ملخص
خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، "شهدنا تحطيم عدد من الأرقام القياسية في رحلات الفضاء، إلى جانب إطلاق صاروخ جديد قوي قابل لإعادة الاستخدام، إضافة إلى أول هبوط ناجح بالكامل على سطح القمر من قِبل شركة خاصة أميركية أخرى".
ربما تكون ضربات الرئيس الأميركي دونالد ترمب والبليونير إيلون ماسك التي وُجّهت إلى "ناسا" تحديداً مطلع ومنتصف 2025 "آتت أُكُلَها"! وذلك على رغم المعارضة الشديدة لها من قبل المجتمع العلمي آنذاك. فالفضاء الأميركي اكتسح الفضاء العالمي في هذا العام من خلال قطاع الفضاء الخاص والتجاري، وتحديداً عبر شركتي "سبيس إكس" لإيلون ماسك و"بلو أوريجن" لجيف بيزوس.
وبذلك هيمن الفضاء الأميركي في 2025 بشكل شبه كامل على المشهد العلمي العالمي، وفق معلومات جمعها مايك وول، وهو من أهم الصحافيين العالميين في هذا المجال.
خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، "شهدنا تحطيم عدد من الأرقام القياسية في رحلات الفضاء، إلى جانب إطلاق صاروخ جديد قوي قابل لإعادة الاستخدام، إضافة إلى أول هبوط ناجح بالكامل على سطح القمر من قِبل شركة خاصة أميركية أخرى".
هيمنة غير مفاجئة
هيمنة الفضاء الأميركي على المشهد العالمي في هذا المجال لم تكن مفاجئة. في المقابل جاءت هيمنة شركة الفضاء الخاصة "سبيس إكس" تتويجاً لهذه الهيمنة. وجاء صعود شركة "بلو أوريجن" للملياردير جيف بيزوس المتوقع بعد تحالفه مع "ناسا"، كتأكيد لهذه الهيمنة. في حين لم يكن حال الفضاء الروسي والأوروبي كالمعتاد.
وفي 2025 خلى الفضاء الروسي من الإنجازات الكبيرة، فيما أسهمت وكالة الفضاء الأوروبية بخجل في هذا السباق. وذلك بعد استمرار الحرب الروسية- الاوكرانية من جهة، والهيكلة القاسية التي قام بها الرئيس ترمب لـ"ناسا" من أجل مشروع عسكرة الفضاء، والتي أثرت سلبا وبقوة في عدد كبير من مهمات الوكالة الأوروبية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
رحلات الفضاء الأميركي
ومن أبرز رحلات الفضاء الأميركي في 2025، تحليق رواد فضاء فوق قطبي الأرض للمرة الأولى في التاريخ. ففي 31 مارس (آذار) الماضي، أطلقت شركة "سبيس إكس" مهمة "فرام 2" الخاصة، والتي أرسلت أربعة رواد فضاء من القطاع الخاص في مهمة استغرقت 3.5 يوم إلى مدار الأرض على متن كبسولة "كرو دراغون".
كانت هذه المهمة المأهولة السابعة عشرة لشركة "سبيس إكس"، لكنها مع ذلك حققت إنجازاً تاريخياً. فقد دارت "فرام 2" حول كوكبنا فوق القطبين، وهو ما لم يسبق لأية رحلة فضائية مأهولة أن قامت به من قبل.
"سبيس إكس" تحطم رقمها القياسي مجدداً
يقول وول "لا مفاجأة هنا، إذ حطمت "سبيس إكس" رقمها القياسي في الإطلاق خلال عام واحد. وأطلقت شركة إيلون ماسك 170 صاروخاً -حتى الآن- هذا العام منها 165 رحلة لصاروخها "فالكون 9"، وخمس مهمات تجريبية دون مدارية لمركبة "ستار شيب"، المركبة العملاقة القابلة لإعادة الاستخدام بالكامل والمصممة لمساعدة البشرية على الاستيطان على المريخ والقمر.
ويضيف "خُصص أكثر من 70 في المئة من عمليات إطلاق فالكون 9 لتطوير كوكبة ستارلينك الضخمة التابعة لشركة سبيس إكس، والتي تتكون من أكثر من 9000 قمر اصطناعي عامل (وما زال العدد في ازدياد)".
"بلو غوست" تهبط على سطح القمر
في 2 مارس الماضي، هبطت مركبة الهبوط الروبوتية "بلو غوست" التابعة لشركة "فايرفلاي إيروسبيس" بنجاح على سطح القمر. وظلت تعمل لمدة أسبوعين تقريباً بعد ذلك، مما سمح للأجهزة العلمية التي تحملها بأداء مهامها المخطط لها. كان هذا إنجازاً غير مسبوق للقطاع الخاص ورحلات الفضاء عامة.
وفي السياق ذاته، كانت هناك شركة أخرى، وهي شركة "إنتويتيف ماشينز" التي تتخذ من هيوستن مقراً لها، نجحت في إنزال مركبتها القمرية "أوديسيوس" في فبراير (شباط) 2024. ولكن سرعان ما انقلبت المركبة، مما أدى إلى تقصير مدة مهمتها ومهام بعض حمولاتها. وواجهت مركبة "أثينا"، وهي المركبة القمرية الثانية التابعة لشركة "إنتويتيف ماشينز" مصيراً مشابهاً بعد وقت قصير من هبوطها في 6 مارس من هذا العام.
صاروخ "نيو غلين"
في 2025، دخل صاروخ "نيو غلين" التابع لشركة "بلو أوريجين" الخدمة، وهو صاروخ ثقيل طورته شركة "بلو أوريجين"، وهو أكثر قوة وقابل لإعادة الاستخدام جزئياً، انطلق في مهمة ناجحة هذا العام.
"ستارشيب" في رحلتين تجريبيتين متتاليتين
بالحديث عن إعادة الاستخدام: أجرت مركبة "ستارشيب" العملاقة، القابلة لإعادة الاستخدام بالكامل، خمس رحلات تجريبية في عام 2025. وشهدت الرحلات الثلاث الأولى بعض المشكلات، أما الرحلتان الأخيرتان، اللتان انطلقتا في أغسطس (آب) وأكتوبر (تشرين الأول)، فقد حققتا نجاحاً باهراً.
مهمة أوروبية
تمثلت المهمة الأوروبية الوحيدة في 2025 في إنتاج أول كسوف شمسي اصطناعي. إذ بدأ تشغيل "آلة الكسوف" في العام المذكور. فيما أُطلقت مهمة "بروبا-3" التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية، والمؤلفة من قمرين اصطناعيين، إلى مدار الأرض سابقاً في ديسمبر (كانون الأول) 2024. ومهمتها هي توليد كسوف شمسي اصطناعي عبر تشكيل دقيق. إذ يحجب أحد قمري "بروبا-3" الشمس عن الآخر، الذي يرصد بدوره الظاهرة باستخدام تلسكوب مُثبّت على متنه.
سوني ويليامز
في إنجاز فردي ولكنه يحسب أيضاً للفضاء الأميركي، حَطّمَت "سوني ويليامز" الرقم القياسي في السير في الفضاء. وامتدت إقامة رائدة الفضاء الأميركية الأخيرة في الفضاء لفترة أطول بكثير مما توقعته هي أو أي شخص آخر. ولكن هذا التمديد غير المخطط له سمح لها بتحطيم الرقم القياسي في السير في الفضاء.
الهند تنجح في التحام فضائي
من جهتها، حقّقت الهند إنجازاً مهماً بعد بداية هذا العام بفترة وجيزة. ففي 15 يناير (كانون الثاني) الماضي، التقت مركبتان فضائيتان تابعتان لتجربة الالتحام الفضائي الوطنية الهندية التي تعرف اختصاراً SpaDex، في مدار الأرض. وبهذا النجاح، أصبحت الهند رابع دولة في العالم تنجح في عملية التحام فضائي، بعد الاتحاد السوفياتي/روسيا، والولايات المتحدة والصين.
رحلتان مهمتان للصين
سجّلت الصين في 2025 أهم رحلتين لها على الإطلاق. إذ أطلقت مهمة لأخذ عينات من كوكب شبيه للأرض. وبذلك واصلت بكين تقدمها الجريء نحو الفضاء، بإطلاق أول مهمة لها على الإطلاق لإعادة عينات من الكويكبات.
وذكرت مواقع علمية أميركية أن هذا المشروع يُسمى "تيان وين 2"، وهو لا يستهدف أي كويكب عشوائي، بل هو في طريقه إلى كوكب "كامو" والذي يسمى أيضاً كوكب "اليوا" والذي قد يكون جزءاً من القمر، لكنه تكوّن بعد أن قذفته قوة اصطدام هائلة إلى الفضاء.
ويُعدّ الكوكب أحد الأقمار السبعة المعروفة للأرض، وهي أجرام لا تدور حول كوكبنا بل تدور حول الشمس في تزامن تام معها.
أول صاروخ صيني قابل لإعادة الاستخدام
في السياق ذاته، طورت شركة "لاندسبيس" الصينية نسختها الخاصة من صاروخ "فالكون 9". ويتميز الصاروخ، المسمى "تشوكي-3"، بمرحلة أولى قابلة لإعادة الاستخدام تعمل بتسعة محركات.
انطلق الصاروخ للمرة الأولى في 3 ديسمبر الجاري، ووصل بنجاح إلى مداره، وكاد أن يهبط بنجاح تام. إلا أن المرحلة الأولى من الصاروخ تحطمت واشتعلت فيها النيران قرب منطقة الهبوط بعد تعطل أحد محركاتها أثناء الهبوط.