Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السينما المصرية تكشف لعبة الانتخابات قبل "الهندسة"

قدمت السينما خطاباً سياسياً جريئاً ينتقد فساد النواب وشكلت ذاكرة شعبية للمواطن تؤرخ لطرق "هندسة الانتخابات" وعادل إمام نجم البرلمان الأول

يعدّ عادل إمام من أكثر فناني جيله تعرضاً للانتخابات البرلمانية في أفلامه (أ ف ب)

ملخص

تحظى انتخابات مجلس النواب منذ عقود باهتمام كبير في الشارع المصري، فالمشاركة السياسية على المستوى الشعبي في هذا الحدث تجعله حدثاً اجتماعياً وليس فقط مظهراً من مظاهر الديمقراطية وحرية الاختيار، لهذا كانت مشاهد العملية الانتخابية نفسها، والدعاية السابقة لها محوراً مهماً في عديد من الأفلام، وتزامناً مع أزمة انتخابات المجلس هذه الأيام نستعرض طريقة تناول السينما المصرية لهذا التقليد الديمقراطي

بعد عزوف جماهيري ملحوظ عن متابعة العملية الانتخابية البرلمانية في مصر هذه الدورة، فجأة اكتسب الموسم الانتخابي زخماً، إذ تحول الاهتمام إلى مشاهد الصناديق المفتوحة واستغاثات المرشحين وأنصارهم، بعد الحديث عن تجاوزات واضحة، ففي حين أن انتخابات مجلس النواب برمتها لم تحظَ بالانتباه المعتاد، لكنها حصدت كل التدقيق مع دعوة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي للتحقيق في المخالفات من دون أن يستبعد إلغاء العملية الانتخابية كلها، في حين خلصت الهيئة الوطنية للانتخابات إلى إلغاء عمليات التصويت في 19 دائرة لتعاد فيها الإجراءات بصورة كاملة.

وكثيراً ما كانت المنافسة من أجل الحصول على الحصانة البرلمانية والجلوس تحت قبة برلمان مجلس الشعب الذي تحول إلى مجلس النواب في الأعوام الأخيرة، هدفاً لدى الساعين إلى الطموح السياسي والنفوذ وتنفيذ رؤى خدمة الجماهير، في حين التقت السينما تفاصيل هذا السباق المحموم بجرأة كبيرة.

حدث هذا بصورة تدريجية، فلم يكن من السهل تناول القضايا السياسية بصورة مباشرة في عصر ما قبل ثورة 1952، على رغم أن البرلمان كان مؤسسة راسخة في مصر قبل هذه الفترة بعقود وعقود، فأول مجلس نيابي بالمعنى الحديث في مصر كان في عصر الخديوي إسماعيل عام 1866، وحمل اسم مجلس شورى النواب، فيما كانت الانتخابات النيابية أكثر تنافسية وتعددية في ظل أحزاب قوية بدءاً من عام 1924 في عصر الملك فؤاد الأول.

ونظراً إلى أن العمل السياسي على الأرض يترجم مباشرة في نائب مجلس الشعب المفترض أن يكون شديد القرب من أبناء الدائرة التي يمثلها ويعبر عن طموحاتهم وشكواهم، فإن هذا المنصب الذي يأتي بالتصويت وسط إجراءات رقابية وترقب وجد حظه من الظهور على الشاشات، إذ عدّ الصناع في مصر مادة درامية دسمة تحمل عناصر متشابكة سياسية وإنسانية واقتصادية ونفسية أيضاً.

السينما تستكشف طريق السياسة

وفقاً لدراسة بعنوان "توظيف السينما في المجال السياسي وأثره في الوعي السياسي في المجتمع المصري في الفترة 2012 إلى 2018"، صادرة عن المركز الديمقراطي العربي، فإن السينما أخذت وقتها كي تبدأ في الانتظام في المسارات السياسية، وتناول موضوعات حادة مثل فوضى العملية الانتخابية.

جاء بالدراسة التي صدرت عام 2019 أن السينما "لم تبدأ في اتخاذ الطابع السياسي في بداياتها فالأفلام الأولى للسينما لم تكن ذات طابع سياسي فكان الهدف هو فقط الترفيه من خلال طرح موضوعات كوميدية ورومانسية، في الحقبة الملكية كان غالب الأفلام هدفها الترفيه"، لافتة إلى أن السينما في هذه المرحلة كانت تركز على الانسجام المجتمعي، وتتغاضى عن إبراز التناقضات التي هي عصب الفيلم السياسي.

وبالفعل بعد ثورة يوليو (تموز) 1952، زادت مساحة الفيلم السياسي حيث كان بعضها دعائياً للنظام الجديد، وبعضها حمل هموماً حقيقية، كذلك هناك عدة أعمال استعرضت تأثيرات حملات الدعاية الطاحنة على حياة المواطنين، إذ كانت هيبة كرسي البرلمان تجعل التنافس عليه محتدماً. ومن هنا بدأت تجاوزات بعض المرشحين الساعين لمكاسب أدبية وسياسية ومالية، وكذلك لم يخلُ الأمر من الإشارة إلى المرشحين النزيهين الذين يسعون فحسب، لتحسين حياة المواطنين، وإيصال صوتهم إلى السلطة التنفيذية. لكن، بطبيعة الحال فإن السلبيات تبدو أكثر درامية وجذباً لدى الصناع.

 

ومن بين أبرز المخرجين الذين التفتوا إلى تأثيرات هذه المعارك على المواطن، يوسف شاهين الذي قدم في بداية مشواره في عالم الإخراج فيلم "صراع في الوادي" 1954، الذي كان من بين خطوطه الدرامية، الاستبداد الذي مارسه ذوو الثروة والسلطة على أبناء الدائرة التي نشأوا فيها، إذ يقدمون لهم وعوداً فارغة من دون أن تترجم بخدمات حقيقية، وذلك فقط من أجل ضمان وقوفهم طوابير للإدلاء بأصواتهم لمصلحتهم في الانتخابات البرلمانية.

كذلك قدم شاهين "حب إلى الأبد" 1959، الذي دارت قصته حول شاب يتورط في جريمة قتل بعدما يتستر على اختلاس حبيبته أموالاً من شركتها، لكن على الهامش كانت تدور حرب أخرى، حيث كانت العائلة تسعى إلى التستر على ما يجري خوفاً من تأثير هذه الفضائح على حظوظ شقيق البطل في دخول مجلس الشعب، فقد تزامن هذا اللغط مع انطلاق الحملات الانتخابية الصاخبة للمرشحين، وجرى التلميح إلى استغلال المرشحين سقطات منافسيهم للإيقاع بهم والإجهاز على حظوظهم في الفوز.

وبطابع كوميدي أسود جاء فيلم "أرض النفاق" 1968 قصة يوسف السباعي وإخراج فطين عبدالوهاب، وفيه يظهر المرشح للمقعد البرلماني وهو يخطب وسط الحشود ويمنحهم وعوداً براقة تغير حياتهم للأفضل وكأنه ساحر، لكن الوضع يتبدل تماماً حينما يحصل على حبوب الصراحة فينفض الناخبون بعدما يدركون كذب وزيف وعوده.

مسألة الوعود الانتخابية والبرامج البراقة كثيراً ما كانت مثار جدل على أرض الواقع وفي السينما، إذ يتهم مطلقو الوعود المبالغ فيها بالتضليل والخداع من أجل الحصول على الوجاهة الاجتماعية والحصانة البرلمانية، ثم بعد ذلك يقتصر مجهودهم على بعض الخدمات الهزيلة لأبناء دوائرهم.

بين الواقع والشاشة

الملاحظ أن نبرة النقد السياسي الاجتماعي أصبحت أعلى منذ مرحلة السبعينيات، خصوصاً مع الانفتاح الاقتصادي، ورفع سقف الحريات بعض الشيء، مقارنة بفترة الستينيات التي كانت قد شهدت أفلاماً جريئة سياسياً أيضاً، لكن على رغم قوتها وتأثيرها كانت أقل عدداً، الزخم السياسي الذي شهدته الفترات التالية وكذلك تعدد قضايا الفساد على أرض الواقع، جعل السينمائيين يعبرون عما يجري في عديد من الأعمال.

لعل من أبرز الأفلام التي سردت قصة صعود نائب تقليدي في مجلس الشعب كان "حتى لا يطير الدخان" 1984، بطولة عادل إمام وقصة إحسان عبدالقدوس، إذ البطل يحاول التخلص من عقدة شعوره بالدونية، نظراً إلى أصوله الفقيرة، إذ فشل تفوقه الجامعي في أن يضمن له فرصاً للترقي الطبقي، فيختار طريق الاتجار بالمخدرات، لتحقيق الثراء والانتقام ممن خذلوه، وبالطبع يتوج مسيرته بالترشح لمجلس الشعب، في إشارة إلى أن بعض من يجلسون تحت القبة في تلك الفترة حققوا مآربهم بطرق غير مشروعة، مدعين النزاهة وتمثيل الشعب بعدالة.

هذا الطرح الذي بدا جريئاً في وقتها، يعده المتخصص في علم الاجتماع السياسي سعيد صادق، مجرد مرآة لما كان يجري في الواقع من قبل البعض. مشيراً إلى أن هناك من يتهم الفن بإفساد المجتمع بإبراز نماذج سلبية فتتحول إلى ظواهر تتفشى من خلال عملية التقليد الأعمى، لكن الحقيقة، في رأيه، أنه في ما يتعلق بهذه النماذج على وجه التحديد، فالسينما لم تفعل شيئاً سوى إظهار جزء بسيط مما يجري.

 

وأثنى صادق على كثير من الأفلام التي تصدت لظاهرة المال السياسي في العملية الانتخابية البرلمانية، مضيفاً "شراء الأصوات، والوعود الزائفة، والخداع، والفساد، وعدم إيصال الصوت الحقيقي لأفراد الدوائر، والتزوير، وسلبيات تحدث من النواب على أرض الواقع، وما فعلته السينما هو أنها نقلته إلى الشاشة، لتصبح بمثابة ذاكرة موازية يجري استدعاؤها كلما حدثت وقائع مماثلة، تماماً مثل التجاوزات التي استدعت تدخلاً رئاسياً خلال الأيام الماضية، فالأفلام بمثابة توثيق فني لأحداث مؤسفة، وتسهم كذلك في زيادة الوعي لدى المشاهد".

المتابع يرى أن هناك جزءاً من الصورة على أرض الواقع في موسم الانتخابات البرلمانية هذه الدورة في مصر، كان مختلفاً بشدة، فقد بدأ الأمر بملاحظة اتفقت عليها الغالبية وهي أن هناك عزوفاً جماهيرياً وعدم اهتمام مجتمعي كبير يوازي ما كان يحدث في الدورات السابقة، إذ كانت حدثاً كرنفالياً بالنسبة إلى كثير من المناطق يتجاوز قصة المشاركة السياسية والمظهر الديمقراطي تماماً، ويصب في كونه حدثاً اجتماعياً يحتفي بالمشاركة والزخم والأجواء القبلية، حيث الدعم والحشد يذهب للمرشحين الأقرب عائلياً.

لكن مع تغيير أنظمة الانتخاب واعتماد فكرة القوائم على ما يبدو أن المشهد بدا باهتاً بالنسبة إلى كثيرين وافتقد لمعايير المنافسة، لكن المفاجأة أن الانتخابات لم تسرق الانتباه الجماهيري إلا بعدما انتهت عملية التصويت، إذ جذبت تداعياتها الاهتمام، بينما العملية نفسها حظيت بتجاهل نسبة لا بأس بها ممن لهم حق التصويت، ولم يعد الناس لها إلا بعد نشر وقائع الفساد عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومن ثم تحرك الجهات المتخصصة.

نجوم السينما و"مهندسو الانتخابات"

تزامناً مع هذه الأزمة أصبح تعبير "هندسة الانتخابات" متداولاً في إشارة إلى ما يجري في الكواليس على كل الصعد وبين كل أطراف المعركة، التي شهدت هذا العام اختفاء وجوه كلاسيكية وبروز أخرى، في المقابل جرى استدعاء عديد من الأفلام، التي استعرضت عملية هندسة انتخابات البرلمان في عصور سابقة بطرق غير مشروعة في الغالب، وبينها مثلاً شخصية سيد الهوا (نور الشريف) في فيلم "الهرب إلى القمة" 1995، فعضو مجلس الشعب هنا جاء بخلفية إجرامية كاملة وسجل حافل بالخروج عن القانون، ومع ذلك يجري تلميعه وتحسين صورته وخداع الجماهير بتوليفة معتبرة من الفساد والفاسدين، لكن المفاجأة السارة أن البطل يستفيق ويقرر أن يكشف المتورطين على الملأ.

فيما كان عادل إمام من أكثر فناني جيله تعرضاً للانتخابات البرلمانية في أفلامه، بالتحديد ما يجري في كواليسها، حيث يجري تشكيل المشهد وفقاً لاعتبارات كثيرة وصادمة، وذلك بحسب ما كان يجري في بعض الدوائر في حقب سابقة، ولعل أبرز أعماله هنا "طيور الظلام" 1995 أيضاً سيناريو وحيد حامد، وفيه جرى التركيز على جشع المرشح الباحث عن المكاسب من دون الاهتمام بمطالب الشعب وأبناء الدائرة البسطاء، ويتعرض الفيلم لقصة وزير يتخلى عنه الحزب الحاكم، ويصبح مضطراً لخوض الانتخابات من دون دعم حكومي، ويترشح بالفعل في فئة الفردي، مستعيناً بالمحامي الداهية الذي ينظم له خطة دعائية معلنة وأخرى سرية يمارس فيها الألاعيب غير القانونية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتناول الفيلم كيف أن الجماعات الدينية يمكنها أن تتحالف مع ألد أعدائها سياسياً من أجل تحقيق مكاسب تدعمها، وكذلك أبرز السيناريو طريقة تهميش تيار اليسار في هذه المعارك، وكان لافتاً ظهور بعض المشاهد الهزلية للمرشح الثري، وهو يتودد إلى الفقراء والمعدمين على رغم عنه من أجل "اللقطة"، في حين جرت مقارنة هذه المشاهد بعديد من لقطات مرشحين على أرض الواقع يفعلون الشيء نفسه للحصول على الاهتمام الإعلامي والحصول على لقب السياسي المتواضع القريب ممن يفترض بهم أن يخدمهم وينفذ مطالبهم المشروعة ويحسن نمط معيشتهم بفرص عمل عادلة.

بعد ذلك بعام قدم عادل إمام الجزء الثاني من فيلم الكوميديا الشهير "بخيت وعديلة"، حيث دارت الأحداث كلها حول ترشح البطلين لعضوية المجلس بهدف تحقيق أحلام بسيطة، مثل تسهيلات الحصول على شقة وللتمتع بالبدل المادي عن حضور الجلسات، وهذه النقطة في حد ذاتها كانت إشارة إلى معاناة اقتصادية لفئة معينة تلهث وراء أبسط الحقوق، بينما طبقة أخرى تتمتع بالامتيازات.

في هذه الرحلة يتعرض الفيلم لعصابات الاتجار بالمخدرات، وللتحالفات السياسية التي تتداخل فيها التيارات المختلفة للحصول على نسبة معينة من المقاعد، وكذلك العلاقة بين الجماعات الدينية ورجال الحكومة بالمجلس، إضافة إلى الرشى الانتخابية، والفيلم من تأليف الكاتب البارز لينين الرملي، ثم في نهاية التسعينيات دخل عادل إمام مرحلة التعامل مع المؤلف يوسف معاطي حيث أنجزا معاً بداية "الواد محروس بتاع الوزير"، وهنا يظهر مساعد ساذج للوزير يتحول تدريجاً إلى نسخة مصغرة من رجال السلطة الفاسدين، إذ يتقن صنعة لعبة الانتخابات، وتوظيف النفوذ والمال للفوز بمقعد المجلس، بعدما تعلم كل الألاعيب من الوزير الذي كان من أباطرة النواب.

عادل إمام وقبة البرلمان

كثير من تلك الأعمال يغلب عليها الطابع الاجتماعي السياسي مع لمحات كوميدية، وتتضمن كثيراً من القضايا التي تهم المواطن وتتعلق بالخدمات والوضع الاقتصادي، لكن يعد "مرجان أحمد مرجان" 2007 الذي قدمه عادل إمام مع يوسف معاطي أيضاً أكثرها كوميدية، وعلى رغم أن القصة الأساسية تدور حول رجل أعمال شديد الثراء الذي يحاول شراء كل شيء بالمال والنفوذ، ومع ذلك لا يزال يشعر بالنقص لعدم إكماله دراسته الجامعية.

