Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جودي ويلسون رايبولد...تعرفوا على المرأة التي انبرت لمواجهة رئيس وزراء كندا ووصفته بأنه "مجرد سياسي آخر قذر"

الحكاية التي شوهت صورة جاستن ترودو بشكل كبير

رئيس الوزراء الكندي يعاني من اتهامات بمحاولة التستر على رشوة إحدى الشركات لنجل القذافي (رويترز)

في ذلك الشارع الكئيب  خارج مكتب الحملة الانتخابية لجودي ويلسون رايبولد في فانكوفر، كانت هناك امرأة اسمها باربرا تبلغ من العمر ثمانين سنة تقول إنها في حيرة من أمرها.

فهي كما تقول لا تحب جاستن ترودو ولا حزبه الليبرالي، لكنها معجبة جداً بالطريقة التي واجهت بها عضو البرلمان - والعضو في الحزب الليبرالي أيضاً - ويلسون رايبولد ترهيب ترودو المزعوم، لدرجة أن باربرا ميالة للتصويت لصالحها لاحقاً هذا العام.

وتقول السيدة التي طلبت عدم الكشف عن اسمها الكامل: "أعتقد أنها قامت بعمل رائع. أصدقها مئة في المئة"، مضيفة: "أنا محتارة قليلاً لأنني لا أريد التصويت لصالح الحزب الليبرالي. لا أعرف إن كنت سأصوت لصالح ويلسون رايبولد أم لا. إنها ممثلتي في البرلمان وأود أن أصوت لها".

إشارات استفهام مماثلة تثار في كل أرجاء المدينة حول الفضيحة التي قلبت كندا رأساً على عقب وجعلت الناس يتساءلون إن كانوا قد أخطؤوا باختيارهم ترودو.

تغير صورة ترودو

هل الرجل الذي وعد بانتهاج نوع جديد من السياسات، والذي ملأ حكومته بالنساء، والذي تمسك به الليبراليون في كل أنحاء العالم كبديل مبشر لدونالد ترمب كان مجرد نسخة أخرى من السياسيين الانتهازيين؟

يقول أحد كتاب الأعمدة في صحيفة ناشونال بوست المحافظة إن القضية تكشف أن رئيس الوزراء "لا يختلف عن كل الزعماء الفاسدين الذين سبقوه". في هذا الوقت، تمت الإشادة بويلسون رايبولد، أول كندية تنحدر من الشعوب الأصلية تشغل منصب المدعي العام ، لرفضها الرضوخ لمحاولات رئيس الوزراء المزعومة لجعلها توقف الملاحقة القضائية لإحدى الشركات انطلاقاً من أن المحاكمة قد تؤثر على 9000 وظيفة في دائرته الانتخابية.

يقول إيان ماكليلان، وهو طالب يبلغ من العمر 26 عاماً: "أعتقد أن قيامها بهذا الأمر هو جزء مهم في العملية الديموقراطية"، مضيفاً: "من المهم أن تتم الإشارة إلى التصرفات غير الأخلاقية. أعتقد أن ترودو هو الوجه الذي يمثل الليبرالية الجديدة. أظن أن قيام شخص مثل جودي ويلسون رايبولد بالحديث عن واجهة الكثير من هذه السياسات، أمر مهم".

إنها فضيحة متشعبة ومعقدة، ويعتقد بعض المعلقين أنها قد تكلف حزب ترودو الليبرالي سيطرته على الحكومة في انتخابات من المحدد أن تجرى قبل 21 أكتوبر (تشرين الأول). هذه الفضيحة تحمل بين طياتها فساداً مزعوماً، محاولة للتلاعب السياسي، وامرأة رفضت بوضوح أن تكون شريكاً في اللعبة.

كشفت صحيفة غلوب آند ميل الشهر الماضي أن ويلسون رايبولد تعرضت لضغط في شهر أكتوبر من رئيس الوزراء وأحد عشر من معوانيه لمساعدة شركة بناء مقرها في مونتريال على تسوية قضية جنائية في المحكمة وتجنب الملاحقة القضائية بسبب ادعاءات أنها رشت مسؤولين ليبيين للحصول على عقود. تعني المحاكمة أن شركة إس إن سي لافالين، وهي مشغّل كندي رئيسي، ستُمنع من الظفر بعقود حكومية كندية لمدة عام. ورفضت ويلسون رايبولد صفقة لتأجيل الملاحقة القضائية.

تنحية رايبولد من منصب المدعي العام

تمت تنحية ويلسون رايبولد من منصب المدعي العام في بداية هذا العام، ثم قدمت استقالتها من الحكومة. واستقال أهم معواني ترودو، جيرالد باتس، وسط ادعاءات أنه ضغط عليها - الأمر الذي ينكره. وفي نفس الوقت، تنحت وزيرة أخرى هي جين فيلبوت قائلة إنها فقدت الثقة برئيس الوزراء.

ادعت ويلسون رايبولد البالغة من العمر 47 سنة في شهادتها أمام لجنة العدل بالبرلمان أنها واجهت "تهديدات مقنّعة" وضغطاً "مستمراً" لمساعدة الشركة على تجنب الملاحقة القضائية.

وذكرت أن المكائد التي يطبقها ترودو وكبار مساعديه جعلتها "تفكر بمجزرة ليلة السبت" - وهي سلسلة من عمليات التنحية والاستقالات نجمت عن الضغوط التي مارسها ريتشارد نيكسون خلال فضيحة ووترغيت. وتعتقد أنها طالما بقيت مدعياً عاماً، فلن يكون خيار تجنب الملاحقة القضائية متاحاً لشركة إس إن سي لافالين.

قائلة: "كنت أعرف، أنني طالما بقيت مدعياً عاماً، فلن يتم هذا الأمر. كانت لدي مخاوف عندما تمت تنحيتي من منصب المدعي العام أن الأمور لن تسير لى هذا النحو".

وعند سؤالها إن كان لديها ثقة برئيس الوزراء، أضافت: "لم تكن لدي الثقة لأجلس حول الطاولة، الطاولة الوزارية".

ويلسون رايبولد التي تعود أصولها إلى شعوب كواكيوتل و ويوايكاي، لها باع طويل في العمل على قضايا السكان الأصليين أو الشعوب الأولى. عملت في مجال حقوق ملكية الأرض، وتم انتخابها لمناصب قيادية لشعب ويوايكاي ثم في مجلس الشعوب الأولى في كولومبيا البريطانية. وقبل ذلك عملت كمدعية فيدرالية.

وكان ترشحها لعضوية البرلمان عام 2015، بناء على اقتراح ترودو، وهو ابن رئيس الوزراء الكندي الخامس عشر بيير ترودو الذي تولى زعامة الحزب الليبرالي عام 2013.

في ذلك الوقت، انتقدها البعض في جماعتها لانضمامها إلى نظام فدرالي لطالما اضطهد الشعوب الأصلية.

إذ لم تقم الحكومة حتى عام 2008 بتقديم اعتذارها عن فضيحة نظام المدارس الأهلية التي أرغمت آلاف الأطفال من الشعوب الأصلية، على مدار أكثر من مئة عام، على الانضمام إلى مدارس داخلية تشرف عليها الدولة في مسعى لـ "دمج" الشباب مع المجتمع السائد. وقد مات آلاف الأطفال في تلك المدارس.

بيل ويلسون، والد ويلسون رايبولد، زعيم قبيلة يعيش في فانكوفر آيلاند، معروف بصراعه مع والد ترودو خلال فترة الثمانينيات من القرن الماضي حول جهود الحكومة في موضوع "المصالحة". وقال ويلسون في مقابلة حديثة مع مجلة ماكلين إنه يعتقد أن ابنته "تلقت ضربة غدر موجعة جداً".

وأضاف: "إنها القصة القديمة نفسها. أمضيت بعض الوقت في أوتاوا، مع أنني لم أكن مسؤولاً منتخباً، لذلك لم يعد حدوث مثل هذه الأمور مفاجئاً. وتلعب الأموال الطائلة دوراً كبيراً". متابعاً:

"لو دققتَ في شركة إس إن سي لافالين، لوجدتَ أنها تمثل طريقة العيش في مونتريال والمنطقة المحيطة بها. [الرئيس التنفيذي] الذي مازال مستمراً في منصبه ... يعترف برشوات [بالملايين]. يبدو أن الأمور تسير على هذه الشاكلة".

قال الناشط في مجال الشعوب الأصلية، كاميرون ماكبيث، والمتحدر من شعب ميتي (الذي تكون من تزاوج الأوروبيين الأوائل مع الشعوب الأصلية)، إن الكثيرين يعتبرون الضغط الذي مارسه مكتب رئيس الوزراء على ويلسون رايبولد بمثابة هجوم على الجماعة برمتها. ويقول إن الكثيرين اعتبروه دلالة على الطريقة التي تنظر فيها الحكومة إلى السكان الأصليين.

ويقول: "يشعر الناس بهذا الأمر في صميم قلوبهم. يشعرون أنهم يهاجمونها"، متابعاً: "يشعر الناس أن هذا ما فعلوه لعقود وقرون من الزمن، بدلاً من تقدير [الشعوب الأصلية]".

لم يؤيد كثيرون موقف النائب عن فانكوفر غرانفيل. فقد اتهم البعض ويلسون رايبولد بأنها "لا تنتمي إلى الفريق". وقالت نائبة رئيس الوزراء السابقة شيلا كوبس كان ينبغي على ترودو أن يكون "أكثر حزماً".

وقالت إن ويلسون رايبولد تسعى للعب "دور الضحية" في تعليقات أدانها كثيرون لكونها عنصرية، مضيفة: "أعتقد أنه لو كان قرارها مرتبطاً بـ 9000 وظيفة للسكان الأصليين، لرأت الموضوع بطريقة مختلفة".

وينكر ترودو ذو السبع وأربعين عاماً أنه ضغط على ويلسون رايبولد أو عدّ لَ منصبها بسبب موقفها في قضية إس إن سي لافالين. وبينما قال إن هناك "انعداماً للثقة"، إلا أنه لم يعتذر.

وقال في مؤتمر صحفي: "لم يكن هناك انهيار في أنظمتنا، أو سيادة القانون لدينا، أو سلامة مؤسساتنا"، مضيفاً: "وفيما يتعلق بالدفاع عن الوظائف وعن سلامة سيادة القانون، أستمر في القول إنه لم يكن هناك ضغط غير مناسب".

القضاء يرفض تسوية ودية مع إس إن سي لافالين

وقد رفضت محكمة في كندا الأسبوع الماضي آخر محاولة لشركة إس إن سي لافالين لتجنب المحاكمة في ادعاءات الفساد. وتفيد الشركة في بيان لها أنها "ستستميت في الدفاع عن نفسها ضد الاتهامات في المحكمة إن لم يكن اتفاق التسوية ممكناً". وأضافت: "خاب ظننا بقرار المحكمة الفيدرالية: تقدمنا بطلب لمراجعة قضائية آملين أن مراجعة من هذا القبيل قد توضح الأسباب وراء القرار الذي اتخذه مدير النيابة العامة بعدم منح إس إن سي لافالين فرصة للتفاوض حول اتفاق تسوية".

يذكر أن ويلسون رايبولد لم تستجب للطلبات المتكررة من الاندبندنت لإجراء مقابلة. ولم يقدم مكتبها إجابة للطلبات المكتوبة أيضاً. وذكر مكتبها في وقت سابق أن مكتب ترودو يقيد حريتها في الحديث عن القضية. بينما قال ترودو إنه "مسرور" لأن الفرصة أتيحت لويلسون رايبولد للإدلاء بشهادتها.

في إحدى الأمسيات مؤخراً خرجت المغنية مارتينا غريفيثز من استاد بي سي بلايس، مرتدية ألوان العلم الكندي بعد مشاهدتها مبارة لفريق روغبي سيفينز. إنها من مناصري ترودو لكنها غاضبة بخصوص ما يقال إنه اقترفه.

إنها تؤيد ويلسون رايبولد لأنها رفعت صوتها، لكنها تخشى أن الضرر الذي لحق بصورة الحزب الليبرالي سيء للغاية، فقد يتمكن أندرو شير وحزب المحافظين المعارض من الفوز في وقت لاحق هذه السنة.

تقول: "أشعر أن توقيت إثارتها لهذا الموضوع كان سيئاً بالنسبة لكندا، فقد ينتهي بنا الأمر تحت رحمة المحافظين المبعوثين من جديد".

© The Independent

المزيد من دوليات