Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف تمكن جَستِن ترودو من التشبث بالحكم في انتخابات سيئة ومسببة للشقاق

جاذبية رئيس الوزراء الكندي تلاشت بسبب سلسلة من الهفوات لكنه ما زال يملك بطاقة الفوز مقارنة بمنافسه غير الملهم

رئيس الحكومة جستن ترودو  وزوجته لحظة الإعلان عن فوزه بالانتخابات العامة الكندية (رويترز)  

تمكن رئيس الوزراء الكندي التقدمي جَستِن ترودو من البقاء في السلطة، على الرغم من أن حكومته حكومة أقلية، في واحدة من أكثر الانتخابات المسببة للخلاف والشقاق في تاريخ البلد.

وكانت الحملة الانتخابية التي استمرت 40 يوما عبارة عن سلسلة متواصلة من الإهانات، والافتراءات، والأكاذيب والكشوفات الصادمة عن ترودو ومنافسه المحافظ أندرو شير.

كانت انتخابات كندا الثالثة والأربعون الأكثر سوءا في الذاكرة، ساعدت وحرضت وسائط التواصل الاجتماعي على دفعها إلى درك أسفل.

فالتصويت عرف انقساما ما بين الشرق والغرب، الفرنسيين مقابل الإنجليز، المدينيين مقابل الريفيين، القديم بمواجهة الجديد.

مع ذلك، فإن زعيم "الحزب الليبرالي" قد يكون فقد أغلبيته البرلمانية، عند أغلقت مراكز الاقتراع مساء الاثنين، لكنه بقي رئيسا للوزراء على الرغم من انقسام البلد العميق الذي ترتب عن هذه الانتخابات.

وجاء فوزه هذا على الرغم من أن حزبه فقد 30 مقعدا برلمانيا وما يقرب من 12 في المائة من أصوات الناخبين، مقارنة بما حققه في انتخابات عام 2015.

وكما لاحظ أحد المحللين فإن الليبراليين فقدوا ببساطة مقاعد أكثر من حزب المحافظين الكندي، إذ بقيت المقاعد التي كسبها الحزب المنافس من دون تغيير عن الانتخابات السابقة.

وكان المستفيدون من نتائج الانتخابات منافسي ترودو من تيار اليسار.

ترودو خاض هذه الانتخابات مع أغلبية صلبة لكن سلسلة الهفوات التي وقع فيها داخل كندا  وخارجها قلصت كثيرا من جاذبيته.

وفي هذا الصدد، قال دانييل بيلاند بروفسور العلوم السياسية في جامعة ماكغيل لقناة "سي بي سي": "أظن أنه أصبح بضاعة فاسدة لفترة من الزمن... رحلته إلى الهند، وشركة أس أن سي- لافالين، والوجه الأسود. إنها ليست صورته في الداخل فقط. جَستِن ترودو سيظل رئيسا للوزراء ولكن صورته اهتزت وتقلصت، وهذا ليس فقط على المستوى الوطني بل من حيث صورة كندا في العالم".

ولم يساعد أسلوبه الوعظي على تحسين الأمور.

فسليل شخصية سياسية بارزة أصبح معروفا بتصنع التقوى المتخابثة، فهو يحاضر بأن الكنديين عنصريون، ومتحيزون ضد المرأة، وكارهون للمثليين وذوو خطايا أخرى حقيقية ومتخيلة.

وقد أدى تبجحه الثابت إلى جعل الكنديين متحيرين وغاضبين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

حين ظهرت صور المحبوب التقدمي متقنعا بلون أسود، أصبحت سمعته المعادية للعنصرية في حالة يرثى لها، مشبعة بنفاق متبَّل.

وآل هذا الأمر إلى أن الكثيرين بدأوا ينظرون إلى رئيس الحكومة باعتباره داعية ماكرا للفضيلة حريصاعلى تسجيل النقاط في المنتديات الدولية أكثر منه مسيِّرا لشؤون بلاده.

وفي هذا الشأن علقت رئيسة تحرير صحيفة "تورنتو صن" ذات الميول اليمينية، أدريان باترا، قائلة إن "كندا بلد منقسم على نفسه، وهذه الانتخابات عمقت ذلك وتعبر عن فشل جَستِن ترودو في تمثيل الكنديين".