لم يفت فريق الفيلم تضمين الأحداث مشهداً حول تمكن مرجان أحمد مرجان من الحصول على مقعد بمجلس الشعب بسبب المناخ السائد حينها، وهو شراء الأصوات أو تزويرها في صناديق الاقتراع، وكان المشهد الكاشف هو ظهور سرادق الدعاية الانتخابية للبطل الباحث عن المجد بأي ثمن فارغ تقريباً، مقابل جماهير وطوابير في سرادق الدعاية لمنافسته الأستاذة الجامعية، ثم تأتي النتيجة ببساطة لمصلحة المرشح عديم الجماهيرية، في إسقاط يقول كثير من دون ثرثرة.

لكن قبل ذلك بعام عاد عادل إمام موقتاً لعالم وحيد حامد بسيناريو "عمارة يعقوبيان" عن رواية لعلاء الأسواني، وبطبيعة الأحوال كانت الانتخابات محوراً مهماً في العمل الذي يؤرخ لحقبة سياسية مؤثرة في مصر، ويعرض لنماذج شديدة التناقض والتعقيد، وتناول العمل كيف يقوم "مهندسو الانتخابات" بتوزيع الكعكة، وذلك من خلال حوارات كاشفة تمنح الحرية لأي مرشح في أن يخوض التجربة، لكن عليه أن يعلم أنه مهما فعل لن ينجح إلا بالتوافق مع بعض النافذين.

 

كل هذه الحكايات شهدت تماساً قوياً مع هموم المواطن الذي كلما حاول ممارسة حقه الديمقراطي في الاختيار يفاجأ بعقبات أكبر من محاولاته التصدي لها، وهو دور مثبت للسينما من هذا النوع، فبالعودة مرة أخرى إلى دراسة الباحثة ندى ياسر عبدالمعطي "توظيف السينما في المجال السياسي وأثره في الوعي السياسي في المجتمع المصري في الفترة 2012 إلى 2018"، فالسينما "لعبت دوراً كخطاب سياسي غير تقليدي في نقد السياسات المتبعة من قبل النظام السياسي، إضافة إلى تمتعها ببلورة أفكار مغايرة للنظام السياسي في فترات سياسية مرت بها مصر كان لا يسمح وقتها بنقد سياسات النظام أو معارضته، لكن سمحت الدولة للسينما بإنتاج أفلامهم مع وجود قيود على إبداعاتهم".

رغم هذه القيود، لكن كانت الرقابة تسمح بهامش معقول للغاية لهذه النوعية من الأفلام وكأنها بديل عن ممارسة الحياة السياسية الكاملة على أرض الواقع، إذ مثلت السينما صوت النقد اللاذع، لا سيما في ما يتعلق بمنظومة الانتخابات البرلمانية، حيث كان من المسموح انتقادها بصورة كبيرة، مقارنة بعناصر أخرى في العملية السياسية، وهو أمر ظهر بقوة في سيطرة النموذج السلبي لشخصية النائب سواء كان مزوراً أو يتاجر في الممنوعات أو يسحق منافسيه، أو يخدع الناخبين وينافقهم، أو حتى بلا شخصية أمام من هم أعلى نفوذاً حتى لو كانوا مجرد عصابة خارجة عن القانون مثلما يظهر في فيلم "الجزيرة". وهذه التنويعات ظهرت في أفلام عدة مثل "صرخة نملة ـ جواز بقرار جمهوري ـ اللعب مع الكبار ـ النوم في العسل - في محطة مصر".

فيما الانتخابات الرئاسية ظهرت مرة وحيدة وبصورة هزلية في دولة خيالية من خلال فيلم "ظاظا" 2006 الذي شهد منافسة على كرسي الرئاسة بين شاب في مقتبل حياته يمثل المستقبل والجيل الجديد، والرئيس العجوز المستمسك بكرسي السلطة عقوداً طويلة ويمثل الدولة العميقة بكل أمراضها السياسية، حيث يظل ملف الرئاسة شائكاً كثيراً في السينما المصرية، لا سيما في ما يتعلق بالعملية الانتخابية.

اقرأ المزيد

المزيد من فنون