Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الدولار يواصل الارتفاع والحكومة الإيرانية تلتزم الصمت إزاء معيشة المواطنين

كشفت الخلافات داخل النظام عن غياب سياسة موحدة لإدارة سوق الصرف تحت إدارة الرئيس مسعود بزشكيان

في نمط سوق الصرف، يعرف فصل الشتاء بوصفه موسم التقلبات والقفزات المفاجئة في سعر الدولار (أ ف ب)

ملخص

يرى متخصصون أن السبب الأبرز لردود الفعل التصادمية في السوق إزاء تصريحات مسؤولي الفريق الاقتصادي الحكومي يعود إلى شعور سائد بانعدام الثقة بين الفاعلين الاقتصاديين والأسواق المالية، وتدفع حال عدم اليقين حيال المستقبل الاقتصادي المستثمرين إلى التوجه نحو أسواق الذهب والدولار للحفاظ على قيمة أصولهم.

إن اقتراب سعر الدولار من العتبة الحساسة البالغة 130 ألف تومان (30.9 دولار أميركي) وضع هذه العملة على مشارف تسجيل مستويات قياسية جديدة.

ووفقاً لتقارير من مكاتب الصرافة والسوق الحرة في إيران، ارتفع الدولار بنسبة 1.7 في المئة مقارنة باليوم السابق، من 126500 تومان (30.12 دولار) إلى 129260 تومان (30.78 دولار).

هذا المستوى القياسي الجديد لم يقتصر على تسجيل أعلى سعر تاريخي للدولار، بل ضاعف أيضاً المخاوف من تفاقم التضخم والضغط المتزايد على معيشة الأسر.

وخلال الأيام الـ10 الماضية غذت تقلبات سعر الصرف مراراً حالاً من التفاؤل لدى محللين مقربين من الحكومة بإمكان تعرض الدولار لهبوط مفاجئ، ففي الخميس الماضي أدى تراجع بنحو 3 آلاف تومان (0.71 دولار) إلى انخفاض السعر حتى 124 ألف تومان (29.52 دولار)، غير أنه، وعلى خلاف التوقعات، عاد الدولار للارتفاع الجمعة الماضي، على رغم إغلاق الأسواق الرسمية، ليصل في شوارع العاصمة والقنوات على "تيليغرام" مجدداً إلى 126500 تومان.

وواصل السعر صعوده السبت الماضي بوتيرة أسرع، مما رفع وتيرة الارتفاع إلى حد بات معه احتمال تسجيل مستوى 130 ألف تومان على لوحات الصرافة.

وفي وقت تؤكد فيه حكومة الرئيس مسعود بزشكيان منذ أشهر تحقيق استقرار تدرجي في السوق، رفعت تقلبات الأيام الـ10 الماضية السعر الدولار الواحد من 118 ألف تومان (28.10 دولار) في الأول من ديسمبر (كانون الأول) الجاري إلى 129260 تومان (30.78 دولار) في الـ13 من ديسمبر الجاري.

ويحتمل أن يكون بدء تنفيذ خطة تسعير البنزين بثلاثة مستويات، إلى جانب إخفاق وعود إعادة عائدات العملات الأجنبية للقطاع البتروكيماوي إلى قاعة التداول، من بين العاملين المؤثرين في قفزة السبت الماضي.

الدولار على مشارف 130 ألف تومان

افتتح سوق الصرف أول أيام الأسبوع عند 125660 تومان (29.92 دولار)، ليرتفع خلال ساعتين فقط بنحو 3 آلاف تومان (0.71 دولار). وفي السوق الرسمية، استقر الدولار التوافقي في مركز مبادلة العملة والذهب من دون تغيير عند 73.172 تومان (17.42 دولار) (السعر الحكومي)، مما يعيد إبراز الفجوة التي تتجاوز 55 ألف تومان (13.10 دولار) بينه وبين سعر السوق الحرة، ويُفرغ سياسة البنك المركزي الرامية إلى تقليص الفارق بين السعرين من مضمونها.

ويرى متخصصون أن السبب الأبرز لردود الفعل التصادمية في السوق إزاء تصريحات مسؤولي الفريق الاقتصادي الحكومي يعود إلى شعور سائد بانعدام الثقة بين الفاعلين الاقتصاديين والأسواق المالية، وتدفع حال عدم اليقين حيال المستقبل الاقتصادي المستثمرين إلى التوجه نحو أسواق الذهب والدولار للحفاظ على قيمة أصولهم.

ويمكن تلمس هذا الشعور في إحجام مكاتب الصرافة الرسمية عن تنفيذ المعاملات، في المقابل، تشير مستويات الطلب لدى الباعة المتجولين في محيط ميدان فردوسي في طهران وقنوات "تيليغرام" بوضوح إلى تصاعد وتيرة التبادلات النقدية بين مختلف الفئات الاقتصادية والمواطنين.

وتُظهر قراءة الأيام الـ10 الماضية صورة لصعود متواصل للدولار؛ ففي الإثنين الأول من ديسمبر الجاري قفز السعر بنحو 1.490 تومان (0.35 دولار) ليصل إلى 118870 تومان (28.30 دولار)، متجاوزاً رقم أكتوبر (تشرين الأول) الماضي القياسي 118 ألف تومان (28.10 دولار)، بما يعكس زيادة بنسبة 9.03 في المئة خلال شهر واحد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي الثالث من الشهر الجاري، بلغ سعر الدولار الواحد 119.005 تومان (28.33 دولار)، ثم تجاوز في السادس من الشهر نفسه عتبة 120 ألف تومان (28.57 دولار)، متأثراً بتصريحات المرشد علي خامنئي لمناسبة يوم "الباسيج"، التي عُدّت تأكيداً للتوقف الكامل للمفاوضات، وفي الوقت نفسه ادعت وسائل إعلام قريبة من الحكومة، ضمن موجة مماثلة، أن ضخاً واسعاً للعملة في السوق سيؤدي قريباً إلى بدء تراجع الأسعار، في سياسة بدا أنها استهدفت إدارة مستوى التوتر في سوق الصرف، غير أن هذه الفكرة تلاشت في الأيام التالية مع عودة الأسعار إلى الارتفاع.

ويرى محللون اقتصاديون أن تثبيت هذا المستوى يعني تهيئة السعر للقفز نحو 150 ألف تومان (35.71 دولار) بحلول نهاية العام.

وبدا هذا التوقع أكثر ترجيحاً مع تسجيل سعر التاسع من ديسمبر الجاري، مستوى 127450 تومان، فيما لم ينجح التراجع المحدود بنحو 3 آلاف تومان في نهاية الأربعاء من الأسبوع الماضي والخميس التالي له في إعطاء دلالة على بدء هبوط فعلي للأسعار.

ويعد الإعلان عن لقاء رئيس البنك المركزي مع صرافي "هرات"، الذين يؤدون دوراً مهماً في تسعير سوق الصرف الإيرانية، من العوامل المؤثرة في التقلبات الحالية.

وأسهمت ردود الفعل الاعتراضية للبنك المركزي ونفي هذا اللقاء، عبر توضيحات مدير العلاقات العامة للمؤسسة، في زيادة غموض المشهد، إذ قال قمري وفا إن "ممثلين عن صرافي هرات، وعلى هامش لقاءات رسمية، طلبوا في ردهة فندق كابل لقاء الدكتور فرزين لبحث مشكلاتهم في إيران"، وهي رواية بدت، خلافاً لمقصود نفيها، بمثابة تأكيد عملي على حدوث ذلك اللقاء المثير للجدل.

شتاء الريال الإيراني البارد

في نمط سوق الصرف، يعرف فصل الشتاء الممتد لثلاثة أشهر تقليدياً بوصفه موسم التقلبات والقفزات المفاجئة في سعر الدولار.

وتظهر تجارب الصدمات السعرية في أعوام سابقة أن الحكومات تلجأ، بهدف تعويض جزء من عجز الموازنة في نهاية العام، إلى استغلال تقلبات سعر الصرف لجمع جزء من العملات الأجنبية المخزنة لدى المواطنين.

غير أن هذا النمط يبدو أنه بدأ هذا العام منذ منتصف الخريف، في مؤشر إلى أن المسألة تجاوزت إرادة الحكومة، وأصبحت نتيجة مباشرة لتراجع القدرة الرقابية للبنك المركزي ووزارة الاقتصاد على الأسواق المالية.

ويرى متخصصون أن ارتفاع سعر الدولار في الشهر الجاري ناتج من مزيج من العوامل الخارجية والداخلية، فتصاعد التوترات على سواحل فنزويلا وأخبار احتجاز بعض ناقلات النفط التي تنقل النفط الإيراني بصورة غير معلنة، إلى جانب رد فعل النظام الإيراني واحتجاز ناقلتين خلال هذه الفترة، تعكس توسع الطابع التصادمي لعقوبات الرئيس الأميركي دونالد ترمب عبر استهداف مباشر لشبكات نقل النفط والبتروكيماويات الإيرانية، وما يرافق ذلك من تراجع في إيرادات الدولة من العملة الصعبة.

وعامل آخر يتمثل في تسارع التضخم المسيطر على الاقتصاد، مما حول الأسواق المالية الرئيسة، مثل العقارات، إلى بيئات غير آمنة للاستثمار، وجعل الدولار والذهب الملاذين شبه الوحيدين للمجتمع للحفاظ على قيمة المدخرات وتنميتها.

وكشفت الخلافات داخل الحكومة عن غياب سياسة موحدة لإدارة سوق الصرف في الحكومة الرئيس مسعود بزشكيان، فإصرار وزارة الاقتصاد على التوجه نحو توحيد سعر الصرف، انطلاقاً من فكرة أن تقليص الريع المرتبط بتعدد الأسعار قد يعوض جزءاً مهماً من شح الموارد بالعملة الأجنبية، يواجه معارضة جدية من البنك المركزي ومنظمة التخطيط والموازنة.

وفي ظل الضغوط المطالبة بإقالته، اعتبر فرزين أن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة يكمن في ممارسة ضغط إضافي على شركات البتروكيماويات لإعادة عائدات صادراتها من العملات الأجنبية، غير أن هذا الوعد، حتى الآن، لم يلق استجابة تذكر من تلك الشركات، كذلك فإن الكميات المحدودة التي دخلت قاعة التداول لم تنجح في خفض سعر الدولار.

 ويمكن ملاحظة ذلك في تصريحات فرزين الثلاثاء الموافق التاسع من ديسمبر الجاري، حين أعلن أنه، استناداً إلى التفاهمات مع شركات البتروكيماويات والصلب، ستزداد وفرة العملات الأجنبية في السوق.

إلا أن هذه الوعود، منذ إطلاقها وحتى الآن، لم تترجم إلى تراجع في الأسعار، بل ارتفع الدولار من مستوى 125 ألف تومان إلى حدود 130 ألف تومان.

وفي سوق تعكس كل تقلباتها بوضوح الانخفاض المتواصل في قيمة الريال، يبرز سؤال جوهري: إذا كانت المهمة الأساسية للبنك المركزي هي حماية قيمة العملة الوطنية، فإلى أي مدى يتوقع أن يستمر هذا التدهور؟

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

اقرأ المزيد