وأضافت باترا: "حكومته الحافلة بالفضائح أحرجت بلدنا على المسرح الدولي، فقد اتضح أنه مدافع زائف عن حقوق المرأة، وطوال الوقت ظل يرفع الضرائب على الكنديين الكادحين".

غير أن ترودو كان محظوظا بسبب ضعف منافسه زعيم "حزب محافظي كندا" غير القادر على تحريك الجمهور وجذبه، أندرو تشير.

كانت حملة تشير منذ البدء خرقاء، ومن وقت إلى آخر، في موقف دفاعي حول قضايا مثل الإجهاض والتغير المناخي.

من ناحية أخرى، ظل تركيز المحافظين موجها إلى جمهورهم واستمر خطابهم بالشكوى من أن ترودو يدمر البلاد من دون تقديم أي بديل ذكي.

وفي هذا السياق لخص كاتب العمود في صحيفة ناشونال بوست، أندرو كوين، مزاج الكثير من الكنديين قبل يومين من الانتخابات قائلا "من المؤكد أن كلا الحزبين التاريخيين لم يبدآ في إثارة مسألة لماذا يجب أن يوثق بهما لتسلم الحكم، مع انخفاض عدد المناصرين لكليهما في استطلاعات الرأي: إذ بقيت اتجاهات الرأي العام على ما هي عليه الآن، فإن كلا من الحزبين سيكسب أقل من ثلث أصوات الناخبين، وهذا لأول مرة في تاريخنا".

وأضاف كوين في عموده أن "ذلك يعود إلى زعيميهما وإلى برامجهما السياسية: إذا كان أسوأ ما يقال عن جَستِن ترودو هو أنه لا يستطيع هزم شخص ضعيف وفارغ معنويا وثقافيا مثل أندرو تشير، فالأسوأ يمكن قوله بالنسبة إلى تشير الذي لا يستطيع هزم شخص محتال أنيق مثل ترودو".

ومع استمرار تبادل الإهانات بين تشير وترودو مثل تلاميذ المدارس، بدأ الناخبون يتوجهون صوب مرشحين آخرين.

وكانت المحطة الأولى التي توقفوا عندها هي الحزب الديمقراطي الجديد ذو التوجه الاشتراكي وزعيمه الكاريزماتي جاغميت سينغ.

وهو في عمامته الملونة ونداءاته لصفقة أفضل للكنديين المتوسطين، تمكن سينغ من كسب استحسان الشباب من شتى الأطياف السياسية.

وخلال أوقات التنافس المريرة بدا سينغ الشخص الراشد الوحيد في الغرفة.

والكرة الآن في ملعبه.

سيحتاج ترودو إلى دعم الحزب  الديمقراطي الجديد الذي يتزعمه سينغ، للحفاظ على مكانة حكومته غير المستقرة المدعومة بأقلية برلمانية، وهذا سيكلفه في تحقيق الإصلاحات وإنفاق الأموال على مشاريع اجتماعية.

ومن مفاجآت نتائج الانتخابات العودة غير المتوقعة لـ "كتلة كيبيك" الانفصالية حيث حصلت على 35 مقعدا من منطقة كيبيك في دورة البرلمان الجديدة. 

غير أن عودة هذا الحزب تعكس شعورا بعدم الرضا عن الوضع السياسي القائم أكثر منه في سعي هذا الحزب للانفصال الذي أصبح الدعم له بين أنصاره في أقل مستوياته.

كذلك نجح حزب الخضر في الوصول إلى البرلمان مع تزايد المخاوف من التغير المناخي، لكنه على الرغم من زيادة الأصوات التي حصدها فإن مقاعده لم تحقق إلا زيادة طفيفة.

واتضح أن ترودو سياسي جدلي أكثر من كونه الزعيم اليساري الذي تمناه الكنديون .

غير أنه حين قدم مساعدوه تشير وكأنه النسخة الثانية 2.0 من الرئيس ترمب مهيأ لتدمير كل ما هو حسن حول كندا، كان ذلك كافيا لإعادة انتخاب ترودو.

وأشار أحد المحللين السياسيين إلى أن حكومة ترودو ذات الأقلية البرلمانية ستبقى فترة طويلة نسبيا في الحكم.

فلا الناخبون الكنديون ولا أهل السياسة مستعدون لجولة انتخابية أخرى، لكن كلا الحزبين الرئيسيين ظهرا بعد حملة انتخابية استمرت 40 يوما بهيبة أقل.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من دوليات