Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"غزة الجديدة": خطة سرية تفجّر أزمة ثقة بين الجيش الإسرائيلي ونتنياهو

خطة سرية بين ترمب ونتنياهو تفاجئ الأمنيين وتضع صعوبات كبيرة وتحديات أمام الجيش 

ضمن المرحلة الأولى من الخطة السرية التي تم التوصل إليها بين ترمب ونتنياهو يفترض البدء بإعادة إعمار مدينة رفح التي دمرها الجيش خلال الحرب (رويترز)

ملخص

قالت جهات رفيعة في جهاز الأمن الإسرائيلي إنه ازداد لديها عدم اليقين في ما يتعلق بالخطط الأميركية المستقبلية داخل غزة، التي حصلت كما يبدو على موافقة الحكومة في تل أبيب بمحادثات سرية من دون إشراك المستوى الأمني.

لم يختلف إسرائيليان حول أن الصراعات بين المؤسستين الأمنية والسياسية التي بدأت عند مصادقة الكابينت على احتلال مدينة غزة ورفض الجيش للخطة، لما تشكله من خطر كبير على الأسرى الذين كانوا يوجدون داخل الأنفاق، مستمرة وانعكست على مختلف القرارات التي اتخذت، لكن هذه الخلافات وصلت ذروتها إلى حد نزع الثقة بين المؤسستين بعد الكشف عن خطة سرية وُقع عليها بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ويطلق عليها اسم "غزة الجديدة"، وهي المنطقة التي يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي.

هذا الأسبوع، كشف مسؤولون أمنيون إسرائيليون أنهم فوجئوا من تعليمات صدرت لهم ببدء تنفيذ الخطة التي سيتحمل الجيش الإسرائيلي ضمن مرحلتها الأولى إعادة الإعمار داخل المنطقة التي تقع تحت سيطرته شرق الخط الأصفر، وهي المنطقة التي حددها الجيش وانتشر على طولها بعد دخول اتفاق وقف النار حيز التنفيذ. ونقل عن مصدر أمني أن موقف رئيسي الأركان والشاباك أصبح لا أهمية له، ومطلوب منهما طبقاً للمستوى السياسي تنفيذ خطوات استراتيجية كبيرة من دون مناقشة الأضرار الأمنية التي يمكن أن تحدث، "فقدنا القدرة على التأثير. هناك قرارات وتفاهمات بل تحولات استراتيجية في غزة تُصاغ من دون إشراكنا، على رغم أنها ستحدد مستقبل الأمن الإسرائيلي لأعوام طويلة"، بحسب تعبيره. 

ما بين غزة القديمة والجديدة

ضمن المرحلة الأولى من الخطة يفترض البدء بإعادة إعمار مدينة رفح التي دمرها الجيش خلال الحرب، وبعدما يعود الفلسطينيون للسكن فيها مع توفير المرافق الحيوية كافة ينطلق الجيش إلى المرحلة الثانية من الخطة، وفيها سيعيد بناء مزيد من المدن شرق الخط الأصفر وحتى في شمال القطاع بعد ترميم كل المنطقة بواسطة شركات من دول الوساطة، على أن ينسحب منها الجيش الإسرائيلي.

وفي الخطة تفاصيل كيفية تقسيم الخط الأصفر لقطاع غزة لتصبح "غزة الجديدة" التي ستتشكل مع إنهاء الخطة التي اتُّفق عليها بين نتنياهو وترمب وتقع كلها في الشرق، و"غزة القديمة" وتقع إلى الغرب. ووصف مسؤول عسكري هذا التقسيم بـ"جدار برلين لغزة"، مشيراً إلى أن الخط الذي كان من المفترض أن يكون موقتاً قد يتحول إلى حد فاصل دائم.

الخطة وفق ما كُشف قد تستمر أعواماً ومن دون جدول، ومع ذلك يقول المتخصص العسكري يانيف كوفوفيتش الذي كشف تفاصيل الخطة إن الولايات المتحدة تمارس ضغوطاً كبيرة للتقدم فيها، لكن الأجهزة الأمنية لم تخف قلقها وعدت أن الخطة تحمل كثيراً من المشكلات الجوهرية.

ويضيف أن "المشكلات تكمن في أن المستوى السياسي لا يشرك الأجهزة الأمنية في كل ما تخطط له الولايات المتحدة داخل غزة وهو ما قد يفاجئهم بمزيد من الخطط، إضافة إلى ذلك فإن الجيش الإسرائيلي سيواجه وحده ’غزة القديمة‘ التي تعج بالإرهاب من دون قدرة على العمل فيها عسكرياً، بل فقط إنسانياً. قوة الاستقرار الدولية التي من شأنها أن تدير ’غزة الجديدة‘ مسؤولة كما يبدو أيضاً عن القديمة، لكن ’حماس‘ لن تسمح لها بالحكم من دون تعاون".

 

ويتابع كوفوفيتش أنه "وفق الخطة التي حصلنا على تفاصيلها، فإن دول الوساطة لا تظهر أي استعداد للحكم في ’غزة القديمة‘. مصر تحاول أن تنقل المسؤولية للسلطة الفلسطينية أو حركة ’فتح‘. المستوى السياسي يرفض ذلك، لكن المستوى الأمني يفضل أن تكون الحال هكذا، إذا تحملت إسرائيل المسؤولية الكاملة عن المنطقة".

من جهة أخرى، قالت جهات رفيعة في جهاز الأمن الإسرائيلي إنه ازداد لديها عدم اليقين في ما يتعلق بالخطط الأميركية المستقبلية داخل غزة، التي حصلت كما يبدو على موافقة الحكومة في تل أبيب بمحادثات سرية من دون إشراك المستوى الأمني. ونُقل عن مسؤول أمني أن رؤساء الأجهزة الأمنية يصمتون خوفاً من أن يصبحوا هدفاً للسياسيين، وقال "لقد فقدنا القدرة على التأثير وإسماع صوتنا. تحدث أمام أنظارنا عمليات استراتيجية في غزة لها تداعيات على مستقبل الدولة، من دون أن يكون لإسرائيل، وبخاصة لجهاز الأمن، تأثير في ذلك".

إن نقل الغزيين من "غزة القديمة" إلى "غزة الجديدة" سيكون تحت رقابة يمكن أن تضمن أن رجال "حماس" لن يحكموا أيضاً داخل المناطق الجديدة. ويشكك قادة ضمن الجيش الإسرائيلي بصورة كبيرة في إمكانية منع ذلك كلياً. مصادر أمنية مطلعة على النقاشات حول خطة "غزة الجديدة" قالت إن دول الوساطة ما زالت تختلف حول مسألة من سينفذ الأعمال داخل المنطقة، وكل طرف يحاول أن يدفع قدماً بشركاته لتكسب من إعادة إعمار القطاع. هذا الخلاف يؤثر في قدرة الجيش الإسرائيلي على ملاءمة الرقابة الأمنية مع الجهات المدنية داخل المنطقة، لكن جهاز الأمن يقلق أقل من هذه المشكلة لأنه يريد أن ينفصل عن غزة وعن إعادة إعمارها. ما يقلقه أكثر هو التجاهل في هذه النقاشات لـ"غزة القديمة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إسرائيل مسؤولة

"في ’غزة القديمة‘ لا أحد مستعد أن يتولى المسؤولية عنها، وهذا يبقينا مع مشكلة سيصعب جداً علاجها"، هكذا قال مصدر رفيع سابق داخل جهاز الأمن يشارك في خطط إعادة إعمار غزة، مضيفاً أن "المؤسسة الأمنية تشعر بالإحباط من غياب أية نقاشات حول هذه القضية، ومن أن جميع التعليمات في شأن غزة تأتي إليهم من مسؤولين أميركيين كبار، متجاهلين بذلك المستوى السياسي في إسرائيل". وبحسب المصدر ذاته "فإن نتنياهو يروج باستمرار أن الولايات المتحدة ستفهم أن ما يريدونه غير ممكن، وبدل محاربتهم من الأفضل تركهم يتعلمون بأنفسهم. غزة ليست أفغانستان أو العراق، والاتفاق سينهار. لكن إذا انهار الاتفاق مع وجود 20 ألف مقاتل أجنبي في غزة، فلن نعود إلى الوضع الذي كان قائماً قبل الاتفاق. سنجد أنفسنا ضمن وضع جديد قد يكون بالغ الخطورة".
وفي محادثات مع الولايات المتحدة حاول كبار المسؤولين الأمنيين الإسرائيليين فهم من سيتولى مسؤولية "غزة القديمة"، حيث يوجد جميع سكان القطاع حالياً. من سيجلب الطعام والمساعدات إلى هناك؟ ولدهشتهم، أجاب الأميركيون بكل وضوح بأن إسرائيل مسؤولة.

المصالح الأميركية أولاً

لدى إسرائيل قناعة بأن كل ما يقوم به الرئيس دونالد ترمب ينطلق من رغبته في تحقيق مصالح أميركية داخل منطقة الشرق الأوسط، ويرى عقيد احتياط عيران ليرمان المسؤول السابق في الاستخبارات العسكرية، أن إدارة ترمب "تدرس المصالح الأميركية في النظام الإقليمي بأدوات أخرى أكثر اقتصادية وعملية من سابقاتها".

وينصح عيران متخذي القرار خلال هذه المرحلة "بتكييف تحركاتها مع رؤيتها العالمية، وإظهار قيمتها الاستراتيجية من خلال أفعالها كتوطيد العلاقات العملياتية مع النظام العسكري الأميركي لاستيعاب المواقف الإسرائيلية الأساس، على رغم مما قد يفرضه من قيود جديدة على حرية عمل الجيش الإسرائيلي".

ويدعو عيران إلى تشكيل هيئة تنسيق وطنية مخصصة للعلاقات مع الولايات المتحدة بجميع مكوناتها. أما على مستوى السياسة الوطنية، فيرى أن التغييرات الناشئة في أسس العلاقة الخاصة تتطلب إعادة النظر في أساليب العمل مع الولايات المتحدة في مختلف الاتجاهات.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات