Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

النبطية... نحن هنا بخير ماذا عنكم؟

ست استقالات بلدية في المدينة احتجاجاً على قمع حراكها

ما أقدم عليه "الثنائي الشيعي" في النبطية أمس (23 أكتوبر) من ترهيب وتخويف واعتداء على المتظاهرين، زاد عزيمة المحتجين وإصرارهم، إذ نزلوا عصر اليوم بالآلاف للاعتصام والهتاف ضد القمع والجوع والحرمان.

تظاهرة حاشدة شهدتها المدينة، وشارك فيها الكبار والصغار، وبحسب بعض المحتجين، فإنّ الخروج من الشارع يعني فشل الانتفاضة، ونجاح "قوى الظلام" بفرض أفكارها على المدينة.

"نحن أهل الجنوب"

يقول أحمد "نحن أهل الجنوب، من غنّى لهم مارسيل خليفة في ثمانينيات القرن الماضي "قاومت لتحرّر دمك من عنابر الزيت، وفمك من مخازن السكر، وعظامك من مقاعد البكوات وأمراء الدواوين...".

ويضيف "كل محاولات تفريقنا لم ولن تنفع، سنبقى في الساحات ليصل صوتنا إلى كل العالم، فمحاولات القمع وتكميم الأفواه ولىّ زمنها، حتى إن تعرضنا للضرب".

وسُجّل اليوم إشكال بين سيارة أرادت العبور بين المتظاهرين بالقوة ومُنعت، فلقّم السائق مسدسه، محاولاً إخافة الحراك، لكن الشباب تصدّوا له. كل ذلك حصل على مرأى الجيش والقوى الأمنية، لكن أحداً لم يتحرك. وبحسب شاب في الحراك، "الرجل مرافق لنائب حزب الله محمد رعد".

وعلمت "اندبندنت عربية" أن مخابرات الجيش أوقفت المرافق لاحقاً، وهو قيد التحقيق.

ماذا حصل أمس؟

قد يكون ما حصل أمس، علامة سوداء في تاريخ المدينة المناضلة، خصوصاً أنه تسبب بصدام بين أخ وأخيه وبين مقربين وأصدقاء، وسط غياب بارز لقوى الأمن والجيش، وعدم التدخل في ما حصل.

رفض المحتجون فتح طريق رئيس في المدينة، فاعترضت البلدية، متحجّجةً بأن قطع الطريق يؤدي إلى قطع رزق كثيرين من التجار، إضافةً إلى ضرورة عودة الحياة إلى طبيعتها.

ومع إصرار المحتجين على موقفهم، هاجمهم شبان من حزب الله وحركة أمل، ما أوقع بعض الجرحى الذين توزعوا على مستشفيات مجاورة.

"أم خالد"

ويقول أحد من ضُربوا أمس، "من ضربني هو خالي، أعتقد أن العلاقة بيننا قُطعت إلى الأبد، كما أنني شاهدت أخاً يضرب أخاه الموجود بين المتظاهرين".

القريب من بيئة النبطية، يعلم أن سكانها يعرفون بعضهم بعضاً، فهي ليست مدينة كبيرة، وثمة فيديوهات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي، توثّق ما حصل من عنف لفظي وجسدي.

ومن المتظاهرين الذين تعرّضوا للضرب الحاجة "أم خالد" التي كتب عنها ابن أخيها عبر "فيسبوك"، "حين رأيتك تداسين بأقدامهم في ساحة النبطية، تذكرتُ كيف كنت تحفرين بيديك خلف منزلك لتخبئي سلاح المقاومين إبان الاحتلال الإسرائيلي في الثمانينيات. ليتك يا عمتي دفنت آنذاك بدل السلاح، ولم ترَ عيناي ما رأته اليوم".

بيان بلدي

في المقابل، أصدرت بلدية النبطية بياناً أكدت "فيه احتضان الحراك، ووقوفها إلى جانب المعتصمين"، لكنها ختمته بشكل غريب ومتناقض، حين أضافت "وإذ ندعو في الوقت ذاته الجيش اللبناني والقوى الأمنية إلى القيام بواجبهم بفتح الطريق، وإلاّ سنُضطَّر كما اليوم (أمس) للقيام بذلك، حفاظاً على مصالح أهلنا في المدينة". وتجدر الإشارة هنا إلى أن المجلس البلدي تابع وحليف لحزب الله.

وثمة حديث بين الجنوبيين أن الجيش والقوى الأمنية غير قادرة على أداء مهامها في ظل وجود اللجنة الأمنية التابعة للحزب، وهي الآمرة والناهية في المدينة، وحين يكون عناصرها على الأرض هم من يتولون زمام الأمور.

 

ردود الفعل

في سياق متصل، ورفضاً لما حصل أمس، قدّم عضو المجلس البلدي للمدينة عباس حسن وهبي استقالته، إثر الإشكال في النبطية.

وقال في رسالة وجهها إلى الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله "ألا يحقّ للناس التظاهر والاعتصام، الواجهة هي البلدية، ونحن نحمي من هم في الحكم، والساكت عن الحق شيطان أخرس، فقد عاثوا ضرباً وقمعاً للناس من دون هوادة".

كما إستقال محمد حسين صباح وأحمد راشد ضاهر وطارق بيطار، اضافة الى عضوي المجلس البلدي في النبطية الفوقا وليد غندور الذي كان أول المستفيلين وهيثم العزي.

وأوضح غندور "انسجاما مني مع قناعاتي واحتراماً للثورة وعروس الثورة مدينة النبطية، واستنكاراً للاعتداء الهمجي الذي وقع علينا، أعلن استقالتي من عضوية المجلس البلدي في النبطية الفوقا".

وعلّق إمام المدينة عبد الحسين صادق، قائلاً "إنّ ما حصل بالأمس مهما سلُمَت مقاصده وغاياته هو أمر مرفوض ومستنكر، ولا يليق بآداب وهوية وتاريخ مدينتنا".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ما صدر في بيان النبطية غير مقنع البتة بحسب كثيرين في الساحة، فلا بيانات من هذا النوع مثلاً لدى إحياء مراسم عاشوراء في المدينة، حيث تقفل المحال أبوابها لأيام، وتتعرض أرزاق المواطنين للقطع بشكل طوعي. ولا بد من الإشارة هنا إلى أنه كان بالإمكان عدم استخدام الطريق الذي كان مقطوعاً في المدينة، لوجود عشرات الطرقات البديلة.

وتداركاً لما حصل، كثّف الجيش اللبناني وجوده صباح اليوم، وتعاون مع المحتجين لتسهيل مرور السيارات وحماية حقهم في التظاهر.

كثافة الحشود

لكن الرد الأمثل، كان بالحشود التي "زيّنت" ساحة النبطية عصر اليوم، مردّدةً مطالب الحراك "إسقاط الحكومة، إجراء انتخابات نيابية مبكرة، واستعادة الأموال المنهوبة".

وبعد كلمة رئيس الجمهورية ميشال عون الذي "قام في اليوم السابع" وخاطب شعبه، زاد إيمان المنتفضين بضرورة التغيير، لأن كلامه لم يحمل جديداً، بل كان مخيّباً للآمال بحسب كثيرين في النبطية.

رمزية النبطية

يدرك الثنائي الشيعي في الجنوب، أن الحراك زعزع ثقته بنفسه، إذ باتت فئة لا بأس بها قادرة على الانتقاد وإيصال صوتها والمطالبة بحقوقها.

أمور ما كانت لتحصل لولا الانتفاضة الشعبية، وحين كان الانتقاد يقال، لم يكن علنياً في الجنوب، أو عبر الشاشات.

لكن الوضع اختلف اليوم، والمحتجون تحرّروا من عقدة الترهيب والتخويف التي كانت سائدة، ومن المساس بالمحرمات السياسية.

ومن يعرف مدينة النبطية جيداً، يدرك تماماً دورها المقاوم منذ استقلال لبنان، لكنها في الوقت ذاته، مدينة حب وفرح وحياة، إلاّ أنّ صعود الثنائي الشيعي في ثمانينيات القرن الماضي، كمّم أفواه قوى اليسار في المدينة، إضافةً إلى تقلّص دور القوى اليسارية عموماً في المنطقة.

لكن الحراك اليومي الحاصل، ساعد في استعادة المستقلين لأصواتهم في المنطقة، وعادت حناجرهم إلى الهتاف بعدما "صدأت" لعدم استعمالها.

كفرمان

على مدخل بلدة كفرمان، قُطعت الطريق وتزينت الساحة بلوحات فنية، وحضر رسامون لتقديم أعمال تدعم الحراك الشعبي. البلدة الملقبة بـ "كفر موسكو" لكثرة الشيوعيين فيها، لها نمط حياة مختلف. هنا لا صوت يعلو على صوت المنطق والعلم، ومن يريد الدين، فاحترامه واجب.

يتجمّع شبان البلدة مع شبان القرى المجاورة منذ بداية الانتفاضة، حين تُبث الأغاني الثورية. وكان الشبان المتظاهرون في كفرمان قادوا تظاهرة في الصباح صوب النبطية، دعماً وتضامناً مع ما تعرّضت له المدينة.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي