Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الأردن يتحرك سياسيا وعسكريا لمواجهة التهريب عبر الحدود مع سوريا

علامات استفهام حول واقع محافظة السويداء الجنوبية التي لا تزال خارج سيطرة الحكومة الانتقالية

استهدف سلاح الجو الأردني مهربي الأسلحة والمخدرات الذين ينشطون في المناطق الحدودية (اندبندنت عربية)

ملخص

بعد كل عملية تهريب كان النظام يعكف على تغيير خطط التهريب واللجوء إلى تكتيك جديد، حتى إنه كان يستخدم الطائرات المسيّرة لهذا الغرض.

فتحت آخر مهمة نفذها الجيش الأردني مستهدفاً شبكات تهريب في تجارة السلاح والمخدرات على الحدود السورية باب التساؤلات عن حجم قوة شبكات التهريب وحجم انتشارها بعد عام من سقوط نظام الأسد، فظهر قلق من مستوى تغلغل تلك المجموعات الخارجة عن القانون في المناطق الحدودية ومدى نشاطها، وهو ما طرح علامات استفهام حول واقع محافظة السويداء (جنوب سوريا) التي لا تزال خارج سيطرة الحكومة الانتقالية.

ضربات موجعة

استخدم الأردن سلاح الجو الحربي لهذا الغرض بالاتفاق مع سوريا وأطراف إقليمية مما أدى إلى تدمير أهداف منها مصانع ومعامل اتخذتها تلك الجماعات أوكاراً تُطلق عملياتها باتجاه الأراضي الأردنية، بناء على معلومات استخباراتية دقيقة، وأيضاً نفذ غارات وصفت بالنوعية طاولت مزارع في ريف السويداء الجنوبي والشرقي، واللافت أنه وبعد أقل من 24 ساعة من استهداف سلاح الجو الأردني مهربي الأسلحة والمخدرات، شنّ غارة على مستودع لتخزين الأسلحة في المدينة الرياضية الواقعة شرق بلدة الكفر وتل قليب في ريف السويداء الجنوبي، في تطور عدته الأوساط المراقبة رسائل من نار، تتخطى ضرب خطوط تهريب السلاح والمخدرات إلى أبعاد جيوسياسية على الحدود بين البلدين.

في الأثناء تعاملت عمّان ودول الخليج مع هذا الملف باعتباره تهديداً مباشراً لأمنهما القومي والاجتماعي وليس مجرد قضية أمنية عابرة، ويرى مراقبون من دمشق أن الحكومة السورية التزمت بواجباتها بالكامل في هذا الملف ونفذت ما طُلب منها بدعم مادي ولوجستي واستخباراتي واضح.

ويعتقد الباحث في الشؤون السياسية طلال عبدالله جاسم السهو أن التدخل الإسرائيلي المباشر في ملف السويداء شكّل العائق الأساس أمام استعادة الدولة سيطرتها، ووفر لبعض الجماعات مظلة حماية منعت محاسبتها، والنتيجة كانت تصاعداً خطراً في الأنشطة الإجرامية بما بات يهدد أمن الأردن والسعودية وبقية دول الخليج بصورة مباشرة.

استعراض قوة وملاحقة

وعلى رغم ذلك لم تُغلق أبواب الحل السياسي، فقد بذل الأردن جهوداً جدية أثمرت عن اتفاق سوري - أميركي - أردني لمعالجة الوضع في السويداء، لكن وفق ما يرى السهو فإن "الشيخ الهجري مدفوعاً بدعم عسكري وسياسي إسرائيلي رفض جميع المبادرات ورفع سقف التحدي إلى أقصاه، في محاولة لفرض أمر واقع بالقوة"، مضيفاً أن "الأردن لن يقبل تحت أي ظرف بوجود ميليشيات منفلتة على حدوده الجنوبية تهدد أمنه القومي عبر تهريب السلاح، وأمنه الاجتماعي عبر إغراق المنطقة بالمخدرات، ويبدو أن لحظة الحسم في الجنوب السوري باتت وشيكة، وسحب السلاح وفرض سلطة الدولة على كامل محافظة السويداء لم يعد خياراً قابلاً للنقاش بل بات قراراً سيادياً لا تراجع عنه".

في المقابل يلقي مدير الإعلام في السويداء قتيبة عزام اللوم بارتفاع وتيرة نشاط التهريب على بعض العشائر في القرى الجنوبية والجنوبية الشرقية من ريف السويداء، إذ يتوفر لهم غطاء وحماية لارتباطهم بمجموعات خارجة عن القانون.

الـ "درون" تدخل على خط التهريب

ولا تتوانى شبكات تهريب المخدرات من اختراق الحدود بطرق وأساليب مختلفة، إلا أن التشديد الأمني عند الحدود يعوق تحركاتهم، فما كان منهم سوى استخدام البالونات والطائرات المسيّرة لنقل شحناتهم.

وتحاول دمشق التعاون مع الأردن ودول إقليمية للدخول في تحالفات بهدف مكافحة التهريب عبر الحدود، ومن بينها لجنة أمنية مشتركة، فقد عُقد اجتماع خماسي في مارس (آذار) الماضي بمشاركة تركيا والعراق وسوريا ولبنان للهدف ذاته، وكانت العلاقات الأردنية - السورية تطورت بصورة متسارعة وعلى المستويات كافة، لتتجاوز التنسيق الأمني بعد سقوط النظام السابق وتصل إلى إنشاء علاقات سياسية واقتصادية، وقد شهد النمو التجاري خلال الأشهر الـ10 الماضية تطوراً ملاحظاً وفق البيانات الصادرة عن دائرة الإحصاءات العامة في الأردن بنسبة 341.3 في المئة مقارنة بالعام الماضي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي معرض حديث خاص للمتحدث باسم قسم مكافحة المخدرات أنور عبدالحي فقد شرح مراحل عمليات تهريب المخدرات التي تبدأ من الزراعة ثم التصنيع إلى التصدير، ضمن تقنيات يستخدمها المهربون لتجاوز الحدود، وأنشئت لهذا الغرض شبكة طرق وأنفاق معقدة تستخدم لتهريب المخدرات إلى دول الجوار بمساعدة مجموعات تابعة لـ"حزب الله" اللبناني كانت موجودة في سوريا، أو من طريق شاحنات محملة بمواد غذائية، بحسب قوله.

ويضيف عبدالحي أنه "بعد كل عملية تهريب كان النظام يعكف على تغيير خططه واللجوء إلى تكتيك جديد، حتى إنه كان يستخدم الطائرات المسيّرة لهذا الغرض، وكل هذه العمليات كانت تدار من خلال رموز النظام وتحديداً قائد الفرقة الرابعة ماهر الأسد الذي خصص مقومات وإمكانات الفرقة لهذا الغرض".

الحدود المضبوطة

وبالحديث عن المجموعات الخارجة عن القانون التي تنشط عند الحدود الجنوبية وتتلقى دعمها ممن فرّ من مجموعات تتبع جيش النظام السابق، سعت مجموعات يطلق عليها "فلول النظام" إلى اللجوء لمناطق خارج نفوذ الدولة هرباً من تطبيق العدالة والاعتقال، وبات المشهد أكثر تعقيداً، وسط مطالب شعبية من أبناء ريف السويداء الجنوبي التي عانت بعض مناطقها هيمنة هذا الجماعات الخارجة عن القانون بإبعادها.

ويجزم الباحث السياسي السوري بأن هذه الجماعات لم تكتف بتقويض الاستقرار بل حاولت التغطية على دورها الإجرامي عبر اتهام البدو بالوقوف خلف عمليات التهريب، متذرعة بروابطهم العشائرية مع دول الجوار، مردفاً أن "تهجير البدو قسراً من مناطق نفوذ الشيخ الهجري أسقط هذه الرواية بالكامل وكشف زيفها أمام الرأي العام، وكذلك فإن قصف أكبر مستودعات الذخيرة في السويداء، المعروفة منذ عهد النظام السابق، فضح مجدداً حقيقة البنية العسكرية لهذه الميليشيات".

إلى ذلك تزداد التوترات على الحدود الجنوبية ولا سيما من جهة محافظة السويداء حيث لا تزال المجموعات المسلحة المحلية تتمسك بعدم الرضوخ لقرار الانضمام إلى الدولة، وفي المقابل ترفض حكومة دمشق مطالب السويداء باللامركزية والمشاركة في الحكومة، وما عقّد المشهد أكثر تلك المعارك وحوادث اقتتال بين مجموعات درزية وأخرى تتبع الحكومة أو مؤيدة لها، مما أدى إلى ارتكاب انتهاكات واسعة أثرت في أمن الحدود التي ظلت مرتعاً لشبكات التخريب التي وجدت فيه مناخاً ملائماً لزيادة نشاطها.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات