Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إشارات سعودية بتسوية شاملة في اليمن

بعد زيارة نائب وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان إلى سلطنة عمان

مسقط ترحب بـ (اتفاق الرياض) بعد لقاء السلطان قابوس بالأمير خالد بن سلمان أمس (واس)

لم تحمل البيانات الرسمية التي نشرت عقب زيارة نائب وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان إلى سلطنة عمان من قبل الطرفين، أي إشارات مباشرة حول مسار الحل في اليمن الذي كان موضوع الزيارة الرئيسي، إلا أنها لم تخلو من الإشارات التي توافقت مع الخطاب السعودي الرسمي منذ توقيع اتفاق الرياض في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني).

إذ أملت سلطنة عمان عقب لقاء السلطان قابوس بنائب وزير الدفاع السعودي في بيت ابأن يمهد هذا الاتفاق إلى التوصل لتسوية سياسية شاملة تنهي الأزمة الحالية في اليمن، وهو ما أتى متوافقاً مع ما نشره مجلس الوزراء السعودي في تعاطيه مع اتفاق الرياض بوصفه "خطوة محورية" في مسار إنهاء الأزمة اليمنية وتعزيز وحدة اليمن وازدهاره.

ولم يكن هذا النوع من التعاطي مع الاتفاق هو الأول من نوعه، فقد سبق لولي العهد السعودي أن صرح في كلمته يوم التوقيع بأن الاتفاق هو خطوة نحو الحل السياسي اليمني وإنهاء الحرب في البلاد، وهو ما بدا دفعا نحو حلٍ سياسي طال انتظاره في ظل فشل كثير من المحاولات .

مساعي السلام منذ المبادرة الخليجية

لم تولد مساعي الحلول السلمية والتسويات في اليمن منذ بداية الحرب التي تلت استيلاء الحوثي على صنعاء، وإن كانت هي محور المفاوضات اليوم.

إلا أن الاضطرابات التي استدعت الدعوة لطاولة وحلول تسوية انطلقت منذ ثورة يناير 2011، ففي أبريل (نيسان) من نفس العام حاول مجلس التعاون الخليجي التوسط بين قادة الثورة ونظام صالح للوصول لتسوية شاملة تنهي حالة الاضطراب التي كانت تعيشها البلاد، وصياغة مقترحات عديدة لانتقال السلطة.

وهو ما أعطى صالح إشارات إيجابية حياله، معرباً عن قبوله للخطة ومغادرته السلطة بعد شهر من توقيع الاتفاقية التي نصت على تشكيل حكومة وحدة وطنية في الفترة التي تسبق الانتخابات، على الرغم من رفض المتظاهرين للصفقة التي تمنح الحصانة لصالح من الملاحقة القضائية.

إلا أن موافقة زعماء المعارضة في نهاية المطاف لم تفضي إلى التوقيع على المبادرة، فقد قرر صالح حينها أن يلعب هو دور المعطل للمسار السلمي بالتراجع عن التوقيع، وتعليق مبادرة مجلس التعاون حتى نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، حين جرى التوقيع في  الرياض على الخطة للانتقال السياسي ذاته التي رفضت من الطرفين في مناسبات مختلفة، على أن يتم نقل سلطات الرئاسة إلى نائبه عبد ربه منصور هادي في غضون 30 يوماً، وتقام انتخابات رسمية في 21 فبراير (شباط) 2012، مقابل منح صالح الحصانة من الملاحقة القضائية له ولأسرته.

مؤتمر الحوار الوطني

لا يمكن الحديث عن مساعي الحل السلمي الشامل في اليمن دون النظر إلى تجربة "مؤتمر الحوار الوطني الشامل"، والتي تأسست بموجب "المبادرة الخليجية" التي توسط فيها مجلس التعاون الخليجي وأشرف عليها مجلس الأمن الدولي تحت مسمى "المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية".

إذ جرى التحضير والإعداد للمؤتمر كأحد الآليات التنفيذية المنبثقة عن الاتفاق، لبدأ أول جلساته في 18 مارس (آذار)2013  بالعاصمة اليمنية صنعاء، برئاسة الرئيس المؤقت عبد ربه منصور هادي، وضم 565 عضواً 50% منهم من مواطني المحافظات الجنوبية و30% من النساء و20% من الشباب، لتعلن الوثيقة النهائية لمؤتمر الحوار في القصر الجمهوري بصنعاء في يناير (كانون الثاني) 2014، بحضور دولي وعربي كبير.

التفاؤل الذي انتهى بعد أشهر من هذا الاحتفاء، بعد أن زحفت ميليشيات الحوثي مدعومة من إيران إلى صنعاء للاستيلاء على السلطة فيما عرف بـ"انقلاب  21سبتمبر"، والذي انتهى باستحواذ ميليشيات الحوثي وقوات الرئيس السابق علي عبدالله صالح على القرار السياسي في اليمن وطردهم السلطات الشرعية، مستغلين احتجاجات على قرارٍ للحكومة اليمنية يقضي برفع الدعم عن المشتقات النفطية.

اتفاق السلم والشراكة

عقب انقلاب الحوثي في صنعاء والصدامات العسكرية التي نتج عنها بين الإنقلابيين والقوات الشرعية وقوات شعبية أخرى كجماعة الإصلاح ومكونات سياسية أخرى من مختلف المناطق، استدعى الأمر التدخل لاحتواء الأزمة والحيلولة دون انهيار البلاد ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني، لتبدأ مرحلة جديدة من مشاريع الحل السلمي عقب الانقلاب مباشرةً.

فبعد أن توصل الأطراف اليمنية التي شملتها المفاوضات للاتفاق، تم التوقيع عليه في 27 سبتمبر (ايلول) بدون أي التزامات حوثية أمنية بعد رفضهم التوقيع على الملحق الأمني التابع للاتفاق، والذي حمل سبعة بنود أهمها تأكيد ضرورة بسط نفوذ الدولة واستعادة أراضيها، وإزالة التوتر السياسي والأمني من صنعاء، بالإضافة إلى تشكيل لجنة مشتركة لوقف جميع أعمال القتال في محافظتي الجوف ومأرب وفق فترة زمنية محددة.

محاولات جنيف والكويت

مع بداية الدخل العسكري في اليمن من قبل التحالف العربي لاستعادة الشرعية، كان من الضروري ظهور مشاريع تسوية تعمل على احتواء الفرقاء اليمنيين ضمن نسق سياسي سلمي بعد وضع السلاح.

وكان ذلك بإعلان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في مايو (ايار) 2015، عن بدء مشروع محادثات جديد في جنيف، إلا أن الأمور لم تسر بالشكل الذي تمناه بان كي مون، فقد ردت الحكومة اليمنية الشرعية برفضها المشاركة في المحادثات معلنة تمسكها بضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن 2216، ووضعت ميليشيا الحوثي عقدتها هي الأخرى باشتراط وقف الحرب عليها للدخول في المفاوضات.

الأمر الذي دفع لتأجيل موعد المفاوضات، إلا أن الأمور لم تسر في الموعد الجديد بشكل أفضل، إذ رفض الحوثيين الحوار مع حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي وطالبوا بالتحاور مع السعودية مباشرة، في حين اشترط الرئيس اليمني أن يتم النقاش مع الحوثيين في إطار القرار الدولي  2216، الداعي إلى انسحابهم من المناطق التي سيطروا عليها، لتنتهي فرصة جنيف دون الوصول لأي نتيجة.

ولم يكن نصيب اجتماعات الكويت أفضل مما نال جنيف، فما أن وصل الطرفين اليمنيين إلى الكويت لبدء مفاوضات برعاية أممية، إلاّ وتخلف وفد الحوثيون عن الحضور لثلاثة أيام بحجة عدم الالتزام بالهدنة على الرغم أن الملاحظات حول عدم الالتزام بالهدنة  كانت تطال الحوثيين وفق تقرير لجنة الرقابة على وقف إطلاق النار.

لتتعاقب الجلسات بعدها دون التوصل إلى أي اتفاق نتيجة تمسك الجانب الحكومي بتنفيذ قرار مجلس الأمن 2216، وهو ما كان يرفضه الحوثي مشترطين تعديل القرار الأممي قبل التوصل لاتفاق.

قاعدة المرجعيات الثلاث

وتظل آمال التوصل لاتفاق في اليمن قائمة رغم التعثر، إذ تمتاز الأزمة اليمنية بوجود قاعدة ثابتة توافقية إلى حد كبير للتوصل لاتفاق وطني شامل.

إذ تحمل المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية، مؤتمر الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216، مراجع سلام مهمة لأي مشروع وطني شامل وإن شكل المرجع الأممي الصادر عن مجلس الأمن جزءً من الأزمة والخلاف.

فالمبادرة الخليجية وفق خطواتها الرئيسية تسهم في حل أزمة الفراغ الرئاسي وتشكيل الحكومة، بالإضافة إلى دعمها لتشكيل لجنة للإشراف على إعداد دستور جديد، ثم وضع جدول زمني لانتخابات برلمانية جديدة بموجب أحكام الدستور الجديد يعرض على استفتاء شعبي، ثم يشكل الحزب الفائز بأكبر عدد من الأصوات الحكومة.

في حين يساهم مؤتمر الحوار الوطني وفق "وثيقة الحوار الوطني" إلى تأكيد شكل الدولة التي توافق اليمنيون على بنائها، إذ ستفضي إلى تشكيل دولة اتحادية من عدة أقاليم بعد طرحها لاستفتاء شعبي، حسبما ما اتفق عليه كافة الأطراف المشاركة في الحوار.

فيما يشكل القرار الأممي 2216 الضمانة لتطبيق المرجعيات السابقة، مع حماية اليمن من أي محاولة لفرض واقع سياسي بقوة السلاح، وتغليب الحل السياسي على أي شكل آخر من الحلول.

المزيد من الأخبار