ملخص
تنفيذ آلية الزناد سيؤدي إلى تراجع حجم التجارة الخارجية الإيرانية من 94 مليار دولار حالياً إلى ما بين 70 و85 مليار دولار، في حين ستنخفض الصادرات غير النفطية من 47 مليار دولار إلى ما لا يقل عن 35 مليار دولار.
عشية تفعيل آلية الزناد وإعادة فرض جميع العقوبات الأممية على إيران، شهدت العملة الوطنية الإيرانية مزيداً من الانخفاض اليوم الإثنين، إذ تجاوز سعر صرف الدولار الواحد حاجز 106 آلاف تومان.
وبحسب آخر التقارير الواردة من نشطاء سوق الصرف في طهران لـصحيفة "اندبندنت فارسية"، سجلت أسعار العملات الأجنبية الأخرى ارتفاعاً ملحوظاً أيضاً، إذ بلغ سعر اليورو 123 ألفاً و200 تومان والجنيه الإسترليني 141 ألفاً و200 تومان والدرهم الإماراتي 28 ألفاً و490 تومان والليرة التركية 2580 تومان واليوان الصيني 14 ألفاً و720 تومان والدولار الكندي 75 ألفاً و900 تومان.
ويأتي هذا التراجع في قيمة العملة الإيرانية بعد أسبوع من إعلان قادة الدول الأوروبية رسمياً فشل التوصل إلى أي اتفاق نووي، وتأكيدهم تفعيل بند آلية الزناد اعتباراً من الـ27 من سبتمبر (أيلول) الجاري، إذ كان سعر الدولار في سوق طهران آنذاك يقارب 97 ألف تومان.
أسعار الذهب في السوق الإيرانية
وواصلت أسعار الذهب في السوق الإيرانية ارتفاعها الحاد اليوم الإثنين، إذ بلغ سعر غرام الذهب عيار 18 نحو 9 ملايين و453 ألف تومان (90 دولاراً)، بينما تجاوز سعر سبيكة "إمام" سقف الـ100 مليون و400 ألف تومان (948 دولاراً)، وسجلت سبيكة "بهار أزادي" 95 مليوناً و200 ألف تومان (898 دولاراً)، فيما بلغ سعر نصف سبيكة الذهب 53 مليوناً و200 ألف تومان (501 دولار)، وربع سبيكة الذهب أكثر من 32 مليوناً و200 ألف تومان (303 دولارات).
وفي تقرير لموقع "رويداد 24" الإخباري الذي نشر اليوم تحت عنوان "الاقتصاد الإيراني على أعتاب حصار لوجستي"، حذر من أن انخفاض التجارة الخارجية بنسبة 20 في المئة وإلغاء جميع العقود الدولية وزيادة كلفة المشاريع بنسبة 40 في المئة ستكون من أولى تبعات تفعيل آلية الزناد ضد إيران.
واستناداً إلى نماذج محاكاة أعدتها غرفة التجارة الإيرانية، فإن تنفيذ آلية الزناد سيؤدي إلى تراجع حجم التجارة الخارجية الإيرانية من 94 مليار دولار حالياً إلى ما بين 70 و85 مليار دولار، في حين ستنخفض الصادرات غير النفطية من 47 مليار دولار إلى ما لا يقل عن 35 مليار دولار. وتوقعت الغرفة أن تؤدي هذه التطورات إلى إغلاق آلاف الأعمال التجارية التي تعتمد على استيراد المواد الأولية.
العجز الكبير في ميزانية الحكومة الإيرانية
وأكدت غرفة التجارة الإيرانية أنه مع إعادة تفعيل العقوبات المعلقة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 1929، لن تكون أية شركة شحن أو تأمين، أو موانئ دولية مرموقة مستعدة للتعاون مع إيران، مما يعني أن التجارة الإيرانية براً وبحراً وجواً ستواجه أزمة خطرة، وأضافت الغرفة أن عودة العقوبات الدولية ستحول التجارة الإيرانية من نشاط اقتصادي طبيعي إلى عملية عالية الأخطار ومكلفة، يقع عبئها الأكبر على عاتق المنتجين والمستهلكين داخل البلاد.
من جهتهم، يرى اقتصاديون أن الارتفاع الحاد في أسعار الصرف والذهب ليس فقط نتيجة الضغط النفسي الناجم عن تفعيل آلية الزناد، بل يعود أيضاً إلى العجز الكبير في موازنة الحكومة الإيرانية ونمو السيولة النقدية، ويحذر هؤلاء من أن العودة الكاملة للعقوبات ستؤدي إلى فقدان حكومة الرئيس مسعود پزشکیان إمكان الوصول إلى أصولها المالية في الخارج، وستعقد عمليات بيع النفط سراً وتحويل العائدات، مما قد يسرع وتيرة انهيار قيمة الريال ويفاقم التضخم بصورة كبيرة.
أما في الأسواق المحلية، فينقل نشطاء اقتصاديون صورة فوضوية، إذ يقول كثير من التجار والمستوردين إن مبيعات السلع الأساسية وقطع الغيار الصناعية توقفت، نتيجة رفض الموردين التعامل بأسعار صرف متقلبة. واشترط بعض بائعي السيارات والأجهزة المنزلية الدفع نقداً وبصورة يومية، وبهذه التطورات يتكثف الضغط على المستهلكين، بخاصة على الفئات المتوسطة ومحدودة الدخل، التي تشهد تراجعاً مستمراً في قدرتها الشرائية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي سياق التطورات الاقتصادية المتسارعة، أعلن رئيس اتحاد منتجي ومستوردي البقوليات في إيران، داوود لبه جي، اليوم، أن إعادة فرض العقوبات ستؤثر مجدداً بصورة سلبية في أسعار البقوليات، التي كانت قد شهدت ارتفاعاً يراوح ما بين 50 و100 في المئة خلال الأشهر الستة الماضية.
تصاعد الضغوط المالية
وفي السياق ذاته، حذرت صحيفة "دنياي اقتصاد" في طهران من أن تفعيل آلية الزناد سيؤدي إلى تصاعد الضغوط المالية على شركات صناعة السيارات والمستهلكين، مضيفة أن أسعار السيارات المصنعة محلياً كانت قد أصبحت خارج متناول معظم العائلات الإيرانية، والآن هناك خشية من ضياع آخر أمل للطبقات المتوسطة ومحدودة الدخل في الشراء المباشر من المصانع.
وفي تقرير متخصص، ذكرت مجلة "Maritime Executive"، المعنية بشؤون الملاحة والصناعات البحرية، أن العقوبات الجديدة التي ستفرض بموجب آلية الزناد ستكون أكثر صرامة من القيود الحالية، ومن شأنها أن تؤثر بصورة مباشرة وكبيرة في قطاع الشحن البحري الإيراني.
ووفق التقرير الذي نشر أمس الأحد، فإن من المتوقع أن تعود عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، مما سيضع أسطول الشحن التجاري التابع لشركة الملاحة الإيرانية، إلى جانب الشركات المرتبطة بها، تحت ضغوط متزايدة، كما ستواجه 38 ناقلة نفط عملاقة تابعة لشركة الناقلات الوطنية الإيرانية قيوداً جديدة تعرقل عملها.
تجاوز سعر صرف الدولار الواحد حاجز 106 آلاف تومان، إلى جانب القفزات المتسارعة في أسعار الذهب والسلع الأساسية، ليسا سوى وجه واحد من أوجه الأزمة العميقة التي تخيم على الاقتصاد الإيراني مع عودة العقوبات الأممية وتفعيل آلية الزناد في الأيام المقبلة.
الرسالة التي تبعث بها السوق واضحة: مرحلة جديدة من الأخطار الاقتصادية بدأت تتبلور وأيام تزداد فيها كلفة المعيشة بصورة سريعة، وسيجد فيها القطاع الإنتاجي نفسه محاصراً بنقص حاد في المواد الخام ورأس المال، فيما يتراجع أفق الاستقرار الاقتصادي ليغدو أكثر بعداً وصعوبة.