Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

المخاطر تزيد غموض مستقبل بنوك لبنان

عائد السندات الحكومية صعد إلى مستوى 105%... والفائدة المرتفعة تهدد النظام المالي

عملاء لبنانيون يصطفون خارج فرع بنك في لبنان (رويترز)

بينما تتصاعد أعمال الاحتجاجات في لبنان ترتفع حدة الأزمات التي تواجهها المصارف اللبنانية، خصوصاً مع ارتفاع العوائد على بعض السندات الدولارية اللبنانية ودخولها إلى "المنطقة الفنزويلية"، إذ ارتفعت العوائد إلى نحو 105%، نتيجة استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي.

وأشار تقرير لوكالة (بلومبيرغ)، إلى أن العوائد على السندات الحكومية اللبنانية البالغة 1.2 مليار دولار أميركي، التي تُستحق في مارس (آذار) المقبل، ارتفعت بنحو 28 نقطة مئوية هذا الأسبوع إلى مستوى 105%، بعد أن سجَّلت 13% قبل خمسة أسابيع مضت أي قبل استقالة الحكومة اللبنانية.

وأضافت، في تقرير أمس، "كثيرٌ من متداولي السندات ينظرون إلى لبنان باعتبار أن هناك حالة عجز عن السداد في طريقها للحدوث، ولذلك أصبح سعر السند حاليا أهم كثيراً من العائد عليه، إذ يضع المتداولون في حساباتهم النسبة التي قد يستردونها في حالة العجز عن السداد".

قيودٌ مؤقتة لحماية النظام المالي
في الوقت نفسه، قال رئيس جمعية مصارف لبنان سليم صفير، "البنوك تملك سيولة وفيرة، لكنها تعمل في ظل موجة عارمة من حالة عدم اليقين"، واصفاً القيود المؤقتة التي فُرضت هذا الأسبوع بأنها "حاجزٌ لحماية النظام المالي"، إلى أن تعود الأوضاع إلى طبيعتها.

واستبعد في تصريحات نقلتها وكالة "رويترز"، خفض قيمة الودائع المصرفية، وهو ما اقترحه بعض المراقبين في القطاع المالي، باعتباره ضرباً من "الجنون"، مؤكداً أن ذلك "سيلحق ضرراً شديداً بمستقبل الاستقرار في بلد يعتمد على تدفقات الأموال".

وقال، إنه نما إلى علمه أن المودعين "سحبوا بالفعل ما يقدر بثلاثة مليارات دولار أو أكثر، ووضعوها في منازلهم خلال الأشهر الستة الأخيرة".

وأضاف، أن طلب مصرف لبنان المركزي من البنوك زيادة رأس المال نحو 10% بنهاية العام "غير واقعي أيضاً"، ما لم تتشكل حكومة جديدة، ويظهر مناخ أكثر إيجابية.

وتابع، "إذا بقي الوضع على ما هو عليه فلن يكون واقعياً".

وتفاقمت مشكلات لبنان الذي يواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ الحرب الأهلية بين 1975 و1990، منذ اندلاع احتجاجات ضد النخبة الحاكمة الشهر الماضي، وأوقدت الاحتجاجات شرارة أزمة سياسية كبيرة، إذ أدَّت إلى استقالة رئيس الوزراء سعد الحريري، وصنعت مأزقاً بشأن نوع الحكومة التي يجب تشكيلها.

وأغلقت البنوك اللبنانية أبوابها معظم الوقت منذ اندلاع الاحتجاجات، واستأنفت عملها يوم الثلاثاء الماضي عقب ثاني فترة إغلاق، بعدما اتفقت على قيود مؤقتة من بينها سقف أسبوعي للسحب من الحسابات الدولارية بواقع ألف دولار، وتقييد التحويلات إلى الخارج باستثناء الحالات الشخصية الطارئة.

وقال رئيس جمعية مصارف لبنان، "من منظور الموقف السياسي نحتاج إلى حاجز ما لحماية النظام نفسه إلى أن يعود الوضع إلى طبيعته".

وتابع، "الجانب الإيجابي لتلك القيود أنها ستحفّز السياسيين لاتخاذ قرار حكيم، والتوصّل إلى تسوية سياسية تُرضي الناس في الشارع، وستخفف أيضاً الضغوط المتعلقة بسحب الودائع ووضعها في المنازل".

موجة عارمة من حالة عدم اليقين
وقال صفير، إن لدى البنوك اللبنانية سيولة وفيرة، لكن "موجة عدم التيقن عارمة".

وأضاف، "لم أرَ قط كل هؤلاء الناس في بنوكنا الذين نراهم في الفترة الأخيرة".

وترجع جذور الأزمة الاقتصادية إلى سنوات من الهدر الحكومي والفساد، ما أثقل كاهل لبنان بأحد أضخم أعباء الدين العام في العالم، يضاف إلى ذلك تباطؤ التحويلات المالية من الخارج، التي يعتمد عليها لبنان في تمويل عجزي الميزانية والمعاملات الجارية، وهبطت قيمة الليرة اللبنانية لما دون سعر الصرف الرسمي.

وقال معهد التمويل الدولي، في تقرير حديث، إن الودائع انخفضت بأكثر من 10 مليارات دولار منذ نهاية أغسطس (آب) الماضي، وسُحِبَ نصف هذا المبلغ لخارج البلاد، ووُضِع النصف الآخر في المنازل.

وأضاف، "منذ اندلاع الاحتجاجات، فإن التدفقات على لبنان لم تتوقف، إنما ضعفت بالتأكيد. المؤلم حقاً هو رد فعل الناس، أن تحتفظ بمالك في البنك أكثر أماناً من الاحتفاظ به في المنزل".

واقترح بعض المستثمرين احتجاز جزء من الودائع المصرفية أو خفض قيمة السندات الحكومية لحامليها، لتفادي الأزمة.

وقال صفير، "لا أعرف كيف يمكن لخفض القيمة أن يحلّ الموقف. حل الموقف يتطلب الاستقرار السياسي"، مضيفاً "مثل هذا القرار يحتاج إلى أن تتخذه حكومة ويقره البرلمان اللبناني".

وتابع، "سيرعب الجميع. المقيمون في الخارج، مواطنونا لديهم أموالٌ كثيرة في الخارج. هذه الأموال لن ترجع أبدأ إذا كان هناك خفض قيمة".

الفائدة المرتفعة تزيد الأزمة
وكان مصرف لبنان قال الأسبوع الماضي إنه سمح للبنوك باقتراض الدولار بفائدة تصل إلى 20% لتلبية احتياجات المودعين شريطة عدم تحويلها إلى الخارج.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح صفير، أنه في حين فتح البنك المركزي خزائنه لتقديم العون في حالة شح السيولة، فإن "فائدة 20% تحول دون الاستفادة من هذا الوضع".

فيما اصطفت طوابير أمام المصارف اللبنانية، التي أعادت فتح أبوابها، الثلاثاء الماضي، بعد إغلاق استمر أسبوعاً مع انتشار الشرطة أمام الفروع وفرض البنوك قيوداً مشددة على سحب العملة الصعبة والتحويلات إلى الخارج.

وأُغلقت البنوك معظم الوقت منذ اندلاع احتجاجات ضد النخبة الحاكمة في لبنان في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. وأُعيد فتحها عقب إغلاق استمر أسبوعين في أول نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لكنها أغلقت أبوابها مجدداً بعد ذلك بأسبوع بسبب إضراب الموظفين الذين شكوا من تهديدات من العملاء الذين يطلبون أموالهم.

وسعياً إلى تجنّب نزوح رؤوس الأموال، أعلنت جمعية مصارف لبنان الأحد الماضي، أن الحد الأقصى للسحب النقدي ألف دولار أسبوعياً، وأن التحويلات إلى الخارج ستقتصر على الإنفاق الشخصي العاجل فقط، بينما أكد مصرف لبنان المركزي أن الودائع آمنة، وأن لديه القدرة على الحفاظ على قيمة الليرة اللبنانية المربوطة بالدولار.

اقرأ المزيد

المزيد من اقتصاد