Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

طرابلس رفضت خطاب الرئيس اللبناني: لا ثقة

يرى المتظاهرون في طرابلس أن عون تأخر بالاعتراف بمعاناة الناس

لم يشر الرئيس اللبناني ميشال عون إلى موعد البدء بمشاورات التكليف وتأليف الحكومة (غيتي)

لم يتمكن خطاب منتصف الولاية من ردم الهوة بين العهد والشارع في لبنان. ولم تتمكن سلسلة الوعود والمديح التي أطلقها الرئيس ميشال عون من إرضاء الشارع الطرابلسي، الذي احتشد جزء كبير منه في ساحة النور. ولم ينتظر المتظاهرون انتهاء الخطاب للتعبير عن سخطهم، فكان الرد يأتي مباشرة على ألسنة الناشطين الذين كانوا يشككون في قائمة الإنجازات وجردة الحساب عن الثلاث سنوات الماضية. وبرزت على الألسنة اتهامات المحاصصة وتقاسم مغانم الدولة، وتكبيل العهد من قبل العائلة.

أين الخطاب من الواقع؟

عند الساعة الثامنة بتوقيت بيروت من مساء الخميس، تحلّق عدد كبير من المتظاهرين حول الشاشات المحدودة العدد في محيط ساحة النور الطرابلسية، وما إن أعلن تأجيل الخطاب لمدة نصف ساعة حتى برز حس الفكاهة إلى السطح، وسادت قناعة أن الكلمة ستكون مسجّلة، وتحتاج إلى مزيد من المونتاج. وشكّل عدم ظهور الرئيس مباشرة على الناس فرصة للتشكيك في المضمون الذي سيقدّمه إليهم.

سارت الكلمة الرئاسية وفق النمط المعهود منذ بداية الانتفاضة. أنجزنا الكثير وكافحنا الفساد، الشركاء عرقلوا انطلاقتنا، وسوف نأتي لكم بالحلول الأفضل. هذه الثلاثية لم تكن مرضية للناس الذين يريدون أن يخرج عليهم أحد يقول "أنا المسؤول". لذلك، تم وضعها في دائرة التسويف وشراء الوقت، لأن الخطوات التنفيذية غابت عن الكلمة.

وتعتبر لارا الرفاعي أن كلام الرئيس كله وعود لذلك لا يمثل شعبه، وتأخر كثيراً في الاعتراف بمعاناة الناس. أما منهل قصاب فيعلّق على كلام عون عن الأطراف التي عرقلت عهده، بالقول "هو وصهره جبران باسيل شريكان في العرقلة".

في موازاة ذلك، استفز المتظاهرون تحذير عون السياسيين من عدم استغلال الحراك. ويشير المهندس أحمد طالب إلى أن ذلك بعيد lن الواقع، ويدعو إلى التمعن جيداً بطرد أي سياسي كان يحاول الدخول بين المتظاهرين، لأن الشعار منذ البداية كان "كلن يعني كلن". ويذكّر طالب رئيس الجمهورية بأن الشعب هو مصدر السلطات، ويدعوه إلى بدء الإصلاحات بسرعة وعدم التذرع بعدم صعود وفد من المتظاهرين لمحاورته.

الحكومة الجديدة ولعبة الوقت

حدّد عون ثلاث ركائز للحكومة الجديدة: توحي بالثقة للناس، تحارب الفساد وتبني دولة مدنية. إلا أنه في المقابل، لم يشر إلى موعد البدء بمشاورات التكليف وتأليف الحكومة. ويذهب الناشط علي الست إلى أن الخطاب تكرار لما سبقه ولم يتضمن أي حلول عملية، وهذا ما يبرر عدم تجاوب الناس معه بسبب عدم ثقتهم بالوعود، معتبراً أن أفعال الرئيس تناقض أقواله، لأن وضع البلاد لا يحتمل تجاهل الرئيس للأصول الدستورية لبدء تشكيل حكومة جديدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي ظل عدم تحديد النصوص الدستورية لأي فترة زمنية للبدء باستشارات التكليف ومن ثم التأليف، يبدو أن السلطة السياسية تحافظ على هامش للمناورة. وتلفت المحامية هلا نعمة إلى أنه كان على الرئيس أن يبادر إلى الدعوة فوراً لإجراء الاستشارات وتكليف رئيس جديد للحكومة، معتبرةً أن عدم الالتزام بمهلة لإتمام هذه المهمات يدخل في نطاق المماطلة.

كما رمى رئيس الجمهورية الكرة في ملعب مجلس النواب، مطالباً المواطنين بالضغط على ممثليهم للتشريع واستعجال الاستشارات النيابية. هذا الأمر يثير الريبة، لأنه وفق نعمة تتم حالياً استشارات من تحت الطاولة بين الكتل النيابية لتوزيع الحصص والتعيينات والمواقع، وهذا ما يجب أن تضغط الانتفاضة لمنعه.

صاحب القرار

يشكك الأستاذ الجامعي فوزي فري في صدقية وعود رئيس الجمهورية، لأن "خطابه إنشاء عربي لأن صاحب القرار الحقيقي هو السيد حسن نصر الله"، مشيراً إلى أن الشعب لا يملك سلطة للتعاطي مع السلاح، إنما يملك قدرة شعبية لقبول أو رفض ومواجهة أي مبادرة أو طرح. ويلمح إلى أن نصر الله بفعل ارتباطه العقائدي مع السلطة في إيران، متلزم بخريطة الطريق الإيرانية للتعاطي مع ثورات المنطقة، متسائلاً "هل الشعب العراقي يقتل نفسه أم أنها الأذرعة الإيرانية؟".

ويعود فري إلى الأسباب التي دفعت للخروج إلى الشارع، فالشعب يريد إسقاط السلطة السياسية التي تحتمي بالسلاح كاملةً. لذلك، يجب برأيه الأخذ بخيارات الشارع، لأن "هذه السلطة الفاسدة ليست على قدر آمال الشعب اللبناني ولا يمكنها إنتاج بلد محترم".

أما تحذير رئيس الجمهورية للسياسيين بعدم استغلال الشارع، وعدم قدرة أحد على حمل مسؤولية وقوع دم، فقد شكّل نقطة إضافية في سلبيات خطاب الرئيس. فهو لا يقدّم تطميناً للناس بأن الدولة لم تستخدم العنف ضدهم، ويطالب فري المتابعين بأن يتذكروا ما قاله الوزير جبران باسيل الذي خوّف الناس من الفوضى والانهيار الاقتصادي. ويعتقد أنها رسالة مبطنة لأن "لا خوف على الشعب اللبناني من نفسه وإنما من الأطراف التي قررت مواجهة إرادة الشعب، ونزلت بالعصي إلى ساحة رياض الصلح في بيروت، ودفعت باتجاه إطلاق النار وضرب الناس في العبدة وصور وصيدا أو اعتقالهم".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي