Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الصمت" ينال من صوت تونس الدبلوماسي في الخارج

27 سفارة حول العالم من دون سفراء منذ أشهر وأكثر من 12 قنصلية شاغرة

وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي (وزارة الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج)

ملخص

في كلمته خلال جلسة برلمانية ضمن مشروع موازنة الدولة لعام 2026، أوضح وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي أن "الدبلوماسية التونسية تسعى إلى تكريس سياسة خارجية واقعية، تقوم على السيادة الوطنية والندّية والاحترام المتبادل، وترمي إلى تجسيد رؤية واضحة تجعل من الدبلوماسية أداة تنمية وحماية لمصالح تونس"، وفق بيان صادر عن البرلمان.

في مشهد غير مألوف، تعيش الدبلوماسية التونسية حال جمود أثارت كثيراً من الجدل والحيرة في صفوف المهتمين بالشأن العام، إذ تظل 27 سفارة تونسية حول العالم من دون سفراء منذ أشهر، فضلاً عما لا يقل عن 12 شغوراً ضمن القنصليات والقنصليات العامة، مما يرفع عدد الشغورات على مستوى التمثيليات الدبلوماسية إلى حدود 40 شغوراً، إذا ما أضفنا إلى القائمة سفارة تونس لدى الرباط.

وضع غير مألوف

في تصريح خاص يعتقد الدبلوماسي السابق علي العبيدي بأن "ما يحصل من شغورات في كثير من المناصب المهمة التي تمثل صلب وزارة الخارجية ليس أمراً عادياً وليس في مصلحة تونس"، ويؤكد أن "الدبلوماسية تقوم على اتصال مسترسل مع الجهات المعنية بمصالحنا في قطاعات عدة اقتصادية أو سياسية"، مشيراً إلى أمثلة من بينها ترويج زيت الزيتون التونسي الذي يحتاج إلى عمل دبلوماسي واسع، وأيضاً أزمة التلوث في قابس التي هي بدورها تحتاج إلى خبرات وتعاون دبلوماسي من أجل حلها.

ويرى العبيدي أن سبب هذا الوضع غير المألوف في تونس هو أن "من يدير الشأن الدبلوماسي دخيل على القطاع وليس دبلوماسياً في الأصل"، مضيفاً أن "العمل الدبلوماسي هو تواصل بشري بالأساس، وإن غاب ستكون النتائج وخيمة على البلاد".

من جانبه يقول نائب الشعب فوزي الدعاس إن "هذه الشغورات تعطل الدبلوماسية التونسية ولا يجب أن تطول، بخاصة في ظرف تحتاج فيه البلاد إلى حركة كبيرة على مستوى هياكل وزارة الخارجية، نظراً إلى أهمية التمثيل الدبلوماسي لتونس لمساندة البلاد في تخطي كل أزماتها الاقتصادية"، داعياً إلى ضرورة تنويع العلاقات الخارجية وتدعيمها للاستفادة منها اقتصادياً وسياسياً.

وحول تأخر الدولة في تعيين بعض ممثليها الدبلوماسيين، يجيب الدعاس أن "ليست هناك معلومات متوافرة من قبل وزارة الخارجية حول هذه الشغورات، بالتالي من الصعب الجزم برأي في هذا الشأن"، مطالباً الوزارة بتوضيح الأمر.

مفارقات غريبة

من جهته يقول المحلل السياسي والكاتب الصحافي مراد علالة إن "من المفارقات الغريبة اليوم أن تستقبل تونس في هذه الفترة تحديداً سفراء جدداً لدول شقيقة وصديقة لتعويض زملائهم، وفق سمة العمل الدبلوماسي الدائم، لسد الشغورات في مجال حساس ودقيق، في وقت تتكاثر الشغورات في صفوف من يمثّل الدولة التونسية في الخارج".

وأردف أن "هذه الشغورات لها خطورة كبيرة على أداء بعثاتنا الدبلوماسية، وتعطي إشارات سلبية للدول التي تربطنا بها علاقات مركبة، من دون أن ننسى الانعكاسات السلبية على جاليتنا وعلى مصالح بلادنا بصورة عامة".

وتابع علالة "صحيح أن سفاراتنا وقنصلياتنا وبعثاتنا الدبلوماسية مفتوحة، لكن الشغورات تؤثر على نحو مباشر في قدرة الدولة التونسية على تنفيذ سياستها الخارجية والدفاع عن مصالحها في الخارج لأن غياب السفير أو القنصل يخلق فراغاً مؤسّساتياً يضعف إيصال المواقف الرسمية ويؤثر في متابعة الملفات الحساسة السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها".

ويرى أن "تعطّل خدمة أبناء تونس في الخارج، خصوصاً عند استخراج الوثائق الرسمية، فضلاً عن ضعف المتابعة والتدخل في الإشكاليات المباشرة الاجتماعية والقانونية الطارئة التي يتعرض لها المهاجر التونسي في العمل والدراسة والإقامة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وعن أهمية الدور الدبلوماسي يتساءل علالة "كيف يتحدث المسؤولون في الدولة عن الدبلوماسية الاقتصادية بغياب الدبلوماسيين الذين يجلبون الاستثمارات ويروجون لفرص الأعمال في تونس وملفات التعاون الثنائي والمشاريع المشتركة ويربطون المؤسسات الوطنية بشبكات الأعمال الدولية؟".

ويقول "لا يخفى على أحد أن الشغورات الطويلة قد تفهم كعدم اهتمام بالعلاقات الثنائية، مما يفتح الطريق أمام دول أخرى لأخذ مكاننا، وينعكس ذلك سلباً على وجودنا وتأثيرنا ورمزيتنا في المجموعات والمنظمات الإقليمية والدولية، وقد يطاول الأمر المجال الأمني والاستخباراتي الذي يتم في أطر ضيقة وتحت إشراف مسؤولين رفيعي المستوى وليس مجرد موظفين في السفارات والقنصليات".

"لا ننسى انعكاسات هذه الشغورات على العاملين في المركز في العاصمة التونسية بوزارة الشؤون الخارجية، سواء بالنسبة إلى من لهم طموحات وحق العمل الدوري في الخارج أو حتى من يرون تطوير الأداء في الداخل، لذلك فإن سد الشغورات لا يحتمل التأجيل من أجل مصلحة الوطن"، وفق ما قال علالة.

سياسة خارجية واقعية

وفي كلمته خلال جلسة برلمانية ضمن مشروع موازنة الدولة لعام 2026، أوضح وزير الخارجية التونسي محمد علي النفطي أن "الدبلوماسية التونسية تسعى إلى تكريس سياسة خارجية واقعية، تقوم على السيادة الوطنية والندّية والاحترام المتبادل، وترمي إلى تجسيد رؤية واضحة تجعل من الدبلوماسية أداة تنمية وحماية لمصالح تونس"، وفق بيان صادر عن البرلمان.

وأكد "حرص الوزارة على العناية بالجالية التونسية في الخارج ومتابعة أوضاعها والارتقاء بالخدمات المقدمة إليها، والحرص على رقمنتها وتحديث آلياتها"، مبيناً أنه بخصوص الهجرة غير النظامية فإن "الوزارة تعمل على تنسيق الجهود مع جميع الأطراف المتداخلة من منظمات دولية ودول المنشأ، لتأمين العودة الطوعية للمهاجرين، في ظل احترام المواثيق الدولية والذات البشرية، مما أدى الى تصاعد نسق هذه العودة"، وتطرق إلى علاقة تونس مع محيطها الإقليمي والدولي وما يشهده من تحولات جذرية.

واستفسر بعض النواب خلال الجلسة البرلمانية عن جملة من المسائل ذات الطابع الإقليمي والدولي، مؤكدين ضرورة سد الشغورات في عدد من التمثيليات الدبلوماسية، حتى تتمكن من الاضطلاع بالدور المنوط بها على المستوى التنموي، عبر جلب الاستثمارات أو على المستوى الاجتماعي عبر الإحاطة بالتونسيين في الخارج.

وفي ما يتعلق بالدبلوماسية التونسية، أشار عدد من النواب إلى ضعف الموازنة المخصصة للوزارة التي لا تتجاوز 0.57 في المئة من موازنة الدولة، ورأوا أنها غير كافية لتوسيع الحضور الدبلوماسي لتونس أو للترويج لثرواتها وفتح أسواق جديدة.

ونوه النواب بتداعيات الشغورات في أكثر من 40 مركزاً دبلوماسياً على مصالح تونس، داعين إلى إرساء دبلوماسية اقتصادية برؤية جديدة قادرة على دعم التنمية المستدامة، وطالبوا بضرورة فتح تمثيليات جديدة في بلدان ذات أسواق واعدة، بخاصة في أفريقيا وآسيا، والترويج للمنتج التونسي والفلاحي خصوصاً.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير