Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما تأثير الحظر الأوروبي للغاز الروسي في السوق والأسعار؟

تتحسب الأسواق لاضطراب الإمدادات على رغم توقعات زيادة الإنتاج العالمي

كلفة الشحن إلى آسيا يمكن أن تتجاوز دولارين لكل مليون وحدة حرارة بريطانية (اندبندنت عربية)

ملخص

الأسواق تتحسب لاحتمالات تأخر مشروعات الغاز الطبيعي المسال الجديدة في ظل ارتفاع الطلب، بخاصة في فصول الشتاء في أوروبا إذا جاءت أكثر برودة، علاوة على أن مخزونات الغاز الطبيعي الأوروبية أقل من معدلاتها العام الماضي بنسبة 12 في المئة.

في الحزمة الأحدث من العقوبات الأوروبية على روسيا بسبب حرب أوكرانيا، قرر الاتحاد الأوروبي حظراً كاملاً على واردات الغاز الطبيعي المسال الروسي بدءاً من مطلع العام بعد القادم 2027.

أدى القرار إلى اضطراب أسواق الطاقة، بخاصة سوق الغاز، التي بدأت تحسب لتأثير الحظر على إمدادات الغاز وأسعاره.

العامل الأهم هو أن الحظر الأوروبي يعني قيوداً على شحن الغاز ونقله تحد من قدرة المتعاملين على إعادة توجيه شحنات الغاز الطبيعي التي كانت تذهب إلى أوروبا نحو الأسواق الآسيوية وغيرها، إذ إن الواردات الأوروبية في غالبها تأتي من مشروع "يامال" الروسي للغاز المسال في الشمال، التي يسهل شحنها غرباً إلى أوروبا، وسيزيد توجيهها شرقاً نحو دول آسيا والمحيط الهادئ من كلفة النقل بما يجعلها غير مربحة، إضافة إلى زيادة مشكلات إبحار ناقلات الغاز في فترة تجمد المياه في الشمال.

ومع أن تقديرات الأسواق أن مشروعات الغاز الطبيعي المسال الجديدة المتوقع دخول إنتاجها إلى السوق في الأعوام القادمة يمكن أن تعوض وبزيادة غياب أي شحنات روسية، إلا أن المخاوف هي من أي اضطرابات محتملة نتيجة تأخر المشروعات أو زيادة الطلب بسبب موجات برودة شديدة.

أما التأثير الأكبر فسيكون على روسيا التي يعني هبوط الأسعار وتراجع كميات التصدير حرمان اقتصادها من عائدات مالية مهمة، وهذا هو الهدف الأول من العقوبات الأوروبية على موسكو.

طرق النقل من مشروع "يامال"

بحسب تقرير من شركة "غلوبال كوموديتي إنسايتس" التابعة لمؤسسة "ستاندرد أند بورز" للتصنيف الائتماني هذا الأسبوع، استوردت دول الاتحاد الأوروبي منذ بدء العام الحالي حتى الآن 11.9 مليون طن متري (16.4 مليار متر مكعب) من الغاز الطبيعي المسال من روسيا.

جاء غالب تلك الشحنات (11.7 مليون طن متري) من مشروع "يامال" للغاز الطبيعي المسال، وأكبر المستوردين في أوروبا هم فرنسا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا.

بعد نحو عام ستتوقف تلك الشحنات إلى أوروبا بسبب الحظر الذي يدخل حيز التنفيذ في الأول من يناير (كانون الثاني) 2027.

ولن يكون من السهل تحويل تلك الشحنات إلى وجهات أخرى نتيجة عوامل جغرافية بالأساس، فحين يتجمد مسار البحر الشمالي من شبه جزيرة يامال، في الفترة من ديسمبر (كانون الأول) إلى يونيو (حزيران) من كل عام، يصبح التصدير إلى الأسواق الآسيوية عالي الكلفة جداً، ذلك فضلاً عن طول المسافة ومضاعفة وقت الشحن البحري للغاز الطبيعي المسال.

تقول كبيرة المحللين في شركة "نيو إنرجي أدفانسمنت هب" إيرينا مورونوفا إن "أوروبا هي أفضل الأسواق اقتصادياً لشحنات الغاز الطبيعي المسال من يامال. إعادة تحويل الشحنات إلى آسيا سيطيل وقت النقل ويرفع كلفة الشحن، بخاصة في غير موسم الإبحار في بحر الشمال، وهذا يقلل الربحية بصورة كبيرة".

يقدر تقرير "غلوبال" أن فترة النقل من "يامال" إلى أقرب منفذ آسيوي في الصين ستصل إلى 30 يوماً، بينما النقل لمنفذ دنكيرك في فرنسا يستغرق 15 يوماً، علاوة على أن كلفة الشحن إلى آسيا يمكن أن تتجاوز دولارين لكل مليون وحدة حرارة بريطانية، بينما كلفة الشحن إلى فرنسا في حدود 50 سنتاً (نصف دولار)، أي أن إعادة توجيه الشحنات من أوروبا إلى آسيا سترفع كلفة الشحن أربعة أضعاف.

تقول مديرة أبحاث الغاز الطبيعي المسال في "كوموديتي إنسايتس" سارة بورورباني "نعتقد أن الحظر على الغاز الطبيعي المسال الروسي في الأسواق الأوروبية سيؤدي إلى تراجع انسياب الغاز من مشروع يامال بسبب القيود الهائلة على الشحن، وهو ما سيحد من توفر الإمدادات عالمياً".

التأثير في الأسعار

يظل تأثير الحظر الأوروبي لغاز موسكو على الأسعار محل نقاش وغير واضح تماماً، إذ يرى البعض أن الحظر قد يعني حرمان السوق العالمية مما يصل إلى 10 ملايين طن متري من الغاز الطبيعي المسال من مشروع "يامال" الروسي، وأن ذلك سيؤدي إلى الضغط على الأسعار بقدر معقول عام 2027.

إلا أن إمدادات الغاز الطبيعي المسال عالمياً يتوقع أن تزيد باطراد وأن تضيف المشروعات الجديدة ما يصل إلى 80 مليون طن متري ما بين الآن وعام 2027، أي أن الإنتاج العالمي من الغاز الطبيعي المسال سيزيد في هذه الفترة بنسبة 18 في المئة ليصل إلى 510 ملايين طن متري.

وستكون الزيادة أكبر حتى عام 2030، إذ يتوقع أن يصل الإنتاج العالمي إلى 630 مليون طن متري، لذا ترى الباحثة في مركز أبحاث الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا تاتيانا متروفا أن "السوق تتجه بالفعل نحو حال فائض إمدادات".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وربما يواجه نمو الطلب بعض التراجع، بخاصة الطلب الصيني، ففي التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، خفضت بكين وارداتها من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 17 في المئة، أي بنحو 9.5 مليون طن متري.

وهكذا، سيكون هناك فائض إمدادات في السوق العالمية يحول دون ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا، كما يرى مدير برنامج أوروبا في شركة "إمبر" لاستشارات الطاقة، باوت شيجاك.

لكن الأسواق تتحسب لاحتمالات تأخر مشروعات الغاز الطبيعي المسال الجديدة في ظل ارتفاع الطلب، بخاصة في فصول الشتاء في أوروبا إذا جاءت أكثر برودة، علاوة على أن مخزونات الغاز الطبيعي الأوروبية أقل من معدلاتها العام الماضي بنسبة 12 في المئة.

مشكلات قانونية

من بين العوامل التي شجعت أوروبا على فرض الحظر الكامل على واردات الغاز المسال من موسكو هو انخفاض أسعار الغاز الأوروبية بالفعل.

قدرت "بلاتس" انخفاض أسعار الغاز الطبيعي المسال في شمال غربي أوروبا الـ30 من أكتوبر (تشرين الأول) بمعدل يومي بنسبة 2.9 في المئة إلى 10.13 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية.

لكن التأثير ليس فقط بحساب العرض والطلب والأسعار بالنسبة إلى دول أوروبا المستوردة للغاز الروسي، أو حتى التأثير السلبي في عائدات صادرات موسكو، إنما يطاول أيضاً الشركات الأوروبية التي تسوق الغاز الروسي، إذ طلب الرئيس التنفيذي لشركة "توتال إنرجي" باتريك بويان توضيحات من المفوضية الأوروبية في شأن العقوبات الأخيرة كي تقرر الشركة إن كان بإمكانها إعلان "القوة القاهرة" في شأن تعاقداتها المسبقة على شحنات من مشروع "يامال" أو اضطرارها إلى إعادة توجيهها إلى منافذ تصدير أخرى.

تملك شركة الطاقة الفرنسية الكبرى حصة بنسبة 20 في المئة في مشروع "يامال" الروسي لإنتاج الغاز الطبيعي المسال، وطبقاً لبيانات "كوموديتي إنسايتس" فإن شركة "توتال إنرجي" متعاقدة على نحو 4 ملايين طن متري سنوياً من إنتاج المشروع البالغ 17.4 مليون طن متري، يقول بويان "إذا لم يكن هناك أي حظر آخر (غير ما أعلنه الاتحاد الأوروبي) فلا يمكنني إعلان القوة القاهرة لإلغاء التعاقدات... وإذا لم نعلن القوة القاهرة فسنكون مضطرين إلى أخذ الشحنات".

ليست شركة "توتال إنرجي" الفرنسية وحدها التي تواجه هذه المشكلات القانونية في تعاقداتها على شحنات الغاز الطبيعي المسال من مشروع "يامال" الروسي، فهناك شركة "سي أن بي سي" الصينية المتعاقدة على 3 ملايين طن متري سنوياً، وشركة "ناتورجي" الإسبانية المتعاقدة على 2.5 مليون طن متري سنوياً، إضافة إلى شركة "نوفاتك" الروسية المتعاقدة على 2.4 مليون طن متري سنوياً، وتدير الشركة الروسية المشروع الذي تملك حصة حاكمة فيه بنسبة 50.1 في المئة.

اقرأ المزيد

المزيد من البترول والغاز