Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحكومة السودانية تختار "الإقصاء" سلاحا لتفكيك الدولة العميقة

يسيطر رموز النظام السابق على مفاصل البلاد الإدارية

رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك (أ.ف.ب)

تشهد مؤسسات الدولة السودانية بشقيها المدني والعسكري حركة إعفاءات كبيرة لرموز وعناصر نظام الرئيس السابق عمر البشير، الذي أطاحت به ثورة شعبية في 11 أبريل (نيسان) الماضي، وذلك بهدف تفكيك ما يسمى بـ "الدولة العميقة" التي ظلت تسيطر على أجهزة الحكم كافة في البلاد عقب اندلاع الانقلاب العسكري الذي نفذته الحركة الإسلامية بقيادة حسن الترابي عام 1889، حيث أصدر رئيس الوزراء السوداني عبدالله حمدوك العديد من القرارات القاضية بإعفاء قيادات الخدمة المدنية في العهد السابق وتعيين بدلاً عنها كفاءات وطنية غير محسوبة على أي حزب ومشهود لها بالخبرة لضمان تنفيذ خطط الحكومة الانتقالية وبرامجها الإسعافية بالشكل المطلوب.

روح التغيير

واعتبر محللون وناشطون سياسيون هذه الخطوة بأنها ضرورية وملحة في هذا الوقت، نظراً إلى سيطرة رموز النظام السابق على مفاصل ومناصب الدولة القيادية، مؤكدين أنها تأتي استجابة لمطالب الثورة الشعبية القاضية بتطهير مؤسسات الدولة من مظاهر العهد السابق.

وأشار القيادي في قوى الحرية والتغيير بابكر فيصل لـ "اندبندنت عربية" إلى أن ما تم من عزل لرموز وعناصر نظام البشير هو إجراء طبيعي ينسجم مع روح التغيير وأهداف الثورة، وتحديداً ما يتعلق بالإصلاح الهيكلي والفني لمؤسسات الدولة في البلاد نظراً إلى ما أنتجته سياسة التمكين التي اتبعها النظام السابق طيلة 30 عاماً الماضية من سلبيات كبيرة، أثرت كماً ونوعاً في تلك المؤسسات، لافتاً إلى أن عملية تطهير الدولة العميقة ستستمر وفق الخطة الموضوعة من قبل المسؤولين في الدولة والتي تختلف من قطاع لآخر. وأكد أن عملية التغيير الجذري لا محالة وستمضي إلى نهايتها كجزء من أهداف الثورة.

وأضاف فيصل "هذه القرارات مهمة جداً وتهدف لإعادة هيبة الدولة والولاء للوطن وليس الحزب كما كان متبعاً في السابق، فضلاً عن فتح المجال أمام الكفاءات السودانية لقيادة مؤسسات الدولة المختلفة، فالنظام السابق قام بفصل وتشريد غالبية موظفي الخدمة المدنية والعسكرية مع العمل على تعيين موالين له غير مؤهلين في تلك المواقع، ما سبب تراجعاً في مستوى الإنتاجية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ونوه إلى أن سياسة التمكين التي اتبعها نظام البشير وصلت إلى مرحلة تجريف الحياة السياسية في مختلف القطاعات وتضييق الحريات العامة. وأكد أن عودة الأوضاع إلى طبيعتها في مؤسسات الدولة تحتاج إلى وقت وعمل جاد، وأن تكون قوى الثورة حاضرة ومساهمة في هذا التغيير، حيث للأسف لا يزال النظام السابق يسيطر على الجهاز الإداري للدولة عموماً.

في حين أكد القيادي بتجمع المهنيين السودانيين الدكتور محمد ناجي الأصم أن معركتهم ما زالت مستمرة مع عناصر النظام السابق، متهماً إياهم بالمسؤولية عن الأزمات التي ما زال الشعب السوداني يعيشها حتى الآن، خصوصاً في مجال السلع الاستراتيجية والتي تشهد ارتفاعاً تارة وندرة في الأسواق في أحيان كثيرة، مشدداً على رفضهم التام لمشاركة رموز النظام السابق والأحزاب التي شاركت في السلطة خلال العهد السابق في أي مرحلة من مراحل الحكم الانتقالي.

وأكد أهمية المحافظة على أهداف الثورة التي تتمثل في ضرورة تفكيك النظام السابق وإعادة تأسيس الدولة السودانية الحديثة، منوهاً إلى أنه إذا تعاونت قطاعات الشعب السوداني كافة إلى جانب قوى الحرية والتغيير سيتم القضاء على الدولة العميقة في أسرع وقت ممكن لأن وجود عناصرها في السلطة سيعيق العملية الإنتاجية والخطط المرسومة لرفع كفاءة العمل والتنمية.

حل النقابات

وشملت قرارات الإعفاء التي أصدرها رئيس الوزراء السوداني جميع وكلاء الوزارات ورؤساء مجالس إدارات الجامعات ومدرائها والمدراء العامين في مؤسسات الدولة المختلفة، إضافة إلى حل جميع مجالس إدارات الشركات العاملة في قطاعات النفط والكهرباء والتعدين.

كما أصدر المجلس السيادي الانتقالي قراراً قضى بحل الوحدات الجهادية بالجامعات وهي (كتائب) تدين بالولاء لنظام البشير، فيما أعلنت وزيرة العمل والتنمية الاجتماعية لينا الشيخ عن اتجاه قوي لحل النقابات الحالية في القريب العاجل، وهي نقابات تسيطر عليها كوادر وقيادات المؤتمر الوطني ونظام الرئيس السابق. وأشار وزير العدل إلى أنه اقترح إلغاء قانون الأمن الوطني، الذي يعزز هيمنة جهاز الأمن، خصوصاً أن معظم كوادره ينتمون إلى المؤتمر الوطني.

نبض الشارع

وبدا جلياً أن حكومة حمدوك تضع مسألة تفكيك الدولة العميقة ومحاسبة رموز النظام السابق في أعلى مراتب الأولويات، وهو ما جعل هذا الملف يحتل المركز الثاني بعد ملف السلام في سلم أولويات الحكومة الانتقالية، وذلك لأسباب متعددة من أبرزها أن تلك القرارات التي أصدرتها الحكومة بإقالة وعزل قيادات النظام السابق جاءت تحت الضغط الشعبي ووطأة المواكب التي تطالب بعزل كوادر المؤتمر الوطني من مؤسسات الدولة وأجهزتها المختلفة، ومحاسبة الفاسدين والاقتصاص من قتلة الشهداء، بالتالي تم تنفيذ هذه القرارات استجابة لنبض الشارع ورغباته، فضلاً عن ذلك أن عدداً من أنصار نظام الرئيس السابق بدأ يشكل خطراً على الثورة وأهدافها بشكل أو آخر من خلال التهديد بإسقاط حكومة الثورة مما استفز قوى الحراك الثوري وجعلها تسارع بالمطالبة بتطهير مؤسسات وأجهزة الدولة من كوادر النظام السابق، الأمر الذي جعل أمر التفكيك والمحاسبة مُقدماً على معالجة الوضع الاقتصادي.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي