتب التنفيذي للنقابة. ورأى البعض أن التعيين أتى مشوباً بالمحسوبية على حساب بقية الصحافيين المرشحين.
وأكد عضو المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للصحافيين التونسيين زياد دبّار أن "الاختيار تم على أسس واضحة هي الاستقلالية والخبرة المهنية والثقافة القانونية"، رافضاً أن يكون تعيين سكينة عبد الصمد أتى عبر المحسوبية.
 

تعديل المشهد
 

تلعب الهيئة العليا المستقلة للاتصال السّمعي البصري دوراً تعديلياً للمشهد السمعي البصري في تونس، إلا أن متابعين كثر للشأن الإعلامي في البلاد لاحظوا ثغرات تشريعية في تعديل المشهد، نظراً إلى أن الهيئة محدَثة بمرسوم يُفترض أن تُسيّر الهيئة بمقتضاه لفترة محدّدة إلى حين سنّ قانون جديد للاتصال السّمعي البصري يحلّ محل المرسوم المذكور ويتم انتخاب أعضاء جدد وفق ما ينصّ عليه المرسوم ذاته، إلاّ أن مناقشة القانون الجديد للسمعي البصري عُطّلت ولم يُطرح للنقاش في البرلمان.
وطرأت على المشهد الإعلامي السّمعي البصري في السنوات الأخيرة، تحولات كبرى على مستوى المضامين والتداخل، بخاصة بين المالي والسياسي والإعلامي ما جعل عملية الفرز صعبة على المتابع والمتلقي في الوقت ذاته، ما أثّــر بشكل واضح في أداء بعض المؤسسات الإعلامية وما دفع بالهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري إلى التدخل وتعديل المشهد، خصوصاً في الفترة الانتخابية عبر تسليط الخطايا على عدد من القنوات التونسية الخاصة والعامة، نذكر على سبيل المثال قناة "نسمة" بسبب الإشهار السياسي المتعمد لصاحب القناة، المرشح السابق للانتخابات الرئاسية نبيل القروي، وقناة "الحوار التونسي" للسبب ذاته بعد القيام بالدعاية لفائدة رجل الأعمال سليم الرياحي، إضافة إلى التلفزيون الوطني لوقوعه في الترويج السياسي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


ويرى متابعون للشأن الإعلامي في تونس أن تسليط العقوبات عبر الخطايا هو آلية غير مجدية لأن مَن يملك وسيلة إعلام يمكنه أن يستثمرها في الترويج لصورته على حساب غيره، لذلك يجب تغيير القانون وتشديد العقوبات على بعض المخالفات التي من شأنها أن تؤثر في اتجاهات الرأي العام في البلاد.
إضافةً إلى ذلك، فإن الهيئة استُحدِثت في مايو (أيار) 2011 وحافظت على التركيبة ذاتها تقريباً. كما سُجّلت استقالات عدة بين أعضائها، في حين يُفترض أن يتمّ التجديد لها وفق ما ينصّ عليه الفصل السابع من المرسوم رقم 116.
 

مسار مستقر
 

في هذا السياق، اعتبر الباحث في علوم الإعلام والاتصال نبيل العرفاوي أن "مسار الهيئة العليا المستقلة للاتصال السّمعي البصري يُعتبر مستقراً مقارنةً ببقية الهيئات من حيث عدد الاستقالات، فقانونياً وترتيبياً ليس هناك ما يمنع سدّ الشغور الحاصل ضمن أعضائها طبقاً للمرسوم ذاته وذلك لاعتبارات عدة، كما أنه من حقّ نقابة الصحافيين أن تعيّن مَن يمثلها بعدما قدّمت ممثلتها في وقت سابق استقالتها، كما يحق لجمعية القضاة تعيين ممثل لها في الهيئة.
وتساءل العرفاوي عن "مواعيد تعيين هيئة جديدة بتركيبة أخرى حتى تنكبّ فعلاً على إصلاح ما يتخبّط فيه الإعلام السمعي البصري في تونس من إشكاليات، منها ما هو هيكلي كمؤسسات الإعلام الرسمي ومنها ما هو مرتبط باقتصاديات السوق، بخاصة الإذاعات الخاصة".
وتُعتبر الهيئة العليا المستقلة للاتصال السمعي البصري مكسباً لا يمكن التنازع بشأنه، إلاّ أنه بحاجة إلى مزيد الترتيب من خلال تفعيل قانون السّمعي البصري وتعزيز صلاحياته لفرز المشهد الإعلامي السمعي - البصري فرزاً علمياً مدروساً يقطع مع المال السياسي واللوبيات الاقتصادية المتحكِمة ويناصر الإعلام الرسمي كي يكون قاطرة الإعلام، في بلد يعيش مخاضاً سياسياً من أجل انتقال ديمقراطي سلس، تربكه من حين إلى آخر بعض وسائل الإعلام بالتشكيك والتحامل على جهة سياسية ما، بغية توجيه اهتمامات الجمهور والتحكّم فيها.

المزيد من العالم العربي