Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

غزة غارقة بنفايات إسرائيل وتساؤلات حول طبيعتها وكمياتها

تنفي تل أبيب علمها بالموضوع و"هآرتس" تقول إن هذا الإجراء اتخذ في الميدان من دون تنسيق مع القيادة

ذكرت "هآرتس" أن الشاحنات تتخلص من كميات كبيرة من النفايات الإسرائيلية وبقايا ورش بناء وتنقلها إلى داخل القطاع (أ ف ب)

ملخص

تلقي إسرائيل النفايات الصلبة داخل غزة، فهل تحول القطاع إلى مكب كبير لقمامة تل أبيب؟

من بعيد لمح ساجد شاحنة إسرائيلية محملة بأكوام من القمامة تدخل السياج الحدودي مع غزة، وتقطع مسافة طويلة داخل القطاع قبل أن تفرغ النفايات في أي مكان ثم تعود فارغة للبلدات الإسرائيلية القريبة، فاندهش الرجل مما شاهده وسأل نفسه "هل تحولت غزة إلى مكب نفايات كبير لإسرائيل"؟

وفي الحرب بات ساجد يعمل في جمع الحطب ويبيعه للغزيين المحرومين من غاز الطهي، وبعد وقف إطلاق النار بات يتشجع ويدخل لمناطق الخط الأصفر خلسة وبتخف، ويقترب قليلاً وهو يحاول أن يتوارى عن أنظار الجيش من أجل جمع الأخشاب اليابسة وبالصدفة تحول لشاهد على إغراق إسرائيل لغزة بالنفايات.

عربات نقل قمامة

ممنوع على الغزيين تجاوز الخط الأصفر الذي يقسم القطاع إلى غزة الشرقية وغزة الغربية، ولكن بعض الأشخاص يتجرأون على فعل ذلك خلسة وخفية، ولكن في حال اكتشافهم فمصيرهم الوحيد هو القتل بنيران الجيش الإسرائيلي.

ومن بين هؤلاء الذين تجاوزوا الخط الأصفر كان ساجد يقول "مكثت لمدة 10 دقائق أراقب ما تفعله الشاحنات، وفي البداية رأيت عربات نقل القمامة الإسرائيلية ومعلق عليها رقم تعريف إسرائيلي، تحمل أكواماً من النفايات تقطع السياج الحدودي وتدخل إلى غزة، وتقطع مسافة ثم تفرغ حمولة النفايات داخل القطاع وتغادر فارغة"، مضيفاً "تكرر هذا المشهد أمامي مرات عدة حتى أيقنت أن غزة تحولت إلى مكب نفايات ضخم تفرغ فيها إسرائيل القمامة التي تود التخلص منها، وهذا أمر غريب لا تفسير له عندي، ولا أفهم لماذا تفعل تل أبيب ذلك".

تفريغ داخل غزة

وبحسب تحقيق صحافي أجرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية فقد حولت إسرائيل بالفعل جزءاً من أراضي غزة إلى مكب نفايات ضخم للقمامة التي تخرجها البلدات القريبة من الحدود مع القطاع، ونشرت مقاطع فيديو توثق ذلك.

وتكشف المقاطع المصورة أن حفارات إسرائيلية تعمل على ملء شاحنات بنفايات صلبة، وتنقل تلك العربات حمولتها إلى غزة وتفرغها في مناطق داخل القطاع، ثم تعود للبلدات العبرية لتعيد الحفارات على الجانب الإسرائيلي تكرار العملية ذاتها، وعندما استفسرنا من ساجد عن نوعية النفايات التي تفرغها الشاحنات الإسرائيلية داخل غزة أجاب "رأيتها تفرغ أكواماً من أكياس القمامة، والقليل من الحجارة الكبيرة الخرسانية وكأنها أنقاض مبان مدمرة، ولكن في المحصلة هي نفايات تريد تل أبيب التخلص منها، ورأت أن القطاع أفضل مكان لذلك".

نوعية القمامة

وبالفعل ذكرت "هآرتس" أن الشاحنات تتخلص من كميات كبيرة من النفايات الإسرائيلية وبقايا ورش بناء وتنقلها إلى داخل القطاع، ولكن الصحيفة لم توضح نوعية القمامة ولا الكميات التي جرى التخلص منها في أراضي القطاع، وخلال الحرب وأثناء القتال العسكري وبينما كانت إسرائيل تستعد لعمليات اجتياح غزة برياً، اضطر جيشها إلى إعادة تشكيل المنطقة المحاذية للقطاع لأغراض عسكرية، وأنشأت وزارة الدفاع قواعد ومواقع عسكرية قرب المنطقة الحدودية مع القطاع، وأقام الجنود بنى تحتية وسياجات وطرق وحواجز اسمنتية.

وعندما توقف القتال بموجب خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلام والازدهار في غزة بدأ الجيش تفكيك تلك البنى مما أدى إلى تراكم كميات من نفايات البناء، إضافة إلى كميات من النفايات الصلبة التي تخلص منها الجنود من بقايا طعام وشراب وما شابه.

مرافق عسكرية

وجد الجيش الإسرائيلي صعوبة في التخلص من النفايات التي أنتجتها المرافق العسكرية وقرر ضباط الجنود الموجودون في الميدان إلقاء هذه القمامة في غزة، وسمحوا كذلك لمقاولين من القطاع الخاص الإسرائيلي بدخول غزة والتخلص منها لتحويل القطاع إلى جبال من القمامة والمخلفات، ووفقاً لـ"هآرتس" فإن الجيش الإسرائيلي هو من يقف وراء عمليات نقل النفايات إلى داخل غزة، وهذا القرار اتخذ ميدانياً لتسهيل العمل والتحرك وعدم إبقاء مخلفات الحرب داخل مناطق الغلاف، وذلك من دون تعليمات رسمية من القيادة العسكرية العليا، ويجري ذلك أيضاً من دون تحديد مواقع مخصصة أو إشراف بيئي.

وتدخل الشاحنات الإسرائيلية المحملة بالنفايات ومخلفات البناء من "معبر كيسوفيم" الحدودي وتفرغ حمولتها بعد قطع مسافة تقارب 200 إلى 300 متر داخل غزة على أطراف الطرقات، لا في مواقع مخصصة، قبل أن تعود لداخل إسرائيل فارغة.

مخاوف من جبال النفايات

ومن إسرائيل يمكن رؤية جبال النفايات التي تخلص منها الجيش الإسرائيلي داخل غزة بكل وضوح، أما من داخل القطاع يصعب رؤية تلك الأكوام، حيث يحتل الجنود نصف مساحة القطاع تقريباً ويمنع على سكان المناطق الشرقية العودة لأحيائهم، ولذلك يصعب رصد ما تفعله تل أبيب هناك.

ويقول أستاذ السياسة أساف ديفيد إن "هناك أخطاراً من إلقاء أنقاض المواقع العسكرية في غزة التي تشمل الحديد والأنابيب والخرسانة والتي قد تعيد 'حماس' استخدامها لإعادة بناء البنية التحتية العسكرية أو تصنيع الصواريخ".

انتهاك بيئي

وفي الواقع فهذا التصرف يعد انتهاكاً للمعايير البيئية الدولية، ويقول أستاذ البيئة نزار الوحيدي إن "تراكم هذه الكميات من المخلفات داخل القطاع المنهك قد يفاقم الأزمة الصحية والبيئية، ففي غزة لا توجد أية بنية تحتية قادرة على إدارة النفايات أو معالجتها"، مضيفاً أن "إسرائيل حولت أراضي غزة لمكب مفتوح للنفايات، وفي الأساس توجد في القطاع كمية رهيبة من النفايات والركام، والأنقاض وحدها تتجاوز 61 مليون طن في المجمل تستغرق إزالتها 21 عاماً كاملة حتى مع توافر الآليات الكافية والوسائل المناسبة".

ويتابع الوحيدي "أنه من ناحية النفايات فإن غزة تعيش أكبر كارثة بيئية في التاريخ الحديث، حيث تراكمت أكياس القمامة في الشوارع والطرقات وبين المناطق المأهولة بالمدنيين، ويتعذر على البلديات الوصول إلى مكبات رئيسة مخصصة كانت أنشئت في مناطق قرب الحدود".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

غزة غارقة بالنفايات

أما مدير المكتب الإعلامي الحكومي إسماعيل الثوابتة فقال إن "هناك تكدساً لنحو نصف مليون طن من القمامة في غزة، ولا تزال إسرائيل تمنع طواقم البلدية من الوصول إلى مكب الفخاري في خان يونس، والذي يخدم النصف الجنوبي من القطاع، ومكب جحر الديك ويخدم الجزء الشمالي من غزة، ويقع المكبان قرب الحدود مع إسرائيل"، مضيفاً أن "إسرائيل تستخدم غزة كمكب نفايات، بينما تنهار خدماتنا منذ اليوم الأول للحرب، والآن ترمى النفايات في 200 مكب عشوائي في أكثر المناطق كثافة سكانية، أما المكبات الرئيسة فيستخدمها الجيش لنقل نفايات البلدات الإسرائيلية".

النفايات تعرقل الإعمار

وما يغضب الغزيين أن إلقاء نفايات إسرائيل عليهم يأتي في وقت تتكاثف جهود إعادة البناء، وتقول المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن إن "مسألة إدارة النفايات الصلبة في غزة أصبحت حاجة ملحة وتتطلب دعماً وحلولاً فورية، والضرر البيئي الكبير والمتزايد في غزة يهدد بحبس شعبها في فترة تعاف مؤلمة وطويلة".

وتقول المديرة العامة لـ "منظمة التجارة العالمية" نجوزي أوكونجو إيويالا إن "لجنة التنمية ناقشت جهود إعادة الإعمار وإمكان التعاون مع الشركاء الإقليميين، لكن ظروف إعادة الإعمار لم تتهيأ بعد، ويجب إزالة أكثر من 61 مليون طن من الأنقاض قبل بدء أية عملية إعادة إعمار".

وبعد ضغط من الأمم المتحدة تخطط إسرائيل لحل أزمة النفايات، ويقول منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق التابعة غسان عليان "نبحث عن حلول عدة لمشكلة التخلص من النفايات في قطاع غزة، لكن لا علم لدينا بالنشاط الموصوف في شأن نقل من بعض النفايات إسرائيل لغزة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير