Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

خلع الحجاب عنوان "المعركة" في مصر... السوشيال ميديا "تعلق المشانق" للفنانات العرب

ضجة كبرى صاحبت خلع صابرين للحجاب رغم تمهيدها للقرار... وأستاذ علم اجتماع: تراجع تيار المتاجرين بالدين كشف الحقائق

الفنانة المصرية صابرين تظهر بشعرها بعد قرارها خلع الحجاب (الصفحة الرسمية للفنانة على إنستغرام)

صورتان من دون تعليق، ظهرت فيهما الممثلة المصرية صابرين (52 عاما) عبر حسابها الرسمي على "إنستغرام" بخصلات شعرها الذي صبغته بالأشقر الفاتح، ومن دون مكياج تماما. صداهما لم يتوقف حتى الآن، آلاف التعليقات ومئات الصفحات التي تتداول الصورتين، كثير من ردود الفعل السلبية والانتقادات اللاذعة، وقليل من الأصوات تطالب بالهدوء.

صابرين خلعت الحجاب بعد نحو 18 عاما من ارتدائه، يبدو الأمر عاديا، قرار شخصي اتخذته فنانة محبوبة ومهدت له كثيرا بطرق شتى، فلماذا كل هذه الضجة من المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي، ولماذا يتكرر نفس سيناريو التلقي مع خلع كل فنانة للحجاب، رغم تعدد حالات التخلي عن الحجاب في السنوات الثلاث الأخيرة؟ والأمر هنا لا يخصّ فقط النجمات، ولكن موجة خلع الحجاب انتشرت في كافة الطبقات في مصر، تماما بنفس وتيرة موجة ارتدائه منذ منتصف الثمانينيات مرورا بانتشار الظاهرة أكثر  منتصف التسعينيات، وحتى موجة ارتدائه الحديثة الكبرى التي بدأت مع عام 2000، وبالتالي صابرين ليست الأولى ولن تكون الأخيرة.

صابرين لم تصمد وانهارت باكية

صابرين التي جاءت قصتها مع ارتداء الحجاب وخلعه شبيهة بأغلب زميلاتها، مثل سهير رمزي وشهيرة وعبير صبري وشاهيناز وحلا شيحة وغادة عادل، وكثيرات غيرهن، حيث احتجبت أولا وتحجّبت واعتزلت العمل الفني، ثم عادت تدريجيا للأضواء وبدأت في تقديم أعمال فنية بالحجاب، ثم خلعته نهائيا، مؤكدة أنها محتشمة وليست محجبة، كما أنها ظهرت كثيرا مرتدية غطاء رأس بسيط يظهر أغلب شعرها، بخلاف أن صابرين تفرّدت بفكرة الشعر المستعار، حيث كانت ترتديه في أغلب أعمالها الفنية فوق الحجاب، وسط استهجان كثيرين ولكنها تمسكت بقرارها، وها هي تخلعه بشكل كامل ولن تعود بحاجة إلى "الباروكة" في أدوارها بعد اليوم، ولكن "الاستهجان" لا يزال يصاحبها مع ذلك! والانتقادات تتوالى، لدرجة أن الفنانة الكبيرة أطلت باكية وهي تتحدث عن ردود الفعل التي تتعرض لها والتي تصل حد السب والقذف، وذلك في مداخلة مع الإعلامي عمرو أديب عبر شاشة "mbc مصر" في برنامجه "الحكاية".

حجاب النجمات بين الارتداء والتخلي

في وقت ما كان عدد الفنانات المحجبات يقدّر بالعشرات، وأصبح يتقلص شيئا فشيئا، وأشهرهن في مصر الآن، شمس البارودي وسهير البابلي وحنان ترك. البارودي اتخذت قرارا في البداية بخلع النقاب واكتفت بالحجاب واعتزلت الفن منذ منتصف ثمانينيات القرن الماضي، أما حنان ترك، وهي من الجيل الأحدث، فممتنعة عن الظهور، إلا قليلا، ومعتزلة العمل الفني منذ سنوات بعدما جرّبت التمثيل بالحجاب ثم توقفت.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

أما سهير البابلي فتطل من فترة إلى أخرى، وكانت قد ارتدت الحجاب في عام 1997، ووقتها كانت هناك موجة ارتداء الحجاب، حيث تأثرت بعض الفنانات بالدروس الدينية التي حضرنها مع الشيخ الراحل محمد متولي الشعراوي، فيما شهدت فترة بداية التسعينيات حجاب كل من سهير رمزي وشهيرة وسوسن بدر "خلعته سريعا" ومديحة حمدي وعفاف شعيب، وأيضا الراحلتين مديحة كامل وهالة فؤاد (رحلتا دون التخلي عن الحجاب)، مثل النجمة الكبيرة شادية التي كانت قد ارتدت الحجاب في عام 1986 واعتزلت في صمت.

فيما الحقبة الأحدث، والتي تمثلت في ارتداء نجمات الجيل الحالي للحجاب، والتي بدأت منذ عام 2000 تقريبا، فقد وقف وراءها مجموعة من الدعاة الجدد حينها، وعلى رأسهم عمرو خالد، وشملت عددا كبيرا من الفنانات اللاتي كنّ في أوج شهرتهن، بينهن بالطبع حنان ترك وعبير صبري ومنى عبد الغني، وشاهيناز وحلا شيحة وبسمة وهبة وموناليزا وإيمان العاصي، وكانت غادة عادل قد سبقتهن بعدة سنوات، ولحقتهن فيما بعد الفنانة هالة فاخر التي تظهر بشعر مستعار في أوقات كثيرة مثل صابرين أيضا، فيما لا تزال تظهر الفنانات عبلة كامل ومنى عبد الغني وعفاف شعيب بالحجاب دوما.

عربيا أيضا هناك أكثر من نجمة بادرت إلى ارتداء الحجاب ثم خلعه، لعل أبرزهن الإماراتية بدرية أحمد، التي ارتدت الحجاب بشكل مفاجئ في صيف 2018، وأعلنت أنها لن تتراجع أبدا عن قرارها، ولكن بعد مرور 5 أشهر فقط كانت قد خلعته وعادت إلى مظهرها القديم، وطالبت الجمهور بعدم التدخل في حياتها.

أيضا الكويتية هنادي الكندري ارتدت الحجاب في بداية مشوارها، ثم خلعته بعد عدة سنوات، وأكدت أنها لم تكن ترتديه بالطريقة الصحيحة ولهذا قررت التخلي عنه، كما خلعت الفنانة الإماراتية الشابة مشاعل الشحي الحجاب، وظهرت في عدة صور لافتة أثارت حينها تعليقات سلبية كثيرة على مواقع التواصل الاجتماعي.

تراجع تيار الإسلام السياسي

المتابع لتوجهات الجمهور على السوشيال ميديا سيجد قصصا كثيرة حول فتيات خلعن الحجاب بعد أعوام طويلة من ارتدائه تتجاوز الخمسة عشرة عاما، حيث المواقف والتبريرات متكررة، وهي التأثر ببعض آراء الدعاة ومحاولة تقليد الأخريات، الأمر تزامن مع انتشار الأرشيف الحقيقي لفتاوى أشهر هؤلاء الدعاة، وبينهم الشيخ محمد متولي الشعراوي، حيث أظهرت فيديوهات "منسية" له أن هناك تناقضا في تفسيراته صدم الكثيرين، وقبله كذلك الداعية عمرو خالد الذي ظهر أيضا في أكثر من فيديو أثار الجدل، من بينها فيديو "الحرم المكي"، وهي فيديوهات من شأنها أن تجعل المتأثرين بهم يعيدون النظر في بعض قرارتهم التي اتخذوها بناء على ثقتهم فيما يقولون.

مواقع التواصل الاجتماعي بالفعل تمتلئ بتعليقات قاسية تجرّم تصرفات شخصية كثيرة، وهو أمر يعلّق عليه الداعية عمرو مهران بالتأكيد على أن البعض يتكلمون في الدين ويستفيضون في الحديث عن علومه المختلفة بتلقائية ودون استناد إلى دراسة، ويتابع "غالبية الناس لا تتعامل مع (الدين) على أنه علم والحديث فيه بتعمق بحاجة إلى التخصص والدراسة، فهم يتعاملون مع الطب والهندسة على أن كلا منهما علم متخصص، ولكن الدين في رأيهم ليس بحاجة إلى الاهتمام بالقراءة والدراسة، وهو أمر خاطئ تماما".

يشدّد الداعية عمرو مهران على أن هناك استخداما خاطئا لمواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا عند التعليق على القرارات الشخصية لمشاهير المجتمع، ويضيف "كيف يعبّرون عن غيرتهم على دينهم بأسلوب يحمل الأذى اللفظي للغير؟! من يهتم بتطبيق تعاليم دينه سيهتم أولا بأن يكون قدوة طيبة في تعامله مع الناس، لأن هذا هو المعنى الحقيقي لعبارة (قلبه ممتلئ بالله)، بالإضافة إلى أداء الفرائض وإتقان العمل، والأساس هو أنه لا يجب التدخل في القرارات الشخصية للناس، إلا بالنصيحة (الخاصة)، أي في حالة معرفة هذا الإنسان معرفة شخصية، وغير ذلك ليس من حق أحد أن يراجع الآخرين وحتى لو كان هناك ود وصداقة ورصيد من المحبة، فيجب اختيار طريقة للفت النظر والمناقشة والنصح، ولكن ما يجري هو أبعد ما يكون عن الدين".

 تقول الدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بالقول "الجمهور بدأ يفهم ويستوعب ما يجري، ويفرّق جيدا بين المتاجرة بالدين من قبل جهة أو تيار منافق ما، وبين الدين الحقيقي، وليس مجرد المظهر، ويتخلى عن الأوهام التي يصدرها البعض".

تتابع الدكتورة هالة منصور لـ(اندبندنت عربية) "كثيرات ارتدين الحجاب لأغراض غير دينية، قد يكون السبب هو الضغط الاجتماعي أو الخوف من الاختلاف أو بهدف مجاراة الموضة، وبالطبع هناك من ارتدينه في سبيل الالتزام الديني من وجهة نظرهن، والفنانات مثلهن مثل باقي نساء وفتيات المجتمع، وبالتالي بعد تراجع التيارات المستغلة للدين، اتضحت الظاهرة على حقيقتها وهي أنها ظاهرة اجتماعية تماما، والمؤكد أنه ليس من حق أحد أن يحجر على حرية النساء في ارتداء الحجاب أو خلعه لأنه حرية شخصية، ولكننا فقط نحاول تحليل التلقي المجتمعي لهذا التصرف، حيث هناك مبالغة في رد الفعل، وقسوة شديدة على مواقع التواصل الاجتماعي".

مواقع التواصل الاجتماعي تعلق المشانق

وبالنظر بصورة أكبر لردود الفعل التي تصاحب ارتداء أو خلع الفنانات الحجاب، فالأمر ينقسم إلى شقين، الأول هو التهاني المتوالية من قبل المتابعين حينما يتعلق الأمر بارتدائه، مثلما حدث مع المطربة اللبنانية أمل حجازي، وغيرها، والسخط عند خلعه مثلما حدث مع صابرين وسهير رمزي وشهيرة، وقبلهم بعام حلا شيحة التي خلعت الحجاب والنقاب بعدما ارتدته 12 عاما، حيث عادت من اعتزالها وأعلنت طلاقها واستقرت في مصر بعدما كانت تعيش في كندا، وسريعا انخرطت في الوسط الفني وباتت وجها دائما في المهرجانات، وأيضا عرضت عليها أعمال كثيرة، حيث قدمت دور "صافية" في مسلسل "زلزال" في رمضان 2019 مع محمد رمضان، وهي تحضّر لفيلم جديد.

ولكن هل تستطيع الفنانات العائدات من الاعتزال بعد الحجاب دوما استئناف نشاطهن الفني بسهولة أم أن الأمر يكون صعبا؟! على الأغلب الأمر مرهون بمدى اجتهاد الفنانة نفسها، فمثلا سهير رمزي لم تقدم سوى عملين فقط منذ تراجعها عن الاعتزال وتخفيف حجابها مرورا بخلعه تماما، كذلك المطربة شاهيناز بات ظهورها الفني قليلا بعد تخبطها وترددها في العودة من الاعتزال أكثر من مرة، أما صابرين فهي من الأساس لم تعتزل سوى فترة قصيرة وبعدها عادت إلى عملها بشكل صريح وقدمت أدوارا مميزة، وخلعها للحجاب يعتبر تحصيل حاصل، خصوصا وأنها كانت لا تجد مشكلة في ارتداء "البروكة" في الأعمال التي تتطلب ظهورها من دون حجاب.

من جهتها، ترى الدكتورة هالة منصور أن "بعض النجمات يحرصن على إثارة الجدل حولهن عن طريق الإعلان عن ارتداء الحجاب أو خلعه، بدليل أنهن من يبادرن إلى نشر صورهن به أو من دونه ويبادرن أيضا بالظهور الفوري عبر الشاشات وإلقاء التصريحات والمداخلات وكأنها خطة دعائية أو ترويجية ليبقين في بؤرة الضوء، وبالتالي تتوالى العروض عليهن".

وتتابع أستاذ علم الاجتماع "هن المستفيدات من الضجة على السوشيال ميديا، لأنها أداة من أدوات عملهن، فمثلما ارتدت رانيا يوسف فستانا مكشوفا وظلت في بؤرة الضوء وسعت لإثارة الجدل، تخلع أخريات الحجاب لأسباب شبيهة، لرفع معدلات الشهرة، وعموما المحاكمات المجتمعية للملابس أمر مرفوض لأنها قرار خاص وشخصي، ومن حق الفنانة كغيرها ارتداء الحجاب أو خلعه دون أن تعلق لها المشانق على مواقع التواصل الاجتماعي".

اقرأ المزيد

المزيد من فنون