Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رحلة 100 عام... توت عنخ آمون يغير محل إقامته

"الفرعون الذهبي" يفتتح المتحف المصري الكبير في ذكرى اكتشاف مقبرته ومجموعته تعرض كاملة للمرة الأولى

يُعرض القناع الجنائزي الذهبي للملك المصري القديم توت عنخ آمون بالمتحف المصري في ميدان التحرير بوسط القاهرة، 11 يونيو 2025 (أ ف ب)

ملخص

يقدر عدد القطع الأثرية التي وجدت في مقبرة توت عنخ آمون الواقعة في وادي الملوك بالأقصر والتي تحمل رقم 62 حالياً بنحو 5500 قطعة أثرية تتنوع ما بين التوابيت والأقنعة والمقاصير والعجلات الحربية والأثاث والحلى وغير ذلك، وكل قطعة منها هي دليل واضح على روعة الفن المصري القديم وتطوره.

 

 

في الرابع من نوفمبر (تشرين الثاني) عام 1922 حقق عالم الآثار البريطاني هوارد كارتر كشفاً أثرياً عد الأهم في القرن الـ20، وأحد أهم الاكتشافات في عالم المصريات، وهو الكشف عن مقبرة توت عنخ آمون الذي حمل لاحقاً ألقاب متعددة من بينها "الفرعون الذهبي" و"الملك الشاب"، إذ إنه توفي في سن مبكرة.

ولا يزال توت عنخ آمون حتى يومنا هذا من أكثر الاكتشافات الأثرية إبهاراً في العالم كله، وما ميز مقبرته عن مقابر عدة لملوك مصر القديمة جرى الكشف عنها سابقاً ولاحقاً، هو أنها وجدت مكتملة كما أغلقت ولم تفتح إلا على يد كارتر في بدايات القرن الـ20، بالتالي وجدت كنوز الملك الشاب كاملة وقدرت بنحو 5500 قطعة أثرية من الذهب الخالص.

بعد مرور 103 أعوام على اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون وفي تاريخ الكشف عنها نفسه، يفتح المتحف المصري الكبير أبوابه للجمهور بعد احتفالية مبهرة جذبت أنظار العالم كله، وفي هذا التوقيت تبدأ كنوز توت عنخ آمون رحلة جديدة في المتحف الكبير، فتعرض مكتملة للمرة الأولى في مكان واحد داخل قاعتين على مساحة 7500 متر مربع ستكونان من الأكثر إبهاراً في العالم كله.

فمن بين كل ملوك مصر القديمة، للملك توت عنخ آمون سحر وجاذبية بسبب روعة مجموعته التي وجدت في مقبرته الشهيرة، والغموض الذي يحيط بالمصير المجهول الذي لقيه "الملك الشاب"، فلا يزال سبب مقتله في ريعان الشباب لغزاً لم يتمكن العلماء من حله، وصور قناعه الشهير الذي يعرفه الناس في العالم أجمع.

رحلة الملك من الجنوب إلى الشمال

مع اكتشاف المقبرة عام 1922، بدأ استخراج محتوياتها ونقلها تباعاً إلى المتحف المصري في القاهرة الذي كان مضى على إنشائه وقتها 20 عاماً فقط، حيث افتتح في الـ15 من نوفمبر عام 1902 مع تنامي الاهتمام بعلم الآثار في مصر وقتها، ليكون المتحف الأول من نوعه في الشرق الأوسط، ومع اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون وتوالي نقل محتوياتها إلى المتحف، أضاف إليه هذا حينها زخماً كبيراً نظراً إلى القيمة الفريدة للقطع الأثرية التي لا مثيل لها في العالم وعلى رأسها قناع توت عنخ آمون الشهير.

 

يقول أستاذ الآثار والدراسات المتحفية في جامعة دمياط وعضو المجلس الدولي للمتاحف محمد جمال راشد "مع بدء عملية نقل القطع الأثرية من مقبرة توت عنخ آمون بعد اكتشافها إلى المتحف المصري في التحرير التي استمرت على مدى 10 أعوام كاملة، حظي هذا الأمر باهتمام كبير على المستوى العالمي ووضع المتحف المصري في بؤرة الضوء، إذ كتبت عن هذا الحدث كبرى الصحف العالمية وقتها، وكان هناك اهتمام به في العالم كله مع زيادة الاهتمام بعلم المصريات بصورة عامة، وعلى مدى 100 عام كانت كنوز توت عنخ آمون في المتحف المصري من أهم المجموعات المعروضة وأكثرها قيمة، وإضافة إلى جمهور المتحف من المصريين والسياح حرص على زيارتها كثير من الملوك والرؤساء والشخصيات المهمة والتقاط الصور مع القناع الشهير".

 

 ويضيف راشد أن "الأمر نفسه سيحدث في الوقت الحالي مع نقل كنوز توت عنخ آمون إلى المتحف المصري الكبير، وسيمثل عرض المجموعة الكاملة لتوت عنخ آمون نقطة قوة لا مثيل لها، نظراً إلى الاهتمام الإعلامي العالمي بكل ما يتعلق بتوت عنخ آمون وبوجود حال كبيرة من الشغف به في العالم كله، فمجموعة توت عنخ آمون هي أهم مجموعة أثرية في العالم كله من ناحية القيمة التاريخية والفنية والتنوع، وهي مرجع لكل علماء المصريات بالنسبة إلى كل ما يتعلق بتاريخ مصر القديمة من ناحية المعتقدات الدينية والجنائزية والفنون، إذ إن المقبرة وجدت متكاملة".

كنوز توت عنخ آمون

ويقدر عدد القطع الأثرية التي وجدت في مقبرة توت عنخ آمون الواقعة في وادي الملوك بالأقصر والتي تحمل رقم 62 حالياً بنحو 5500 قطعة أثرية تتنوع ما بين التوابيت والأقنعة والمقاصير والعجلات الحربية والأثاث والحلى وغير ذلك، وكل قطعة منها هي دليل واضح على روعة الفن المصري القديم وتطوره.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومثلما نقلت كنوز توت عنخ آمون من الجنوب إلى المتحف المصري بوسط القاهرة منذ قرن مضى، فإنها مرت برحلة أخرى إلى مقرها الجديد في المتحف المصري الكبير امتدت لسنوات، إذ إنها نقلت على مراحل عدة، فعام 2019 نقلت التوابيت وبدأ ترميمها في مركز الترميم العالمي ضمن المتحف المصري الكبير والذي يعد الأكبر في العالم، وفي 2021 نقلت مقصورات توت عنخ آمون تباعاً إلى مقرها الجديد، وتوالى نقل المجموعة من التحرير إلى الجيزة خلال الأعوام الأخيرة.

وفي الـ19 من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، كان اليوم الأخير الذي أطل فيه قناع توت عنخ آمون على رواد المتحف المصري في التحرير الذي أعلن حدث نقل القناع في المتحف تحت شعار "الوداع الملكي نهاية حقبة وبداية رحلة أسطورية"، وفي الوقت نفسه قامت منصات الـ"سوشيال ميديا" الخاصة بالمتحف المصري تحت شعار "سنوات من العرض الملكي بالمتحف المصري بالتحرير" باستعراض تاريخ المجموعة في المتحف على مدى 100 عام بمجموعات من الصور النادرة التي توثق مراحل مختلفة من وجوده في المتحف وصور للمقبرة وقت اكتشافها خلال العشرينيات.

عن مقبرة توت عنخ آمون وأبرز القطع في مجموعته الأثرية يقول أستاذ الآثار في جامعة القاهرة أحمد بدران "من المعروف أن توت عنخ آمون توفي فجأة وفي سن صغيرة، لذا فإن مقبرته صنعت على عجل وهي غرفة واحدة فقط ومساحتها أقل بكثير من مقابر ملوك مصر القديمة، وعلى رغم ذلك فإنها ضمت كنوزاً لا مثيل لها، فوجدت داخلها أربعة مقاصير خشبية مذهبة وكأنها بديل للغرف عليها نقوش ونصوص من كتاب الموتى وقام بترميمها المرمم الإنجليزي ألفريد لوكاس إضافة إلى بقية القطع الأثرية وقت اكتشافها، ومن القطع الأشهر القناع الذهبي الذي يوضع على وجه وصدر المومياء وعليه فصل من كتاب الموتى وتعويذة سحرية حتى لا تنفصل الرأس عن الجسد في العالم الآخر وهو يزن 114 كيلوغراماً من الذهب الخالص".

 

ويشرح بدران أن "من أهم القطع كرسي العرش وهو خشبي مطلي بالذهب وبأرجل حيوانية ومساند على شكل رأس الأسد، وعلى ظهره رسم بديع لتوت عنخ آمون وزوجته تقوم بتدليك كتفه وتظللهما أشعة الشمس في إشارة إلى الديانة الأتونية، ففي البداية كان اسمه توت عنخ آتون قبل أن يتحول إلى عبادة آمون مرة أخرى وينقل العاصمة إلى طيبة، وهو منظر رائع للفن في عصر العمارنة، ويُذكر أن مسند القدم الخاص بالكرسي صور عليه أعداء مصر مكبلي الأيدي حتى يدوسهم الملك بقدمه أثناء جلوسه".

ويوضح أن "التوابيت الثلاثة الخاصة بالملك من أبرز القطع والتابوت الذهبي مزين بنقوش فريدة ويبلغ وزنه 110 كيلوغرامات من الذهب، ونقلت إلى المتحف الكبير أيضاً العجلات الحربية للملك التي طورها المصريون بعدما شاهدوها أثناء حربهم مع الهكسوس وكانت واحدة من هذه العجلات في المتحف الحربي بالقلعة والأخرى بمتحف الأقصر، وكل المقتنيات الخاصة بتوت عنخ آمون مثل الحلي والأثاث وتماثيل الأوشابتي التي يصل عددها إلى 413 جمعت في المتحف الكبير، إضافة إلى مجموعة من العصي التي يعتقد بأنها كانت تستخدم كعكاز، إذ يرجح أنه كانت لديه مشكلة في العظام ويُذكر أن هذه العكازات رسم على جزئها السفلي منظر لأعداء مصر".

إثراء للسياحة الثقافية؟

ماذا يضيف نقل كنوز توت عنخ آمون إلى المتحف، وكيف يمكن استغلال ذلك في إثراء السياحة الثقافية في مصر خلال الفترة المقبلة، بخاصة مع حال الزخم المصاحب لافتتاح المتحف وتركز أنظار العالم أجمع عليه؟

 

من منظور المتخصص في المصريات أحمد عامر، فإن "عرض المجموعة الكاملة لكنوز توت عنخ في مكان واحد للمرة الأولى على مساحة تصل إلى سبعة أضعاف المساحة حيث كان معروضاً في المتحف المصري بالتحرير سيكون له صدي كبير، خصوصاً أن هناك عدداً من القطع الأثرية تعرض للمرة الأولى، فجمع المجموعة مكتملة في مكان واحد بعرض مبهر سيمثل نقطة قوة كبيرة للمتحف وعامل جذب حتى للسياح الوافدين إلى مصر بغرض السياحة الترفيهية وليس الثقافية، فكنوز توت عنخ أمون من أشهر القطع الأثرية التي يعرفها العالم كله".

ويضيف عامر أن "المتحف يستهدف تحقيق زيارات قدرها 5 ملايين زائر سنوياً ومن المتوقع أن يزوره يومياً نحو 20 ألف شخص، فالمتحف سيكون واحداً من أهم متاحف العالم بكل ما يضمه من قطع أثرية، من بينها كنوز توت عنخ آمون التي يمثل عرضها مجتمعة أحد أبرز نقاط القوة للمتحف".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات